لاريجاني “يسابق” باراك.. وخطة الجيش تتجنب الصدام

في مطار طهران وقبل توجهه إلى لبنان، ذكر علي لاريجاني بالعلاقة التاريخية بين جبل عامل وإيران، واعتبر أن علماء جبل عامل هم الذين ساهموا في نقل الفقه الشيعي إلى إيران. يريد بذلك أن يشير إلى العلاقة التاريخية التي تمتد عبر الزمن، وتحمل إشارة واضحة إلى عدم التخلي عن النفوذ في لبنان.

زيارات كثيرة

تتزامن زيارة لاريجاني إلى بيروت مع استحقاقات كثيرة، وجولات لموفدين كثر أبرزهم الموفد الأميركي توم باراك، والذي سترافقه فيها مورغان أورتاغوس، بالإضافة إلى زيارة يحضّر لها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، في سياق العمل على التحضير لعقد مؤتمر لمساعدة لبنان وإعادة الإعمار، ومعلومات أخرى تتحدث عن زيارة سيجريها الموفد السعودي يزيد بن فرحان.

هذه الزيارات تأتي بعد القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية في حصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش العمل على إعداد خطة تنفيذية لذلك، إلى جانب تبني الأهداف الواردة في ورقة باراك، والتي تنص على حصر السلاح بشكل كامل بيد الدولة، مقابل الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات والضربات، إطلاق سراح الأسرى، وإطلاق مسار إعادة الإعمار.

ينتظر لبنان زيارة باراك للبحث في المرحلة الأولى من الاتفاق والتي تشمل الضغط على إسرائيل لوقف الخروقات والاعتداءات قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية بعد إنهاء الجيش لخطته.

خطة الجيش

بدأ الجيش اللبناني العمل على إعداد الخطة، يراعي فيها كل الوقائع اللبنانية على قاعدة عدم الصدام مع أي طرف لبناني، وتوفير الظروف السياسية المؤاتية وعلى قاعدة التفاهم. ما يعني أن الجيش ينظر إلى معالجة هذه المشكلات بالسياسة وليس بالطريقة العسكرية. وفي هذا الإطار جاء لقاء قائد الجيش رودولف هيكل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وحسب المعلومات، فإن الجيش سيعرض تصوره للخطة بالإضافة إلى عرض كل المعوقات أو الصعوبات التي قد تعترض طريقه في التطبيق، بالإضافة إلى عدم التقيد بمهلة زمنية محددة أو الحاجة إلى مدة مفتوحة، نظراً لعدم امتلاك معلومات دقيقة حول حجم الأسلحة وأماكنها. وبالتالي، في حال لم يقدم حزب الله المعلومات الخاصة، بذلك سيكون من الصعب جداً على الجيش تحديد الأماكن والمواقع. كما أن الجيش سيركز على الحاجة الضرورية للكثير من المساعدات المالية والعسكرية كي يتمكن من تحقيق الأهداف إلى جانب الرعاية السياسية.

موقف إيران وأجوبة باراك

هذه الملفات كلها ستكون حاضرة خلال زيارة باراك، إذ سيتم البحث معه في الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد، بالإضافة إلى البحث في حجم المساعدات التي يجب تقديمها للجيش. وينتظر لبنان ما سيحمله باراك من أجوبة تتعلق بهذا الأمر، إلى جانب السعي لتوفير المزيد من المساعدات من المملكة العربية السعودية وقطر. في المقابل، استبق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، كل هذه الوفود من خلال زيارته إلى بيروت، والتي تحمل مؤشرات كثيرة في هذه المرحلة، أهمها أن إيران لن تتخلى عن حزب الله، وتصر على مواصلة توفير الدعم له سياسياً وعسكرياً.

يأتي لاريجاني منطلقاً من مواقف إيرانية واضحة حول رفض خطة الحكومة لسحب السلاح، والتشديد على أن حزب الله بدأ يستعيد قدراته وبناء قوته. وهو ما أثار موجة ردود لبنانية معترضة على التدخل الإيراني بالشؤون اللبنانية، وسط معلومات أن المسؤولين اللبنانيين سيبلغون لاريجاني بقرار الحكومة وبأن لا رجعة عنه، بينما الأساس يبقى للقاء الذي سيعقد بين المسؤول الإيراني ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وسط معلومات تفيد بان المواقف الإيرانية تحمل لهجة تصعيدية، لا سيما أن إيران تعمل على إعادة تجميع كل أوراقها الإقليمية، ولا يمكن لها أن تتخلى عن حزب الله، لا على المستوى السياسي ولا على مستوى الدعم المالي والعسكري.

وسينتظر حزب الله لما بعد زيارة لاريجاني لبلورة موقفه أكثر، وربما لمواصلة تحركاته التصعيدية لمنع تطبيق قرار سحب السلاح، على الرغم من أن مقربين من الحزب يشيرون إلى ضرورة تراجع الحكومة عن قرارها، إلا أن ذلك غير متاح. لذا، فإن التركيز سيكون على عدم تطبيق أي خطة، وعدم تسليم أي قطعة سلاح، ما قد يفتح الباب أمام عدم التزام إسرائيل بالاتفاق وأمام احتمال تجدد التصعيد الإسرائيلي.

استحقاق اليونيفيل

كل هذه التطورات تأتي على بعد أيام من موعد اتخاذ قرار بشأن التمديد لقوات اليونيفيل العاملة في الجنوب. فحتى الآن لا يوجد أي تصور واضح حول كيفية التعامل مع هذا الملف، خصوصاً في ظل الضغط الإسرائيلي لعدم التجديد لهذه القوات، بينما هناك اتجاه في أميركا لعدم الالتزام بالميزانية وتقليصها. حتى الآن لا وضوح بالموقف الأميركي، حتى بالنسبة للامم المتحدة التي تبدي تخوفها من تقليص ميزانية اليونيفيل، وتخفيض عديدها وتقليص المدة الزمنية من سنة إلى أشهر قليلة.

في المقابل، طُرحت فكرة تعزيز دور لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، لتصبح هي صاحبة القرار الفعلي، وهي التي تتولى توجيه الجيش في التحرك باتجاه شمال الليطاني طالما أن اليونيفيل لا تمتلك أي صلاحيات للتحرك في شمال نهر الليطاني. وقد برز في الفترة الأخيرة حراك نشط لليونيفيل من دون التنسيق مع الجيش للدخول إلى مواقع والكشف عليها، في إطار التبرير للتمديد لها. بينما جهات أخرى تعتبر أن التمديد سيكون صعباً بسبب التشدد الإسرائيلي والخلافات بين إسرائيل مع كل من فرنسا، اسبانيا، إيطاليا ودول أوروبية أخرى بسبب موقفها من الدولة الفلسطينية.

في السياق، تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن إسرائيل طرحت قبل فترة فكرة إدخال قوات متعددة الجنسيات بدلاً من قوات اليونيفيل، ولكن هذا الخيار لا يزال غير ناضج لأنه يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، وهو غير متاح حتى الآن، خصوصاً أن روسيا والصين غير متحمستين لذلك.

عملياً، مرحلة مفصلية على مستوى المنطقة ككل، والتي ستكون أمام صفقة على مستوى كبير أو انفجار على مستوى أكبر مما سبق.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى