
دخلتُ معسكر الصمت
لأن الطبيب لم يجد علاجًا
لثرثرتي
سوى هذا.
عند الباب
سألني الموظف:
«هل أنت متأكد أنك تريد الدخول؟»
قلت:
«نعم».
قال وهو يبتسم بشفقة:
«إذًا سلّم لسانك…
قد لا تتعرف عليه عند الخروج».
في الداخل
وجدتُ مفاجأة غير متوقعة:
المكان مليء بالمثقفين.
مثقفون بلا كتب،
بلا جمهور،
وبلا أسئلة ذكية.
جلستُ قرب رجل
يحمل دفترًا فارغًا
ويقلّب صفحاته
كأنه يقرأ أفكاره.
همس لي:
«هل لاحظت؟
لا أحد هنا يعرف
أنني مفكّر».
في الزاوية
كان شاب
يشرح بيديه
نظرية سياسية معقدة
لشجرة.
الشجرة لم تعترض.
بعد أيام
بدأت أعراض الانسحاب تظهر.
أحدهم أصيب برعشة
كلما رأى شخصًا جديدًا
ولا يستطيع أن يقول له
«أنا أختلف معك جذريًا».
آخر حاول
تنظيم ندوة صامتة،
جلس على كرسي
وحدق في الجميع
بانتظار التصفيق.
لم يأتِ.
في اليوم العاشر
تجرأ أحدهم
وقال بصوت خافت:
«الصمت
مؤامرة ضد حرية التعبير».
فكّر طويلًا
ثم صمت مجددًا.
عند الخروج
أعادوا لنا ألسنتنا
بعد أن عقّموها.
حذّرونا:
«استخدموها عند الحاجة فقط».
في الخارج
أول مثقف قابلته
قال لي فورًا:
«تجربة ثرية
غيّرتني جذريًا».
ثم بدأ يشرح
التجربة
لمدة ساعة.
فهمتُ حينها
أن معسكر الصمت
لا يُصلح الثرثارين،
هو فقط
يعطيهم
مادة جديدة
للكلام.






