
في سوريا لم يكن العقار مجرد ملكية مادية تقاس بالأمتار والأسعار، بل تحول على مدى عقود إلى أداة تستخدمها السلطة لإدارة التوازنات الاجتماعية وتثبيت منظومة النفوذ، حيث لم تقتصر الصراعات العقارية على العلاقة التقليدية بين المالك والمستأجر، بل اتسعت لتشمل التوتر بين من يمتلك الحق القانوني ومن يمتلك القدرة على تجميد هذا الحق بفعل قربه من السلطة.
ويعد ملف الإيجارات القديمة أو ما يعرف بقانون “التمديد الحكمي” من أبرز تجليات هذا الخلل البنيوي، إذ تعود جذوره إلى قوانين استثنائيةُ وضعت منتصف القرن العشرين لحماية المستأجرين من الأزمات الاقتصادية وموجات النزوح، لكنها مع الوقت تحولت إلى واقع دائم بحكم القانون لا بحكم التوافق، وأصبحت نموذجًا لما يمكن تسميته بـ”الجمود المشرعن”.
فقد أبقى النظام البائد على هذه القوانين لا بدافع حماية الفئات الأضعف، بل لتوظيفها ضمن شبكته الزبائنية، حيث يدار القانون بانتقائية تخدم المصالح وتعطل العدالة، ما أدى إلى حرمان آلاف المالكين من حقوقهم في استثمار أملاكهم أو بيعها، مقابل استقرار مستأجرين في تلك الأملاك إزاء مبالغ رمزية لا تعكس أبسط قيم السوق.
وفي حين كانت المدن تتوسع عشوائيًا وتستهلك نفسها عمرانياً، ظل القانون العقاري عاجزًا عن مواكبة التحولات، وبقي التعديل محصورًا في خطوات تجميلية لا تمس جوهر الأزمة.
واليوم بعد سقوط النظام الذي راكم هذا الخلل وكرسه، يعود ملف الإيجارات القديمة إلى الواجهة كواحد من أكثر الملفات التشريعية إلحاحًا في سياق العدالة الاجتماعية وإعادة بناء العقد القانوني، في ظل تباين المطالب بين من يسعى لاسترداد ملكيته ومن يخشى فقدان مأواه، ما يضع الجميع أمام الحاجة لصيغة قانونية جديدة توازن بين الحقوق التاريخية والواقع المعاش، وتعيد الاعتبار للقانون كأداة لتنظيم العدل لا لتكريس الظلم.
“التمديد الحكمي” في سوريا أداة “حرمت” الملاك من أملاكهم
في ظل تصاعد المطالبات بإصلاح المنظومة التشريعية الناظمة لعقود الإيجار القديمة في سوريا، برزت أصوات متضررين دفعوا أثماناً باهظة نتيجة لقوانين عطلت حقوقهم وأفرغت الملكية الخاصة من مضمونها، ومن أبرز هؤلاء محمد ربيع عثمان، منظم ومؤسس سلسلة من الوقفات الاحتجاجية ضد قانون الإيجار القديم.
عثمان أكد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الوقفة التي نظمت مؤخراً أمام وزارة العدل هي الرابعة ضمن تحرك تصعيدي متواصل، بدأ بوقفة أولى في مقر الوزارة بالمزة تلتها وقفتان في ساحة الأمويين، بالتوازي مع تأسيس “تجمع إنصاف ضحايا الاستملاك والإيجار القديم والإصلاح الزراعي”، كإطار موحد يضم المتضررين من التشريعات التي قيدت حرية التصرف بالملكية الخاصة.
ويعد عثمان نفسه أحد المتضررين المباشرين من هذه القوانين، إذ يمتلك عقاراً كبيراً في شارع بغداد قرب ساحة السبع بحرات، مؤلفاً من ثلاثة طوابق مع قبو ومحلين تجاريين، مؤجّر منذ عامي 1967 و1968 لصالح مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين، مقابل بدل سنوي لا يتجاوز أربعة ملايين ليرة سورية، بالرغم من موقعه الحيوي، وعبر عن سخطه قائلاً “المفارقة أن الجهة التي تستولي على عقاري هي نفسها التي تشتكي من اغتصاب أرضها، لكنها تمارس الأمر ذاته في حقي”.
كما أوضح أنه يمتلك محلين آخرين مؤجّرين منذ عام 1977، ما زال يشغلهما ورثة المستأجرين الأصليين مقابل 300 ألف ليرة سنوياً لكل محل، من دون أي بدل فروغ، معتبراً أن هذه العقود حولت المالكين إلى “شهود على مصادرة أملاكهم بقوة القانون”.
وانتقد بشدة القوانين الناظمة لهذه العقود، واصفاً إياها بـ”المجحفة والفاقدة للعدالة”، مؤكداً أنها تجرّد المالك من حقه في الانتفاع بممتلكاته وتُلزمه بتحمل تبعات خلل تشريعي تاريخي، أفرزته تقديرات تخمينية غير واقعية وقرارات سياسية مُوجّهة، حتى أنه حصل سابقاً على حكم قضائي بإخلاء العقار، لكن تنفيذه تم تعطيله تعسفياً، بقرار سياسي مباشر في عهد حافظ الأسد، حسب قوله.
وأضاف بحرقة “القانون الذي صادر ملكية والدي بعد تقاعده امتد إلي، فهل سيرث أبنائي هذا الظلم أيضاً”، مشيراً إلى أن هذه المنظومة تمثل انتهاكاً صريحاً للحق في الملكية كما أقرّه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وختم عثمان تصريحه بالتأكيد أن استمرار فرض الإقامة الجبرية القانونية على العقارات المؤجّرة منذ عقود يُعدّ “اغتصاباً منظّماً للملكية الخاصة”، قائلاً “هذا عقاري ومن حقي أن أستعيده، لا يمكن الحديث عن العدالة بينما يُطلب مني تعويض من اغتصب ملكي”.
ويأتي هذا الحراك في وقت أعلنت فيه وزارة العدل السورية، في 12 من حزيران الجاري، عن تشكيل لجنة خاصة لدراسة التشريعات العقارية المتعلقة بعقود الإيجار، برئاسة القاضي أنس منصور السليمان، رئيس محكمة النقض، وعضوية عدد من القضاة وممثلي الجهات المعنية، بهدف مراجعة القوانين الخاضعة للتمديد الحكمي، ووضع مقترحات تشريعية تحقق توازناً عادلاً بين حقوق المؤجرين والمستأجرين.
كما كلفت الوزارة اللجنة بمراجعة الإطار القانوني الناظم لعقود الإيجار الخاضعة للتمديد الحكمي، سواء كانت العقارات مملوكة للدولة أو الأفراد، وذلك بهدف تقديم مقترحات لمعالجة الإشكاليات المزمنة في هذا الملف، وبما يحقق توازنًا عادلًا بين حقوق المؤجرين والمستأجرين.
“قانون جائر وقضاء متقاعس”
تواجه العديد من العقارات التجارية القديمة في سوريا أزمات متفاقمة بسبب القوانين المرتبطة بالإيجار القديم ونظام التمديد الحكمي، حيث يشتكي المالكون من قيود قانونية تعرقل قدرتهم على استثمار أملاكهم أو التصرف بها بحرية.
وفي هذا الإطار يروي طارق الرباط وهو أحد المتضررين، لموقع تلفزيون سوريا، أن عقاره المؤلف من أربعة طوابق تجارية مؤجر منذ ستينيات القرن الماضي، مقابل بدل إيجار سنوي لا يتجاوز 800 دولار، وهو مبلغ لا يعبر بأي شكل عن القيمة الحقيقية للعقار أو موقعه.
ويؤكد الرباط أن القوانين السارية جعلت المستأجر عمليًا أقوى من المالك، على الرغم من أن مدة العقد الأصلية لم تكن تتجاوز سنة أو سنتين، ما أدى إلى حرمانه من أي إمكانية لإعادة استثمار العقار أو حتى بيعه.
كما يشير إلى محاولاته المتكررة لإخلاء العقار عبر القضاء والتي باءت جميعها بالفشل، متهمًا المنظومة القضائية بالانحياز للمستأجرين، وبالفساد الذي عمق معاناة المالكين لعقود طويلة، ويضيف “في حالتي المفارقة مؤلمة، فالمستأجر الذي لم يكن يملك شيئًا بات اليوم مالكًا لمنزل فاخر في حي المزرعة، ويقود سيارة حديثة ويعيش أبناؤه وأحفاده في منازل مستقلة، أما أنا فوضعي المادي يزداد تدهورا، فأين العدل والإنصاف؟”.
ويؤكد طارق أنه لم يكن في البداية يسعى إلى الإضرار بالمستأجر لكن الظروف تغيرت، وأصبح العبء الأكبر يقع على المالكين وحدهم، كما أشار إلى أن العقود الإيجارية الحديثة لا تخضع للتمديد الحكمي ما يؤدي إلى خلل في السوق وارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، نتيجة لبقاء عدد كبير من العقارات القديمة مجمدة خارج التداول الفعلي.
ويشدد على وجود توافق واسع بين المالكين حول ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة، تبدأ بتخمين حقيقي لقيم العقارات وتحديد بدلات إيجار واقعية، وصولًا إلى حل دائم يُنهي هذا الظلم المزمن، مقترحًا أن يكون التعديل تدريجيًا خلال سنة واحدة، مع ضمان دفع أجور عادلة.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر في مجلس الشعب لموقع “تلفزيون سوريا” أن إدارة المجلس طالبت مؤخرًا بإخلاء المبنى الإداري التابع لها، الذي كان خاضعًا لعقود الإيجار القديمة المفروضة بقوة القانون منذ عقود.
وتضيف المصادر أن عمليات الإخلاء الأخيرة شملت أيضًا عقارات جامعية كمبنى جامعة اليرموك في درعا، ومقارًا حزبية، وشققًا في أحياء راقية مثل المالكي والمزة وزقاق الجن، كما استعاد ورثة عائلة العظم أحد أبنيتهم في حي الجبة، إضافة إلى عدد من العقارات التي كانت تحت سيطرة شخصيات نافذة في النظام السابق وتم إخلاؤها مؤخرًا.
الإيجار القديم صراع مستمر
في قلب معاناة كثير من السوريين المتضررين من قانون الإيجار القديم، يبرز صوت فايز قصيباتي، الذي تحدّث لموقع تلفزيون سوريا عن قصّة عقار عائلته المؤجّر منذ عام 1964. حينها، تم الاتفاق على بدل إيجار سنوي لا يتجاوز 1200 ليرة سورية، مبلغ رمزي لم يتغير جوهريًا بالرغم من مرور أكثر من نصف قرن.
يقول قصيباتي إن القانون العقاري الجديد الصادر عام 2006، الذي اعتمدته محكمة الصلح المدني لتخمين الإيجارات، حدّد بدل الإيجار السنوي للعقار بمبلغ 4 ملايين و800 ألف ليرة، على أن يُعاد التخمين كل ثلاث سنوات حتى عام 2025. لكن هذا الرقم، برأيه، لا يعكس بأي حال القيمة الفعلية للعقار الواقع في حي الروضة بدمشق، ولا يقارب الأسعار الحقيقية في سوق الإيجارات.
وبعد وفاة المستأجر الأصلي، حاولت العائلة مرارًا استعادة العقار، لكن الورثة رفضوا الإخلاء وتصرفوا كما لو أنهم المالكون الشرعيون، واستمرّوا في إشغال المنزل على الرغم من انتهاء العلاقة التعاقدية. وأوضح قصيباتي أن والدته بدأت أولى محاولات الإخلاء بعد وفاة الوالد، لكنها لم تنجح بسبب أخطاء قانونية، ثم تكررت المحاولات في تسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية، لكنها اصطدمت دائمًا بجدار من البيروقراطية القضائية والانحياز الواضح للمستأجرين، على حد وصفه.
نتيجة لهذا النزاع الطويل، اضطرت العائلة إلى الإقامة في “ملحق” صغير من غرفتين وسطح مكشوف، لا يلبي احتياجاتهم المعيشية الأساسية. ويضيف قصيباتي: “نحن أصحاب الحق، ومع ذلك حُرمنا من بيتنا بسبب قانون لا يعترف بالملكية، ولا يمنحنا الحد الأدنى من العدالة”.
كما يشير إلى الأثر الأوسع لهذا القانون، الذي لا يقتصر ضرره على الأفراد، بل يمتد إلى السوق العقارية بكاملها، إذ أسهم في تجميد عدد كبير من العقارات، ودفع بأسعار الإيجارات الحديثة إلى مستويات مرتفعة بسبب قلة المعروض الحقيقي.
