
التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1947 هو اليوم الذي صدر فيه القرار ذو الرقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الذي وصف بالمجحف من قبل الغالبية العظمى و الساحقة من ابناء شعبنا العربي الحر الأبي من المحيط الى الخليج .
بيد أنه و بعد مرور ثمانية و سبعين عاما على صدور هذا القرار الأممي مازالت التساؤلات مطروحة بقوة عن السبب الذي جعل الدولة العربية المفترض إنشاؤها بموجب قرار التقسيم يكون لها حدود مع جميع الأقطار العربية باستثناء سورية و لا يبدو أن هذه الحلقة الحدودية المفقودة قد استحوذت على تفكير العديد من المراقبين و المحللين بعد انقضاء قرابة ثمانية عقود من ذلك التاريخ .
اليوم تتكشف الحقائق التاريخية الدامغة عن أن سورية كانت مركز انطلاق لكثير من الثوار و المجاهدين الذين التحقوا بثورة اشقائهم في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي و على رأسهم الشيخ عز الدين القسام و سعيد العاص و فوزي القاوقجي ، ليس ذلك فحسب بل كانت مقرا و ملاذا و موئلا للعديد من زعماء الثورة الكبرى التي اجتاحت عموم فلسطين السلبية بين العامين 1936 و 1939 و على رأسهم سماحة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رحمه الله تعالى رئيس الهيئة العربية العليا و عبد الرحيم الحاج محمد المكنى پابي كمال قائد الثورة في منطقة نابلس جبل النار .
لذا لم يكن مستغربا أن يبادر الصهاينة إلى حشد وحدات النخبة في قواتهم على الحدود السورية الفلسطينية في حرب العام 1948 من قوات البالماخ التي تدربت في الحرب العالمية الثانية في صحراء مصر الغربية ضمن إطار ما يعرف بالفيلق اليهودي الموالي للحلفاء في مستعمرتي دجانيا و سمخ جنوب بحيرة طبريا لمنع الجيش العربي السوري من إيجاد موطيء قدم لها هناك و أن يكون موشيه ديان وزير الحرب في الدويلة العبرية المسخ على رأس هذه القوات .
لقد شكل تدفق السلاح عبر الحدود السورية الفلسطينية هاجسا يقض مضاجع العصابات الصهيونية في فلسطين منذ ثلاثينات القرن الماضي و لا يوجد ما هو أوضح دليلا على ذلك من تردد رئيس الياهو بن ساسون رئيس القسم العربي في الوكالة اليهودية الذي شغل منصب رئيس استخبارات منظمة الهاجاناه على دمشق الفيحاء في تلك الحقبة الزمنية و نسجه أوثق العلاقات مع جليبرت ماكيرث القنصل البريطاني العام في دمشق حينها في محاولة لإيجاد حل لهذه المعضلة المؤرقة لكلا الطرفين علما بأن ماكيرث هذا يعتبر التجسيد الحقيقي لشخصية جيمس بوند ال M.I.6 كما وصفته العديد من المراجع التاريخية .






