ينطلق موقع “ملتقى العروبيين ” في يوم يوافق ذكريين مهمتين: الذكرى الثانية والستون لقيام أهم تجربة قومية في تاريخ العرب المعاصر، الوحدة المصرية– السورية، أو الجمهورية العربية المتحدة، (22_ 02_ 1958). ونحن اليوم، أيضًا، على أعتاب الذكرى التاسعة لانطلاقة الثورة السورية المباركة، في منتصف آذار/ مارس 2011، والتي ما زالت مستمرة.
لا يخفى على الجميع أن بين الحدثين المفصليين، روابط مهمة على ما بينهما من تباعد زمني يمتد لأكثر من ستة عقود، خلال قرنين شهد العالم فيهما تحولات عميقة وتبدلات كونية شاملة. فتجربة “الوحدة” التي أتت في ذروة نضال العرب لإنجاز دولتهم القومية تجسيدًا لروابط التاريخ، والجغرافيا، والثقافة، والانتماء، والهوية قد تراجعت للأسف، وسادت محلها اقتتالات عنفية عبثية خطيرة، في أحد أبرز عناوينها الصراع على هوية الوطن العربي وأقطاره، وتحديدًا في سورية التي استنهضت فيها الصراعات هويات مصطنعة، وقاتلة، وكلها ما دون وطنية، وبعضها عابرة للحدود والسيادة، يحيق بها مخاطر جمة تستهدف كيانها ووجودها، ما يجعلنا أشد إيمانًا وتمسكًا بضرورات إقامة دولنا الوطنية على أسس ديمقراطية، وحداثية، غير منفصلة عن محيطها، وفضائها الواسع، مؤثرة فيه، ومتأثرة به .
إن “ملتقى العروبيين السوريين “،وهذا المنبر الإعلامي الرحب، الذي يمثل صوته، ويحمل اسمه، يهمه في يومه الأول التأكيد على أن انتماءه الوطني، والتزامه بالمبادئ الأساسية لثورة الشعب السوري العظيمة وأهدافها، وتمثل منهاجًا لعمله وتوجهه، وتمسكه بوحدة سورية أرضاً وشعباً، والتي تشكل الهوية العربية أهم خصائصها الأساسية، والتي قامت عليها، وربطت مكوناتها المجتمعية المختلفة بناءً على مقتضاه.
أيضًا نحن جزء من ربيع عربي، مرت موجتاه الأولى والثانية، وهو الآن على مشارف الموجة الثالثة أكثر قوةً ووعيًا بضروراته ومشروعية أهدافه، وأبرزها الانتماء الوطني، واستقلاليته، في مواجهة المشاريع التي تستهدف تغيير كياناته ومعالمها، وإحلال هويات، وثقافات بديلة تتناقض مع طبيعة المنطقة، وتشكلها التاريخي.
ويهمنا في يومنا الأول التأكيد على عدم انحيازنا لأي طرف، أو جهة إقليمية، أو دولية، وعدم تبعيتنا لأي مشاريع متصارعة في المنطقة، وانحيازنا الوحيد هو لقضايا شعوبنا العربية في الحرية والعدالة والكرامة، وشرعة حقوق الإنسان المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وجهدنا وعملنا منصب على مسائل وإشكاليات الوعي والتنوير، والخروج من أثقال وأغلال الثقافات والأيدولوجيات الماضية، ونقدها، للعبور منها إلى رحاب وعي وطني وقومي وانساني جديد، غايته العليا الإنسان الحر كمحرك وصانع للتاريخ.
بين الوعي والإيمان بضرورة الثورة السورية، وكافة ثورات الربيع العربي، في موجاته المتعاقبة، وبين الاحتفاء بالوحدة السورية المصرية، كحدث تاريخي يعبر عن مشروع أمتنا النهضوي، ننطلق على بركة الله وبتوفيقه لندشن صرحًا إعلاميًا طموحًا، سعيًا إلى بلورة مفاهيم حداثية في قضايا الانتماء والهوية، الحاضر والمستقبل .
وفي هذا المفتتح نراقب بكثير من الألم معاناة شعبنا في محافظة إدلب، وما يتعرض له من حرب إبادة مستمرة ومستعرة، منذ تسع سنوات وحتى الآن، وكلنا أمل وثقة بقدرة شعبنا على الانتصار على كل جزاريه وسفاحيه، وعلى اقتلاع كافة الاحتلالات التي دنست أرضه، وعبثت بتاريخه، وحاضره.
معركتنا طويلة، وشاقة لأنها في الصميم عملية تحول حضاري وتاريخي هي الأولى بعد ألف عام من الانهيار والانحطاط . وعهدنا أن نحرص في هذا المنبر على تمثل أماني وأشواق شعبنا السوري، وكافة شعوبنا العربية الشقيقة، في تطلعاتها الواثقة نحو المستقبل البعيد. سائلين المولى عز وجل أن يهدينا سبل السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
2 772 2 دقائق
سنبقى على العهد الذي قطعناه على انفسننا عندما التزمنا بحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
لا بد أن تتطور أدوات العمل بما يتناسب والغايات الاستراتيجية وهذا يستدعي مراجعة دائمة لبنية الأحزاب وبرامج عملها وقياس خططها التكتيكية المرحلية قياساً على مهامها وأهدافها الإستراتيجية .