عن مؤتمر (المكونات) التفتيتي

دأب أهل (قسد) وما يلوذ بهم، خلال الأشهر الفائتة، أي منذ توقيع الاتفاق المعروف الموقع في ١٠ آذار/ مارس ٢٠٢٥ بين مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، على اللعب في سياقات ما،  قد لا تكون وطنية توحيدية، بل تنحو باتجاه المزيد من اللعب السياسي التفتيتي التقسيمي الذي يحاول إنتاج المزيد من حالات التشظي والتقسيم وبذل الجهود المتواصلة من أجل لملمة وجمع كل الذين يتشابهون في رؤيتهم مع (قسد) ودفعًا أكيدًا نحو المضي إلى بناء ما أسموه قسرًا (اللامركزية السياسية) التي تفضي بالضرورة إلى تشكيل كيانات انفصالية تهيئة إلى  تجزيء سورية، وخدمة كل الداعمين في الخارج، وإضعافًا للوطن السوري، ومن ثم تعويم الفكر الانعزالي التقسيمي، سواء أعلنوا ذلك عبر ما أسموه (روج آفا) أو لم يعلنوا، من خلال ما يسمونه اليوم باجتماع (المكونات) تحت يافطة (سوريا الديمقراطية) المدعاة، وفي مواجهة الدولة الوطنية السورية، ثم وضع العصي في العجلات، على طريق إنفاذ المخططات التي لا تنتج وطنًا سوريًا واحدًا، ولا وطنية سورية موحدة،  بل تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في قيامة كيانات انفصالية لا تخدم بناء الوطن السوري الواحد، بل تفعل فعلها في المزيد من التشظي  والتفتيت والتذرر.

يقول قائل : ليست القضية اليوم في اجتماع جموع الشعب السوري لدى (قسد) وتوابعها، بل في استغلال الفرصة واستثمارها واستجرار إليها من يحاولون الانفصال في الجنوب السوري، ضد إرادة أهلنا في جبل العرب والسويداء،  والاستقواء بالخارج الإسرائيلي، واستثمار البعض منهم، وإجراء التحالفات لإضعاف الدولة السورية، وتفتيت الكيان السوري الموحد، وكذلك اللعب على كل الأوتار الطائفية في الساحل والجنوب كذلك، ضمن سياسات قسدية غاية في الفجور، فسورية ليس جمع مكونات طائفية ولا أثنية، ومن يرتد مرة أخرى إلى التعاطي مع الحالة الوطنية في سورية، ضمن هذه الأنساق،  فإنه بذلك يكون قد أراد أم لم يرد، قد خدم البعد اللا وطني، وهو يمسك بذلك أيضًا  بحيثيات ما قبل وطنية، بل هي أشبه وأقرب إلى اعتبار جموع الوطن السوري، هي مجرد جمع ولم مكونات بلا هوية وطنية سورية جامعة، وبلا أسوار وطنية واحدة، تجمع الجميع، وهي كذلك لا تنحو أبدًا نحو بناء وصياغة عقد وطني سوري جامع، طالما كانت تصبوا إليه جموع السوريين، حيث أن تجميع (المكونات) كما يسمونها، هو بحد ذاته تعويم لفكرة الوطن الذي لا يجمع، ومن ثم العودة إلى قديمة جديدة هي فكرة استعمارية فرنسية طالما عملت عليها فرنسا أيام الاحتلال الفرنسي لسورية، دون قدرة (في حينها) على الإنجاز العملاني لها ، بسبب صلابة السوريين بكل طوائفهم وأثنياتهم، ورفضهم الانجرار إلى كل ما يفتتهم، وإصرارهم على تثبيت رسم خريطة موحدة تجمع كل السوريين وتوحدهم في دولة وطنية سورية واحدة، لا تقبل التقسيم، لا الطائفي ولا الإثني.

واليوم فإن هذه المؤتمرات  المنعقدة ضمن حيازات (قسد) ومن يشارك فيها، إنما هي عودة بائسة ضمن ظروف إقليمية جديدة، ومحاولة نأمل أن تكون بائسة وغير موفقة، من أجل إعادة فكرة التقسيم إلى حيز التموضع على الطاولة، واستثمارًا واضحًا في واقع وتحديات وطنية، غاية في الصعوبة، بينما العدو الصهيوني ما يزال متربصًا بسورية، وضاغطًا باتجاه المزيد من التفتيت والتشظي، وإضعاف سورية، حتى تبقى السيطرة الإسرائيلية، ليس على سورية فحسب، بل على المنطقة العربية برمتها، وبدعم أميركي، من أجل إنجاز ما أسموه قيام (العصر الإسرائيلي) في أتون وضمن متغيرات حالة من الضعف العربي، وغياب أي مشروع عربي رسمي، يمكن أن يتصدى لهذا المشروع الإسرائيلي الخطر على الأمة جميعًا، وليس على سورية لوحدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى