المحتويات
أولًا: مقدمة؛ المؤتمر السوري العام الكبير الأول
ثانيًا: معاني “المؤتمر السوري الكبير الثاني”
ثالثًا: مكامن الخلل في رؤية السلطة الحالية إلى المؤتمر
رابعًا: ضرورة المؤتمر وفوائده
خامسًا: الهدف الرئيس للمؤتمر السوري الكبير الثاني
سادسًا: مواصفات المؤتمر المأمول
سابعًا: الهيئة التحضيرية (واللجنة اللوجستية)
ثامنًا: شروط تشكيله ونجاحه
تاسعًا: أسس تشكيله
عاشرًا: طرائق اختيار المشاركين والآلية
حادي عشر: مشكلات تتعلَّق باختيار المشاركين في المؤتمر
ثاني عشر: آلية اتخاذ القرار في المؤتمر
ثالث عشر: منطلقات أساسية في رسالة الدعوة إلى المؤتمر
رابع عشر: مهمات المؤتمر وخطة العمل
خامس عشر: أعمال متمِّمة
كلمة أخيرة
أولًا: مقدمة؛ المؤتمر السوري العام الكبير الأول
بعد زوال الدولة العثمانية، شُكِّل المؤتمر السوري العام (أو الكبير) في حزيران/ يونيو 1919 تحضيرًا للجنة كينغ-كراين لتقصي الحقائق بشأن مستقبل سوريا، وكان عدد أعضائه تسعين عضوًا من أنحاء سوريا الطبيعية كافة (وكانت تشمل لبنان، وفلسطين، والأردن، ولواء اسكندرون، والأقاليم السورية الشمالية التي مُنحت لتركيا من قبل الفرنسيين في اتفاقية أنقرة 1921، واعترفت بها معاهدة لوزان 1923 بين تركيا والحلفاء).
جاء عقد هذا المؤتمر في لحظة استثنائية ومفصلية حيث انتقلت سوريا من كونها جزءًا من السلطنة العثمانية إلى حالة جديدة، وكان المؤتمر بمنزلة برلمان سوري، واستمرت أعماله لمدة 13 شهرًا تقريبًا، بدءًا من أواخر حزيران/ يونيو 1919 إلى 19 تموز/ يوليو 1920، أي حتى ما قبل معركة ميسلون في 24 تموز/ يوليو 1920.
أعلن هذا المؤتمر، في جلسته بتاريخ 7 آذار/ مارس 1920، أبرز مقرراته، وهي: استقلال سوريا باسم المملكة السورية العربية، وشكَّل لجنة لوضع أول دستورٍ للبلاد، وتلا محمد عزة دروزة سكرتير المؤتمر مندوب نابلس القرار على الجماهير الحاشدة في ساحة المرجة من شرفة مبنى بلدية دمشق في 8 مارس/ آذار 1920.
يُعدُّ المؤتمر السوري العام أول برلمانٍ وطني في تاريخ سوريا، تمثلت فيه جميع التيارات السياسية والطوائف، وكان فيه نائبٌ عن اليهود، ولكي يضع بريطانيا وفرنسا أمام الأمر الواقع صوّت على قانون إعلان استقلال سوريا الطبيعية باسم المملكة السورية العربية في 8 آذار/مارس 1920 وتحوَّل بذلك إلى مجلسٍ تأسيسي.
كان المؤتمر السوري الكبير استجابة ملائمة للحظة استثنائية في تغير الواقع، مثلما كان استجابة لتحديات مستقبلية آنذاك. وتعيش سوريا اليوم لحظة مفصلية واستثنائية تتمثل بإنهاء نظام الحكم الشمولي والمتوحش، وبوجود تحديات وأخطار حالية ومستقبلية عديدة، وليس هناك ما هو أفضل من عقد مؤتمر سوري جديد يمكن أن يُطلق عليه اسم: المؤتمر السوري الكبير الثاني، فنربط بذلك تأسيس سوريا الأول بتأسيسها الثاني.
ثانيًا: معاني “المؤتمر السوري الكبير الثاني”
ما سرّ أو أسرار ارتباكنا، خلال السنوات الماضية، في عقد مؤتمر وطني سوري ناجح؟ في اعتقادي، إذا وضعنا جانبًا الأسباب الموضوعية التاريخية المتمثلة بالاستبداد المزمن، يمكن القول إن الخلل يكمن في مستويات عديدة؛ المفاهيم والتحليل والأهداف والآليات والشخصيات.
