مدخل تعريفي ب د جمال الأتاسي في السياسة السورية.
د جمال الأتاسي مفكر وقائد سياسي سوري مواليد ١٩٢٢م. درس الطب النفسي في فرنسا. من مؤسسي حزب البعث مع ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار. تخلى عن البعث بعد الوحدة المصرية السورية وحصول الانفصال. واصبح احد اهم الوجوه الناصرية في سورية. حيث رفض الانفصال و إسقاط الوحدة عام ١٩٦١م ووقف موقفا نقديا من انقلاب البعث عام ١٩٦٣م. وكيف استأصل الانقلابيون البعثيون الضباط الناصريين من الجيش وتم إحباط محاولة جاسم علوان الضابط الناصري بالسيطرة على الحكم في سوريا…
قام د جمال الأتاسي ومعه وجوه سياسية ذات توجه ناصري بإنشاء حزب الاتحاد الاشتراكي العربي في سوريا عام ١٩٦٤م. حدث التأسيس في بيروت واستلم جمال الأتاسي الأمانة العامة للحزب الجديد بعد عدة سنوات من التأسيس وهو الحزب الذي أصبح أحد أهم الفاعلين من قوى المعارضة السورية التي بقيت تواجه استبداد نظام البعث منذ ١٩٦٣م حتى الآن…
كان الهدف الأساسي لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي وبعض الأحزاب الناصرية الاخرى التي تشكلت في ذات الفترة هو اعادة الوحدة المصرية السورية. وكانت استراتيجية النظام البعثي الجديد تسير على محورين الأول هو استمرار مغازلة الأحزاب الناصرية وعلى رأسهم الاتحاد الاشتراكي لمعرفتهم بمقدار حضورهم داخل الجماهير السورية ذات الهوى الناصري الوحدوي. أما المحور الآخر لسياسة البعث هي حل مشكلات البيت الداخلي لهم، حيث الصراع بين اللجنة العسكرية للحزب وكان رموزها صلاح جديد وحافظ الأسد. بمواجهة القيادة التاريخية المدنية للحزب ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار. انتهت عام ١٩٦٦م بانقلاب داخلي للجناح العسكري ضد القيادة المدنية للحزب. حيث طرد عفلق والبيطار خارج سوريا. وسيطر الثنائي الاسد – جديد على الحكم في سوريا. وسرعان ما حصلت بينهما صراعات السلطة والهيمنة. تم في نهايتها تحييد صلاح جديد وهيمنة الأسد على سوريا بالمطلق بعد انقلاب ١٩٧٠م…
كان الأسد براغماتيا مصلحيا في تعاملاته السياسية. ادعاء المبدئية مجرد واجهة تخفي حقيقة سياسته القائمة على استئصال السياسة المعارضة في سورية وجعل سوريا جمهورية الاستبداد والقمع البعثي حيث بدأ يحول السلطة السورية لتكون أداة يتحكم بها الأسد من خلال توجهه الطائفي المبكر للتغلغل في الجيش والأمن وكل مفاصل الدولة… وبعد سنوات اصبح ما أراده امر واقع أردفه بقوات عسكرية طائفية علوية بقيادة أخيه رفعت الأسد بمسمى سرايا الدفاع. التي سيكون لها دور في كل المجازر التي قام بها الأسد طوال فترات حكمه.
