يبدأ اليوم الاثنين مؤتمر “دعم مستقبل سورية والمنطقة”، أعماله في العاصمة البلجيكية بروكسل في دورته السادسة بمشاركة ممثلين عن حكومات ومنظمات دولية وإقليمية، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف جمع مساعدات مالية من المانحين لدعم برنامج المساعدات الأممية لملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار.
وأشار الاتحاد الأوروبي في بيان له يوم الجمعة الماضي، إلى أن مؤتمر بروكسل، الذي سيعقد على مدى يومين (اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء)، سيعمل على حشد الدعم المالي الضروري لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المُضيفة لهم في البلدان المجاورة، ومتابعة وتعميق الحوار مع المجتمع المدني، كما سيكون المؤتمر الحدث الرئيسي لإعلان التعهّدات لسورية والمنطقة في عام 2022.
ومن المتوقع مشاركة ممثلين عن دول الجوار السوري ودول تستضيف لاجئين سوريين، أو تدعم جهود الأمم المتحدة في مساعدتهم، ومنها: قطر والسعودية وتركيا ومصر والأردن والعراق، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا والجامعة العربية.
غياب روسيا عن مؤتمر بروكسل
وأعلن الاتحاد الأوروبي عدم دعوة الجانب الروسي إلى الدورة السادسة من المؤتمر على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما أثار استياء موسكو التي ذكرت في بيان لخارجيتها أن “مؤتمر بروكسل، من دون مشاركة ممثلي سورية وروسيا، تحوّل إلى تجمّع لمجموعة من الغربيين وليست له أي قيمة مضافة”.
وحذّرت من أن مؤتمرات بروكسل “تنزلق أكثر فأكثر إلى التسييس المتهور للقضايا الإنسانية حصراً”، متهمة الغرب ببذل قصارى جهده بغية “منع عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، بغض النظر عن التدهور المؤسف للظروف الاجتماعية والاقتصادية وظروف المعيشة في الدول التي تستضيفهم”.
ورداً على عدم دعوتها إلى مؤتمر بروكسل، من المتوقع أن تستخدم موسكو حق النقض (الفيتو) منتصف العام الحالي، ضد قرار تمديد إدخال المساعدات الدولية من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، إلى سكان مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية في محافظتي إدلب وحلب، شمالي البلاد.
ويقتصر دخول المساعدات الدولية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة على معبر باب الهوى بعد أن كانت تدخل من عدة معابر. وتريد موسكو أن يكون دخول المساعدات تحت إشراف حكومة النظام السوري بدمشق، وتطالب بأن تنظم الأخيرة عملية عبور الدعم والإغاثة من أراضي يسيطر عليها النظام.
وكانت الكويت قد استضافت ثلاث دورات لمؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني للسوريين في أعوام 2013 و2014 و2015، قبل أن ينتقل إلى بروكسل، حيث عقد فيها خمس دورات.
وقدم المانحون خلال السنوات الماضية عشرات المليارات من الدولارات للسوريين اللاجئين في دول الجوار أو نازحين في الداخل السوري ضمن برنامج تشرف عليه الأمم المتحدة.
وكان المانحون قد تعهدوا في الدورة الخامسة التي عقدت في بروكسل في مارس/آذار 2021 بتقديم 4.4 مليارات دولار لعام 2021، بالإضافة إلى تعهدات تبلغ تقريباً ملياري دولار لعام 2022 وما بعده.
ولكن المعطيات تؤكد ان الدول المانحة لا تلتزم عادة بما تعهدت به من مبالغ، وهو ما يقلق الأمم المتحدة التي تطالب بجمع 10 مليارات لدعم برنامج المساعدات الأممية لملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار خصوصاً في لبنان والأردن وتركيا، وإقليم كردستان العراق.
ولطالما حثت الأمم المتحدة المانحين الدوليين على المساعدة في تلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين والنازحين السوريين، والمساعدة في تخفيف العبء المالي الكبير عن البلدان التي تستضيف اللاجئين.