لم يكن هناك تواضع بخصوص تسمية “المؤتمر الوطني السوري” طوال أربع عشرة عامًا، ولا سيما في ظل وجود جهات كثيرة كانت كلٌّ منها تدعو إلى عقد “مؤتمر وطني سوري” على مقاسها، ووفق رؤيتها، ما ينفي عن “مؤتمرها” سلفًا صفة “الوطني”، ولم يكن هناك إدراك بأنَّ عقد مؤتمر وطني سوري ليس مسألة بسيطة، وأنَّ اعتماد هذه التسمية لـتكون عنوانًا لأي مؤتمر يُعقد أمرٌ مضلل أو خاطئ.
كان من المهم الانتباه أيضًا إلى أن المؤتمر الوطني يُعقد في إحدى ثلاث حالات؛ الأولى: عندما يعترف النظام الحاكم في أي دولة بأزمة البلاد وانسداد الآفاق، ومن ثمّ بأهمية مشاركة أبناء البلد وممثلي قواها المختلفة في الخروج من الأزمة، وهذا لم يكن واردًا في الحالة السورية أو فات أوانه منذ زمن بعيد. الثانية: عندما يصل النظام الحاكم إلى درجة عالية من العزلة الداخلية، وتتقلص مساحة مؤيديه أو مواليه بصورة شديدة، وهي الحالة التي لم تكن لها مؤشرات دالة، على الرغم من أزمة “النظام السوري” الكبيرة. الثالثة: عندما يصبح النظام الحاكم على شفير الهاوية أو السقوط، بحكم أزمته الداخلية أو بسبب التدخل الخارجي، وهذا أيضًا لم يكن متحقِّقًا في الحالة السورية.
ثالثًا: مكامن الخلل في رؤية السلطة الحالية إلى المؤتمر
على الرغم من أنه لا يوجد إعلان رسمي أو وثيقة خاصة بالمؤتمر فإنَّ ما رشح حتى الآن من رؤية السلطة الحالية عن المؤتمر لا يبشِّر بالخير.
قيل مثلًا “إن المؤتمر سيُعقد خلال أيام”، وهذا يوحي بالخفة والاستسهال لأن التحضير لمثل هذا المؤتمر المأمول يحتاج إلى ثلاثة أشهر على الأقل. وقيل “إن عدد المدعوين إلى المشاركة في المؤتمر سيكون 1200 مشارك/ة تقريبًا”، وهذا يعني أننا أمام “عراضة” أو “مهرجان خطابي” وليس أمام مؤتمر سياسي يحدِّد مستقبل سوريا”.
وقيل “إن المؤتمر سيستمر لمدة 3 أيام”، ما يعني أن المؤتمر لا يزيد على أن يكون طقسًا احتفاليًا بسقوط النظام السابق، وأن المشاركين سيكونون منهمكين بالتعارف والمصافحة لا أكثر. وقيل “إن رؤساء الطوائف والعشائر سيكونون مدعوين إلى جانب سياسيين وأكاديميين وغيرهم” ما قد يعني أن المؤتمر قد يتمخض عن اتفاقات مع الطوائف الدينية والعشائر والقبائل، وربما محاصّات طائفية وقبلية، وهذا يعني أننا مؤتمر للتقاسم وتطييب الخواطر والإرضاء لا أمام مؤتمر وطني سوري.
وقيل “إن المدعوين إلى المؤتمر سيكونون موزعين على فئات (15-20 فئة)، من بينها فئة الشباب وفئة المرأة، وفئة المنشقين، وفئة المعتقلين… إلخ”، وكأننا أمام صفوف مدرسية. بالطبع من المهم أن يأخذ المؤتمر في الحسبان تحقيق مثل هذا التوازن والشمول لكن بعد أن يضمن الكفاءة معيارًا رئيسًا، أي بعد أن يُختار المشاركون وفقًا لهذا المعيار يمكن ترميم النقص في تمثيل هذا الفئات، إذ يمكن أن تتوافر مجموعة من صفات الفئات بصورة متداخلة، مثلًا: امرأة، وفي الوقت نفسه معتقلة سابقة، وممثلة حزب سياسي حاليًا، وربما أكاديمية أيضًا، وهكذا.
وقيل أيضًا بضرورة “التمييز بين السياسي الذي لم يمارس الثورة، والثوري الذي لم يمارس السياسة”، وهذا يحتاج إلى تحديد معنى موضوعي للممارسة السياسية والممارسة الثورية، إضافة إلى أن كثيرًا من الممارسات الثورية والسياسية خلال أربعة عشر عامًا كانت مخربة وغير مفيدة، فضلًا عن إمكان وجود شخصيات تجمع بين السياسة والثورة بمعانٍ قد لا تكون مقبولة من جهة الهيئة التحضيرية الحالية الداعية إلى المؤتمر.
وقيل أيضًا “إن المؤتمر لن يحدِّد شكل نظام الحكم المقبل، فالمؤتمر ليس هيئة تشريعية”، فإذا كان كذلك فما أهميته أو ضرورته؟ صحيح أن المؤتمر ليس برلمانًا منتخبًا لكن اللحظة السياسية الراهنة تتطلب نوعًا من الشرعية النسبية التي بإمكانها أن تحدِّد طبيعة نظام الحكم المقبل، فالانتظار لمدة ثلاث أو أربع سنوات ليس في مصلحة سوريا والسوريين، بل ليس في مصلحة السلطة القائمة حاليًا، والأيام والأشهر المقبلة قد تكون حبلى بأحداث ومفاجآت قد لا تسرّنا.
في الخلاصة؛ نحن أمام لحظة مفصلية واستثنائية تتطلب خيارات وطنية عاقلة، ومن ثم ينبغي للسلطة القائمة حاليًا ألَّا تفصِّل المؤتمر على مقاسها بل على مقاس الوطن السوري، وهذا إن حصل ستكون هذه أعظم خدمة تقدِّمها أي سلطة للسوريين، وسيقدِّر السوريون هذا الفعل، وسيحملون هذه السلطة بقلوبهم.
رابعًا: ضرورة المؤتمر وفوائده
- المؤتمر إشارة إلى السوريين بأنهم يبدؤون مرحلة جديدة تقطع مع المرحلة السابقة، نفسيًا وعقليًا وسياسيًا، وهذا مهم ليتفاعلوا إيجابيًا في ما بينهم، وليساهموا فعلًا في بناء بلدهم بروح جديدة.
- تطمين السوريين جميعهم بأنهم ذاهبون باتجاه نظام ديمقراطي تشاركي لا باتجاه نظام استبدادي جديد من لون آخر، بدلًا من الخطاب المبتذل الذي يرتكز على تطمين الطوائف أو الأقليات انسجامًا مع الخطاب الغربي الذي ينظر إلينا بوصفنا جماعات طائفية وعشائرية لا بوصفنا شعبًا.
- المؤتمر إشارة إلى الخارج بأن سوريا ذاهبة في طريق الاستقرار والأمان، وأنها لن تكون مصدرًا للتطرف والتخريب أو ممرًّا لهما.
خامسًا: الهدف الرئيس للمؤتمر السوري الكبير الثاني
لا بدَّ من تثبيت الهدف الرئيس للمؤتمر السوري الكبير الثاني بوضوح؛ بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، وإقرار مبدأ المواطنة المتساوية حقًا، بصرف النظر عن العقيدة أو الأيديولوجية أو القومية أو الطبقة أو الجنس، بما يعني التخلِّي عن أي أوهام، علنية أو خفية، تتعلق ببناء دويلات إسلامية أو كردية أو عربية أو علوية أو درزية، وغيرها.
سادسًا: مواصفات المؤتمر المأمول
- مؤتمر استثنائي كونه يأتي في لحظة مفصلية، بعد إنهاء الحكم الشمولي، يواجه فيها السوريون مهمة إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة. يمكن أن يكون المؤتمر إعلانًا لنهاية نمط من الحكم بدلًا من أن يُختزل الحدث السوري بإحلال سلطة جديدة محلَّ سلطة قديمة من دون أي تغيير في أسلوب الحكم وأهدافه.
- مؤتمر مهم من الناحية النفسية لأنَّ عقده ونجاحه يقدِّم فرصة ثمينة للسوريين تتمثل بـ الاستشفاء النفسي من آثار الاستبداد. يمكن أن يكون المؤتمر فرصة للسوريين لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم مجتمعين على تجاوز المحن ومواجهة التحديات.
