اختبار الحقيقة والمساءلة: قراءة في تجربة لجنة تقصّي أحداث الساحل السوري

نوار شعبان

في سياق التحولات التي تمرّ بها سورية، عقب سقوط نظام الأسد، ظهرَت حاجة ملحّة إلى توفّر أدوات وطنية متخصصة للتعامل مع انتهاكاتٍ وقعت في ظروف وأماكن محددة، بما يضمن كشف الحقيقة وتعزيز المساءلة. ومن ثم، كانت لجان تقصّي الحقائق هي إحدى أبرز هذه الأدوات، حيث تهدف إلى توثيق الوقائع وتفكيك الروايات ضمن نطاق زمني ومكاني محدد، تمهيدًا لاتخاذ إجراءات قضائية أو إدارية، تضمن عدم تكرار الانتهاكات.

شكّلت أحداث الساحل السوري، في آذار/ مارس 2025، اختبارًا حقيقيًا لهذه الأدوات، نظرًا لحجم العنف الذي شهدته تلك المناطق، وتعدّد الفاعلين المنخرطين في الانتهاكات، من المدنيين أو العسكريين، في ظلّ غياب ضوابط قانونية واضحة، وتراجع نسبي في أداء الأجهزة الرسمية. أمام هذا الواقع، صدر القرار الرئاسي رقم (3) لعام 2025، بتاريخ 9 آذار/ مارس 2025، القاضي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة لتقصي الحقائق، وكان استجابة سياسية وقانونية تهدف إلى احتواء تداعيات الأحداث، وتقديم رواية توثيقية موسّعة، وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات. وفي 10 نيسان/ أبريل 2025، صدر القرار الرئاسي رقم (11) لعام 2025، الذي ينص على تمديد ولاية اللجنة ثلاثة أشهر إضافية غير قابلة للتجديد، وذلك استجابة لطلب اللجنة، بغية تمكينها من استكمال مهامها وفق المعايير المعتمدة، بعد أن واجهت صعوبات زمنية ولوجستية حالت دون إنجاز تحقيق شامل، خلال المدة الأصلية المحددة.

وعلى الرغم من أن القرار التأسيسي للجنة لم يُقدّمها صراحةً كجزءٍ من مسار عدالة انتقالية، ولم يتضمّن إشارات واضحة إلى أهداف تتجاوز التحقيق في أحداث الساحل، فإنّ النص الذي تضمّنه، بشأن إحالة المشتبه بتورطهم إلى القضاء، أثار التباسًا حول وظيفة اللجنة وحدودها، حيث إن هذه الصلاحية هي في الأصل من اختصاص النائب العام، ويقتصر دور اللجنة على جمع الوقائع وإعداد ملفّات يمكن للنيابة العامة الاستناد إليها لتحريك الدعوى العامة. وبينما رأت بعض الأطراف في ذلك بوادرَ لتبنّي شكل من أشكال المساءلة المحلية، فإن غياب إطار قانوني أوسع، أو أي إشارات إلى مبادئ العدالة الانتقالية كجبر الضرر أو الإصلاح المؤسسي، يُضعف من إمكانية اعتبار اللجنة نقطة انطلاق فعلية لمسار العدالة الانتقالية، ولا سيما أن ولايتها انحصرت في التحقيق في أحداث محددة، زمانيًا ومكانيًا، من دون ارتباط مباشر بمسار أشمل. ومن ثم، فإن عمل اللجنة، بصيغته الحالية، بدا أقرب إلى استجابة ظرفية مرتبطة بالضغط السياسي والحقوقي، منه إلى إعلان رسمي عن تحوّل ممنهج في نهج الدولة تجاه آليات المحاسبة. ومع ذلك، فقد اتضحت حدود هذا الدور أكثر، بعد تأسيس لجنة العدالة الانتقالية، حيث أصبح الفصل بين المسارَين مؤسسيًا، واقتصر دور لجان التقصي على التوثيق والتحقيق، وأُنيط باللجنة المعنية بالعدالة الانتقالية تطوير السياسات والإصلاحات اللازمة على المستوى الوطني.

وانطلاقًا من ذلك، تسعى هذا الورقة إلى تحليل النتائج المعلنة لعمل اللجنة، وتقييم القيمة المنهجية المعلنة لعملها، ومحاولة تحديد التحديات التقنية التي واجهتها، واستخلاص الدروس التي يمكن البناء عليها عند تشكيل لجان مماثلة في مناطق أخرى، وعلى رأسها محافظة السويداء، التي شهدت خلال تموز/ يوليو 2025 صدامًا مباشرًا بين مجموعات محلية من الدروز والبدو، ثم تدخّل قوات الأمن والدفاع لفض الاشتباك، ثم تحولت إلى مواجهات بين مجموعات من الدروز والبدو، بعد انسحاب قوات الأمن، وقدوم فزعة عشائرية مناصرة للبدو، وفزعة من الدروز من مناطق أخرى مناصرة للمجموعات الدرزية، مما أدى إلى انتهاكات كبيرة تقتضي التحقيق بها، ومحاسبة المسؤولين عنها.

أولًا: خلفية الأحداث وسياق تشكيل اللجنة

شهد الساحل السوري، في الفترة الزمنية الممتدة من 6 – 9 آذار/ مارس 2025، موجةً من العنف، بعد أن نفذت مجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام السابق، باتت تُعرف بـ “الفلول”، هجمات منسّقة استهدفت مقار عسكرية وأمنية ومدنية. وأدت هذه الهجمات إلى انهيار جزئي في السيطرة الحكومية على العديد من المناطق، ولا سيما مناطق تابعة لمدينتي جبلة واللاذقية. وعلى إثر تلك الأحداث، انتشرت دعوات للفزعة، فذهبت مجموعات عسكرية ومدنية تسلّحت إلى مناطق الساحل، لاستعادة السيطرة على المناطق التي تمّت مهاجمتها، كما هو موضح في الخريطة رقم (1):

وبحسب الرواية الرسمية، فقد استهدفت العمليات العسكرية المسلّحينَ المنتمين إلى ما يُعرف بمجموعات “الفلول” [1]. إلا أن تقارير حقوقية مستقلة وثقت وقوع انتهاكات جسيمة بحق المدنيين خلال هذه العمليات، من أبرزها الاعتقال التعسفي، والقتل خارج نطاق القانون، وحرق الممتلكات وسرقتها. وقد أثارت هذه التجاوزات موجة واسعة من الانتقادات المحلية والدولية، وظهرت دعوات تطالب بفتح تحقيقات شاملة لمساءلة جميع الأطراف المتورطة في هذه الانتهاكات[2].

ومن ثم، شُكّلت لجنة وطنية مستقلة لتقصّي الحقائق، بقرار من رئاسة الجمهورية بتاريخ 9 آذار/ مارس 2025، كلّفت بمهمة التحقيق في ملابسات الأحداث والانتهاكات التي وقعت، في أثناء الاشتباكات وبعدها، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.

ثانيًا: نتائج عمل اللجنة كما وردت في التقرير الرسمي والمؤتمر الصحفي

عقدت اللجنة الوطنية المستقلة لتقصّي الحقائق بشأن أحداث الساحل السوري مؤتمرًا صحفيًا، في 22 تموز/ يوليو 2025 [3]، عرضت فيه حصيلة أعمالها الميدانية التي تناولت الفترة الممتدة بين 6 و9 آذار/ مارس 2025. واستند التقرير النهائي إلى منهجية توثيق ميداني شملت جمع إفادات مباشرة، وتحليل وقائع على الأرض في مواقع الحدث، وزيارات ميدانية، واجتماعات مع وجهاء محليين وممثلي العائلات المتضررة. وعلى الرغم من محدودية الزمن وتعقيد الظروف الأمنية، سعت اللجنة إلى تقديم تصور أولي قابل للنقاش حول ما جرى، مع الإشارة إلى أن هذا التصوّر لا يُعدّ مرجعًا نهائيًا أو شاملًا لجميع الأحداث والمسؤوليات.

1 – نطاق العمل الميداني:

– زيارة 33 موقعًا موزعًا على محافظات اللاذقية، طرطوس، وحماة.

– عقد اجتماعات مع وجهاء محليين، مخاتير، وممثلي عائلات متضررة، مما أضفى طابعًا محليًا على جمع المعلومات.

– إجراء 938 جلسة استماع، نتج عنها توثيق 452 شهادة مرتبطة بجرائم قتل، و486 شهادة تتعلق بجرائم السلب، التخريب، والتعذيب [4].

2 – حجم الخسائر البشرية والمادية:

– مقتل 1,426 شخصًا، غالبيتهم من المدنيين العُزّل، بينهم 90 امرأة، إضافة إلى عسكريين سابقين كانوا قد أجروا تسويات مع الدولة قبل اندلاع الأحداث.

– تسجيل 20 حالة فقدان، ما زال مصير أصحابها مجهولًا، ما يعكس هشاشة الوضع الإنساني والارتباك الأمني في تلك المرحلة.

– مقتل 238 عنصرًا من قوى الأمن والجيش، خلال الموجة الأولى من الهجمات المنسوبة إلى مجموعات مسلحة تُعرف بـ”الفلول”، بعضهم قُتل في سياق المواجهات العسكرية، وبعضهم في ظروف غير قتالية (كالإسعاف، أو الاستسلام، أو التعرّض لكمائن).

3 – طبيعة الانتهاكات الموثقة:

– شملت القتل العمد، السلب، النهب، حرق الممتلكات، التعذيب، والاعتداءات اللفظية ذات الطابع الطائفي.

– لم تجد اللجنة ما يشير إلى وجود قرار مركزي أو خطة ممنهجة للإبادة، وخلصت إلى أن معظم الجرائم ارتُكبت بدوافع فردية أو فئوية، في سياق انفلات أمني وتراكمات ثأرية.

4 – المشتبه بهم والإجراءات المتخذة:

– تم تحديد هوية 298 شخصًا يُشتبه بتورطهم في الانتهاكات، بينهم 265 منتمون إلى ما يُعرف محليًا بـ “الفلول”، والبقية أفراد لم يلتزموا بتعليمات التشكيلات المرتبطة بالجهات الرسمية.

– إحالة قوائم المشتبه بهم إلى النيابة العامة، لفتح مسار قضائي لاحق، مع الامتناع عن إعلان الأسماء حفاظًا على سرية التحقيق وقرينة البراءة.

– تسليم نسخة من القوائم إلى رئاسة الجمهورية، من دون توضيح طبيعة الإجراء أو الأساس القانوني والإداري الذي يستند إليه، ما أبقى تساؤلات حول آليات المتابعة القضائية والتنفيذية لهذه الخطوة.

5 – استقلالية العمل والتعاون الدولي:

– أكدت اللجنة أنها عملت باستقلالية، ولم تتعرض لتدخل رسمي، مشيرة إلى التزامها بمعايير مهنية وحقوقية، واستفادتها من مشاورات مع منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان.

– لم يوضح التقرير طبيعة هذه المشاورات أو أثرها العملي على المنهجية والمخرجات.

6 – التوصيات المعلنة:

– ملاحقة المتورطين الهاربين وضبط السلاح المنفلت.

– دمج الفصائل المسلحة ضمن مؤسسات الدولة، على أسس تقنية ومهنية تضمن تراتبية واضحة وتحديث عقيدة الجيش والأمن[5].

– مكافحة خطاب الكراهية وتعويض الضحايا.

– مراجعة التشريعات الوطنية بما يتوافق مع التزامات سورية الدولية.

ثالثًا: الملاحظات التقنية والإشكاليات المنهجية

سعت لجنة تقصّي الحقائق إلى تقديم تصوّر أولي عن حجم الانتهاكات التي رافقت أحداث الساحل في آذار/ مارس 2025، عبر جمع شهادات ميدانية، وتحديد عددٍ من المشتبه بتورطهم، إلا أن مسار عملها واجه تحديات تقنية وميدانية واضحة. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى كونها أول تجربة وطنية من هذا النوع، في السياق السوري ما بعد النظام السابق، حيث لم تكن هناك خبرات مؤسسية سابقة أو إطار قانوني ناظم يُحتكم إليه في إدارة هذا النوع من المهام، فضلًا عن أن عملها جرى في بيئة انتقالية غير مستقرة وضمن فترة زمنية قصيرة نسبيًا. وعلى الرغم من اختلاف السياق، فإن النقص في التراكم المؤسسي ليس خاصًا بالحالة السورية، إذ عانته أيضًا تجارب دولية رائدة في مراحلها الأولى، وإن كانت تعمل في ظروف أكثر استقرارًا وبتكليف يغطّي فترات زمنية أطول، منها “هيئة الإنصاف والمصالحة” في المغرب[6]، التي واجهت في بداياتها انتقادات تتعلق بمحدودية نطاق التحقيق، ومنها “لجنة الحقيقة والمصالحة” في جنوب أفريقيا[7]، التي احتاجت إلى وقت طويل لتطوير أدوات فعّالة للتصنيف وتحديد المسؤولية الفردية في بيئة مشحونة سياسيًا. ومن هذا المنطلق، ينبغي تقييم اللجنة السورية كخطوة تأسيسية قابلة للتطوير والبناء عليها، مع الأخذ بالاعتبار الفوارق الجوهرية في السياقين الزمني والأمني. وتمثلت أبرز تلك الإشكاليات بما يلي:

أولًا، ضيق النطاق الزمني والمكاني للتحقيق، إذ حُدّدت ولاية اللجنة زمنيًا ببداية آذار/ مارس 2025 وما تلاه مباشرة، وحُدّدت مكانيًا ضمن 33 موقعًا فقط ممتدًا على ثلاث محافظات. هذا التحديد سمح بتركيز الجهد، لكنه في الوقت نفسه قيّد قدرة اللجنة على تتبع حوادث ذات صلة وقعت في فترات أو مناطق مجاورة. وعلى الرغم من محاولة اللجنة النظر في بعض الوقائع التي أثيرت إعلاميًا، كحالات الخطف والاختفاء، فإنّ جزءًا منها لم يدخل ضمن صلاحياتها بسبب وقوعه خارج النطاق المكاني أو الزمني المحدد، أو لعدم توفر بيانات كافية حوله. هذا التقييد، وإن كان مبررًا من الناحية التنظيمية، قد يُسهم في توليد انطباعات لدى بعض الفئات بوجود فجوات في التقرير النهائي، لا سيما في ما يتعلق ببعض الوقائع التي لم يُتطرّق إليها بشكل وافٍ. ويشبه هذا التحدي ما واجهته لجنة التحقيق في العنف الانتخابي بنيجيريا (2011)، التي اتُّهمت آنذاك بتجاهل أحداث وقعت خارج المدن الكبرى، بسبب القيود اللوجستية والزمنية، وهو ما أثّر في صدقية مخرجاتها لدى بعض المجتمعات الطرفية [8].

وفي الحالة السورية، لم تتخذ اللجنة خطوات معلنة لتعويض هذا التقييد، مثل إصدار ملحق توثيقي، أو إطلاق منصة استقبال روايات إضافية من خارج النطاق المعتمد، ما يطرح أسئلة حول قدرة هذه اللجان، ضمن هذا التصميم المؤسسي، على احتواء الصورة الكاملة لانتهاكات مركّبة وممتدة، تتجاوز الزمان والمكان المحددين إداريًا.

ثانيًا، عملت اللجنة ضمن بيئة أمنية شديدة التعقيد، اتسمت باستمرار انتشار مجموعات مسلحة مصنّفة كـ “فلول” في بعض الجيوب الجبلية، ووجود احتمال دائم لتجدد الاشتباكات، ما انعكس مباشرة على نطاق فرق التوثيق وحركتها. وعلى الرغم من أن اللجنة نجحت في الوصول إلى العديد من مواقع الانتهاكات، فإن المخاطر الأمنية حدّت من قدرتها على الوصول إلى مناطق غير مستقرة أمنيًا، وأعاقت تواصلها مع شهود محتملين أو ضحايا. في ظل هذه الظروف، تبنّت اللجنة منهجية الاستدلال القائم على معيار “الشبهة المعقولة” (Reasonable Grounds to Believe) ، بدلًا من الاعتماد الحصري على الأدلة القطعية. وهي مقاربة تُعدّ مقبولة في سياق عمل لجان تقصي الحقائق، وقد اعتُمدت من قبلُ في تجارب دولية مثل لجنة التحقيق في انتهاكات دارفور (2004) التابعة للأمم المتحدة، التي اضطرت إلى استخدام النهج نفسه، بسبب صعوبة النفاذ إلى مناطق النزاع، وتعذّر توثيق بعض الانتهاكات ميدانيًا[9].

وعلى الرغم من اعتماد اللجنة على منهج استدلالي في تحليل الانتهاكات، يستند إلى تقاطع الشهادات والقرائن الظرفية دون الوصول إلى أدلة قطعية، فإن هذا النهج لم يُفضِ إلى تحميل المسؤولية بشكل فردي ودقيق، ما يترك فجوة واضحة في الربط بين الفعل المرتكب والفاعل المعنيّ. فغياب الإحالات القضائية المبنية على دلائل مباشرة وشهادات موثّقة لم يُمكن من تكوين ملفّ قضائي متكامل، يتيح ملاحقة مرتكبي الجرائم بصفتهم الفردية، بل حافظ على الطابع الجماعي والمبهم للمسؤولية، خصوصًا مع عدم تحديد التشكيلات أو الجهات التي ينتمي إليها كل مشتبهٍ به على نحو دقيق. وقد أحالت اللجنة أسماء المشتبه بهم إلى النيابة العامة، إلا أن هذه الخطوة، كما عرضت في المؤتمر الصحفي، لم تُرفق بإطار إجرائي واضح يضمن الاستجابة المؤسسية والمتابعة القضائية الفعالة، ولا توجد مؤشرات إلى وجود خطة لاحقة لاستكمال التوثيق، في المناطق التي تعذّر الوصول إليها. وهذا النقص يُضعف من مصداقية النتائج أمام المجتمعات المحلية، خصوصًا تلك التي لم تُوثّق رواياتها أو لم تُدرج انتهاكاتها ضمن التقرير النهائي، ما قد يولّد شعورًا بالتهميش أو الانتقائية في سرد الحقيقة.

في المحصلة، تُظهر هذه الثغرات أن الإحالة إلى القضاء، على رمزيتها، لا تكفي بحد ذاتها لضمان عدالة ناجزة، ما لم تُعزز بجهد منهجي لاحق لتدعيم الملفات، وتوضيح الروابط بين الانتهاكات والفاعلين، وتمكين الأجهزة القضائية من العمل بمعايير مهنية مستقلة، بعيدًا عن أي تدخل سياسي أو أمني قد يُفرغ العملية من مضمونها.

ثالثًا، لم يكن حجم البيانات الميدانية التي جمعتها اللجنة كبيرًا، بالنظر إلى حجم الانتهاكات واتساع رقعتها الجغرافية، بل يمكن القول إنه كان محدودًا نسبيًا، الأمر الذي أثّر في شمولية التوثيق ودقته. شملت المادة المجمّعة مئات الإفادات، وعددًا من المواد المصوّرة والوثائق الورقية والرقمية، وهي كمية غير كافية لتغطية تعقيد الوقائع وحجم الفاعلين المتورطين في الانتهاكات. وعلى الرغم من تشكيل فريق متخصص لتحليل هذه البيانات وربطها بالسياق الميداني، فإن ضيق الإطار الزمني ومحدودية الموارد البشرية والتقنية المتوفرة أثّرا في جودة الربط والتحقق من المعطيات، وقد تضمّنت بعض القوائم أسماء ضحايا لم يُبلّغ عنهم رسميًا، أو غابت عنهم شهادات موثقة من ذويهم، ما أضعف درجة الاعتماد على تلك القوائم كأدوات إثبات دقيقة. وشكّل تصنيف المشتبه بهم تحديًا إضافيًا، نظرًا لتداخل الأدوار بين العناصر النظامية والمدنيين المشاركين في “الفزعات”، من دون تبعية تنظيمية واضحة. هذا التداخل حال دون التحديد الدقيق للهوية والسلوك، وأضعف إمكانية بناء ملف مسؤولية فردية متماسك.

في هذا السياق، تبرز أهمية الاستفادة من تجارب لجان مشابهة، مثل لجنة التحقيق في النزاع بكوت ديفوار (2011)، التي واجهت صعوبة مماثلة في التفريق بين القوات النظامية، الميليشيات المؤيدة، والمدنيين المسلحين. وقد لجأت اللجنة هناك إلى اعتماد معيار “الوظيفة الفعلية في الميدان”، لتحديد هوية الأفراد ومسؤوليتهم، بدلًا من الاعتماد على صفتهم الرسمية. وقد رافق ذلك تدقيق متقاطع بين الشهادات والمعطيات المصوّرة وتحليل المواقع[10]، وهي أدوات يمكن تبنيها لتعزيز دقة التصنيف وتحديد المسؤولية في السياق السوري.

رابعًا، مثّلت إدارة التوقعات المجتمعية وتنسيق التواصل مع الرأي العام تحدّيًا بحد ذاته، إذ رافق عملَ اللجنة اهتمامٌ شعبي وإعلامي واسع وشعور متنام بضرورة الإسراع في إظهار الحقائق ومحاسبة المرتكبين. لكن اللجنة، بحكم طبيعتها، اضطرت إلى الموازنة بين مطلب الشفافية وضرورة حماية التحقيق من التسييس أو الضغط الشعبي، وأثارت بعض الإجراءات تحفّظات لدى الجمهور، مثل عدم إعلان أسماء المشتبه بهم، أو تأخر الإعلان الرسمي عن انتهاء التحقيقات، ما ولّد انطباعات خاطئة عن غياب الإرادة في المحاسبة. غير أن اللجنة حرصت على تقديم تبريرات منهجية لهذه الإجراءات، موضحة أن النشر ليس من صلاحياتها، وأن تأخير المؤتمر الختامي ارتبط باعتبارات سياسية وأمنية طارئة.

وتتقاطع هذه التحديات مع ما شهدته تجارب دولية سابقة، من أبرزها تجربة لجنة تقصي الحقائق في كينيا (2008–2013)، التي واجهت ضغوطًا مشابهة عقب أعمال العنف الانتخابية، واضطرت إلى تأخير إعلان نتائجها لأشهر، ما أدى إلى فقدان قسم كبير من الجمهور الثقة في جدوى عملها، بالرغم من وجود دعم دولي جزئي. وفي هذه التجربة، لم يكن غياب المعلومات هو العامل الوحيد في تآكل الثقة، بل كان غياب استراتيجية اتصال مدروسة ومستمرة، ما جعل اللجنة هدفًا للانتقادات من مختلف الأطراف[11]. كما تُظهر تجربة لجنة الحقيقة في تيمور الشرقية (2002–2005) أهميّة وجود سياسة تواصل شفافة ومبكرة. فقد حرصت تلك اللجنة على إصدار تقارير مرحلية منتظمة، حتى قبل انتهاء عملها، وعلى إشراك الإعلام المحلي في تغطية مراحل التحقيق من دون كشف تفاصيل حساسة[12]. هذا التدرج في الإفصاح، والوضوح في حدود الصلاحيات، ساعد في تقليص فجوة التوقعات، وعزّز من صلابة اللجنة أمام الحملات السياسية.

بالمقارنة، فإن اللجنة السورية افتقرت إلى آلية تواصل مؤسسي واضحة، واكتفت بتصريحات عامة وتأجيلات غير مفسّرة، ما خلق بيئة خصبة لتأويل نيّاتها، وساهم في تحويل قضية الشفافية إلى نقطة توتر مجتمعي، كان من الممكن تجنبها عبر أدوات تواصل استباقية تُعرّف الرأي العام بإطار الصلاحيات ومراحل التقدم، دون المساس بسرية التحقيق.

رابعًا: توصيات لتطوير آليات تقصي الحقائق في سورية

في ضوء تجربة لجنة تقصّي الحقائق في أحداث الساحل، وهي تُعَدّ أول اختبار عملي لهذا النوع من الآليات في السياق السوري الجديد، يمكن استخلاص مجموعةٍ من الدروس التي تساهم في تحسين أداء لجان التحقيق المستقبلية، كالتي أُعلن تشكيلها، في 31 تموز/ يوليو 2025، للتحقيق في أحداث السويداء[13]:

  1. تشكيل سريع ومرن يتناسب مع تعقيد الوقائع:أثبتت تجربة الساحل أهمية المبادرة السريعة إلى تشكيل لجنة تقصي خلال وقت قصير من بدء الأحداث، حيث ساهم ذلك في حفظ الأدلة الميدانية واستعادة بعض الثقة المجتمعية، إلا أن تحديد النطاق الزمني والمكاني بصرامة قد يحُدّ من قدرة اللجنة على تغطية المسارات السببية الكاملة للوقائع. ولذلك يُوصَى بتمكين اللجان من توسيع صلاحياتها، إذا استدعت طبيعة التحقيق ذلك، خاصة عندما تتصل الانتهاكات بسياقات سابقة مباشرة أو بنتائج لاحقة استمرت في الزمن.
  2. توفير موارد فنية ودعم تخصصي متقدّمكشفت التجربة الميدانية للجنة الساحل عن قصور في القدرة التقنية على مواجهة تحديات التوثيق الرقمي وتحليل الأدلة. ومن هنا، فإن لجان المستقبل بحاجة إلى وحدات دعم متخصصة، تشمل خبراء في تحليل المقاطع المصوّرة، الطبّ الشرعي، مسرح الجريمة، إضافة إلى فرق مختصة في إدارة قواعد البيانات وتحليل الشهادات، والعمل على إنشاء منظومة معلوماتية مركزية، تسمح بتتبع أسماء المشتبه بهم عبر لجان متعددة، مما يساعد في الكشف عن التكرارات والنماذج المتصلة، في حال تورط الأفراد ذاتهم في وقائع متعددة.
  3. إشراك مجتمعي يضمن الحياد ويوسّع الثقةنجحت لجنة الساحل جزئيًا في بناء ثقة محلية، عبر إشراك كوادر من المجتمع المتضرر في عمليات التوثيق. ويجب أن تتحول هذه الممارسة إلى معيار دائم، حيث ينبغي أن تضمّ لجان التقصي القادمة ممثلين عن مختلف المكونات المجتمعية ذات الصلة، حتى المكونات المتنازعة لضمان حياد اللجنة ومصداقيتها.
  4. تطوير إطار قانوني لحماية الشهود: ينبغي وضع إطار قانوني متكامل لحماية الشهود، لا يقتصر على التكتم على الأسماء، بل يشمل ترتيبات لوجستية وأمنية طويلة الأمد، خاصة في البيئات التي لا تزال فيها أدوات القوة والعنف قائمة.
  5. سياسة تواصل شفافة ومدروسة مع الجمهوريجب أن تعتمد لجان تقصّي الحقائق سياسة تواصل منهجية، توازن بين ضرورة حماية سرية التحقيق، وبين حقّ الرأي العام في الاطّلاع على المسار العام للعمل. ويمكن تكليف ناطق رسمي من بداية عمل اللجنة، لإصدار بيانات دورية تشرح منهجية العمل، وتُصحح المفاهيم المغلوطة من دون المساس بسريّة الأسماء أو الأدلة التفصيلية. وينبغي أيضًا تطوير آلية استباقية للردّ على الشائعات، بحيث لا تترك فجوات معلوماتية يمكن استغلالها لإعادة إنتاج السرديات الدعائية أو التحريضية.
  6. إنشاء آلية مستقلة لمتابعة تنفيذ التوصياتغالبًا ما تواجه لجان التقصي خطر التلاشي المؤسسي بمجرد انتهاء ولايتها، ولضمان استدامة أثر عملها، يُوصى بإنشاء وحدة متابعة مستقلة تُعنى برصد تنفيذ التوصيات القضائية والمؤسسية التي تضمنّها التقرير النهائي. ويمكن لهذه الوحدة أن تكون مرتبطة بجهاز وطني لحقوق الإنسان، أو بهيئة عدالة انتقالية، على أن تنشر تقارير دورية تُظهر مستوى التقدّم، بما يعزز من المصداقية العامة، ويمنع طيّ الملف تحت ضغط الزمن أو المساومات السياسية.
  7. مواءمة نتائج التحقيق مع المسار الوطني للعدالة الانتقاليةلا يمكن النظر إلى لجان تقصي الحقائق كمبادرات معزولة عن الإطار العام لإصلاح النظام القضائي والأمني في سورية. بل ينبغي أن تشكّل هذه اللجان رافدًا أساسيًا، في بناء سجلّ وطني للانتهاكات يُستخدَم أساسًا للملاحقات القضائية، وبرامج جبر الضرر والإصلاح المؤسسي. وهذا يتطلب تأسيس آلية مركزية تستوعب مخرجات هذه اللجان وتحوّلها إلى سياسات عامة، سواء من خلال إنشاء محاكم مختصة أو إدماجها في خطة وطنية للعدالة الانتقالية.

خاتمة

إنّ تجربة لجنة تقصي الحقائق، في أحداث الساحل السوري خلال آذار/ مارس 2025، تُمثّل أول اختبار عملي في السياق السوري الجديد، لآلية وطنيّة تُعنى بالتحقيق في انتهاكات جسيمة وقعَت في ظروف انتقالية معقدة. وعلى الرغم مما تحمله هذه الخطوة من دلالات على الاعتراف الرسمي بأهميّة التوثيق والتحقيق، فإن تقييم جدواها وفاعليتها يستوجب النظر بعمق إلى الإطار المؤسسي والعملي الذي حكم عملها. حيث أظهرت اللجنة قدرةً على جمع معطيات ميدانية واسعة نسبيًا، في مدة زمنية قصيرة، وعلى توثيق أنماط من الانتهاكات راوحت بين القتل خارج نطاق القانون، وحرق الممتلكات، والاعتداءات الجسدية واللفظية ذات الطابع الطائفي، مع تحديد قائمة بالمشتبه بتورطهم وإحالتها إلى النيابة العامة. ومع ذلك، فإن النتائج المعلنة ظلّت محكومة بقيود عدّة، حالت دون تحقيق الأهداف القصوى لأي لجنة من هذا النوع، وفي مقدمتها الربط المباشر بين الانتهاكات الموثقة، والمسؤولية الفردية القابلة للمساءلة القضائية.

وعلى الرغم من أنّ التقرير النهائي تضمّن أرقامًا دقيقة نسبيًا وإفادات ميدانية متنوعة، فإنّه لم ينجح في تقديم صورة مكتملة، من حيث تغطية النطاقَين الزمني والجغرافي للانتهاكات، أو استيعاب شهادات جميع الأطراف المتضررة، ما يثير مخاوف من فجوات في الرواية الرسمية أو إغفال لبعض الوقائع. لكن ليس لدينا التقرير الكامل، بملاحقه وتفاصيله الإجرائية، للحكم بشكل قاطع على منهجيته وشمولية تغطيته، الأمر الذي يجعل التقييم النهائي لمدى دقة نتائجه رهنًا بإتاحة الوثيقة الكاملة لمراجعة متخصصة مستقلة.

من الناحية المؤسسية، تكشف هذه التجربة عن قصور في مواءمة آليات تقصّي الحقائق مع الإطار الأوسع للعدالة الانتقالية، حيث بقي عمل اللجنة معزولًا عن مسارات إصلاحية متكاملة تشمل جبر الضرر، وإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية، وضمان عدم التكرار. هذا الانفصال جعل اللجنة أقرب إلى استجابة إجرائية ظرفية تستهدف امتصاص الضغط المحلي والدولي، بدلًا من أن تكون خطوة تأسيسية لنهج وطني دائم في المحاسبة وكشف الحقيقة. وثمة تجارب دولية عديدة، مثل لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا أو هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب، أظهرت أن نجاح هذه اللجان لا يُقاس بإصدار التقارير فحسب، بل بقدرتها على دمج نتائجها في سياسة وطنية شاملة، تترجم التوصيات إلى إصلاحات ملموسة وتدابير مؤسسية طويلة الأمد.

إن التحدّي الأكبر أمام المسار السوري يكمن في الانتقال، من التحقيق في أحداث محددة، إلى بناء نموذج وطني شامل لتقصي الحقائق يتمتّع باستقلالية فعلية، وأدوات منهجية متقدمة، وضمانات قانونية لحماية الشهود، وآليات متابعة مستقلة لتنفيذ التوصيات. ولتحقيق ذلك، ينبغي ألا تعَدّ لجان تقصّي الحقائق مبادرات معزولة، ويجب أن تُعدّ أذرعًا مكملة لمسار العدالة الانتقالية، بحيث ترفد السجلّ الوطني للانتهاكات وتدعم الملاحقات القضائية وإصلاح المؤسسات، بما يسهم في ترسيخ ثقافة المساءلة وتعزيز الثقة المجتمعية. وفي غياب هذا التكامل، ستظلّ هذه اللجان محكومةً بسقفِ ما تسمح به موازين القوى الراهنة، من دون قدرة حقيقية على إحداث تحوّل نوعي في بنية العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب.

قائمة المراجع

  • المواجهات في الساحل السوري.. التداعيات والمواقف، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 11 آذار/ مارس 2025، الرابط:https://bit.ly/4fFvl6K
  • سمير العبد الله، نوار شعبان، إعادة بناء الأمن في سورية: تحديات واستراتيجيات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني (DDR/ SSR)، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 11 نيسان/ أبريل 2025، الرابط: https://tinyurl.com/56dcw2y4
  • “الإنصاف” هيئة طوت “سنوات الرصاص” بالمغرب، الجزيرة، 11 حزيران/ يونيو 2015، الرابط: https://tinyurl.com/yyk4hhry
  • إعادة التفكير في نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في جنوب السودان (DDR)، مسح الأسلحة الصغيرة – جنيف، أيار/ مايو 2012، https://tinyurl.com/49wx6ues
  •  العنف الانتخابي في نيجيريا (2011): تجاهل محافظات نائية وضرب مصداقية اللجان التحقيقية في ظل قيود لوجستية وزمنية، اللجنة الرئاسية النيجيرية المعنية بأعمال العنف بعد الانتخابات، نُشر في 2011، https://tinyurl.com/mry3f22e
  • تقرير لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات دارفور، الأمم المتحدة، صدر في 25 كانون الثاني/ يناير 2005، https://tinyurl.com/sw536x58
  • تقرير لجنة التحقيق الدولية في دارفور، الأمم المتحدة، 25 كانون الثاني/ يناير 2005، رقم الوثيقة S/2005/60. الرابط: https://tinyurl.com/yeycjadm
  • تقرير لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا (2008–2013)، لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة – كينيا، التقرير النهائي، أيار/ مايو 2013، الرابط: https://tinyurl.com/52jjw73r
  •  تقرير لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة في تيمور الشرقية (2002–2005)، لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة – تيمور الشرقية، التقرير النهائي، 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، الرابط: https://tinyurl.com/2xatcvnx

السويداء بين التدخل العسكري والفراغ الأمني: تموضع وانتكاس، المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة،21 تموز/ يوليو 2025، الرابط: https://bit.ly/4fALFpg

[1] وصفت اللجنة “الفلول” بأنهم “بقايا مجموعات مسلحة منظمة مرتبطة بنظام الأسد السابق، خارجة عن القانون وشرعية الدولة.

[2] المواجهات في الساحل السوري.. التداعيات والمواقف، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 11 آذار/ مارس 2025، شوهد في 23 تموز/ يوليو 2025، الرابط: https://bit.ly/4fFvl6K

[3] مؤتمر صحفي للجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، نشر في 22 تموز/ يوليو، شوهد في 22 تموز/ يوليو 2025، الرابط: https://tinyurl.com/4cukvspp

[4] لجنة التحقيق بأحداث الساحل السوري: 298 متورطًا والقتلى 1426 شخصًا، الجزيرة نت، نشر في 22 تموز/ يوليو 2025، شوهد في 23 تموز/ يوليو 2025، الرابط: https://bit.ly/3UWxMrI

[5] سمير العبد الله، نوار شعبان، إعادة بناء الأمن في سورية: تحديات واستراتيجيات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني (DDR/ SSR)، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، نشر في 11 نيسان/ أبريل 2025، الرابط: https://tinyurl.com/56dcw2y4

[6] هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب: الحقيقة، الإنصاف، وجبر الضرر، المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الرباط، نُشر في 7 كانون الثاني/ يناير 2004، الرابط: https://tinyurl.com/yyk4hhry

[7] إعادة التفكير في نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في جنوب السودان (DDR)، مسح الأسلحة الصغيرة – جنيف، نُشر في أيار/ مايو 2012، الرابط: https://tinyurl.com/49wx6ues

[8] العنف الانتخابي في نيجيريا (2011): تجاهل محافظات نائية وضرب مصداقية اللجان التحقيقية في ظل قيود لوجستية وزمنية، اللجنة الرئاسية النيجيرية المعنية بأعمال العنف بعد الانتخابات، نُشر في 2011، الرابط: https://tinyurl.com/mry3f22e

[9] تقرير لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات دارفور، الأمم المتحدة، صدر في 25 كانون الثاني/ يناير 2005، الرابط: https://tinyurl.com/sw536x58

[10] تقرير لجنة التحقيق الدولية في دارفور، الأمم المتحدة، 25 كانون الثاني/ يناير 2005، رقم الوثيقة S/2005/60. يوضح التقرير في قسم «تحديد الجناة» أن اللجنة تحدّد المشتبه بهم بناءً على “جسم موثوق من المواد متّسق مع ظروف مُتحقَّق منها” (أي وفق السلوك والأفعال على الأرض)، لا على الصفات الرسمية وحدها، ويناقش العلاقة الوظيفية/ الفعليّة بين المليشيات (الجنجويد) وأجهزة الدولة و “الأجهزة بحكم الواقع”، ومفهوم “السيطرة الفعلية”، عند تحليل المسؤولية، الرابط: https://tinyurl.com/yeycjadm

[11] تقرير لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا (2008–2013)، لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة – كينيا، التقرير النهائي، نُشر في أيار/ مايو 2013، الرابط: https://tinyurl.com/52jjw73r

[12] تقرير لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة في تيمور الشرقية (2002–2005)، لجنة الاستقبال والحقيقة والمصالحة – تيمور الشرقية، التقرير النهائي، نُشر في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2005، الرابط: https://tinyurl.com/2xatcvnx

[13] السويداء بين التدخل العسكري والفراغ الأمني: تموضع وانتكاس، المركز العربي لدراسات سورية المعاصرة، نشر في 21 تموز/ يوليو 2025، شوهد في 23 تموز/ يوليو 2025، الرابط: https://bit.ly/4fALFpg

علامات

أسفل النموذج

 

المصدر: كركز حرمون للدراسات المعاصرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى