“ملف المفقودين”.. من يقود السوريين إلى الحقيقة؟

وفاء عبيدو

بعد عام على سقوط النظام المخلوع، يعود ملف المفقودين والمغيّبين قسرا إلى الواجهة، لا بوصفه قضية إنسانية فحسب، بل كأحد أخطر ملفات العدالة الطارئة في سوريا. وبينما كانت الآمال معلّقة على أن يبدأ هذا الملف طريقه نحو الحل، فجّرت تسريبات “ملفات دمشق” الأخيرة موجة غضب وتساؤلات حول جدية العمل الرسمي في كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن آلاف الانتهاكات.
ففي الوقت الذي تشير فيه التقديرات الحقوقية إلى أكثر من 170 ألف مفقود، تتأخر آليات العدالة الانتقالية عن أداء دورها، بينما يكتفي الأهالي بالوعود، ويواجهون يوميًا وجع الانتظار ومرارة النكران.
وتحوّل ظهور وثائق جديدة، تضم صورا وأسماء لمعتقلين قضوا في سجون النظام، إلى اختبار مبكر لهيئة المفقودين التي شُكّلت قبل أشهر. وفي خلفية هذا المشهد، تتكدّس الشهادات الفردية لعائلات لم تفقد أبناءها فحسب، بل فُرض عليها أن تناضل وحدها من أجل الحقيقة، وسط صمت رسمي، وتراخٍ مؤسسي، وتراكم سياسي يعمّق الجراح بدل أن يداويها.
فعلى مدى سنوات طويلة، اختفى عشرات الآلاف في الأفرع الأمنية والسجون، بينما تُركت عائلاتهم معلّقة بين الانتظار والبحث والانهيار، في رحلة مؤلمة لا تهدأ، فلم يكن هذا الملف يومًا أرقامًا في تقرير أو بندًا في مداولات سياسية، بل هو وجوه غابت، وأمهات ينتظرن قبراً ليرثينه، وزوجات عالقات بين الرجاء والفقد، وأطفال كبُروا وهم يردّدون السؤال ذاته أين اختفى أحبّتنا؟.
يقف السوريون اليوم عند مفترق تاريخي، حيث يصبح كشف مصير المفقودين شرطًا لا غنى عنه لأي عملية عدالة انتقالية أو مصالحة وطنية أو إعادة بناء اجتماعي وسياسي، فالماضي لا يمكن تجاوزه قبل فهمه، والألم لا يمكن أن يهدأ قبل ظهور الحقيقة، والعدالة لا يمكن أن تبدأ قبل أن يُعرف مصير الذين غابوا في العتمة.
“ابني وين؟”
وسط هذا الغياب تبرز شهادات فردية تحمل داخلها ملامح المأساة الكبرى شهادات تشبه بعضها لكنها تحمل وجوهًا وأسماء وأوجاعًا لا تتكرر، ومن بين هذه الحكايات، تتحدث أم علي بصوتٍ يختلط فيه الثبات والألم وهي تروي لموقع تلفزيون سوريا حكايتها التي انقسمت بين شهيد ومعتقل لم يعد.
وتوضح أنها فقدت ابنها الأول خلال معركة تحرير منطقة البحدلية، بعد أن قُتل على يد ميليشيا أبو الفضل العباس وعناصر من حزب الله، وقالت “دفنته بإيدي كنت مفكرة إني على الأقل عرفت وين قبره، بس حتى هالشي ما ضلّ إلي”.
إذ فوجئت بعد سقوط النظام حين عادت إلى زيارة قبره، لتكتشف أن المقبرة قد نُبشت وأن جثمان ابنها اختفى، لتبدأ فاجعة جديدة فوق جرح قديم، حسب ما ذكرت.
أما ابنها الثاني الضابط المنشق، فقد اعتقله النظام في عملية سمّاها إعلامه آنذاك “عملية نوعية يا سيد الشهداء”، ومنذ تلك اللحظة لم تعرف أم علي عنه أي شيء، “رجعت على الشام بعد سقوط النظام وأنا عم استنى كل يوم يطلع ابني، رفضت صدّق إنه ما رح يرجع، ولما تبخّر الأمل، حسّيت الدنيا كلها عم توقع فوق راسي”.
مؤكدةً أنها لا تريد سوى الحقيقة وقالت “حقي أعرف وين ابني؟ وين كان؟ كيف مات؟ كم سنة بقي بالسجن؟ مات تعذيب؟ رصاصة؟ إعدام؟ ابني قطعة من روحي مو لازم أعرف شو صار فيه؟”.
وأضافت أم علي أن السنوات الأربع عشرة الماضية كانت انتظارًا طويلًا للعدالة ولحظة سقوط النظامً لكن المفارقة كانت قاسية، وتابعت “سقط النظام وما لقيت ولادي، أي حياة بدكن نحكي عنها؟ حياتي توقفت عند المجهول، وما عاد في ثقة بغير الحقيقة”.
وبخصوص الإعلان عن تشكيل هيئة المفقودين تبدي أم علي شكوكها العميقة، قائلة “إيمت رح نشوف نتيجة؟ إمتى رح يعطونا معلومة؟ لسا ما شفنا شغل حقيقي، وجودهم لحد اليوم ما عطى أي مؤشر إنهم ماشيين باتجاه كشف الحقيقة”.
وتشير إلى أن أي جهة معنية لم تتواصل معها منذ سقوط النظام، رغم أنها تعد من أكثر الأمهات التصاقًا بهذا الملف، وقالت “ما في ضمانات قبل ما نشوف شغل واضح، إذا بيقولوا بدهم عشر سنين ليجمعوا وثائق، طيب وين الخطوة الأولى؟ وين الفريق؟ وين العمل؟”.

وتطالب بأن يكون للأهالي دور مباشر في أي هيئة أو لجنة تعمل على هذا الملف، معتبرة أن “أهل الوجع هنن أصحاب الحق ومشاركتنا واجبة مو خيار”.
وفي رسالتها الأخيرة، توجه أم علي نداءً واضحًا للحكومة لمتابعة عمل الهيئة واللجنة المكلفة بالملف، مؤكدة أن كشف مصير ابنها ليس مطلبًا سياسيًا ولا تفاوضيًا، بل حقًا إنسانيًا بديهيًا يجب أن يتحقق “بعد كل هالسنين ما بدي غير جواب، ابني وين؟”.
في هذا السياق وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها لعام 2025 وجود 177,057 شخصًا مختفين قسريًا في سوريا منذ عام 2011 حتى أغسطس 2025، بينهم آلاف النساء والأطفال.
ويؤكد التقرير أن نحو 90% من هذه الحالات يقف خلفها النظام السابق، ما يجعل الإخفاء القسري سياسة منهجية واسعة النطاق وليست حوادث فردية، وبعد سقوط النظام وفتح بعض السجون، تبيّن أن جزءًا من المعتقلين تحوّلوا فعليًا إلى “مفقودين” بسبب غياب أي معلومات رسمية عن مصيرهم.
المغيبون بين الصمت والوعود
في سبينة البلدة التي دفنت الكثير من أسرار الحرب، تجلس أم محمد محاطة بصور أبنائها الأربعة وكأنهم ما زالوا يملؤون المكان بحضورهم، التي تُعرَّف بلقبٍ صار أكبر من اسمها خنساء سبينة.
تفتح أم محمد قلبها لموقع تلفزيون سوريا لتروي، وجع أم لا تزل تعيش مع الأسئلة التي لم يُجِب عنها أحد، تحاول ترتيب أنفاسها قبل أن تبدأ حديثها  قائلة “كان عندي أربعة شباب، كانوا عماد البيت وسندي، غيابهم كسر ظهري، وكل واحد من ولادي إله قصة وكل قصة إلها غصّة”
فقدت أبناءها الواحد تلو الآخر بعضهم استشهد في المواجهات، وآخرون اختفوا على اثر اعتقالهم، ولم يصلها عنهم أي خبر منذ ذلك اليوم، وتابعت “أصعب شي بالحياة إنك ما تعرف ابنِك كيف مات، المجهول بيقتل ألف مرة، ما بدي غير أعرف الحقيقة، وين راحوا أولادي؟ مين بدو يخبرنا؟”.
لم تكن أم محمد أمًا ثكلى فقط بل كانت سندًا للأمهات اللواتي يشاركنها المصير، حيث كانت تواسيهن بعبارة تكررها “نحنا أمهات ما بدنا سياسة ولا وعود، بدنا نعرف وين ولادنا، نعرف مصيرهم شو كان لنرتاح”.
ورغم مرور السنوات الطويلة ما زالت تتمسك ببصيص أمل، تعرف أنه ضعيف لكنه آخر ما تبقى لها “القبور إلها حجر بس المفقودين ما إلهم شي، لا اثر ولا اسم نحنا عالقانين بنص الحكاية ناطرين كلمة وحق ما لازم يضيع”.
وتضيف مؤكدة أن إنصافهم أمام العالم هو مطلبهم الأول، وترى في الهيئة الجديدة للمفقودين “نافذة أمل”، ننتظر منهم يعرفونا مصير ولادنا وين كانوا؟ وين اندفنوا؟”.
وعن وقع غياب الحقيقة على حياتها، تختصر بوصفه “حزن ما بينوصف وحياة صعبة بعد فقدان”، وتشير أم محمد إلى أن أي جهة رسمية لم تتواصل معها يومًا، لا اللجنة ولا الهيئة ولا المعنيون بالملف.
كما أوضحت قائلة “ما حدا تواصل معنا وبعد سقوط النظام ما حدا حكا معي غير مراسل زمان الوصل، وخاطبت الجهات المسؤولة لهيئة المفقودين برجاء ممزوج بألم “ ياريت يخافوا الله فينا نحنا تجرّعنا ظلم وقهر يكفينا لمليون سنة”.
كما تطالب بأن يكون لأهالي المفقودين دور مباشر داخل الهيئة وتمثيل فعلي “بدنا صوتنا حاضر ونكون جزء من اللجنة مو مجرد أسماء منسىية، وتختم حديثها برسالة واضحة “نتمنى تكون الهيئة خطوة أولى، لأن في كتير شغلات لازم تنعمل إلنا ولكل عائلات المفقودين والشهداء، الطريق طويل بس لازم يبلّش”.
بين السجون والسنوات شهادة تكشف حجم الألم
في بلدٍ يبحث عن حقيقةٍ ضاعت بين السجون والسنوات، تبقى قضية المفقودين والمغيبين قسرًا أكثر جراح السوريين إيلامًا.
ابتسام المحمد ( 38 عامًا ) من درعا، تحولت حياتها إلى رحلة بحث طويلة منذ لحظة اعتقال زوجها على أحد الحواجز بتهمة التفكير بالانشقاق.
تروي ابتسام حكايتها لموقع تلفزيون سوريا التي بدأت بزواجها من شاب من إدلب، قبل أن يُسحب من أحد الحواجز ويُعتقل على خلفية الاشتباه بنيّته الانشقاق، وقالت “اختفى زوجي فجأة، وما عرفت وين راح واكتشفت بهالوقت أني حامل”.
وتصف ابتسام سنواتٍ طويلة من العذاب، لم تستطع خلالها حتى تثبيت ولادة ابنها رغم امتلاكها بيانًا عائليًا، وأضافت “عانينا الويل فقدنا اهل وحياة، وحتى أبسط حقوقنا كنا نشحدها شحادة.”

موضحةً أن مع فتح السجون خصوصًا سجن صيدنايا بعد سقوط النظام، ظلّت الأسرة تتشبث بخيط أمل معرفة مصير الزوج لكنّ الأبواب بقيت موصدة، وتابعت “ما تركت فرع ولا مكان إلا دورت فيه وعلى زمن النظام ما عرفت شي عنه”.
ابتسام التي أنهكتها المراجعات، تعترف بمرارة أنها لم تعد تثق بالمنظمات والهيئات “ياما رحنا واجينا ما كنا نلاقي غير حكي وبيانات وكلو فراغ”.
وعن تشكيل الهيئة العامة للمفقودين قالت “قلنا يا رب يمكن يكون في بصيص أمل،بس اليوم حتى هالأمل مات وما بقي غير الذكرى، أنا وابني متنا ألف موتة”.
كما توجّه ابتسام شكرها للإعلام “شكراً إنكن عم تسمعونا نحنا بحاجة مين يتابع وجعنا، قصتي وقصة ابني مثل ملايين القصص”.
وفي نهاية حديثها وجهت سؤالًا مباشرًا للهيئة “وين زوجي؟ مو صار الوقت نعرف مصيرهم؟ لوين وصلتوا؟ النظام كان يقلّي زوجك كلب وفطس طيب إنتو لوين وصلتوا بملفنا؟ نحنا ما بدنا حكي بدنا فعل”.
وتعبّر عن خيبة أمل متراكمة “كلما نسمع إنو نزلت أسماء بمكان، منركض ندوّر وما منلاقي شي، الدولة عينتهم لمهمة، بس وين الشغل؟ شفناهم عم يسافروا طيب هل في نتائج مجدية من ورا هالشي؟ والمهمة اللي توكلوا فيها، مو حقّنا نعرف وين صاروا؟”.
مجلس المعتقلين: “المعرفة حق والعمل واجب”
مع بدء تشكّل المؤسسات الجديدة المعنية بكشف الحقيقة بعد سقوط النظام، برزت تساؤلات واسعة حول فعالية “الهيئة الوطنية للمفقودين” ودورها في هذا الملف الحساس.
في هذا الشأن قال مروان العش، أمين سر مجلس المعتقلين، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إن المرسوم رقم 19 لعام 2025 الخاص بإحداث “الهيئة الوطنية للمفقودين” جاء لتولي مهمة البحث والكشف عن مصير المفقودين خلال الثورة السورية، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بهم، إضافة إلى تقديم الدعم القانوني لعائلاتهم.
كما اعتبر أن هذه الخطوة ضرورية في ظل وجود مئات آلاف المختفين الذين تحوّلوا إلى مفقودين بعد إخلاء النظام المخلوع لمعتقلاته.
وأوضح العش أن الهيئة مُكلّفة بمهام واسعة، أهمها: الحصول على بيانات الأجهزة الأمنية، التعاون مع منظمات محلية ودولية، إنشاء بنك DNA، وتفعيل فرق الطب الشرعي للبحث عن المقابر الجماعية وتحديد هوية الضحايا، مبينًا أن الهيئة شكّلت مجلسًا استشاريًا، لكنها لم تُعلن بعد مجلس إدارتها، رغم توقيعها عدة بروتوكولات تعاون.
وتوقّف العش عند بيان الهيئة الصادر في 20 تشرين الثاني 2025، الذي حذّر من تداول وثائق “غير دقيقة”، معتبرًا أن البيان اتّخذ “عقلية شرطية” دون تقديم أي أدلة أو معلومات واضحة، فيما تجاهل السبب الحقيقي وراء نشر هذه الوثائق، غياب أي شفافية أو بيانات رسمية من الهيئة نفسها.
وأضاف أن تهديد الهيئة بملاحقة أي جهة تعمل في الملف يعكس ذهنية سلطوية لا تناسب مؤسسة حديثة لا تملك حتى الآن أرشيفًا أو معلومات أساسية حول أعداد المفقودين أو مواقع الدفن، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن سوريا تواجه ملف نحو 300 ألف مختفٍ قسرًا، وأن العمل على تحديد مواقع المقابر والبقايا البشرية قد يستغرق بين 10 و15 عامًا وفق تجارب دول مرت بظروف مشابهة.
كما يرى “العش” أن البيان تجاهل قضايا أساسية مثل حماية مواقع السجون ومنع العبث بالأدلة، وأنه قدّم وعودًا مبهمة دون خطة أو جدول زمني.
وشدّد على أن الهيئة لا يمكن أن تحتكر الملف دون امتلاك المهارات والأدوات والشفافية، وأن المطلوب هو أرشيف وطني مستقل يشارك فيه أهالي المفقودين والمجتمع المدني بوصفهم شركاء، لا جهات تحت الاتهام.
وأكد أن عمل الهيئة يجب أن يبقى فنيًا بعيدًا عن السياسة والدعاية، مشيرًا إلى أن العدالة الانتقالية في سوريا تقوم على كشف الحقيقة، ومحاسبة المرتكبين، وتعويض عائلات الضحايا.
ملفات دمشق تثير الجدل
وأكد “العش” على حماية الخصوصية لمعلومات أي مفقود واحترام مشاعر الأهالي وبلسمة جراحهم وما ظهور وثائق وصور جديدة عرفت بـ”ملفات دمشق” وتداولها الإعلام نقلا عن مؤسسات صحفية استقصائية بالتشارك مع مؤسسة NDR الألمانية و ICIG, إلا تأكيد على أهمية عمل الهيئة الوطنية للمفقودين لتلقف المبادرة والعمل المنظم والمؤسسي بالتعامل مع بقية المنظمات والمهتمين بعقلية الشراكة وتبادل الخبرات، لإنجاز خطوة للأمام في ملف المعتقلين المفقودين وإنهاء معاناة العائلات التي لا زالت تبحث عن احبتها ولو قبر للذكرى.
واختتم “العش” حديثه بالتأكيد على أهمية توثيق العائلات لقضايا أبنائها لدى منظمات موثوقة، ومتابعتها قانونيًا، داعيًا بالرحمة للشهداء والفرج للمعتقلين والمفقودين.
الهيئة الوطنية للمفقودين رد مقتضب على أسئلة ملحّة
وفي محاولة لتتبّع ما آلت إليه الجهود الرسمية في ملف المفقودين، تواصل موقع تلفزيون سوريا مع الجهات المعنية بحثًا عن إجابات يمكن أن تقرّب الحقيقة إلى ذوي الضحايا.
ووجّهنا للهيئة الوطنية للمفقودين مجموعة من الأسئلة التي تهدف إلى توضيح الصلاحيات، وآليات العمل، ومصادر المعلومات، وطبيعة التعاون الدولي، إضافة إلى بعض الاستفسار منذ بداية تشكيلها وحول البيان الأخير الصادر عنها.
ورغم أن الهيئة رحّبت بدايةً بطلبنا، مع الإشارة إلى أهمية التعامل مع ملف المفقودين بحساسية عالية وضرورة عدم الانجرار إلى سجالات على مواقع التواصل، إلا أنها عادت لاحقًا وقدّمت ردًا مقتضبًا، أوضحت فيه أنها غير قادرة حاليًا على الإجابة عن الأسئلة الواردة.
وجاء في ردّ الهيئة أنّه لا توجد لديها معلومات إضافية يمكن تقديمها للإعلام في هذه المرحلة، وأن ما هو متاح للرأي العام يقتصر على ما تنشره صفحاتها الرسمية، أو ما يصدر عنها في الفعاليات والمؤتمرات.
في السياق ذاته اوضح المحامي السوري أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، عبر صفحة “فيس بوك”، أن وثائق “ملفات دمشق” قد سُلّمت إلى السلطات السورية منذ نحو ستة أشهر على يد الضابط المنشق، الذي قدّم الصور وقوائم الأسماء دون أي مقابل سعيًا لدعم العدالة ومساعدة أهالي الضحايا في معرفة مصير أحبّتهم.
وأوضح البني أن السلطات باتت تملك كامل المواد، من صور وأسماء، وكان بإمكانها خلال هذه الفترة حسم مصير عدد كبير من الأشخاص الذين ما يزال مصيرهم مجهولًا حتى اليوم.
“العدل السورية ترد”
من جهته، أكد وزير العدل مظهر الويس، الجمعة أن الوزارة تعمل من دون كلل للوصول إلى الحقيقة الكاملة، وحفظ حقوق الضحايا، وتحديد المسؤوليات، ومحاسبة كل من انتهك حق السوري في الحياة والكرامة، وفق قانون واضح ومعايير عدالة لا مساومة فيها.
وجاء تصريح الويس عقب نشر وزارة العدل على معرفاتها الرسمية مقطعاً وثائقياً بعنوان “محاكم الموت”، يكشف في جزئه الأول آلاف الوثائق والأدلة التي حفظتها الوزارة حول جرائم محاكم الميدان والإرهاب في عهد النظام المخلوع.
وقال الويس في منشور على منصة إكس: “هذا الفيديو الذي أضعه أمامكم ونشرته الوزارة ليس إلا خطوة أولى ضمن سلسلة وثائقية تعمل عليها الوزارة منذ أشهر، لتكون نافذة شفافة يطلع عبرها المواطنون على حجم العمل الوطني الدقيق الذي يقوم عليه فريق مختص من القضاة والخبراء والعاملين، يواجهون الملفات الأكثر حساسية في تاريخ سوريا الحديث بصمت وتفانٍ والتزام”.
وشدد على أن “القضية التي نحملها ليست قضية ملفاتٍ وأوراق فحسب، بل قضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون قانونية. قد تكون الإمكانيات محدودة، وقد تكون الطريق شاقة، لكن إيماننا بعدالة هذه المهمة يدفعنا إلى المضي بثبات، وإلى معاملة هذا الملف بما يليق بقدسيته ووزنه الوطني”.
وأشار إلى أن وزارة العدل تعمل بالتعاون مع هيئة المفقودين على بناء آليات عملية للتواصل المباشر مع العائلات، واطلاعهم على كل ما يستجد، وفق منهجية دقيقة تراعي مشاعرهم، وتحترم آلامهم، وتضمن التعامل مع كل معلومة وكل وثيقة بأعلى درجات المسؤولية المهنية والقانونية.
المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى