وجّه نشطاء حقوقيون وإعلاميون وسياسيون وضباط منشقون ومهندسون وأطباء وفنانون وكتاب سوريون “نداءً عاجلاً وسريعاً ” للكشف عن مصير المعتقلين في سجون قوات النظام السوري، لا سيما سجون الفصائل العسكرية، مشددين على ضرورة إطلاق سراحهم، وعدم ربط هذه القضية بأي قضية أخرى من قضايا الحل السياسي في سورية.
وناشد الموقعون على النداء (البالغ عددهم 465) “الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية التي تتبنى مبادئ مماثلة لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (إعلان القاهرة 1990)، والمؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية، من أجل العمل السريع والفوري للكشف عن مصير المعتقلين لدى النظام السوري، والعمل على إطلاق سراحهم، وعدم ربط هذه القضية بأي قضية أخرى من قضايا الحل السياسي، أو تركها كأداة من أدوات الصراع”.
ويرى الموقعون على النداء أنّ “قضية المعتقلين ينبغي ألا تخضع للاصطفافات السياسية، بل للمعايير الوطنية، وفي المقام الأول للمعايير الإنسانية الموثقة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خصوصاً المواد 3 و5 و9 و10 و11، بالاضافة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب”، مُشيرين، في البيان الصادر عنهم، إلى أنّ “قضية المعتقلين هي مأساة، لا تتعلق فقط بالمعتقل نفسه كفرد، بل هي مأساة جماعية تعيشها أسر المعتقلين بشكل يومي، حيث تعاني من عدم معرفة مصير ذويهم، ولا تعرف إن كانوا على قيد الحياة أو تم انتهاك حياتهم بشكل نهائي”.
وطالب الموقعون “كل سوري مؤمن بحق الحياة، وما يترتب عليه من حقوق، أن يوقع على هذا النداء، بعيداً عن أي انتماء سياسي أو ديني أو عرقي، كخطوة في طريق النضال السوري من أجل بناء دولة الحريّات والقانون والمواطنة”.
وذكر الموقعون أنه “على الرغم من وجود عدد من المسارات المعنية بالحلّ السياسي في سورية، والتي لم تقدّم انفراجاً ملموساً في أيّ من الملفات الرئيسية، بقيت قضية المعتقلين والمعتقلات في السجون السورية شبه غائبة”، مشددين على أنّ “القضية تخضع لعملية التفاوض، جاعلة من المعتقل/ة رهينة”، موضحين أنّ “الكشف والتوثيق المستمر للمعتقلين لم يؤد لأي ضغط على النظام السوري من أجل إطلاق سراحهم، أو في الحد الأدنى الكشف عن مصيرهم، بدءاً من أماكن اعتقالهم، وصولاً إلى حالاتهم الصحية، أو أسماء من لقوا حتفهم”.
من جهته، لا يعتقد الكاتب الصحافي أحمد مظهر سعدو، وهو أحد الموقعين على النداء، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّه “من الممكن لأي إنسان سوري ما زال بين جوانحه ضمير إنساني أنّ يغيب عن مخياله يوماً أحوال المعتقلين في أقبية النظام الأسدي، حيث المعاناة الأشد والأكثر قسوة”، مُشيراً إلى أنّه “لا يجب أن تترافق بيانات وحملات شعبية من أجل إطلاق سراح المعتقلين مع أي مناسبة أو استحقاق (…) مع ذلك، فمن الممكن أنّ بعض من عملوا على هذا البيان أو من وقعوا عليه كان في تصورهم أن يكون البيان مقدمة تحريكية”.
ولفت سعدو إلى أنّ “هذه الفكرة لا ضير فيها باعتبار أنّ هناك لجاناً كانت قد انبثقت من قبل لتحريك قضية المعتقلين وإنجاز ما يمكن إنجازه من أجلهم، في وقت ما بقي فيه النظام يمسك بهذا الموضوع ويُصر على المساومة عليه لتحصيل مصالحه، ومنها قضية التبادل كما يسميها، مع الفارق الهائل بين من تحتجزهم كل أطراف المعارضة المسلحة، ومن هو في حوزة النظام من مئات آلاف المعتقلين السوريين السلميين أو المغيبين”.
ويرى الكاتب الصحافي أنّ “هذا النداء سيبقى حياً وحيوياً ما دام هناك معتقل سياسي واحد في سجون الطغيان الأسدي، فلا توقف له، ولا نهاية في كل الأحوال، ولا يمكن أن يتراجع الشعب السوري عن مسألة هي أساساً فوق تفاوضية، وهي إنسانية بامتياز، بينما يحاول النظام ومن معه من روس وإيرانيين تسييسها وربطها بمسائل أخرى كإعادة الإعمار أو ما شابه ذلك”.
وبحسب البيان، فإن “خمساً وخمسون ألف صورة عرفت باسم (صور قيصر) وثّقت 6786 حالة وفاة تحت التعذيب في السجون السورية، وهو ما أقرّت به منظمة “هيومن رايتس ووتش”، لكن العدد الحقيقي للضحايا يبقى غير معروف”، مؤكدين أنه “تم توثيق أسماء أكثر من 150 ألف معتقلة ومعتقل سوري، معظمهم في سجون النظام السوري، وجزء آخر منهم لدى الفصائل المسلحة بمختلف توجهاتها الأيديولوجية”.
ويختتم الموقعون على البيان بتأكيدهم أنّ “الاعتقال كان ولا يزال جزءاً رئيسياً من منظومة الاستبداد، وآلية لمنع أي تغيير في المجتمع، ومحافظة سلطات الأمر الواقع على مصالحها ومواقعها”.
المصدر: العربي الجديد