بكل الاعتبارات ومن قبل الأطراف كلها، تعتبر معركة درعا الراهنة هي الفاصلة في ميزان الملف السوري، وفي مسار الحراك الثوري الذي انطلق قبل أكثر من عشر سنوات من هذه المدينة تحديدا.
إنها مربط الفرس، النظام يريد بسط هيمنته على مدينة درعا، وعلى محافظة درعا، ويعتبر انجاز هذا الأمر هدفا يؤذن بالقضاء على الثورة السورية حيث لا يتبقى بعرفه إلا تلك المناطق التي تحميها قوات لدول أجنبية : إدلب والشمال الواقعة تحت الحماية التركية بشكل مباشر أو غير مباشر، وفيها قوات المعارضة على اختلاف مسمياتها.
وشرق الفرات والجزيرة الواقعة تحت الحماية الأمريكية وفيها الجماعات المسلحة الكردية الانفصالية.
النظام السوري يريد انهاء الوضع في درعا انهاء تاما، وبشكل يمثل اذلالا للسوريين ، معتقدا أن في ذلك عبرة لكل قوى المعارضة، وبحيث يختم القول بأن ثورة الشعب السوري كانت مؤامرة، وأن ما يقوم به هو وأد لهذه المؤامرة في أبرز معاقلها.
مخطط النظام واستهدافاته، واضحة، ويعينه عليها حلفاؤه من الميليشيات الطائفية الممثلة بحزب الله، والمرتزقة الايرانيين.
وكما كانت درعا هي عنوان الحراك الثوري ومبتدؤه، فإنه مكتوب عليها، وعلى أهلها، ومناضليها وعشائرها، أن تكون هي الممسكة الآن بشعلة هذا الحراك لا تساوم عليها ولا تتنازل عليها.
ما من خيارات مقبولة مطروحة أمام الدرعاويين إلا الصمود والمواجهة، بديلا عن القتل والقهر وانتهاك الأعراض والتشريد. والتهجير من الوطن والديار.
وعلى السوريين جميعهم دعم درعا في هذه المواجهة:
** مهم إلى أقصى حد أن يقف جبل العرب بكل قوته إلى جانب درعا، مدافعا عنها، مادا لها يد المساعدة، مشاركا في مواجهة طاغية الشام وقواته.
وهذا الموقف المنتظر من جبل العرب، بقدر ما هو انتصار لدرعا، بقدر ما هو دفاع عن الجبل نفسه.
فما إن تحقق قوات النظام تقدما حقيقيا على جبهة درعا، فإنها ستتجه إلى السويداء وجبلها الأشم لتخضعه، ولتذيق أهله الذل والهوان.
** مهم إلى أقصى حد أن نسمع موقفا من الفيلق الخامس الذي تشكل في إطار ما سمي بالمصالحة في درعا وما حولها، والذي اعتبر حينها حصنا وأمانا من تغول قوات النظام، والفرقة الرابعة وألويتها وأفواجها، وذلك برعاية وتعهد روسي
والموقف المرتقب من هذا الفيلق، إذا تحقق فإن من شأنه أن يقدم مؤشرا على إمكانية تحقيق خرق في جدار المواجهة المسلحة الصفرية بين قوات النظام، وبين تشكيلات وفصائل الثورة.
ولا عتبار أن تشكيل هذه الفرقة اعتمد اساسا على مقاتلي المعارضة في جنوب سوريا، فإن المواجهة الراهنة هي الاختبار الحقيقي لهذه الفرقة ودورها ومستقبلها.
** مهم جدا أن تتحرك جبهة فصائل المعارضة في مناطق ادلب وحماة انتصارا لثوار درعا، وتوكيدا على أن الحراك الثوري السوري واحد، واستشعارا عمليا بالخطر الذي ينتظر هذه الفصائل إن استتب الأمر لقوات النظام في الجنوب السوري.
** مهم إلى أقصى حد أن يتحرك السوريون في الخارج جميعا اعلاميا وسياسيا، وشعبيا، لتسكيل قوة ضغط معتبرة، لتنبيه كل القوى المؤثرة إلى خطورة الوضع في درعا، ولتسليط الضوء على مسؤولية روسيا إزاء هذا الوضع باعتبارها قد نصبت نفسها راعية للتسوية هناك وضامنة لها.
** مهم أيضا أن يستشعر الشارع الأردني خطورة ما يجري في الجنوب السوري على أمن الأردن نفسه، باعتبار وحدة المنطقة بين البلدين عشائريا، وانسانيا، وأمنيا.
** ولعل ما صدر عن عشائر درعا من نداء وتوجيه الى عناصر وعسكريي قوات النظام بأنهم ليسوا مستهدفين من أهالي درعا، وبأن النظام يزجهم في معركة لا يجوز أن يزجوا فيها، وبأن الأصل والواجب أن يكون موقفهم مع أهالي درعا وضد نظام القتل والارهاب الذي يمثله نظام بشار الأسد ، يدل على وجود قيادات درعاوية شعبية واعية لطبيعة المعركة. ولمسؤوليتها الوطنية تجاه بلدها، وتجاه الوطن بكل مكوناته.
** ودرعا في مواجهة اليوم لا تطلب قتالا، وإنما تصد عدوانا، وهي تتطلع الى وقف شامل لإطلاق النار، وإلى وقف لعمليات القصف التي تطال مدينة درعا والكثير من بلداتها، كذلك تتطلع الى مرحلة هدوء وسلام تمتد إلى حين تنطلق عملية تسوية شاملة مستندة الى قرارات الشرعية الدولية، بكل مكونات هذه القرارات. وترى أن هذا هو السبيل الوحيد لانهاء معاناة الشعب السوري كله.
درعا تنادي الجميع، وهي تستند إلى حائط العزة. الكرامة، والوطنية، وتدعوا الجميع أن يشاركوها هذا الموقف لإعلاء كلمة الحق وكرامة الوطن والمواطن، ولإبقاء شعلة الأمل بمستقبل حقيقي آمن متوهجة.