- سوريا في حاجة إلى بناء الدولة أولًا في مواجهة كل نزعة للتمكن من السلطة في اللحظة الحالية، وهذا يتطلب من السلطة القائمة حاليًا مواجهة أي إغراء بالحكم الفردي أو تشكيل سوريا على هواها وبما يتوافق مع رؤيتها، أي تغليب عقل الدولة على عقل السلطة وعقل الثورة في آن معًا.
- يمكن أن تكون سوريا المثال المشجع لدول المنطقة من خلال هذا المؤتمر، ما يعني أن آثاره لن تتوقف عند سوريا وحسب بل سيكون له أثره في إطلاق سيرورة ديمقراطية في المنطقة.
سابعًا: الهيئة التحضيرية (واللجنة اللوجستية)
- تُشكَّل للمؤتمر هيئة تحضيرية من شخصيات لا تطمح إلى أي منصب حكومي خلال السنوات الخمس المقبلة أو يُشترط عليها عدم تولِّي أي موقع خلال هذه الفترة.
- تأليف الهيئة التحضيرية من شخصيات قانونية وقضائية عريقة ومستقلة (مثلًا؛ اختيار أهم القضاة والمحامين والمثقفين السوريين المستقلين).
- الإعلان عن شخصيات الهيئة التحضيرية وتعريف الرأي العام السوري بها (اعتماد مبدأ الشفافية).
- وضع لائحة تنظيمية لآلية عمل الهيئة التحضيرية بما فيها آلية اتخاذ القرار.
- تعلن الهيئة التحضيرية أمام الرأي العام السوري عن معاييرها في اختيار الشخصيات المدعوة إلى المؤتمر.
- ينتهي عمل الهيئة التحضيرية عند انعقاد المؤتمر، وتتحول إلى هيئة رقابية على حسن سير العمل خلال فترة عمل المؤتمر.
- يُساعد الهيئة التحضيرية في عملها لجنة لوجستية واسعة.
ثامنًا: شروط تشكيله ونجاحه
- يجب ألَّا يكون المؤتمر مجرد إشارة إيجابية إلى الخارج بقصد تمكين السلطة القائمة حاليًا، بل إشارة حقيقية تسمح بتقليص التدخل الخارجي إلى أدنى حدٍّ ممكن، بل وضبط إيقاع أي تدخل ممكن وفق إيقاع مؤتمر سوري وطني.
- يمكن أن يكون المؤتمر حلًا إبداعيًا سوريًا لإخراج القرار 2254 وفق المصلحة الوطنية السورية، أي هضم متطلبات القرار وإعادة إنتاجها بما يتوافق مع اللحظة الراهنة والتوافق الوطني السوري بما يمنع تحول القرار 2254 إلى وسيلة ضغط على أي سلطة سوريّة. عمومًا المؤتمر بأعضائه هو هيئة الحكم الانتقالي بحسب ما جاء في القرار 2254.
- ينبغي لنا التخلص نهائيًا من فكرة “اللمّة” التي يجري في ضوئها إنتاج “المؤتمرات”؛ أي دعوة وجمع أفراد وقوى هلامية وفوضوية، سياسية وعسكرية وثورية وجهادية ومدنية وإغاثية وفنية، وممثلي قوميات وطوائف وحارات وفصائل.
- يجب أن تُشكَّل للمؤتمر هيئة تحضيرية لا يطمح أعضاؤها إلى أي منصب حكومي خلال السنوات الخمس المقبلة أو يُشترط عليهم عدم تولِّي أي موقع خلال هذه الفترة.
- يجب أن يكون المشاركون في المؤتمر أو المدعوون إليه ممن لا يطمحون إلى أي منصب حكومي خلال السنوات الخمس المقبلة أو يُشترط عليهم عدم تولِّي أي موقع خلال هذه الفترة. أي لا بدَّ من تأكيد ضرورة الفصل بين من سيضعون السمات العامة للدولة ومن سيلعبون دورًا سياسيًا خلال المرحلة المقبلة لأن جمعهما معًا سيفقد الثقة بالمؤتمر.
- المؤتمر سيرورة متواصلة وليس مجرد لقاء احتفالي يُعقد بصيغة رفع العتب، وبمعنى أوضح ينبغي للمؤتمر أن يستمر في أعماله طوال المرحلة الانتقالية (من سنة ونصف إلى سنتين)، وبالتالي يكون بمنزلة هيئة الحكم الانتقالي.
- يجب أن يكون المؤتمر ذا صلاحيات حقيقية تصدر عنه قرارات واجبة التنفيذ وإلَّا لن تكون له قيمة أو أثر في واقع سوريا ومستقبلها.
- ينبغي للمؤتمر ألَّا يُشكَّل استنادًا إلى الانتماء الطائفي أو الإثني، ولا إلى خطاب “نصف وطني” يعتمد أساسًا على مقولتي “الأقليات” و”المكونات” الهدَّامتين.
- يجب أن يحظى المؤتمر بشرعية نسبية مقبولة على المستوى السوري، أكان ذلك على مستوى طريقة تشكيل الهيئة التحضيرية أو على مستوى المدعوين والمشاركين أو على مستوى آليات عمل المؤتمر وصلاحياته ومخرجاته.
تاسعًا: أسس تشكيله
- أن تكون الدعوة مبنية على دعوة أفراد لا قوى أو هيئات، لأنه لا يمكن التثبّت حاليًا من وجود هذه القوى أو لأن هذه القوى غير متبلورة.
- الوطنية السورية والكفاءة هما المعياران الرئيسان لاختيار الشخصيات المدعوة إلى المؤتمر.
- العدالة من حيث التوزع الجغرافي والإداري والإثني والطائفي والجنسي والعُمري، لكن هذا لا يعني وجود محاصّات على أساس طائفي أو إثني، بل يعني أنه بعد أن يتم اختيار الشخصيات المشاركة على أساس الكفاءة أن يؤخذ في الحسبان أن تكون المناطق والمحافظات والإثنيات والطوائف، إضافة إلى فئة النساء والشباب، حاضرة في المؤتمر بصورة عادلة.
- لا تجوز مشاركة أي فرد يثبت تورطه في الدم والفساد. لا تجوز مشاركة أي فرد موجود على لائحة العقوبات الدولية أو لائحة الإرهاب.
- تمثيل عادل للاتجاهات السياسية الثقافية في سوريا: التيار الإسلامي، التيار القومي العربي، التيار اليساري، التيار الليبرالي، التيار الوطني السوري، التيار المستقل.
- ينبغي أن يكون حزب البعث مشاركًا من خلال شخصيات غير متورطة في القتل أو الفساد.
- ينبغي أن يشارك عدد من رجال الأعمال والتجار السوريين من المقيمين داخل وخارج سوريا.
- تمكن مشاركة ضباط منشقين وقادة فصائل وضباط سابقين بصفة مراقب شريطة عدم تورطهم في القتل أو الفساد.
عاشرًا: طرائق اختيار المشاركين والآلية
- ربما يكون من الأفضل ألَّا تقوم الهيئة التحضيرية باختيار الشخصيات المدعوة إلى المؤتمر، وبدلًا من ذلك أن تختار، وفق معايير محدَّدة، شخصيات من بين الأشخاص الذين يرشحون أنفسهم للمشاركة في هذا المؤتمر ويرون في أنفسهم الأهلية اللازمة للمشاركة.
- يمكن للهيئة التحضيرية أن تضع استمارة تُملأ من قبل من يُرشِّحون أنفسهم، تحتوي على حقول محدَّدة ظاهرة (الكفاءة) تتضمن: الشهادة العلمية، التاريخ السياسي والنضالي، الإنجازات الشخصية… إلخ، وعلى حقول مخفية تتضمن: الاسم الكامل والعمر والمحافظة والمنطقة… إلخ.
- تقوم الهيئة التحضيرية بمراجعة الاستمارات المقدَّمة بطريقة تماثل فض أوراق الامتحانات، وفق علامات أو درجات محدَّدة لكل بند من بنود الاستمارة، من دون فتح البنود المخفية التي قد تشير إلى المحافظة أو الإثنية أو الدين أو الطائفة أو الجنس.
- في مرحلة لاحقة تُفتح الحقول المخفية، ويُنظر في خلفيتها وتوضع نقاط استنادًا إلى معايير أخرى، ثم تجمع هذه النقاط مع العلامات أو الدرجات الأولى، ويتم اختيار أفضل 200 شخصية، ولا تُذكر الشخصيات التي لم تنجح.
- من بين الأوراق المطلوبة من الذين يُرشِّحون أنفسهم تقديم مستند يُظهر توقيع 100 شخصية مؤيدة أو داعمة للشخص الذي يرشِّح نفسه، وتُشكَّل لجنة للتدقيق (من ضمن اللجنة اللوجستية التابعة للهيئة التحضيرية) في صدقية التأييد أو الدعم.
- يمكن أن تُخصَّص 10 في المئة من المقاعد في المؤتمر للجهة الممسكة بزمام السلطة حاليًا لتملأها بشخصيات سياسية وفق ما ترى.
- ينبغي ألَّا يزيد عدد المشاركين في المؤتمر على 200 شخصية.
حادي عشر: مشكلات تتعلَّق باختيار المشاركين في المؤتمر
لدينا مشكلات عديدة تتعلق باختيار المشاركين والمشاركات في المؤتمر:
- القوى السياسية؛ المشكلة الرئيسة أنه لا توجد لدينا قوى سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة. لا توجد معايير قابلة للقياس بخصوص القوى السياسية التي يمكن أن تُدعى إلى المؤتمر أو تشارك فيه؛ هل هناك وجود حقيقي لهذه القوة أو تلك؟ ما عدد أعضائها؟ برنامجها السياسي؟ نظامها الداخلي؟ … إلخ. هناك أسماء كبيرة متداولة لقوى غير موجودة أو صغيرة.
- التحالفات الهشة والهلامية؛ هناك أسماء عديدة لتحالفات وائتلافات واتحادات وتجمعات هشة أو هلامية، تقدِّم نفسها بطريقة غير متواضعة، من دون القدرة على التثبت من صحة وجودها أو عدد القوى والأفراد المنضوين فيها.
- القوى المختلطة؛ هناك قوى غير محدَّدة المعالم، يختلط فيها السياسي بالعسكري بالمدني بالإغاثي، فضلًا عن القبلي والطائفي والقومي، وهي قوى فوضوية مربكة في أي مؤتمر.
- الشخصية الوطنية؛ درج هذا المصطلح في أوساط المعارضة والثورة، ولم تُوضع له أي معايير، إلى درجة أصبح فيها مصطلحًا مضلِّلًا، ويتخلَّله كثيرٌ من الادعاء والوهم؛ إذ يكاد يكون المعيار الرئيس هو الظهور الإعلامي للشخصية، وهذه ليست دلالة على أي قدرة أو كفاءة، وربما تكون دلالة على الخفّة وحبّ الظهور أو عدم التمنع عن الاندراج في محاور إقليمية أو غيرها. في اعتقادي، لعلَّ المعنى الرئيس للشخصية الوطنية يتجسَّد في كونها قادرة على الدفاع حقًا عن سوريا كلها، وفي انتمائها إلى سوريا كلها، وفي عدم اندراجها في أي اصطفاف قومي أو قبلي أو طائفي أو إقليمي أو دولي، ويتوافر لديها شيء من التاريخ النضالي أو السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي أو غيره، فضلًا عن توافر قدرات معقولة في الحقل السياسي أو غيره.
- الشخصيات المستقلة والقوى السياسية؛ هذه واحدة من المشكلات أو النزاعات التي تتكرر في لقاءات المعارضة، وتتجلى في عدم منطقية تمثيل القوى السياسية في مقابل الأفراد المستقلين أو “الشخصيات الوطنية”، إذ يكون للفرد المستقل مثلًا صوت يعادل صوت مندوب أي قوة سياسية، وهي إشكالية تحتاج إلى التفكير في حلٍّ تنظيمي عادل ومقنع.
- الاستقلالية؛ تنوس أغلبية التشكيلات والشخصيات المعارضة والثورية بين استقلالية موهومة من جهة، والذوبان في سياسات إقليمية من جهة أخرى. وليس أدلّ على ذلك من المنصات السياسية التي تعمل استنادًا إلى مبدأ الأواني المستطرقة، حيث تأخذ هذه المنصات شكل الإناء (الدولة) الذي توضع فيه.
- هلامية تنظيمية؛ شًكِّلت مؤسسات وتشكيلات ومنصات سياسية عديدة، وبُنيت بطريقة اعتباطية وهلامية، ومن دون اعتماد نظم داخلية، أو اعتمدت من دون تطبيق. هذه المؤسسات لم تستطع ضبط أو محاسبة أفرادها على تصريحاتهم الإعلامية غير المسؤولة أو على ذهابهم في طرق سياسية، فوق الطاولة أو تحتها، تتناقض مع أهداف ومبرِّرات تشكيل مؤسساتهم الأصلية، كما فعل كثير من أعضاء “الائتلاف الوطني”.
- تقاليد سياسية غائبة؛ يتصل بالهلامية التنظيمية غياب التقاليد السياسية، فليس من النادر أن نجد سوريًا موجودًا في عدة تجمعات أو حركات سياسية، ولا من النادر أن يغادر الفرد مكانه من دون إخبار أو رسالة اعتذار، وربما يصرُّ على الخروج بطريقة فضائحية أو فجة لا تبقي ولا تذر، ولا من النادر أيضًا أن يغيب طويلًا ثم يعود وكأن شيئًا لم يكن.
- الاصطفافات المناقضة للوطنية؛ هناك شخصيات عديدة دخلت إلى التشكيلات السياسية الأساسية، خلال العقد الفائت، من بوابة القبيلة أو الطائفة، كأن يكون ممثلًا لقبيلة أو “اتحاد قبائل” أو لطائفة ما، وهي صيغ لا تتوافق مع الأهداف الوطنية المعلنة.
- الشيوخ والشباب؛ منذ بداية الثورة، برزت مشكلة الكبار والشباب، شباب ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم عماد الثورة وصانعيها، وكبار يرون أنهم أصحاب تاريخ نضالي والأكثر معرفة وخبرة، وهذا خلق شيئًا من التوتر والتنافس السلبي.
- الرجل والمرأة؛ يجري عادة تناول مسألة تمثيل الذكور والإناث في أي هيئة، بصورة غير عقلانية، تستند إلى التمثيل المتساوي أو عدمه، وليس إلى الكفاءات السياسية المتوافرة، بصرف النظر عن الجنس.
- التنافسات والعيوب الفردية؛ كانت العيوب الفردية من العوامل المعيقة والمفجِّرة لأي لقاء أو تجمع أو عمل جماعي، وهي كثيرة وتبرز إلى السطح وتكون مؤثرة بحكم هشاشة المؤسسات الموجودة وأنظمتها. كان التنافس على الزعامة أو القيادة أحد تلك العيوب، وهو الذي أدى في الحصيلة إلى تهشيم الجميع؛ إذا ما رأينا عملًا أو فردًا ناجحًا نتبارى في إفشاله، متناسين أن إفشاله سيعني أن أحدًا لن ينجح.
- هناك أفراد غير أكفاء في العمل السياسي، دخلوا هذا الباب بطرق عديدة لا علاقة لها بالوعي أو الرؤية أو القدرات، وتقلَّدوا مواقع متقدمة خلال السنوات الماضية، وغيروا أماكنهم وتشكيلاتهم عشرات المرات، وبعضهم يحاول اليوم “تبرئة الذات” من الإخفاقات التي حصلت، ويقدِّم النصائح والقراءات السياسية المغايرة.
ثاني عشر: آلية اتخاذ القرار في المؤتمر
- تُتخذ القرارات بالتوافق ما أمكن.
- إذا لم يحصل التوافق حول نقطة ما يُتخذ القرار بأكثرية الثلثين حكمًا لأن القرارات التي يمكن أن تُتخذ مصيرية وينبغي لها أن تحظى بأوسع توافق ممكن.
- تشكيل لجان متخصِّصة من أعضاء المؤتمر تنقش بعض المسائل وتقرِّر بشأنها.
- القرارات الصادرة عن المؤتمر ملزمة للحكومة السورية المقبلة.
ثالث عشر: منطلقات أساسية في رسالة الدعوة إلى المؤتمر
- يجب تصميم لوغو خاص بالمؤتمر، إضافة إلى شعار دالٍ يُعقد المؤتمر على أساسه مثل: نحو دولة الحق والقانون، أو دولة المواطنة المتساوية… إلخ.
- بعد تحديد الشخصيات المدعوة ينبغي إرسال دعوة مكتوبة لكل شخصية وقع عليها الاختيار، فلا تكون الدعوة شفوية أو معتمدة على تواصل فردي من قبل الهيئة التحضيرية.
- لا بدَّ لنصّ الدعوة أن يتضمن نقاطًا أساسية بدهية ومعروفة: بناء الدولة الوطنية الواحدة والموحدة والمستقلة، المواطنة المتساوية، ثلاثية الدولة السورية والشعب السوري والمواطن السوري، اعتماد النظام الديمقراطي الذي يعتبر التعبير السياسي عن شعار الحرية، والذي يسمح بتداول السلطة، ويمنع تكرار الظواهر الاستبدادية.
- الموافقة على مدونة سلوك تتعلق بآداب النقاش والحوار في أثناء المؤتمر.
رابع عشر: مهمات المؤتمر وخطة العمل
- إصدار إعلان دستوري لتغطية الفراغ الدستوري خلال المرحلة الانتقالية (18-24 شهرًا).
- اختيار حكومة تكنوقراط من الكفاءات لمدة سنتين (يجب أن يكون أعضاؤها من خارج المؤتمر).
- تشكيل لجنة مؤلفة من خمسين عضوًا لكتابة الدستور (يجب أن يكون أعضاؤها من خارج المؤتمر)
- تشكيل اللجنة الوطنية العليا للانتخابات (البرلمان والرئاسة) (يجب أن يكون أعضاؤها من خارج المؤتمر).
- تشكيل اللجنة الوطنية العليا للعدالة الانتقالية (يجب أن يكون أعضاؤها من خارج المؤتمر).
- تشكيل مجلس عسكري أمني مؤلف من خمسين عضوًا مهمته إعادة بناء الجيش السوري والجهاز الأمني على أسس وطنية.
- يضع المؤتمر المبادئ والقواعد الرئيسية لكتابة الدستور: طبيعة الدولة، نظام الحكم، مصادر التشريع، مجلس القضاء الأعلى، الهيئة الدستورية العليا، وتوضع هذه النقاط كمحدِّدات أمام اللجنة المكلفة بكتابة الدستور.
- إصدار قوانين حديثة للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والإعلام.
- تحديد ثوابت السياسة الخارجية ومرتكزاتها الرئيسة في المرحلة المقبلة. كانت السياسة الخارجية إحدى ثروات النظام السوري السابق في الحفاظ على سلطته، ويجب إعادة بناء السياسة الخارجية استنادًا إلى المصالح الوطنية للشعب السوري، إذ لا يجوز لأي سلطة قائمة اليوم أن تعقد أي اتفاقات دولية حتى لو استندت إلى ما يسمى “الشرعية الثورية”.
- يمكن أن يتحول المؤتمر (بعد انتهاء المرحلة الانتقالية من سنة ونصف إلى سنتين) إلى جهة رقابية على الانتخابات (أكانت انتخابات رئاسية أو برلمانية)، وتنتهي أعماله مع عقد أول جلسة للبرلمان السوري الجديد المنتخب.
خامس عشر: أعمال متمِّمة
- تُعقد الجلسات الأولى للمؤتمر في دمشق، ثم تُعقد الجلسات التالية، طوال فترة عمل المؤتمر (18-24 شهرًا)، في المحافظات والمدن السورية الأخرى.
- ينتخب المؤتمر في أول جلسة له رئيسًا للمؤتمر ونائبين وأمينًا للسر.
- ينتخب المؤتمر ناطقًا إعلاميًا باسمه، وتُمنع التصريحات الإعلامية خارج نطاق صلاحيات رئاسة المؤتمر والناطق الإعلامي.
- يمكن دعوة شخصيات غير سوريّة لحضور الجلسات الأولى من المؤتمر: شخصيات من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية غير الحكومية.
كلمة أخيرة
نحن السوريين اليوم أمام لحظة مفصلية وحاسمة في تاريخنا، لحظة يمكنها أن تنقلنا إلى دولة وطنية ديمقراطية حديثة تتخلَّق معها الوطنية السورية، ويُعاد فيها الاعتبار لمفهوم الشعب السوري، لحظة يُصبح فيها لدينا وطن حقيقي نحبه ونحترمه وندافع عنه بعقولنا وأرواحنا وأسناننا، لكنَّ هذه اللحظة بمقدار ما تتطلب العقلانية والصبر فإنَّها تتطلب أيضًا بالقدر نفسه روحًا سوريّة مُحبَّة ومسؤولة وتشاركية وحريصة، بعيدًا من الأنانية والاستئثار والتبعية، وكلنا مسؤولون عن عدم تضييع هذه الفرصة التاريخية والثمينة.
المصدر: رواق ميسلون
دراسة تفصيلية عن المؤتمر الوطني المطلوب للوضع السوري، مع وجود بعض الإختلافات التفصيلية عن عدة أمور مثل الإعلان الدستوري ولجنة صياغة الدستور وتمثيل الفصائل العسكرية وبين المؤتمرات الفرعية بالمحافظات أولاً ام المؤتمر العام أولاً، وهي نقاط يتم التوافق عليها بين الأطراف بالحوار.