الــروس والايرانيون مصممون على استعادة حلب – ادلب لتصفية الثورة
الروس يحشدون اسلحة استراتيجية لم يسبق أن استعملت ابدا
القوات الروسية – الايرانية – الاسدية لا تجرؤ على اقتحام حلب
بوتين استغل فترة الانتخابات الامريكية .. وانظار العالم موجهة على الرئيس القادم
يبدأ الروس عامهم الثاني في سورية بثلاثة تطورات رئيسية:
أولها حشود عسكرية أضخم مما استجلبوه في بداية الغزو , تضم قوات واسلحة استراتيجية , تفوق ما تتطلبه مواجهة الثوار , ومهيأة لاحتمالات أوسع , بما فيها مواجهة دول وقوى بحجم تركيا وما فوق : ( صواريخ SS400 ) وأنواع من الاسلحة الجديدة لم يسبق أن استعملت .
وثانيها : أنهم يبدؤن عامهم الثاني وهم في حالة حرب قصوى في حلب , ويصعدون ضغوطهم السياسية على المعارضة السياسية والمسلحة .
وثالثها : ملامح أزمة حادة مع الولايات المتحدة بسبب مضاعفات الازمة السورية .
تدل هذه التطورات كما أشرنا على أن الروس لم يغزوا سورية لأهداف خاصة بسورية, بل تتعداها الى أبعاد اوسع , تشمل الشرق الاوسط والعالم . وقلنا في القسم الاول إنهم لم يحققوا كل هذه الاهداف حتى الآن ,لا على الصعيد السوري ,ولا على الصعيدين الاقليمي والدولي, ولا زالوا بحاجة لتصعيد الصراع ليحققوا كل أهدافهم, ويضعوا دول المنطقة والمجتمع الدولي أمام أمر واقع .
وفوق ذلك فهم كما رأى غالبية المحللين وضعوا استراتيجية بعيدة المدى ينفذونها مع حليفهم الايراني لملء الفراغ الذي أحدثته اميركا بانسحابها من الخليج تاركة المنطقة بين مطرقة موسكو وسندان طهران . لذلك فالسؤال الذي تدور حوله التحليلات حاليا : ما هي التوقعات بشأن التطورات القادمة في العام الثاني ..؟
وما هي آفاق الحرب الروسية وأهدافها في النطاقات الثلاثة ..؟
سيناريوهات 2017 :
=============
سبق أن أشرنا لما قاله الاكاديمي الروسي نيكولاي كورانوف : القوات الروسية في سورية باقية حتما عاما آخر , ما يعني أن الحرب ستستمر ايضا عاما آخر . ونشير الى باحث ثان هو فابريس بالونش مدير الابحاث في جامعة ليون الذي رأى أن بوتين لن يوقف حربه حتى يخضع سورية ( كلها ) للسيطرة الثنائية الروسية – الايرانية ويفرض شروطه على المعارضة عبر مفاوضات يحدد شروطها , وهو هدف قد يستغرق عدة سنين.
وما دام الامر هكذا فلا بد أن يتبع السيطرة العسكرية سيطرات سياسية وامنية واقتصادية كمقدمة لاستراتيجية أوسع على مستوى المنطقة .
على هذا فالتوقعات على صعيد الحرب الروسية في سورية عديدة أهمها :
أولا – من المتوقع أن تتابع روسيا استراتيجيتها العسكرية( مع ميل لزيادة العنف) لكسر ارادة المعارضة بجناحيها السياسي والعسكري , وهذا ما يحصل بصورة ملموسة منذ بداية جولة القتال الأخيرة , بعد أن تمكنت قوات المحور الثلاثي : الروسي – الايراني – الاسدي محاصرة حلب , نتيجة تصعيد القصف الجوي , والهجمات البرية الى مستويات غير مسبوقة في العام الاول مستهدفة مقومات الحياة الاساسية والبنى التحتية لمدينة حلب : شبكات المياه والكهرباء , الاحياء والمباني السكنية , المستشفيات , الدفاع المدني , المخابز , الاسواق , بهدف تدمير مقومات العيش والصمود , لاجبار السكان على النزوح أو الاستسلام , وفق الشروط التي حددها “المحور” أي الانتقال من المناطق المحررة الى مناطق النظام, وتسليم المقاتلين لأسلحتهم والاستسلام مقابل ( تسوية أوضاعهم ) !
ثانيا – هناك قرار من الاطراف الثلاثة بالاستيلاء على حلب بأي ثمن . لأنها توصلت لرؤية مشتركة مفادها أن ( قاعدة الثورة هي حلب) فإذا أسقطت وأعيدت للنظام تفقد الثورة قاعدتها الارتكازية , وإذا تبعها اسقاط ادلب المحاذية لأنها ستصبح هدفا سهلا ستفقد الثورة عمقها الحيوي وتهديدها للساحل , واذا تبعهما اسقاط المناطق الريفية المحررة من حماة , فإن الثورة تخسر آخر قواعدها وتنتهي . وأما ما يبقي من مناطق وبلدات فستكون مجرد بؤر متفرقة وضعيفة .
والجدير بالملاحظة أن المحافظتين اللتين تسيطر عليهما داعش ( دير الزور والرقة ) لا تحظيان بهذا الاهتمام من الروس وحلفائهم , كما لو أنهما في أيد أمينة , وليستا أوجب من حلب وادلب , الامر الذي يؤكد دور داعش في لعبة توزيع الادوار !
أما دمشق فأصبحت برأي الروس أكثر أمنا بعد نجاح خطة فرض الاستسلام على مدينة داريا والمعضمية , وقطع الطريق الى دمشق على ثوار الجنوب وفرض تجميد القتال فيها بقرار دولي مريب . أما بالنسبة لحمص فينبغي القول إنه بخروج آخر دفعة من الثوار من حي الوعر تكون الثورة والمعارضة المسلحة فيها قد انتهت, وأجبرت على استسلام مقنع بشعار ” المصالحة ” .
ستكون معركة حلب إذا عنوان التطورات القادمة في العام الثاني للغزو الروسي . حلب بثوارها وحاضنتها الاجتماعية , لأنها في نظر الثلاثي المحافظة الأكثر عداء للنظام, وجميع سكانها متطرفون, وخاصة ريفها, وأحياؤها الشرقية وهي الأكثر فقرا , ولذلك جاء انفجار الثورة منها بحكم اتصالها بالريف من جهاتها الاربع . ويعتقد الروس بصورة خاصة أن جبهة فتح الشام ( النصرة ) تستوطن في هذه المناطق ومثيلاتها في محافظة ادلب , ولها جذور اجتماعية قوية, ولذلك تستحق في نظر المعتدين العقاب الجماعي والسحق لاستئصال جذور الجيش الحر والنصرة وأحرار الشام والفتح وزنكي .. إلخ . وهذا ما يفسر شدة العنف والقصف المتواصل عليها منذ البداية . فإيران حشدت أكثر من نصف اجمالي قواتها حول حلب منذ سنتين على الاقل , وخصَّها الروس بأكثر من نصف غاراتهم الجوية , ووضعوا القسط الاعظم من جهودهم لتحطيم صمودها ومحاصرتها وعزلها عن تركيا , بناء على ” نظرية بوتين ” ( من يسيطر على حلب يسيطر على سورية , ومن يسيطر على سورية يسيطر على الشرق الاوسط , ومن يسيطر على الشرق الاوسط يصبح دولة عظمى ) !
ثالثا – يعتقد المحللون أن الروس سيعطون معركة حلب الوقت الكافي حتى ولو تطلبت شهورا , ويعرفون أنها لن تكون سهلة ولا سريعة , ولن يجرؤوا على اقتحامها بريا , لأنهم سيصطدمون بجبهة متراصة من الثوار فرضتها وحدة المصيرية . وقد اثبت هؤلاء قبل شهرين قدرتهم على افشال الحصار وكسره .
ورغم موقفهم الصعب الآن فإن معنوياتهم عالية , ويطالبون بأسلحة نوعية لتغيير موازين القوى , بمواجهة طائرات النظام والروس , وضرب حشود ايران مما يفشل سيناريو السيطرة على مدينة حلب الشرقية . وإذا حصل ذلك سينتقل الروس للسيناريو البديل ( الخطة ب ) أي التقسيم , والشروع في انشاء وتكريس الكيانين التوأمين , العلوي والكوردي , ويرى ( كورانوف ) أن الروس يدفعون الامور نحو خيار التقسيم واستيلاد الكيانين وتشجيع الطرفين منذ الآن على الانفصال لأن هذا الخيار يكفل لهم ولحلفائهم الايرانيين جيوبا ثابتة للنفوذ الدائم , حيث يجد الروس فرصتهم التاريخية لتعزيز وجودهم العسكري في الساحل السوري والشمال لحماية الطرفين , الكوردي والعلوي , والتأثير على الدول المجاورة , وخاصة تركيا والخليج . كما يأمل الايرانيون اقامة ممرات اتصال برية من ايران الى لبنان عبر العراق وصولا للساحل السوري – اللبناني , وفرض وصايتها الطائفية على الاقليتين الشيعية والعلوية .
