هل ينفع الحل السياسي في طي صفحة قسد شمال شرق سورية؟

يبدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصرا على حل ملف قسد في الشمال السوري، بالقرب من حدود بلاده، بشكل نهائي، فيما تسعى الأخيرة لإيجاد حلول وسطية تضمن لها بقاء سيطرتها على حالها، وسط مفاوضات مستمرة مع الحكومة السورية.

وتتخذ قسد ذلك الموقف مدعومة بالمواقف الغربية الضاغطة على دمشق باتجاه عدم الاصطدام معها، بينما تبدو حسابات الإدارة الجديدة لسوريا في غاية التعقيد جراء الوضع الحرج الذي تعيشه البلاد.

وكانت فرنسا قد وصفت عناصر قوات قسد بالمقاتلين من أجل الحرية، مؤكدة دعمها لهم، في موقف مشابه لما صدر عن ألمانيا أيضا، فيما أكدت الولايات المتحدة مرارا دعمها المستمر لقسد بحجة محاربة تنظيم الدولة.

من جانبه نفى أردوغان، في تصريحات له منذ يومين، الحاجة لقوات قسد من أجل إدارة ملف التنظيم في سوريا، حيث قال إن الحكومة السورية قادرة على التعامل معه بما في ذلك قضية السجون.

وحول ما إذا كان من الممكن الوصول لحل تفاوضي مع قوات قسد، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري أحمد مظهر سعدو، لحلب اليوم، إنه يرى ذلك متاحا، “إذ ما يزال الباب مفتوحا أمام كل الفصائل والمليشيات السورية للاندماج في مؤسسة الجيش السوري”.

وكانت الإدارة العسكرية قد أعلنت أنها مستعدة للوصول لحل يتضمن دمج قوات قسد، وكافة الفصائل في سوريا بالجيش الجديد للبلاد، بما في ذلك فصائل محافظة السويداء، ولكن يبدو أن عقبات عديدة لا تزال قائمة.

وأفاد مراسل حلب اليوم، باعتقال قوات قسد لشبان في محافظة الرقة، بتهمة “التعامل مع الجيش الوطني السوري”، فيما يبدو مؤشرا على استمرار سياستها الرافضة للتعامل مع الإدارة الجديدة، بالرغم من التصريحات الإيجابية حول إمكانية ذلك.

ويرى سعدو أن “السوريين يريدون بلدا واحدا موحدا وليس انفصاليا، وبكل بساطة يمكن إعادة مليشيات pkk من داخل قسد إلى جبال قنديل شمال العراق، ومن ثم تندمج قسد السورية في أتون الجيش السوري ووزارة الدفاع السورية”.

تركيا تتحدث عن خيار الحرب

رغم تصريحات الحكومة السورية المؤكدة لتجنب الصدام العسكري، تصر أنقرة على الحلول الجذرية، التي تؤدي لتفكيك قسد وإلغاء أي وجود لحزب العمال pkk قرب حدودها، وإن كان تحت عناوين محلية.

وتواجه دمشق خيارات صعبة، بسبب حاجتها لرفع العقوبات الغربية وانطلاق إعادة الإعمار، حيث تشترط الدول الغربية عدة بنود لذلك، بما فيها عدم المواجهة مع قسد.

وقال أردوغان إن الإدارة السورية الجديدة تظهر موقفاً حازماً في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وهيكلها الموحد، مضيفا أن “نهاية حزب العمال الكردستاني اقتربت، وأعضاء التنظيم لا خيار لهم سوى التخلي عن الإرهاب وحل التنظيم”.

لكن “الوعد التركي بإنجاز عملية عسكرية ليس جديدا إذ إن أنقرة طالما هددت بذلك.. وتنفيذه مرهون بالتفاهم مع الأمريكيين ولا يبدو أنه قد حصل حتى الآن”، وفقا للمحل السياسي السوري.

ويضيف سعدو أن التهديد التركي “يعني دفع قسد إلى حل نفسها والانضواء تحت لافتة الجيش السوري بدمشق، وإلا فسيكون مصيرها عمل عسكري تركي كبير يحافظ فيه الأتراك على أمنهم القومي”.

وبرزت صلابة موقف تركيا في الملف، من خلال الغارات التي شنّتها مقاتلاتها على مواقع قسد، اليوم الأربعاء، قرب سد تشرين في ريف حلب الشرقي، حيث تشهد المنطقة مواجهات واشتباكات.

ووصلت تعزيزات للجيش الوطني السوري إلى محاور القتال في سد تشرين، بمحيط منبج في ريف حلب الشرقي، بالتزامن مع قصف مدفعي يستهدف مواقع قوات قسد في المنطقة، واشتباكات في محيط السد.

وأبلغت الأخيرة العاملين في مؤسساتها بمن فيهم كوادر التعليم في مدارس الرقة والطبقة وأريافهما بضرورة المشاركة في مسيرات مؤيدة لها، اليوم الأربعاء، عند سد تشرين للمطالبة بعدم دخول قوات إدارة العمليات العسكرية.

كما دعت إلى رفع أعلام الثورة السورية بجانب أعلامها أثناء التصوير، محذرة من إحضار أي صور أو رموز لحزب العمال الكردستاني أو عبد الله أوجلان كما هددت بعقوبات تشمل السجن والفصل الوظيفي بحق من يتغيب عن المسيرات.

وفي موقف آخر يؤشر إلى رفض الانخراط في الحلول بشكل جدي، أكد مراسل حلب اليوم، أن قسد عقدت اجتماعًا مع أصحاب المطاعم الكبيرة في الحسكة وأبلغتهم بفرض إتاوات تصل إلى آلاف الدولارات على كل مطعم تحت ذريعة “دعم مقاتلي قسد في مواجهة التحديات على خط النار”.

ورآى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن ما يجري شمال شرق سوريا هو مؤشر على أن “المخابرات الغربية تتغلغل داخل المنظمات الإرهابية بهدف تقويض أمن بلدان المنطقة”.

هل يقلب ترامب الطاولة على قسد؟

بدا أردوغان متفائلا بفوز الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بولاية جديدة، مبديا استعداده للعمل معه من أجل حل المشاكل العالقة بين البلدين.

وألمح الرئيس التركي إلى أن وعود ترامب بسحب قوات بلاده من عدة دول خارجية، بما في ذلك سوريا، سيمنحها ضوءا أخضر للتحرك بعمل عسكري جديد.

ويرى سعدو أن “تصريحات ترامب الأخيرة”، توحي بأن العمل العسكري قد يكون وشيكا، إن لم تدرك قسد ذلك، معتبرا أن الحل المناسب هو “أن تسارع إلى الانضمام للمؤسسة العسكرية السورية”.

لكن يبدو أن “المصالح الأميركية في شمال شرق سورية ما زالت حاضرة ومستمرة”، حيث تحتفظ واشنطن بنحو 1500 جندي ينتشرون في محيط حقول النفط، ويمثلون حماية لاستمرار قسد بالمنطقة.

المصدر: حلب اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى