عن الشاعر عبد المعين الملوحي

محمد عدلان

ولد في حمص عام ١٩١٧، توفي في ٢٠٠٦بدأ العمل مدرساً عام 1945 في حمص واللاذقية وحماه. بدأ كتابة الشعر وهو في الثانية عشر من عمره، ترك خلفه أكثر من 96 كتاباً ومخطوطاً.
عضو اتحاد الكتاب العرب في سورية عمل مدير التراث في وزارة الثقافة وكان عضواً في مجمع اللغة العربية في دمشق.
اتهم بأنه كان شيوعياً، ويُعد ملك الرثاء في عصرنا، فقد رثا زوجته (بهيرة) التي توفيت شابة بالسرطان بقصيدة مؤثرة أحدثت ضجة لما فيها من شطحات اعتبرها البعض إلحادية ولكن آخرون اعتبروها من باب المبالغات وبأن الشعراء يقولون ما لا يفعلون، وقد اعتذر الشاعر عنها وتاب ، وهي رائعة فنيا ومنها :
فـرغ (الملاك) وجنده مـن قـتـل زوجتي الـصـغيرة
وتجمعوا يتضاحـــكون وقد ترامت في حفــيـــرة
أبهـــــــــــــــــيرتي العدل أن نبني الوجود كما نشاء
كم يائــــــــــس نادى الســماء فهل أجابته الســماء
أبهــــــــــــيرتي لا لسـت لي بل أنت خائنة أثيمة
حمَّلتِني عبء الـــهــــوى وتركــتِ طفلتنا يتيمة
ما الداء ؟ لو لم ترتمي للــــــداء خاضــــعــة إليه
لِمَ لمْ تهبي حين حلّ الـــــداء واثبـــــــــة عليه ؟
أبهيـــــــــــــرتي قالــوا لنا مـا هـكـذا عُرف الرثاء
قولي لهــــــــم بل إنها نار بــهــا احترق البكــــاء
.
وقد رثى الشاعرُ نفسَه مقلداً مالك بن الريب المتوفي عام 56هـ وهو في الجهاد في خراسان مع جيش سعيد بن عفان يقول مالك بن الريب في رائعته :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلهً
… بوادي الغضا اُزجي القلاصَ النواجيا
ومنها:
فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموت فانزلا
….. برابـيـة إني مقيم لياليا
تذكرت من يبكي عليَّ فلم أجد
… سوى السيف والرمح الرديني باكيا.
ويقول الملوحي معارضا ابن الريب قصيدة تُعد من الملاحم في رثاء الإنسان لنفسه .
وفيها يظهر أن الشاعر قد ختم حياته مؤمناً تائباً بإذن الله تعالى.
ومنها:
تمنيتَ يا بن الرَّيبِ لو بتَّ ليلـــــةً
. . . بجنب الغَضا تُزْجي القلاصَ النواجِيــا
وأمنيتي لو بتُّ في حمص ليلــــــةً
. . . فأسبح في العاصي وألقَى لداتيــــــا
كلانا تهاوى حلمه ، لم ترَ الغضــــا
. . . ولا أنا في الميماس أُلقي رحاليـــــا
* * *
إذا كان شِعري ، كل شِعري مراثيـــاً
. . . فما لي بنفسي لا أُعِد رِثائِيـــــا
ونفسي أولى أن تكون قصيــــــدةً
. . . تسيل قوافيها نشاوى دَوامِيــــا
وأقسى المآسي أنني بتُّ راثيــــــاً
. . . حياتي ، وما زالت تمورُ دمائيـا
عكفت على شعري أرودُ فِجاجـــــه
. . .فلم أرَ في الدِّيوان إلاّ المراثيـــــــا
وأشباحَ أفراح إذا رنَّ عودهــــــا
. . . تقطعت الأوتار فارتد ناعيــــــــا
إذا لم يقِ الله الفتى بحنانــــــــهِ
. . . ورحمته لم يلقَ في الناس واقيــا
* * *
رويدكِ يا هوجَ الرِّياح تريثــــــي
. . . سأرحل ، والدُّنيا ستبقى كما هيــــا
ستطلع بعدي الشمس حمراء تزدهـــي
. . . ويبزغ بعدي البدرُ أصفرَ وانيــــــا
وبعدي تدور الأرض لم تدر من أنـــا
. . . وتشدو السواقي في المروج الأغانيــا
ويكسو الجبال الثلجُ أبيض ناصعــــاً
. . . ويكسو الحقولَ القمحُ أخضر زاهيـا
ويسعى إلى الصف الصغارُ عنــــادلاً
. . . ويزحف في السوق الكبارُ أفاعيــــا
وأبقى أنا وحدي أصارع في الدُّجـــى
. . . كتائب دودٍ رائحات غواديــــــــا
تمزق أشلائي وتفقأ أعينــــــــي
. . . وتنثر في جوف التراب رفاتيـا
* * *
تذكرت من يبكي عليَّ فلم أجــــد
. . . سوى قلمي والطرس والحبر باكيــــا
ومكتبةٍ أودعت روحي رفوفهــــــا
. . . تكاد إذا ما مت تسعى أماميــا
كفرتُ بربي أربعين فمذ بـــــــدا
. . . لي الشيبُ خلَّفتُ الشكوكَ ورائيا
وقال رفاق الأمس : ضلّ طريقــــه
. . . معاذ إلهي ، بل تركت ضلاليــــــا
ولو أننا عشنا كراماً بأرضنــــــا
. . . ظفرنا ، ولكنّا نعيش جواريـــــــا
إذا هان شعب واستكان لحاكــــــم
. . . فهيهات يوماً أن يصد الأعاديــا
وهيهات يوماً أن يحرر غيــــــره
. . . إذا كان في الأصفاد يرسف عانيـا
يدمِّر جيش المستبدين شعبـــــــه
. . . زماناً ، ولكن لا يدمّر غازيـــــــا
* * *
ويا واديَ العاصي وقد كنتَ دوحـــةً
. . . أناغي بها الأحبابَ حُيِّيت واديـــا
سأودع في أحجارك السود أعظمـــي
. . . فلا يك ـ مثل الناس ـ صخرُك َ قاسيا
فإن أستطِعْ في الحشرِ آتــِكَ زائراً
. . . ولوْ خَطَرَتْ حُورُ الجنانِ أماميـــا
ولو خيَّروني لثم ثغر حبيبتــــــي
. . . ولثم ثَرى حمصٍ لثمتُ تُرابيـــا

 

المصدر: صفحة أبو حسان عدلان

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى