
تمرُّ قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بمرحلة مفصلية من وجودها، إذ لم تعد تحظى بالدعم الدولي نفسه الذي مكنها من السيطرة على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ومع التغيرات السياسية الكبرى، خاصة إعلان الولايات المتحدة نيتها الانسحاب من سوريا، وجدت “قسد” نفسها أمام واقع جديد قد يقود إلى تفكيكها أو إنهائها عسكريًا، سواء عبر اتفاق سياسي أو عملية عسكرية مشتركة.
أولاً: من الرعاية الأمريكية إلى قرار الانسحاب
شكّلت الولايات المتحدة الحاضن الرئيسي لـ”قسد” منذ تأسيسها، لكنها بدأت تدريجيًا بالتخلي عنها. في فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب، تم الإعلان عن النصر على “داعش”، ومنذ ذلك الحين، بدأ الحديث يتزايد عن انسحاب أمريكي كامل من سوريا. ومع عودة ترامب مجددًا إلى البيت الأبيض في عام 2025، يواصل تعزيز علاقاته مع الرئيس التركي أردوغان، حيث صرّح علنًا بأن “مفتاح سوريا” أصبح بيد تركيا. هذه التصريحات توضح بجلاء نية ترامب في اتخاذ خطوات للانسحاب من سوريا، وهو ما قد يضع “قسد” في موقف حرج، خصوصًا في ضوء تصريحات سابقة له بشأن تسليم الملف السوري إلى تركيا.
ثانيًا: الاتفاق مع الرئيس أحمد الشرع
بعد تولي الرئيس أحمد الشرع الحكم في سوريا، وبدفع مباشر من الجانب الأمريكي، تم التوصل إلى اتفاق بينه وبين مظلوم عبدي، يقضي بتفكيك “قسد” تدريجيًا، ودمج بعض عناصرها ضمن الجيش السوري الجديد تحت إشراف وزارة الدفاع. تم تشكيل لجان مختصة للإشراف على تطبيق الاتفاق، وكان واضحًا أنه لا يمثل قرارًا ذاتيًا من قيادة “قسد”، بل فرضًا من واشنطن نفسها.
ثالثًا: بدء تنفيذ الاتفاق – انسحابات ميدانية
ورغم توقيع مظلوم عبدي على الاتفاق، إلا أن التنفيذ يواجه عراقيل داخلية. فبحسب المراقبين، فإن عبدي لا يملك السيطرة الكاملة على “قسد”، لأن القيادة الفعلية تعود إلى جميل بايك، الرئيس المشترك للهيئة القيادية في حزب العمال الكردستاني، والذي يُعرف بولائه لخط متشدد يعارض أي تقارب مع الدولة السورية أو تركيا، ويُنظر إليه على أنه أداة بيد أطراف لا ترغب باستقرار سوريا أو المنطقة.
ورغم الاتفاق، بدأ تنفيذ بعض الخطوات الميدانية، مثل سحب “قسد” من أحياء الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب، وتسليمها لقوات الأمن العام، ونقل قوات “قسد” إلى مناطق شرق الفرات، خاصة الحسكة.
رابعًا: العودة المحتملة لسيناريوهات عسكرية
يرى مراقبون أن “قسد” قد تواجه عملية عسكرية مماثلة لما حدث في عمليات “غصن الزيتون” و”نبع السلام” التي قادتها تركيا في عام 2018. في ذلك الوقت، تم إنهاء محاولات “قسد” للتمدد على الحدود الجنوبية مع تركيا، وبالتزامن مع عودة الرئيس ترامب إلى الحكم، قد يُمنح الرئيس أردوغان الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية جديدة، خاصة في حال تعثر تنفيذ الاتفاق مع دمشق أو تم تعطيله.
خامسًا: مؤشرات الانهيار داخل “قسد”
مع تضاؤل الدعم الأمريكي وانكشاف الانقسامات الداخلية، ظهرت مؤشرات واضحة على انهيار التنظيم:
استجداء الدعم الخارجي: لجأت “قسد” إلى دعوات متكررة لفرنسا وإسرائيل لدعمها، دون أي استجابة حقيقية.
انفلات اقتصادي وأمني: فرض الضرائب العشوائية، ونهب المؤسسات، وانتشار الفساد داخل إدارتها.
إعلان التعبئة: محاولة يائسة لتغطية فقدان الغطاء الأمريكي.
عمليات انتقامية: حملات اعتقال ونهب ضد المدنيين بعد خسارة مناطق استراتيجية.
الترويج للإشاعات: مثل دعوة مظلوم عبدي لحفل تنصيب ترامب أو الترويج لمؤتمرات غير موجودة.
سادسًا: السيناريوهات المحتملة لمصير “قسد”
تفكيك سلمي: عبر استكمال تنفيذ الاتفاق مع الحكومة السورية، وتسليم المناطق مقابل ضمانات.
عملية عسكرية مشتركة: في حال تعنت “قسد”، قد تشن تركيا ودمشق هجومًا ينهي وجودها عسكريًا.
تفكك داخلي: تحوّلها إلى ميليشيات صغيرة خارجة عن السيطرة، أو انقسامها لتحالفات محلية.
الخاتمة
باتت “قسد” كيانًا منتهي الصلاحية، يتحرك بضغط دولي، ويواجه صراعات داخلية بين قياداته. ومع بدء تنفيذ الاتفاق المبرم مع دمشق، يبدو أن تفكيك التنظيم أصبح مسألة وقت، وليس خيارًا. ووسط انحسار النفوذ الأمريكي، وتغيّر التحالفات الإقليمية، قد يكون ما تبقى من “قسد” مجرد صدى لمرحلة سابقة من الصراع السوري.
المصدر: شباب بوست
هل إنتهى دور قسد/مسد ؟ اتفاق مظلوم عبدة مع احمد الشرع هل كانت بداية النهاية؟ واستكملت بإتفاق حلب بين إدارة الشيخ مقصود والأشرفية مع ادارة الأمن العام بحلب، دوماً يتم إستخدام الميليشيات كبندقية مستأجرة ويتم رميها كمحارم التواليت.