بالرغم من التضخّم الحاصل في سورية ورفع أسعار السلع بشكل متكرر من قبل النظام السوري، إلا أن أجور موظفي الدولة تشهد ثباتاً، ومع ذلك ما يزالون متمسكين بتلك الوظائف لأن البديل أسوأ، لكن كثيرين منهم باتوا يعملون في وظيفتين أو ثلاث لتأمين قوت أطفالهم، ودفع الضرائب التي تشهد أيضاً ارتفاعاً محموماً.
وقبل أيام قليلة قال عضو مجلس الشعب (البرلمان) التابع للنظام أحمد صالح إن الرواتب الحالية تخالف الفقرة الثانية من المادة “40” من الدستور السوري، والتي تنص على أن “لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور التي تضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيرها”. وأضاف في حديث لإذاعة “ميلودي إف إم” الموالية للنظام أن الراتب الحالي لا يكفي لبضعة أيام، وهذا ينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطن، الذي لا يطلب إلا احتياجات الحياة الأساسية ويضطر للعمل في ثلاث وظائف أحياناً لتأمينها.
وأشار إلى أن الموظف لم يعد يستطيع دفع ثمن مراجعة الطبيب ويستعيض عن ذلك بمراجعة الصيدلاني، ووصل إلى حالة يأس من المطالبة بزيادة الرواتب، لأنها أحياناً تكون إشاعة وأحياناً نصف حقيقة لا يراها على أرض الواقع.
وقال أستاذ الاقتصاد والمالية الدولية بجامعة غازي عنتاب التركية، عبد المنعم حلبي، لـ”العربي الجديد”، إن كل دساتير العالم تنص على تلبية الحقوق الأساسية للعامل وهي المأكل والمشرب والملبس والمسكن، وبالنسبة للوظائف فإن من شروط العمل أن يكون مكافئاً لمستوى الموظف وأن يتلقى هذا الموظف حداً أدنى يكفي هذه الاحتياجات الأربع، وهو ما يقارب 300 دولار أي مليون ليرة سورية، وفي سورية باتت السلة تقدر بـ600 أو 650 ألف ليرة لحد الكفاف، وهذا في حال كان المسكن ملكاً وغير مستأجر.
وأشار إلى أن مرتب الموظف السوري حالياً يمثل نحو 15 بالمائة من الراتب العادل، وهنا تنتج مشكلة انخفاض الأمن الغذائي والسعرات الواجب تناولها بشكل يومي للإنسان، وبخاصة أن كل ما ذكر لا يقارن بالوضع الاجتماعي في سورية، إذ أن متوسط العائلة يختلف عن باقي دول العالم في الزيادة، ما ينعكس على حجم الاحتياجات.
وحسب حلبي، فإن التضخم الحاصل وثبات الأجور عائدان إلى عدة أسباب منها طول سنوات الحرب، التي جعلت التضخم مئوياً يزداد كل فترة بعدة أضعاف، وضعف الليرة السورية والعقوبات المفروضة على النظام، والتي أدت إلى غلاء ثمن المواد المستوردة وضعف التصدير، لافتاً إلى أنه بالرغم من كل هذه الأسباب فإن الوظيفة الحكومية لم تفقد حصتها من التنافس، لأنها ما زالت تؤمن الحد الأدنى من المورد المالي الشهري، إذ إن الخيارات الأخرى تعتبر الأسوأ، لناحية ظروف العمل وعدد ساعاته والأجور القليلة، والأمن المعدوم والفساد.
قال أستاذ الاقتصاد والمالية الدولية بجامعة غازي عنتاب التركية، عبد المنعم حلبي، لـ”العربي الجديد”، إن كل دساتير العالم تنص على تلبية الحقوق الأساسية للعامل وهي المأكل والمشرب والملبس والمسكن
وعن أوضاع العاملين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام قال: لا يختلف وضع عامل عن آخر في جميع مناطق السيطرة، ومعظم السوريين لا يحصلون على الوجبات الرئيسية اللازمة، إضافة إلى مشاكل الكهرباء والماء والخدمات المشتركة بين كل تلك المناطق، إذ لا استثناء للقاطنين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وذلك عائد إلى كون تلك الجهات تضع الحفاظ على سلطتها أولوية، بينما تأتي احتياجات المواطنين في درجات أخرى.
وكانت آخر زيادة شهدتها أجور الموظفين في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، بعد صدور مرسومين تشريعيين قضى الأول بزيادة رواتب وأجور العاملين المدنيين والعسكريين الشهرية 20 ألف ليرة، والثاني زيادة المعاشات التقاعدية الشهرية للمدنيين والعسكريين 16 ألف ليرة.
المصدر: العربي الجديد