ويعتمد نحو 4 ملايين مدني في شمال وشمال غربي سورية على المساعدات الدولية، ما يعني ان أي خلل في آلية دخول هذه المساعدات سيؤدي إلى كوارث إنسانية، خصوصاً أن الثقة بالنظام معدومة لجهة إيصال المساعدات والقوافل الإغاثية عبر خطوط التماس.
وأشار الباحث الاقتصادي خالد التركاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن لـ”مؤتمر المانحين في بروكسل أهمية عالية جداً لكل السوريين، لأنه يؤمّن مبالغ جيدة للإغاثة والجوانب الإنسانية تلبي جانباً من احتياجاتهم المعيشية”، مضيفاً: “يعوّل على المؤتمر لسدّ جزء كبير من حاجة السوريين.
كما أشار إلى أن الأزمات في العالم خلال العام الحالي “كبيرة”، مضيفاً: “هناك دول كثيرة لديها أزمة في مسألة الإنفاق، وأولويتها اليوم للإنفاق الداخلي ودعم مؤسساتها.
ولفت التركاوي إلى أن المبالغ التي تُدفع من قبل الدول المانحة “تقدر بناء على أسعار سابقة”، معتبراً أن الأسعار في كل دول العالم اليوم في ارتفاع، فسلة الإغاثة التي كان ثمنها 100 دولار أميركي زاد سعرها، كما ارتفعت تكلفة إيصالها للمستفيدين، لذا أعتقد أن عدداً من الدول لن تقدم المبالغ المطلوبة منها في الدورة السادسة.
الائتلاف الوطني يشارك في مؤتمر بروكسل
ويعتبر الائتلاف الوطني السوري المعارض هذا المؤتمر الذي يشارك فيه بوفد برئاسة سالم المسلط رئيس الائتلاف، فرصة لعرض العديد من الملفات في القضية السورية على ممثلي الدول المشاركة في المؤتمر.
وأشار مصدر في الائتلاف، لـ”العربي الجديد”، إلى أن أبرز هذه الملفات هي المحاسبة والمعتقلون، والانتقال السياسي ودعم المهجّرين واللاجئين.
بدوره، أشار أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف عبد المجيد بركات، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن لمؤتمر المانحين في بروكسل “صبغة إنسانية إغاثية أكثر منها سياسية”، مضيفاً: “لكن وجود وفد الائتلاف ولقاءاته مع ممثلي العديد من الدول ربما يسهم في إعادة الزخم للملف السوري”.
وبيّن أن الشهر الحالي يشهد العديد من الفعاليات الخاصة بالملف السوري، ومنها جولة جديدة من مفاوضات اللجنة الدستورية، وجولة أخرى من مسار أستانة.
ورأى أن هناك تركيزاً دولياً على الملف السوري، لذلك فإن المشاركة في بروكسل مهمة. وبيّن بركات أن الجانب الإنساني والإغاثي “مهم للسوريين في ظل سوء الأوضاع الإنسانية والمعيشية في الداخل السوري”، مضيفاً: الائتلاف يريد اهتماماً أكبر بالمناطق المحررة وحوكمتها ودعماً للحكومة السورية المؤقتة ومؤسساتها من أجل نهوض هذه المناطق.
وقال: “في النهاية لا حلول إنسانية للقضايا السياسية، والملف السوري سياسي ونأمل تشكل إرادة دولية داعمة لتطبيق العملية السياسية بشكل كامل”.
وتنعقد الدورة السادسة من مؤتمر المانحين في ظل مراوحة العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في المكان، إذ ما يزال النظام يحول دون التفاوض الجاد لتنفيذ القرار الدولي 2254، الذي رسم خريطة حل للقضية السورية.
ولكن من اللافت أن النظام استبق عقد هذه الدورة بالإفراج عن عدد من المعتقلين، في محاولة لتحسين صورته أمام الرأي العام العالمي بعد تسريب مقاطع مصورة لمجزرة بحق مدنيين ارتكبتها الأجهزة التابعة له في عام 2013.
كما تعقد الدورة السادسة في ظل حديث عن خطط تركية ربما تنتقل إلى دول أخرى لإعادة عدد كبير من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما يحتاج إلى مبالغ وتكاليف مرتفعة ليس من المتوقع جمعها بسهولة.
المصدر: العربي الجديد