أما بالنسبة لتعامل حافظ الأسد مع القوى السياسية الأخرى التي كان لها حضور في السياسة السورية وأهمها كان الناصريون وحزبهم الاتحاد الاشتراكي وأمينه العام د جمال الأتاسي. وكذلك الحزب الشيوعي وبعض الأحزاب الأخرى …
كان الأسد مدركا الحضور الشعبي للناصرية وكيف استطاع الاتحاد الاشتراكي تأطيرها تنظيميا. وأن الأفضل له احتواءها بدل الصدام معها في بداية حكمه بعد انقلابه على رفاقه عام ١٩٧٠م. خاصة أنه فقد مصداقيته البعثية سواء تجاه القادة التاريخيين للحزب أو تجاه صلاح جديد أمين عام حزب البعث المعين بعد حركة ١٩٦٦م …
تواصل حافظ الأسد مع القيادات الحزبية الأخرى الموجودة في سوريا وخاصة الاتحاد الاشتراكي وأشاع أنه ذو هوى ناصري وأنه اخفى ذلك عن رفاقه لكي لا يستأصلوه. وأنه بحاجة لامتداد الناصرية الشعبي ليثبت حكمه ولكي ينفذ اجندة توافقية كانت قد طرحتها القوى الناصرية والقومية وهي بناء جبهة وطنية تقدمية لقيادة سوريا بشكل جماعي وليس لسلطة البعث لوحده. أعلن الأسد قبوله المبدئي في بناء جبهة وطنية تقدمية وأشاع بدء حوار جدي بين قيادة الأحزاب القومية الاشتراكية. حزب البعث والاتحاد الاشتراكي بقيادة جمال الأتاسي و الوحدويين الاشتراكيين والاشتراكيين العرب والحزب الشيوعي السوري وغيرهم. واستمر ذلك حتى عام ١٩٧٢م. تاريخ اعلان تأسيسها. وكان الأسد في ذات الوقت يعمل لكتابة دستور سوري جديد…
وما ان ظهر الدستور الجديد لسوريا المتضمن ان حزب البعث قائد الدولة والمجتمع وان حافظ الأسد رئيس البلاد المتحكم في الحكم بشكل مطلق. وأن أحزاب الجبهة ليسوا الا شهود زور مهمتهم تغطية تصرفات النظام وأن الحكم في سوريا ديمقراطي شعبي مجرد ادعاء…
وما أن اكتشف د جمال الأتاسي وبعض قادة الأحزاب الأخرى المنضوية في الجبهة واقع دورهم السياسي. حتى خرجوا من الجبهة بشكل جماعي…
خرج الاتحاد الاشتراكي بقيادة جمال الأتاسي وبقي بعض المنتفعين ضمن الجبهة مع النظام بذات الاسم. كذلك الحزب الشيوعي السوري الذي خرجت اغلب لجنته المركزية وعلى رأسهم رياض الترك. وكذلك الاشتراكيين العرب خرج منهم أغلب قادتهم…الخ. واستمر البعض من الأحزاب مع النظام في جبهته الوطنية التقدمية.
لم يكن يعني الاسد والنظام من الجبهة الوطنية التقدمية التي أنشأها الّا رمزية وجودها. لذلك حافظ عليها وحاصر الأحزاب المنشقة عنها وهي تمثل البنية الأكبر من كتلة الأحزاب في قياداتها وقواعدها. اختلفت شدة النظام تجاه الأحزاب المعارضة حسب درجة حضورها الشعبي ودرجة عدائها العلني للنظام. فقد اعتمد على استراتيجية العقاب للقوى التي تتحرك ضد النظام. وليس من يضمر عداؤه لها. لإدراكه أن الشعب السوري بأغلبية ضد النظام…
انقضت الفترة بين إعلان الجبهة الوطنية التقدمية كأحد أدوات النظام. وصدور الدستور الجديد وترسيخ سيطرة النظام في الحزب والجيش والأمن…
كان قد بدأ الإسلاميين الجذريين المنتسبين للإخوان المسلمين بقيادة مروان حديد بمواجهة النظام البعثي الجديد منذ الستينات في حماة بشكل أساسي. حيث اعتقل مروان حديد وتم القضاء على الحراك. وسرعان ما عاد الحراك الإسلامي للطليعة المقاتلة التي دعمت من العراق ضد نظام الأسد في السبعينات للقيام بعمليات مسلحة اغتيالات وتفجير ومعها بعض البعثيين المنتسبين لبعث العراق. وبدؤوا عمل عسكري على شكل تشكيلات مسلحة ضد النظام. غطت سنوات السبعينات وأوائل الثمانينات. ..
كان رد فعل النظام شرسا جدا واستئصاليا قتل الناشطين وحاضنتهم الاجتماعية راح ضحيتها عشرات الالاف في حماة وحلب وجسر الشغور وغيرها من المدن السورية. ولم يكتف النظام بضرب القوى التي تحركت ضده بل اطاح بكل القوى الوطنية الديمقراطية نسبيا كما أطاح بالنقابات المهنية المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني بشكل شامل…
كانت مواقف القوى الوطنية الديمقراطية من الصراع الحاصل بين النظام والقوى المواجهة له متفقة من أنها ضد النظام الاستبدادي دون ادنى شك. لكن لم تكن تقبل بالأجندة الإسلامية للطليعة المقاتلة وحلفاؤها. كان موقف الاتحاد الاشتراكي بقيادة جمال الأتاسي مع الخيار الوطني الديمقراطي في سوريا وكذلك اغلب الاحزاب الاخرى. ومع ذلك لم يسلم كثير من كوادرها من الاعتقال سواء بصفتهم الحزبية او لكونهم قاموا بنشاط ما ضد النظام مثل توزيع البيانات خاصة البيان الذي صدر باسم التجمع الوطني الديمقراطي في أحداث الثمانينات وكان بطش النظام اقوى على أغلب كتلة الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي بقيادة رياض الترك حيث اعتقل اغلب كوادرها وتوارى من تبقى وغادر بعضها سوريا. حيث اعتقل رياض الترك لسنوات طويلة. كانت التهمة عند النظام لهم أنهم تحالفوا مع الإخوان المسلمين وحزب البعث العراقي لاسقاط النظام في أحداث تلك الفترة…
بالعودة إلى الفترة التي تلت انشقاقات الاحزاب المعارضة للنظام والتحاق بعضها بالجبهة الوطنية التقدمية التابعة للنظام في بداية سبعينات القرن الماضي. استمر د جمال الأتاسي التواصل مع قادة الاحزاب المعارضة للنظام فيما بينهم يبحثون عن رؤيا مستقبلية حول كيفية مواجهة استبداد النظام السوري ودفعه للسير في الخيار الوطني الديمقراطي.
الدراسة المطولة التي بين أيدينا هي رسالة ذات طابع فكري تنظيري من جانب وهى ايضا مادة حوار أولية حول رؤية استراتيجية يتبناها التحالف المزمع تشكيله الذي سيعلن تشكيل التجمع الوطني الديمقراطي من الاتحاد الاشتراكي بقيادة جمال الأتاسي والحزب الشيوعي السوري المكتب السياسي رياض الترك والاشتراكيين العرب يحيى عياش وحزب البعث الدسنقراطي صلاح جديد وحزب العمال الثوري العربي.
استمر التجمع الوطني الديمقراطي يقود الحالة المعارضة السورية ضد النظام منذ تأسيسه الى الآن مع ملاحظة التغيرات الكثيرة التي اصابته واصابت المشهد السوري…
وبما اننا نتابع د جمال الأتاسي ودوره الحزبي والسياسي في سوريا. فقد كان موقف التجمع واضحا من أحداث السبعينات والثمانينات في سوريا. رفض الاستبداد ورفض الخيار العنفي لجماعة الطليعة وخيارها السياسي لبناء دولة دينية في سوريا. كان الخيار الديمقراطي كمطلب وممارسة هو أساس حراك التجمع طوال عقدي الثمانينات والتسعينات. مع ارتفاع وتيرة المواجهات مع النظام أحيانا التي أدت عبر هذه السنوات إلى اعتقالات لكثير من كوادر الأحزاب المعارضة ومنهم اعضاء في الاتحاد الاشتراكي…
استمر المشهد السياسي السوري على حاله طوال هذه الفترة. حيث استطاع النظام استئصال السياسة من المجتمع. ومنع الاحزاب المعارضة من تنسيب كوادر لها من الطلبة أو الجيش. والزام كل موظف ان يكون بعثيا. هذا غير القمع والاعتقال والتغلغل الأمني في بنية المجتمع السوري بحيث أصبحت السياسة لعب في النار وأصبحت ظاهرة نخبوية وثمنها غال عند من يتورط بها…
استمر د جمال الأتاسي في موقعه الحزبي أمينا عاما لحزب الاتحاد الاشتراكي. واستمر بموقعه القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي. واستمروا كتجمع وطني ديمقراطي بدورهم المعارض. سواء بإعلان المواقف من أي متغير سوري او من خلال النشر الدوري الذي يعبر عن موقفهم سواء في دورية الاشتراكي العربي أو الموقف الديمقراطي.
استمر د جمال الأتاسي في موقعه ودوره حتى وفاته عام ٢٠٠٠م. رحمه الله….
لا تعليق لانني اعتقد ان ماوصل اليه الانسان العربي بشكل عام من جهل سياسي وفكري وانحطاط وأستغلاله من قبل المستعمرين وتسلط حكام دكتاتوريون ومجرمون وعلى الرغم من وجود مقدرات اقتصاديه وطاقه بشريه هائلة سببه وجود احزاب متناحره وضعيفه .
كتاب: “الحوار مقدمة العمل” والديمقراطية غاية وطريق. || والثورة العربية مازالت ثورة وطنية ديمقراطية مسيرة الدكتور جمال الأتاسي ودوره الحزبي والسياسي في سوريا.، بقراءة الجزء الأول من قبل المبدع “احمد العربي” أتقن نقل الأفكار الأساسية للممارسة الديمقراطية لحزب الاتحاد الاشتراكي منذ تشكيله 1964 دوره بممارسة العمل السياسي الجبهة الوطنية التقدمية و التجمع الوطني الديمقراطي .