ويختم قصيباتي موقفه بوضوح: “نرفض مبدأ التعويض للمستأجرين القدامى. لقد استفادوا من العقار لعقود طويلة. ما نطالب به ببساطة هو استعادة ملكيتنا، لأن استمرار إشغال العقار لمدة ستين سنة، بلا وجه حق، ليس سوى اغتصاب قانوني مغلّف بمصطلح الإيجار القديم”.
قانون الإيجارات القديمة في سوريا
منذ صدور المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952، خضعت العلاقات الإيجارية في سوريا لنظام قانوني استثنائي يقوم على مبدأ التمديد الحكمي وتحديد بدل الإيجار، حيث قيّد المرسوم حرية التعاقد بين المؤجر والمستأجر، وجعل من عقد الإيجار عقدًا ممتدًا حكمًا، بغض النظر عن إرادة المؤجّر، ما أدى إلى إشكاليات قانونية واسعة وأثار جدلًا مستمرًا حول مشروعية هذا التقييد على حقوق الملكية.
ولّد المرسوم التشريعي “111” العديد من دعاوى “التخمين” التي يضطر المؤجّر اللجوء إليها لرفع بدل الإيجار بما يتناسب مع ارتفاع أسعار العقارات، فضلًا عن أنه أعطى هذا الحق أيضًا للمستأجر، الذي يستطيع الادعاء بدعوى “تخمين” لتخفيض بدل الإيجار، حيث أدى ذلك إلى تراكم كبير في القضايا المنظورة أمام المحاكم الصلحية.
وفي سياق التطور التشريعي اللاحق بالإيجارات في القانون السوري، اعتبر البعض أن المرسوم “111” هو انتهاك للمادة “148” التي تنص على أن “العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون”، ويُعد هذا التناقض أحد أبرز أوجه التعارض بين التشريع الاستثنائي والمبادئ العامة التي تحكم العقود والحقوق المدنية.
في هذا الشأن أكد المحامي أحمد الأتاسي في مقابلة مع موقع تلفزيون سوريا، أن قوانين الإيجار الاستثنائية في سوريا وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية تحت مبرر حماية المستأجرين من “الصعوبات المعيشية”، مع أنّ سوريا لم تتأثر مباشرة بأحداث الحرب كما حدث في أوروبا.
وأشار الأتاسي إلى أن القوانين اللاحقة مثل 6/2001، و10/2006، و20/2015 حاولت معالجة الخلل لكنها لم تنجح في إعادة التوازن، ويعود ذلك لبسبب التمسك ببنية قانونية قائمة على التمديد الحكمي ومنع الإخلاء الفعلي، ثم أن القضاء ظل خاضعًا لتعليمات غير معلنة تحظر إصدار أحكام لمصلحة المالكين، حتى مع إدخال بعض حرية التعاقد استمرت الدولة بتقسيم العقارات، إلى قديمة تخضع لقوانين الاشتراكية وجديدة تحكمها قوانين السوق الحرة.
موضحًا أن هذه القوانين تجرّد المالك من أبسط حقوقه، إذ لا يملك سكناه، ولا يتمكن من رهنه عقاريا للاستفادة منه أو صيانته، ويُفرض عليه تأجيره بأجور زهيدة تحددها وزارة المالية من دون أي حق في المفاوضة أو الرفض، في المقابل يتمتع المستأجر بحماية مطلقة مدى الحياة تشمل ورثته من دون سقف زمني، وقال “نتيجة لذلك تحول عقد الإيجار إلى ما يشبه البيع القسري”، مؤكدًا أنه كان من المفترض أن تكون هذه القوانين مؤقتة وتحمل أعباء الأزمة للجميع، لا للمالكين بشكل أكبر.
الإيجار بين القانون والحقوق
تشكل القوانين المنظمة لعقود الإيجار إطاراً قانونياً يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بما يضمن حماية الحقوق المتبادلة، ومن الضروري أن تتفق هذه القوانين مع المبادئ الدستورية وأحكام القانون المدني، مع توفير آليات تنفيذ واضحة وفعّالة تضمن تحقيق العدالة والتوازن في هذه العلاقة، بما يسهم في استقرار السوق العقاري.
وتابع الأتاسي موضحًا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تسمح هذه القوانين للغاصب بأن يتحول إلى مستأجر شرعي بمجرد إشغاله للعقار مدة سنة فأكثر، في حين يُعاقب المالك إذا حاول استرجاع حقه، وقد يُتهم بإزعاج المستأجر أو الامتناع عن التأجير، وعلى الرغم من وجود نصوص تسمح للإخلاء، إلا أن القضاء لا يطبقها عمليًا بسبب تعليمات وزارية غير معلنة تحظر إصدار أحكام لصالح المالكين، مما حول المحاكم إلى أداة لحماية طرف واحد.
وأضاف أن هذه المنظومة تعطل الاستثمار العقاري وتتسبب بتدهور العمران، إذ لا يستطيع المالك تطوير عقاره ولا حتى رهنه للحصول على تمويل، وتابع أن هذا الوضع نشأ تحت ذريعة “الحق في السكن”، التي تحولت إلى مبرر لسلب ملكية الأفراد، بدل أن تكون التزامًا على الدولة لتوفير مشاريع إسكانية عادلة، وهكذا أصبح المالك ضحية منظومة تشريعية منحازة شوهت العدالة وفرضت مساواة زائفة بين المالك والغاصب.
ويشير إلى أن تجارب لبنان ومصر حيث أوضحت فشل قوانين الإيجار الاستثنائية التي كرّست التمديد الحكمي الدائم ومنعت الإخلاء والتخمين العادل، مما اعتُبر انتهاكًا صارخًا لحق الملكية، وأكدت أن هذه السياسات التي عادت على أفكار معادية للملكية لم تحل أزمة السكن بل عمقتها.
واختتم الأتاسي بأن الحل القانوني لا يكمن في سن قوانين استثنائية جديدة، بل في العودة إلى أحكام القانون المدني المستمدة من الدستور والشريعة التي تضمن احترام العقد والملكية الخاصة، قائلًا “لدينا قانون إيجار متوازن ومعترف به دوليًا (المرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1949)، يحتاج فقط إلى تفعيل وتطبيق عبر تعديل بسيط لقانون أصول المحاكمات المدنية ويسمح بالتنفيذ الفوري لعقود الإيجار”.
كما أضاف أن فترة المعالجة التدريجية فشلت على مدى 70 عامًا، ولم يعد من المعقول منح مهلة جديدة لمستأجرين استغلوا القانون لمصادرة حقوق المالكين، خاصة وأن القانون الاستثنائي نفسه لم يُطبق تدريجيًا عند صدوره بل طُبق فورًا.
وأكد أن الاستثمار الحقيقي لن يتحقق من دون احترام القضاء وحق الملكية، ومن دون تطهير الجهاز القضائي من الأفكار الشيوعية التي شرعت اغتصاب العقارات، وفي النهاية شدد على أن الخروج من أزمة السكن يبدأ بإرساء دولة القانون واحترام العقود وفتح باب الاستثمار العقاري بشفافية وعدالة، مما يضمن تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تحترم حقوق المواطن.
أزمة الإيجارات القديمة في سوريا.. ملاك بلا حق ولجنة لا ترد
تكشف أزمة الإيجارات القديمة في سوريا عن خلل قانوني مزمن طالما عطل حقوق آلاف المالكين، وخلق اختلالاً في السوق العقارية، حيث تداخلت فيه عوامل التشريع الاستثنائي والتوظيف السياسي للقانون، ما أفضى إلى واقع غير متوازن يثبت بقاء المستأجر ويحرم المالك من أبسط حقوقه، وفي حين تتصاعد المطالب بإصلاح جذري يعيد الاعتبار للملكية ويوازن بين الحقوق، تبرز الحاجة الملحة لموقف رسمي واضح يحدد ملامح التغيير المنتظر.
وفي هذا السياق، تواصل موقع “تلفزيون سوريا” مع اللجنة القانونية المكلفة بدراسة التشريعات العقارية لدى وزارة العدل، للحصول على توضيحات حول رؤيتها وخططها لمعالجة هذه الإشكالية، إلا أننا لم نتلق أي رد حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما يبقي التساؤلات مفتوحة حول جدية الإصلاح المرتقب.
المصدر: تلفزيون سوريا
أزمة الإيجارات القديمة في سوريا القديم الجديد، خلل قانوني مزمن طالما عطل حقوق آلاف المالكين، وخلق اختلالاً في السوق العقارية، وكذلك إحياء حقوق المستأجرين، لتداخل عوامل التشريع الاستثنائي والتوظيف السياسي للقانون، المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952، والقوانين 6/2001، و10/2006، و20/2015 لم تستطع تحقيق التوازن، فهل سيتم تجاوزها؟.