رابعا – يشير المحللون العسكريون الى نوع من التقسيم الجغرافي بين الروس والايرانيين للاراضي السورية, رغم متانة التعاون بينهما , فالجنوب السوري من دمشق الى الحدود مع الاردن واسرائيل منطقة نفوذ عسكرية للايرانيين لم تتدخل القوات الروسية فيها خلال العام الاول سوى مرة وحيدة بشكل استثنائي , لدعم القوات الايرانية في معركة السيطرة على الشيخ مسكين . وتشير المصادر الى أن روسيا تعهدت لاسرائيل بعدم التحليق في هذه المنطقة ( ولكن كيف ولماذا سمحت أو قبلت وجود الايرانيين فيها ..؟! وهل ايران أقل خطرا من روسيا ..؟!) . وأما الشمال السوري فمنطقة نفوذ للروس حصرا تشمل كل الحدود مع تركيا لأسباب مفهومة, أهمها حماية الكورد, وهدفها تهديد تركيا. أما الساحل السوري فهو منطقة نفوذ مشتركة بين الحليفين. ولا تخفى أسباب الاصرار الايراني على السيطرة على جنوب دمشق , فهدفها الأول حماية دمشق, والسيطرة على الحدود مع لبنان , والاقتراب من اسرائيل والاردن لتعزز مواقعها الاستراتيجية في المنطقة حساسة .
خامسا – روسيا حسمت أخيرا موقفها من الاسد , وأزالت غموض موقفها الذي ظلت تصطنعه طوال سنوات الثورة , فاعلنت مؤخرا رفضها القاطع للمطالبة بتنحي الاسد , أو أي حل يفضي لاجباره على ترك السلطة . واعتبرت مطالبة المعارضة بتنحيته مخالفة لقرار مجلس الامن الدولي (!) وأكدت أن الاتفاق الروسي – الامريكي لا يتضمن نصا على إزاحته , وهذا هو سبب مطالبة وزير الخارجية الامريكي للمعارضة السورية ( كما جاء في التسجيل المسرب الذي نشرته نيويورك تايمز ) بعدم المطالبة بتنحيته , وترك مصيره للحسم في الانتخابات التي ستجري في نهاية المرحلة الانتقالية , ومنح الاسد الحق في الترشح لها فإذا فاز يستعيد شرعيته , وإذا خسرها سيخرج كما يخرج اي مرشح خاسر بدون مساءلة عن جرائمه (؟!) .
ولذلك يتوقع أن تواصل روسيا في المرحلة القادمة ومعها ايران الضغوط على المعارضة لتتراجع عن هذا الشرط معتمدة على حربها الاجرامية كوسيلة ضغط قاتلة . وربما كان الايرانيون محقين بقولهم بعد انكشاف التسجيل المسرب من الغرف المغلقة : اعتراف كيري بحق الاسد في البقاء والترشح يمثل انتصارا للدبلوماسية الايرانية بشكل خاص , لأنها تمسكت على الدوام برفض اشتراط تنحي الاسد , وها قد فرضت كلمتها على اميركا !
سادسا – لا مفاوضات جديدة في جنيف إلا بشروط موسكو وحليفيها , واهم هذه الشروط تغيير مفهوم وتركيبة المعارضة ليتسع لوفدا كوردي مستقل بقيادة صالح مسلم , ووفد للمعارضة التي ركبتها موسكو يضم موالين لها وللأسد امثال قدري جميل ومحمود مرعي وهيثم مناع ورندا قسيس . وعلى أي حال فلا عودة للتفاوض بالطريقة السابقة , وووثيقة جنيف1 ستبقى مصانة كالسابق ولكن بحسب تأويل لافروف لها , وهو الذي وقعها ثم ندم على غلطته , ويريد افراغها من أي اشارة لنقل السلطة الى هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات وتجريد الاسد من صلاحياته ثم اجباره على التنحي في نهاية المرحلة الانتقالية . أي أن الحرب العسكرية لا بد أن تغير كل قواعد اللعبة بما فيها الدبلوماسية والقانونية .
سابعا – هكذا يخطط الروس والحليفان الآخران ل (تغيير قواعد الصراع) بحيث تختلف أجندة الحل السياسي وبنوده , ويقبل خصوم النظام ببقاء الاسد , ويبدأ التفاوض على ما دون ذلك بشرط المحافظة على مؤسسات الدولة الأساسية بذريعة حماية ( الدولة) من خطر انهيارها أو سقوطها في براثن المتطرفين والارهابيين , أو بحجة أن تنحي الاسد سلفا يخلق ( فراغا ) سيستفيد منه الارهابيون كما قال لافروف مؤخرا . وتجدر الاشارة أن “المؤسسات المقصودة” هي بالدرجة الاولى : الجيش والاستخبارات, وهاتان المؤسستان هما حظيرتا النفوذ الروسي التاريخي الرئيسيتان في سورية بحكم التدريب والتسليح وعلاقات التعاون طوال ستين سنة . والحفاظ عليهما يضمن للأسد بقاء سيطرته وسلطته على الدولة كلها , وعودة الامور الى سابق عهدها لأن المؤسستين يمكنهما ضمان نجاح الاسد في أي انتخابات .. حتى ولو جرت باشراف دولي !
وما يؤكد هذا السيناريو أن الروس استغلوا وجودهم في سورية بعد الغزو وحربهم الشرسة دفاعا عن النظام وتأييدا لفلول الجيش السابق ليعززوا نفوذهم وسيطرتهم المباشرة على وزارتي الدفاع والداخلية وصل الى حد تعيين ضباط روس على رأس بعض الفرق العسكرية لقيادتها بدون العودة للمسؤولين السوريين , وهو نفس ما يفعله الايرانيون أيضا في أجهزة أخرى , بحيث أن السلطة الفعلية على الاجهزة التنفيذية الحساسة انتقلت الى أيدي الروس والايرانيين , بما فيها الحرس الجمهوري الذي يحمي الاسد شخصيا , مما يسهل على الدولتين فرض ما تريدانه من حلول وخيارات حتى ولو كانت مصيرية تتعلق بالنظام القادم والامور السيادية والدستورية . وقد رأينا مثالا على ذلك في مشروع الدستور الذي صاغه الروس واقترحوه لسورية الجديدة , وجرى تسريبه مطلع العام الجاري لافهام الفرقاء مدى قوة الهيمنة الروسية من ناحية , وجس نبض الرأي العام الشعبي والاطراف كافة , بما فيها الاسد نفسه على الحلول الروسية من ناحية ثانية !
لقد أصبحت سورية بلدا محتلا من روسيا وايران , بالتأكيد , وأصبح الاسد مجرد حامل اختام لاضفاء الشرعية على ما تقومان به من مخططات ومشاريع , وهذا مغزى تمسكهما به وإبقائه على رأس الدولة , لأن أي تغيير في هذه المؤسسة يقوض نفوذهما عاجلا أو آجلا .
العامل الامريكي :
============
هل هناك ما أو من يمكنه الوقوف في وجه المخططات الروسية – الايرانية لاعادة انتاج ( سورية الاسد) التي أسقطها السوريون ولو تكلف ذلك ابادة وتهجير أكثر من نصفهم ..؟
تتوجه الانظار الى واشنطن فهي وحدها التي يمكنها تغيير مسار الاحداث وموازين القوى الحالية , وصاحب القرار فيها هو من يمكنه التصدي لروسيا وايران , وإنهاء حكم الاسد ووقف ” هذه الجرائم التي لطخت بالعار وجه الجميع ” كما قال بان كيمون . وكانت صحيفة صنداي تلغراف كشفت (19 / 6 / 2016 ) عن عريضة احتجاج لدبلوماسيي الخارجية الاميركية على سياسة اوباما في سورية ومطالبتهم بتحرك عاجل يتناسب ودور اميركا , لا سيما وأنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية الادبية عن ” تشجيع ” الاسد وحليفيه على المضي في خياراتهم الاجرامية . وتكررت المطالبة من خبراء ومحللين ومسؤولين عن منظمات حقوقية وانسانية في الغرب , فقالت افتتاحية نيويورك تايمز في 17 سبتمبر الماضي إن الحلف الروسي – الايراني يمثل أكبر تهديد للشرق الاوسط ومصالح الولايات اميركا الاستراتيجية ويجب التصدي له , وعادت الصحيفة الاحد الماضي للتحذير من أن مصالح اميركا باتت على المحك بسبب تجاوزات الروس والايرانيين , وأطلقت (ايكونوميست) البريطانية في نفس اليوم الصيحة نفسها داعية لمواجهة بوتين فورا ومخططاته التي تكرر في حلب جرائمه في غروزني .
حتى الامين العام للامم المتحدة لم يعد قادرا على الصمت والتزام القواعد الديبلوماسية ازاء عجز الامم المتحدة وعطالة مجلس الامن بسبب الفيتو الروسي – الصيني , فاتهم الروس والاسد بالمسؤولية عن الوضع القائم , وتبعه المسؤولون الكبار في المنظمة , وخاصة دي ميستورا , واوبراين .. ويشهد مجلس الامن حاليا مواجهة حادة بين الدول الغربية الثلاث وروسيا , ولكن لا شيء يوحي أن روسيا ستتراجع بسبب التصريحات النارية, ولا بد من تدخل امريكي حازم في سورية .. فهل هناك احتمال لاقدام اوباما على تحرك قوي خلال الشهور الباقية من ولايته ..؟
حافظ أوباما طوال ست سنوات على دور المراقب غير المبالي بأحداث سورية , وأدار الازمة بطريقة تدفع الجميع للصراع واستنزاف بعضهم بعضا , وحافظ على بلادة حسه الانساني تجاه عذابات السوريين , ولا يتوقع أن يغير سلوكه في آخر أيامه , ولم يعد ممكنا له اتخاذ قرارات دراماتيكية على الصعيد الخارجي , وسيسعى لمساندة مرشحة حزبه للفوز بالانتخابات القادمة . فضلا عن شكوك بأنه تعهد للايرانيين والروس بعدم التدخل !
لذلك فالانظار موجهة للرئيس المقبل , ويعتقد أنه سواء كانت السيدة كلينتون أو ترامب سيكون مجبرا على التعامل مع الازمة السورية بغير الطريقة التي اعتمدها اوباما , نظرا لآثارها السلبية على هيبة ومصالح امريكا . وهناك رهان حقيقي على السيدة كلينتون لأنها قادت الدبلوماسية في سورية خلال العامين الأولين وطالبت رئيسها بالتدخل العسكري , وخرجت من الادارة لخلافها معه على هذه المسألة وغيرها , وهي مطلعة على تفاصيل الملف السوري والموقف الروسي , ويرجح المراقبون أن تغير سياسة بلادها جذريا , وأن تلجأ للقوة أو تسليح المعارضة أو كليهما, والتصدى للروس وايران في الشرق الاوسط لاستعادة الامور الى نصابها في منطقة تنتمي تاريخيا لدائرة النفوذ الغربي , بسبب النفط والموقع والمبادلات التجارية .
أما إذا فاز ترامب فلا أحد يمكنه التنبؤ الآن بوجهة سياسته في الشرق الاوسط , فهو يفتقر للخبرة في الشؤون الدولية , ورؤيته للعالم مضطربة ومتأثرة بعوامل ودوافع عنصرية ومزاجية , خصوصا نظرته السلبية للاسلام , وثمة مؤشرات على صلات تربطه بالروس .
بوتين اختار الفترة الحالية للهجوم على حلب واستئصال الثورة اختيارا مدروسا لأنها أنسب الاوقات لتحقيق ” انتصار” حاسم على المقاومة السورية , بينما تكون واشنطن مشلولة ومشغولة , وهو وضع سيستمر الى ربيع العام القادم . ويرجح أن يواصل حملة الابادة بأقصى قوة نارية وتدميرية ليحسم الوضع في غضون هذه الفترة . ورغم أنه يظهر حرصه على التنسيق مع واشنطن في الشأن السوري إلا أنه غير جاد , ويستعمل هذا الاسلوب الديبلوماسي للتضليل والتغطية على جرائمه التي استفزت العالم كله .
لذلك يمكن الجزم بأن الشهور الستة القادمة حاسمة بالنسبة لسورية وشعبها , وللشرق الاوسط , وربما للعالم , وكيفما كانت النتائج فستترك آثارا عميقة لسنين طويلة .
===
المصدر: مجلة الشراع العدد 344
الصادر 07_ 10_ 2016
قوات الإحتلال الروسي جاء لسورية لدعم طاغية الشام وإجتثاث الثورة السورية خلال ثلاث شهور، وذلك لفشل أذرع ملالي طهران بذلك، ولتكون سورية مستنقع يغوص فيه “بوتين” وبدأ بحلب وبالقصف الجوي لإخراج المعارضة والثوار الأحرار من حلب، قراءة إستشراقية موضوعية ، رحم الله المناضل والكاتب العروبي محمد خليفة وأسكنه الفردوس الأعلى.