قبيل انتهاء مهلة اتفاق آذار.. لماذا يطرح عبدي إشراك الدروز والعلويين في التفاوض؟

محمد كساح

يمكن النظر إلى مطالبة قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، بإشراك الدروز والعلويين في الاجتماعات التي ستنعقد قريبًا في دمشق، كمحاولة لتوسيع المروحة السياسية من خلال إشراك باقي المكونات في مطالب الإدارة الذاتية، الأمر الذي يُعد كسرًا لاتفاق آذار الموقع بين عبدي والشرع، والذي ينطبق فقط على قوات سوريا الديمقراطية التي يمثلها عبدي.
مشاركة ممثلين عن الدروز والعلويين
وقال مظلوم عبدي في تصريحات لوكالة “ميزوباتاميا”، إن الحكومة السورية هي من تعطّل اتفاق 10 آذار/مارس، وإن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا يعرفون التزام “قسد”، بينما الطرف الآخر هو من يعطّل المسار.
وأكد أن أي اتفاق محتمل مع الحكومة السورية لن يكون ممكنًا ما لم ينص الدستور السوري بوضوح على حقوق الأكراد، مضيفًا أن دمشق تريد حلّ القضايا العسكرية والأمنية أولًا، ثم الانتقال إلى الدستور والحكومة المشتركة لاحقًا، معتبرًا أن هذا النهج خاطئ، لكن الحكومة تُصر عليه.
وطالب عبدي بمشاركة ممثلين عن الدروز والعلويين في أي اجتماعات تُعقد مع دمشق، مؤكدًا أن المطالب المتعلقة بمناطق شمال شرق سوريا، “نُطالب بها أيضًا للساحل السوري والسويداء”.
وتعليقًا على هذه التصريحات، ينظر الباحث في العلاقات الدولية والشأن التركي، د. مهند حافظ أوغلو، إلى مطالب مظلوم عبدي على أنها بمثابة “الهروب إلى الأمام”، نظرًا لأن اتفاق آذار/مارس 2025 لا ينص على إشراك باقي المكونات بل هو خاص بقوات سوريا الديمقراطية.
ويشير خلال حديث لـ”ألترا سوريا” إلى أن مثل هذه الدعوات تجعل احتمالية تلقي الطرف الكردي السوري لأوامره من الخارج فرضية صحيحة، وبالتالي، ربما يكون الهدف هو عدم تنفيذ أي اتفاق جرى بين دمشق والجانب الكردي.
يتابع حافظ أوغلو أنه في ضوء هذه المعطيات لا يمكن الحديث عن أي تقدم في تنفيذ اتفاق آذار/مارس، معتبرًا هذا الاتفاق بمثابة “فخ لدمشق”. وبناء على ذلك، يرى أن “هذا الاتفاق بحكم المنتهي عمليًا خاصة وأنه ولد ميتًا أصلًا”.
دمشق لن تقدم أي تنازلات
ويوضح بأنه لن يكون هناك استقرار في سوريا ولا في لبنان ولا في العراق ما لم ينتهي ملف قسد بشكل مباشر وكامل، مؤكدًا دخول هذا الملف مرحلة خطيرة حيث تحاول إيران من خلال قسد وقسم من المكون الدرزي خلق نوع من التحايل الإعلامي على دمشق، لكنها خدعة مكشوفة لن تنطلي على الحكومة السورية، وفقًا لتعبيره.
ويرى حافظ أوغلو أن “دمشق في مواجهة هذه التصريحات وهذه المماطلة في تنفيذ الاتفاق لن تُقدم على أي تنازلات، ويؤكد هذا الموقف تصريح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي قال بأن دمشق قدمت كل ما يجب تقديمه، حيث يأتي التصريح كرسالة صارمة تطلب ألا ينتظر أحد من دمشق أكثر مما قدمته، فإما أن تكون المواطنة هي السقف الذي تنخرط فيه كل هذه الأقليات والكل أمام القانون في الحقوق والواجبات سواء، أو سيكون البديل هو العمل العسكري”.
الشيباني: فعلنا كل شيء لإتمام الاتفاق
سبق تصريحات مظلوم عبدي، تصريحات لوزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، أكد فيها أن الحكومة فعلت كل شيء من أجل إتمام اتفاق 10 آذار. وقال الشيباني في تصريح صحفي إن الاتفاق الذي جرى مع “قسد” مدعوم من الأميركيين بشكل كبير جدًا، وإنه أول اتفاق قبلت به دولتان كانتا دائما مختلفتين حول الموضوع، هما تركيا والولايات المتحدة، مؤكدًا أن الحكومة كانت منطقية بالاتفاق وبمقاربتها تجاه “قسد”.
وتابع الشيباني: “كحكومة سورية، ماذا أفعل مع قسد أكثر مما أفعله حاليًا؟ إذ يوجد اتفاق، يوجد احترام، يوجد إيمان بالمشاركة، يوجد التزام بحقوق الأكراد، يوجد حتى وساطة مع تركيا، أنا أحل لك مشكلتك مع تركيا. حتى إذا كان لديك أتراك مطلوبون، أنا أتحدث مع تركيا لتصدر عفوا عنهم ليعودوا”.
وأردف: “نحن سرنا بالتنازلات أو بالتسهيلات للأخير، نحن جاهزون لكل ما تريده فقط تعال لنتجاوز هذه المرحلة وتكونوا جزءًا ونسير. لا نريد أن نتوقف عند هذا الموضوع بصراحة. ولو كان النظام أعطاهم 20 في المئة (من المعروض) كانوا وافقوا، نحن اليوم مع احترام وتبنٍ من الرئيس أحمد الشرع لكن لم تتم الأمور”.
توسيع الاتفاق.. قراءة خاطئة
من جانبه، يرى الكاتب السياسي أحمد مظهر سعدو أن تصريحات مظلوم عبدي حول إشراك الأقليات في مفاوضات دمشق القادمة، تشكل محاولة لإغراق الحكومة السورية في التفاصيل، مع اقتراب موعد الانتهاء من تطبيق اتفاق 10 آذار، مشيرًا خلال حديث لـ”ألترا سوريا” أن “مظلوم عبدي يحاول أن يبعثر الأوراق ويمنع احتمالات تطبيق الاتفاق، وهي محاولة بائسة لحشد آخرين معه وصولًا إلى مطلبه وهو اللامركزية السياسية المفترضة”.
وينظر سعدو إلى التصريح باعتباره محاولة لتوسيع نطاق المفاوضات لتشمل سائر الأقليات، لكن هذه المحاولة ناتجة عن قراءة خاطئة للمشهد السياسي الجديد بعد انفتاح دمشق على واشنطن الذي كرسته زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض، ما يجعل طرح عبدي “أقرب إلى الوهم الذي لن يحدث مطلقًا لأنه يتجاهل حيثيات وأبعاد الملف وتشعباته”.
توسيع المروحة السياسية بهدف الضغط
ومن جانب آخر، لا يستبعد سعدو أن يكون الهدف من التصريحات هو الضغط على دمشق لدفعها نحو تقديم تنازلات والموافقة على مقترحات وفد الإدارة الذاتية كمطلب شامل لكل المكونات وغير خاص بالإدارة الذاتية فقط، “حيث يحاول عبدي توسيع المروحة السياسية عندما وجد نفسه محاصرًا وعاجزًا عن فعل ما يريد، خاصة بعد صدور تصريحات هامة من شخصيات كردية وازنة تعول على الدولة الوطنية السورية ووحدتها”.
المصدر: ألترا سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى