ثورة تموز والمستقبل العربي

د- عبد الناصر سكرية

إن نظرة موضوعية بحثية في المصادر والقوى والجهات التي لا تزال تهاجم وتشوه تجربة ثورة 23 تموز وقائدها جمال عبدالناصر ؛ تبين بما لا يترك مجالا لأي شك أو تردد ، أن هذه الثورة كانت عميقة الأثر في الحياة العربية إرتبطت باكبر وأهم تجربة رائدة لتغيير الواقع العربي المتردي وبناء دولة حديثة قوية تكون قاعدة للعمل العربي التحرري الوحدوي القادر وحده على صنع المستقبل العربي الأفضل..وأن الذين يهاجمونها ليسوا سوى أعداء للتقدم العربي وليسوا فقط ضد جمال عبدالناصر وثورة 23 تموز..

 1 – تتوزع تلك القوى  والمصادر على جهات محلية عربية وأخرى أجنبية دولية..

 # الجهات العربية :

يندرج في إطارها :

– النظام الرسمي العربي بما ما فيه من جمود وتبعية وفساد وضعف واستزلام..

– تنظيمات دينية لا وطنية ترفع إنتماءاتها الدينية والمذهبية على إنتمائها الوطني والقومي بل تعتبر هما ضربا من ضروب معاداة الدين والتخلي عن متطلبات الإيمان الديني..

– توجهات عقائدية ” يسارية ” تناهض مقومات الأمة وهويتها وإنتماءها لصالح ولاءات خارجية أيا تكن طبيعتها..

– دعوات إقليمية لا تعترف بالهوية العربية كرابطة جامعة تشكل أساسا متينا لوحدة المصير العربي..

– مثقفون فرديون نرجسيون متعلقون بالحداثة الغربية وقيمها ومفاهيمها المادية النفعية الإستهلاكية الغريزية المنحلة..

– شعوبية إقليمية ذات إمكانيات وتطلعات توسعية طامعة على حساب الوجود القومي للأمة العربية ..شعوبية تشعل حملات تشكيكية بمقومات الأمة وتطرح مفاهيمها التفكيكية كبديل عنها..

# الجهات الخارجية :

يندرج في إطارها :

– قوى الإستعمار الغربي التقليدي المعادي للوجود العربي ومقوماته القائمة على العروبة والإسلام كحضارة وقيم أخلاقية إنسانية وإجتماعية مشتركة بين كل العرب بصرف النظر عن أديانهم..

– الصهيونية أداة النظام الرأسمالي الإستعماري وحليفته في العداء للعرب كشعب وناس وأمة وحضارة..وهي أداة الغرب الإستعماري في محاربة كل تطلع عربي الى التحرر والوحدة والتقدم..

– مثقفون غربيون يمثل المستشرقون طليعتهم وهم يعملون في تفكيك التاريخ العربي والمجتمعات العربية ومقوماتها الوحدوية الجامعة..

– إعلام غربي عالمي يكاد يشكل الإعلام الوحيد الفعال والمنتشر والنافذ والذي يكاد يسيطر على عقول البشر ويوجه وعيهم ويحدد لهم إهتماماتهم حتى ليكاد يكون اليوم هو المصدر الوحيد الذي يضخ المعلومات ويصنع الوعي ويوجه الرأي العام..

– قوى إقليمية تبحث عن توسع على حساب الحق العربي والوجود العربي وتريد إلغاء حركة التاريخ لتعيده إلى دوران متعاكس غير ممكن بل مستحيل..

هذه ابرز مصادر الهجوم المستمر والدائم على تجربة ثورة تموز وقائدها جمال عبدالناصر..تعتمد هذه القوى في حربها المستمرة ضد التجربة ؛ – ضد الأمة – على عدة قواعد من حيث الأسلوب :

1 – إختلاق الأكاذيب ونشرها وتكرارها الدائم لجعلها تبدو وكانها حقائق..

2 – التركيز على سلبيات صغيرة وهامشية وتضخيمها وتسويقها بإعتبارها خلاصة التجربة ومضمونها ..

3 – إغفال كل حديث عن اية إيجابيات بل ونكرانها تماما..

4 – التركيز على الشكل الظاهري وإغفال المضمون..

هناك قواسم مشتركة كثيرة بين كل هذه الجهات وهي معاداتها للامة العربية ومقوماتها الحضارية ومحاربتها  اية محاولات عربية للنهوض والتقدم..لا يسمح الحديث في هذا المقال لتفصيل مواقفها المعادية للحق العربي وتفنيده وبيان ما هم عليه من عداء مستحكم للعرب ووجودهم القومي ودورهم التاريخي الحضاري..يشتركون في بث السموم والتحريض على الإنقسامات والفتن والتيئيس وإضعاف ثقة العربي بنفسه وبأمته وبتاريخه وبتراثه وبلغته  وتشويه رموزه التاريخية وأبطاله والإنتقاص منهم وتسويق التفاهة والأنانية والعصبيات الإنقسامية والفتن والعقلية الإستهلاكية والتفكير الذاتي النرجسي وإسقاط الإهتمام وحتى التفكير بالقضايا العامة : مجتمعية أو وطنية أو قومية..وصناعة رموز تافهة بعيدا عن أي مضمون إيجابي مؤثر وإغراق الأجيال بحياة اللهو والتسلية والملذات والغرائز والسعي وراء أوهام الجمال وتغيير الشكل وفساد الأخلاق والعلاقات و. ….

ليس فيهم وحدوي يؤيد وحدة أو إتحاد العرب..

ليس بينهم من يؤيد تحرير فلسطين أو يدعو لها..

جميعهم يحتفظون بعلاقات طيبة مع رأس الإمبريالية العالمية وتفرعاتها الغربية..

جميعهم يتحدثون بإيجابية عن سلام ممكن ومقبول مع دولة الكيان العنصري في فلسطين المحتلة.

هؤلاء هم من يشجع ويسوق كل أنواع العصببات التقسيمية والفتن المذهبية هؤلاء هم من ينكرون على الأمة العربية حتى وجودها فلا يعترفون بها بل يتوزعونها مغانم ومناطق نفوذ ومصالح واقليات وعصبيات ومرجعيات فئوية…وهكذا ..

هؤلاء هم من يهاجم جمال عبدالناصر ويشوه تجربته..فيبدو من مواقفهم ومنطلقاتهم جميعا أنهم في الأصل والأساس ضد الأمة العربية ومقوماتها وحضارتها ..وبالتالي فهم بداهة ضد جمال عبدالناصر وثورة تموز وتجربتها الرائدة..وضد كل من يسعى لتحرر الامة وتقدمها..

مثال صارخ : جميع تلك الجهات تهاجم صلاح الدين الأيوبي وتنكر بطولته ودوره وتلصق بسيرته الأكاذيب والتشويه..تأكيدا على خلفية مواقفها ضد الأمة .. فلو كانت – كما تدعي – ضد أخطاء التجربة وما شابها من سلبيات لهان الأمر ولكان رأيها باعثا للحوار المطلوب والنقد الإيجابي والتغيير النافذ..أما وأنها ضد التجربة برمتها وضد كل ما فعلته ؛ معطوفا على مواقفها من الأمة وحقوقها ونهضتها ؛ فيكون تصنيفها كأعداء للنهوض العربي مهما رفعوا من شعارات وتغطوا باليافطات..عداؤهم ليس لأخطاء التجربة بل لأهدافها فأفصحوا بذلك عن مراميهم الخبيثة الحاقدة ويصبح مفهوما دافعها لتشوية التجربة وقائدها..

2 – في ديمقراطية الثورة :

دأبت حملات تلك الجهات على إتهام التجربة بالدكتاتورية وعدم إحترامها للديمقراطية..ولما كانت الديمقراطية مطلبا يستحوذ على قبول شعبي عام ؛ فإن إتهام التجربة ببعدها عن الديمقراطية يصب في فض الإلتحام الشعبي عنها وتشويه صورتها..

وقد بقيت تلك الجهات تكرر هذا الإتهام بشكل يومي مكثف وشامل حتى أصبح وكأنه حقيقة واقعة ؛ إعتمادا على أن التكرار يؤدي إلى التسليم دون تمحيص ودون تأكد..

علما أن مثل هذا الإتهام يعتمد على تسويق حوادث كاذبة أو تضخيم أحداث صغيرة تدخل في باب الأخطاء في التطبيق والممارسة وهي التي حدثت وتحدث في كل بلد وكل تجربة وكل ظرف..حتى في  بلاد الغرب الديمقراطية..

ثم أن المواطن العربي لا يملك إمكانيات التحقق من السرديات الكاذبة إلا إذا كان باحثا متخصصا..وحتى إن أراد التحقق فلا وقت لديه والمراجع الصادقة قليلة وبالتالي فأسهل طريق هو تصديق ما يكتبه وينشره ويسوقه ويكرره بإستمرار أعداء التجربة وأعداء التقدم العربي..

فهل كانت التجربة غير ديمقراطية ؟.

حينما إنطلقت ثورة تموز في مصر كانت بعد أربع سنوات فقط من إغتصاب فلسطين على أيدي العصابات الصهيونية ربيبة بريطانيا الأمبراطورية التي كانت تحتل مصر..وكان من الطبيعي أن تشكل تهديدا مباشرا جديا لدولة الكيان ذي النشأة الحديثة..خاصة وأن مصر تملك كل الآمكانيات التي تؤهلها لتشكيل هذا الخطر بمفردها وبعملها مع العرب الآخرين.

كان العدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي على بعد أربع سنوات من قيام الثورة وإستلامها مقاليد السلطة والدولة في مصر..لم تكن التجربة قد إكتسبت صلابتها ولا خبرتها ولا إمتلكت بعد قاعدة صناعية وعسكرية وإقتصادية تهدد مصالح الكيان والغرب الإستعماري..كانت في بداية مشوارها للبناء والتقدم..لكنها طردت الإحتلال الإنجليزي وأممت قناة السويس وفي هذا ما يكفي لتخويف كل الغرب وحلفائه وأدواته المحلية من مثل هذه التجربة التحررية..فهم لا يريدون مصر حرة ولا العرب أحرارا..

وحينما فشلوا في عدوانهم العسكري وإزدادت صلابة التجربة ؛ زادت مخاوفهم منها فزاد حقدهم عليها وعداؤهم لها وحروبهم ضدها..

كان من بين وسائل حروبهم عليها ذلك الإتهام بتغييب الديمقراطية لما للديمقراطية من وهج وجاذبية..

ودونما الحاجة إلى إستعراض الأمثلة والحوادث التي يسوقونها لتأكيد عدم ديمقراطية الثورة وقائدها ، – فتلك مهمة قام بها كثيرون من الباحثين الشرفاء المنصفين وفندوها تفنيدا – تكفي مقارنة كل أحداث الثورة المتهمة بما يجري اليوم في بلاد الغرب ذاتها على صعيد الممارسة الديمقراطية..

ففي الولايات المتحدة الأميركية يضطهد المواطن لمجرد التعبير عن رأي لا يوافق سياسة النظام الحاكم ..في أي مجال ومهما كان الرأي سلميا والتعبير عنه قانونيا..حتى وصل الأمر بتهديد الجامعات التي تسمح لطلابها بالتظاهر والتعبير..كما سحب الجنسية والترحيل والإعتقال بما في ذلك التنصت والمراقبة والتجسس وسوق الإتهامات الكاذبة وسوى ذلك من وسائل التنكيل والضغط والإبتزاز ..مع الإعتقال التعسفي وما فيه من ظروف غير انسانية أبدا..

أما في مصر فقد كان اليسار المصري مثلا يمتلك صحفا ومجلات ومراكز للنشر وينتقد ولا يمنعه أحد..وحينما كان الطلاب يتظاهرون لم يردعهم أو يقمعهم أحد..حتى حينما تظاهروا ضد النظام ذاته في سنة 1968 بعد النكسة..فحاورهم عبدالناصر وإستمع إليهم وحقق مطالبهم وأشركهم في السلطة التنفيذية لتحقيق رؤاهم..وحينما أعتقل سيد قطب بتهمة معاداة الثورة ؛ أطلق سراحه مرتين وفي الثالثة تعرض للمحاكمة الطويلة لبيان إشتراكه في مؤمرات وتخريب ضد الثورة والمؤسسات العامة..وحتى معتقلو الإخوان والشيوعيين لم يتعرض منهم أحد للتعذيب وكانت توفر لهم مستلزمات الحياة في الإعتقال..ولم تسحب جنسية أحد ولم يرحل أحد ولم يمت أحد في السجن..

وقد ثبت كذب كل إدعاءات الأخوان بأنهم تعرضوا للتعذيب في السجون..

هذا مع وجود فارق أساسي جدا في الحالتين الناصرية والغربية المعاصرة :

إن الذين واجهوا الإعتقال في التجربة الناصرية كانوا ممن يرفضون الإعتراف بها أصلا..لا بل كانوا ممن يرفضون الإعتراف بكل ما تطرحه الثورة فيما يتعلق بأمة عربية وقومية عربية تستدعي الوحدة بين أبنائها..فالشيوعيون كانوا لا يعترفون بوجود أمة عربية وأقصى إعتراف لهم حينما لجأوا إلى موسكو السوفياتية سنة 1959 كان بالحرف :

” قد يكون أن هناك أمة عربية في طور التكوين “..كان هذا الموقف الرسمي للأحزاب الشيوعية آنذاك..

وبمجرد الإعلان عن وحدة مصر وسورية سنة 1958 سارع الشيوعيون إلى رفضها ومهاجمتها وإعلان الحرب عليها منذ اليوم الأول..فكانوا ضد الوحدة بالمطلق وليس ضد أية أخطاء قد تكون تخللتها..

وهذا يدل أن الموقف الشيوعي كان ضد أسس التجربة وأهدافها ووجودها ذاته بل ضد أغلى أهداف الأمة قبل عبدالناصر وبعده..

ينطبق هذا تماما على الأخوان المسلمين الذين إنطلقوا في محاربتهم للتجربة من ذات المنطلقات وإن كانت بخلفية دينية لا تعترف بالإنتماء الوطني وتعتبر القومية ضربا من العصبية المعادية للإسلام..

كذلك ما يتعلق بالأنظمة العربية التي حاربت التجربة من أساسها وتآمرت عليها من ذات المنطلقات التي لا تعترف لا بألأمة ولا بكل مقوماتها وحقوقها في التحرر والوحدة ..متعاونة مع أنظمة الغرب الإستعمارية..

فقد كانوا في مواقفهم هذه ؛ المحاربة للثورة وتجربتها  ؛ معارضين لأسس الوجود الوطني ولكل متطلبات الإنتماء المصيري القومي الواحد..ولم يكونوا  معارضين لسياسات معينة للدولة أو مواقف بعينها بل معارضين إستراتيجيين جذريين ضد مبدأ الثورة وفلسفتها ومنطلقاتها وأهدافها..

كانوا خطرا حقيقيا عليها مدعمين بقوى أجنبية معادية لكل ما في التجربة..حتى أنهم كانوا خطرا أمنيا فقاموا بأعمال عدائية تخريبية ضد الدولة ومؤسساتها الوطنية..

ورغم هذا العداء الجذري  ؛ تعاملت الثورة معهم كمعارضين سياسيين عاديين..ووفرت لهم المحاكمات العادلة وظروف إعتقال معقولة..

وبالمقارنة مع ما يحصل في الولايات المتحدة حاليا ؛ فليس هناك من خطر  لا على الدولة ولا على الوطن ولا على المؤسسات ؛ فكل المنتقدين والمعارضين لا يؤيدون مواقف سياسية وحسب..فلا يشكلون خطرا على  هوية الدولة وشعبها ولا يمثلون خطرا أمنيا على أحد..

ومع ذلك يقمعون ويضطهدون ويهددون في حياتهم وحتى في إنتمائهم الأمريكي..في حين أن التآمر الخارجي على التجربة وقائدها بلغ أعتى مراحله بمشاركة قوى محلية وعربية وإقليمية ودولية تملك من الإمكانيات الهائلة ما يفوق التصور..وشكلت تهديدا وجوديا حقيقيا عليها..

هذا يبين كم كانت كاذبة تلك الإتهامات للتجربة الناصرية بالدكتاتورية..

ولما كانت الديمقراطية تعني حكم الشعب والعمل لخدمة مصالح الأغلبية الشعبية ؛ فإن جمال عبدالناصر كان صاحب أول تجربة شعبية مباشرة منذ أن ظهر مصطلح الديمقراطية في الفكر السياسي الغربي ثم العالمي..كان الإلتصاق تاما ومباشرا بين عبدالناصر وجماهير شعبه دون وسائط ودون عوائق..وما تظاهرات 9 و 10 حزيران الرافضة لتنحيه عن الرئاسة ؛ وما المظاهرات غير المسبوقة في التاريخ وغير المتكررة في المستقبل بعده ; حين وفاته  ؛ إلا تأكيدا على ديمقراطيته الشعبية المباشرة والتي تلتزم مصالح الأغلبية الساحقة وتعبر عنها وليس أية أغلبية نسبية وحسب..مثل هذا التظاهرات المليونية الحاشدة في كل بلد عربي ذهب إليه عبدالناصر..في السودان بعد نكسة 67 مباشرة . في الجزائر بعد إنتصار ثورتها..في سورية واليمن ….ديمقراطية شعبية تجاوزت بعمق كل أشكال الديمقراطية الليبرالية التي غدت شكلية إلى حد كبير توجهها قوى المال وراسالمال والإعلام تتلاعب بالعقول وتوجه الرأي العام والتصويت حسبما تقتضيه مصالحها وخياراتها..

وفيما تفقد الديمقراطية الليبرالية الغربية مصداقيتها ومضمونها الإنساني – الإجتماعي ؛ إحتفظت تجربة عبدالناصر بمضمون إجتماعي إنساني أخلاقي تحرري ؛ إقترنت بتحرير الإنسان المواطن معيشيا وتوفير أهم مقومات الحياة الحرة الكريمة له ؛ في التعليم والصحة والعمل ؛ إستكمالا لحرية سياسية في إطار الولاء للوطن والأمة والشعب..فكانت ديمقراطية شعبية حقيقية حررت الإنسان بعد أن حررت الوطن..ديمقراطية شعبية تحررية وقفت إلى جانب كل حركات التحرر في العالم دعمتها وضحت من أجلها فيما ديمقراطية الغرب الرأسمالية ديمقراطية إستعمارية معادية لكل الشعوب والأمم وحقوقها في تقرير مصائرها وبناء مستقبلها بحرية..

وليس شيء من هذا متوفر أو متاح في ديمقراطية الغرب الليبرالية الرأسمالية..

تبقى ملاحظتان :

الأولى : لا يفهمن أحد مما كتبنا أننا ننفي وجود أخطاء وسلبيات في التجربة..في بلد كان تحت إحتلال بريطاني مباشر طيلة ما يزيد عن نصف قرن..وقبلها كانت الدولة العثمانية بكل ما تركته من إرث ثقيل خلف آثارا إجتماعية على بنية الإنسان وعقله وتفكيره..فلم يكن ممكنا موضوعيا إزالة آثار خمسة قرون بكل ما فيها من رواسب بسهولة ويسر..فكان طبيعيا جدا ومبررا جدا أن تقع أخطاء وثغرات وسلبيات..

الثانية : إن نقد التجربة أمر ضروري ومطلوب..على اساس من كونه مقدمة للإستفادة والتطوير والإلتزام بالأهداف العامة وقيمها وليس بغية الهدم وإقامة صروح كل ما يناقض وحدة المصير العربي وينتقص من وجود الأمة وتاريخها وحضارتها ؛ وحقها في التحرر والوحدة والتقدم..

إن تغيير واقع العرب الضعيف المفكك المتهالك ؛ إلى الأفضل ؛ لا يمكن تحقيقه  إلا وفقا لقواعد وأسس وخلاصات التجربة المصرية – الناصرية :

– إستقلالية القرار الوطني..

والتحرر من الوصايات الإقليمية والدولية ..

– وحدة الأمن القومي

ووحدة المصير العربي..

– عدالة إجتماعية وسيادة القانون ..

– ديمقراطية سياسية – إجتماعية متكاملة..

– بناء إقتصاد وطني قوي يعتمد على الصناعات الثقيلة والتحويلية..

– بناء جيش وطني بعقيدة قتالية عربية..

– بحث علمي لتطوير كل اسس البناء والصناعة..

– أنظمة تعليم متطورة ملتزمة بتخريج أجيال إيجابية واعية وأهتمام خاص بتنشئة الشباب وتوفير فرص الإبداع له..تحفظ له هويته العربية وقيمه الإيمانية الأخلاقية ..

– مؤسسات أمنية وشعبية وثقافية تضمن مشاركة جميع الطاقات الوطنية – رجالا ونساء – في عمليات النهوض والتقدم وحمايتها من كل عدوان خارجي ومن كل تخريب حيثما أتى..وصيانة وحدة وطنية شعبية فوق كل العصبيات..

– عمل نقابي يؤمن كفاءة مهنية ويضبط إيقاعها على وقع مسيرة التجربة وأهدافها..

– التفاعل الإيجابي مع كل الأحرار في العالم..

– الإلتزام بتحرير فلسطين عنوانا لرد الحرب العالمية الشاملة على الوجود العربي وركيزتيه : العروبة والإسلام ..وبلورة المضمون الإيجابي التحرري الحقيقي لكل من العروبة والإسلام معا..الإسلام الدين والإسلام الحضارة..

ولهذا نقول :

إن التجربة الناصرية هي  الاساس الصالح – والقادر  موضوعيا –  لتحرير الأرض والإنسان   وبناء المستقبل العربي الأفضل ؛ وطنيا لكل بلد عربي ،؛ وقوميا للعرب ككل شعبا واحدا وأمة واحدة….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى