مشروع رؤية سياسية للثورة  السورية -٧-

أحمد العربي

   القوى الخارجية والثورة

القوى الداعمة للنظام السوري.

اولا ً. لا توجد قضية في القرن الواحد والعشرين أثارت اهتمام العالم وقواه الفاعلة كما حالة الربيع العربي وخاصة السوري.. فسورية مهمة في موقعها الجغرافي والسياسي. وارتباطاتها وتحالفاتها. ان النظام السوري على ارتباط وثيق مع المنظومة الاشتراكية السابقة. ووريثتها روسيا عبر عشرات السنين. مثلت مرتكز سياسي واستراتيجي لها في منطقتنا وسوريا جوار  (إسرائيل). ككيان في فلسطين وبيننا حروب و أرضنا الجولان السوري تحت الاحتلال من عام 1967 وللنظام حضور مركزي فاعل في لبنان منذ السبعينات. وفي مرحلة (ما) كان النظام السوري الفاعل الوحيد فيه. وحتى بعد خروجه ترك وراءه حزب الله وبعض الحلفاء. لهم الهيمنة في لبنان بحكم قوة العسكرية لحزب الله. كما للنظام دور في العراق، وله تحالفاته مع دول الخليج. وله ارتباطه الاستراتيجي مع إيران منذ حركة الخميني. والنظام يتقلب بين مواقفة متابعا مصالحه، ساعد الغرب في حرب تحرير الكويت. صمت عن احتلال العراق. دخل في ماراتون الحل السلمي مع (إسرائيل). بدء من فك الارتباط في 1974.و هدوء جبهة الجولان . مفاوضات السلام في عهد الاسد الاب والابن. ولسان حال النظام يقول: السلم قرار استراتيجي. والتوافق مع (إسرائيل) تحصيل حاصل…الخ…
النظام السوري ممتد في الجوار الإقليمي بشكل كامل وله علاقات دولية استدعيت كلها . وكل من موقعه ومصلحته تجاه النظام وقوى الثورة. والى التفاصيل…

ثانيا ً. لنبدأ من حلفاء النظام (وبتفصيل كل على حدة لسهولة التحليل رغم أن الحالة على الأرض متشابكة كعوامل متفاعلة ومتبادلة التأثير)  لنبدأ من الموقف الروسي: روسيا وريثة المعسكر الاشتراكي. المهزومة امام الغرب الرأسمالي والمحافظة على قوتها العسكرية مع تنامي قدراتها الاقتصادية والجيوسياسية. ورغم انها أصبحت من منظومة النظام العالمي الرأسمالي ومن أعمدته اقتصاديا. حيث اصبحت جزء من بنية مجموعة الثماني الأغنى في العالم. ولكنها لم تتحرر تماما من كونها تستحق أن تكون قطبا دوليا موازيا وليس منافسا لأمريكا. وأمريكا والغرب مازال يتعامل معها بارتياب فيبعدها عن بعض الاتفاقات. ومازالت خارج منظومة حلف شمال الأطلسي. ومازال هناك اختلاف بين الحلف وروسيا على نصب صواريخ الحلف على حدود روسيا. كاعتراض صواريخ ايران. الروس يقولون انه عمل مقصودون هم به ولردعهم. المهم روسيا تتصرف دوليا على منحنيين الأول تعظيم مكاسبها الاقتصادية ودعم مواقع نفوذها وتواجدها السياسي والجيو استراتيجي. حيث إيران وسوريا والعراق والجزائر واليمن الجنوبي والسودان وليبيا ومصر (سابقا) هي مراكز نفوذ سابقة له. ومنذ السبعينات وهو يخسر مواقعه واحدا  وراء الآخر… وكان آخرها نظام القذافي. ولم يبق عمليا سوى النظام السوري والإيراني.

بعد سقوط القذافي ونظامه. تواصل النظام السوري مع روسيا. واتفقوا على موقف استراتيجي واحد. وهو أن يدعم الروس النظام السوري بكل شيء بدء من الغطاء الدولي الى الامداد العسكري إلى الخبرات السياسية الكاملة. وكان النظام كعصبة مستعد لأي تنازل  للروس من أجل الاستمرار بالحكم. فالروس أخذوا ثمنا مباشرا لموقفهم الداعم للنظام من المال السوري. مع ما قدمه حلفاء النظام ايران وعراق المالكي. واعتبرت روسيا أن سقوط النظام يعني خسارتها لموقع استراتيجي على البحر المتوسط وانه مقدمة لسقوط حليفتها الاخرى ايران. وانها هكذا تخرج من المنطقة ومن كعكتها الاقتصادية والسياسية. واعتبرت انها تدافع عن استبدادها هي في روسيا نفسها. وخاصة الجمهوريات الاسلامية. وان انتصار الثورة السورية يعني قوة للمسلمين المضطهدين في كثير من المقاطعات الروسية مثل أبخازيا والشيشان وغيرها. روسيا تخوض معركتها ضد الإسلاميين في سوريا ايضا…
.اخلصت روسيا لدورها مع النظام السوري. وصنعت مع الصين غطاء دوليا في مجلس الأمن. منع اي قرار ادانة او فعل دولي مباشر ضد النظام السوري. وهذا عنى إطلاق يد النظام السوري على الارض باستخدام كل أسباب القوة والبطش والسلاح الثقيل ضد الشعب السوري. وصل لاستعمال الكيماوي وعبر زمن ممتد لأكثر من سنتين ونصف. والعالم عاجز عن فعل اي جهد دولي ملزم للنظام وتعطيل روسي صيني لمجلس الأمن عبر الفيتو. وحتى عندما استعمل الكيماوي. تم التحايل عليه وتحويل انتزاع المواد الكيماوية من النظام لهدف دون محاسبته على استعمالها بضرب السوريين. ونسيت مشكلة الشعب السوري المعرض لابادة جماعية… وقدمت روسيا دعما عسكريا علنيا متواصلا لم يتوقف لأن. وقدمت ايضا دعما دبلوماسيا وصل لدرجة أن يسمى وزير خارجية روسيا وكأنه وزير خارجية سوريا. واخذت تتصرف وكأنها وصية على النظام السوري. وتتابع ملفاته الكاملة. في مجلس الامن ومناقشة الحلول المقترحة كحلول سياسية تفاوضية للمشكل السوري. تلتقي الاطراف الدولية الاخرى والإقليمية التي مع النظام والتي ضده مشكّلة غطاء ومدافع ومعطية المبادرات كلها تنصب على دعم النظام وجوده واستمراره وبأي ثمن.. اشتغلت على فكرة تحويل الثورة والثوار لإرهابيين وقاعدة واصوليين. وعملت على محاولة. شق المعارضة السورية. والتقت مع الكل بالعلن وتحت الطاولة. وحاولت التأثير على الائتلاف والمعارضة. وعندما فشلت بدفع المجلس الوطني وبعده الائتلاف بالتنازل عن اسقاط النظام ومحاسبته وبناء الدولة الديمقراطية. عمل على النفخ في معارضات وهمية بعضها من ازلام النظام. وبعضها من المتسلقين والانتهازيين الذين فشلوا في أن يكونوا في بنية الثورة والائتلاف. وقصدوا روسيا واستخدمتهم للقول ان المعارضة غير موحدة وأنها بلا رؤية واحدة ولا استراتيجية واحدة. وأن هناك من يريد أن يسير للقاء مع النظام لمنتصف الطريق. وتعاملت بكثير من الاهتمام مع هيئة التنسيق. وتواصلت معها كثيرا لتصديرها وأنها هي المعارضة الشريفة والتي لا تستدعي الأعداء للبلاد. وانها ضد العنف والإرهاب وأنها مع الحل السلمي مع النظام ولمصلحة البلد. وكذلك لعب على وتر الاخوة الاكراد السوريين ودفعهم ليكونوا جزء من أجندة النظام ونجحوا نسبيا مع جماعة حزب العمال الكردستاني ممثلين  بصالح مسلم وحزبه ال ب ي د.. مبكرا ادركت الثورة بكل فعالياتها السياسية والعسكرية ان روسيا لها دور مركزي في دعم النظام وتغطيته عسكريا ودوليا وإعلاميا ودبلوماسيا. وصنفته أنه عدو للشعب السوري مثله كمثل النظام. مع الاحتفاظ بالدبلوماسية كتعامل و بأننا نتعامل مع دولة عظمى وأن أقصى ما نطمح له هو تحييدها وان تتخلى عن النظام… ونعمل على ذلك والامل ضعيف… وهي مستمرة في تغطية النظام وآخر ما فعلته. إخراجه من ورطة ضربه للكيماوي .وتحويله لفكرة (نزعه فقط ) برضى غربي (لأسبابه هو الآخر). وتأخير الضربة الغربية للنظام (كما ادعو) وسقوط مزيد من الشهداء واطالة الطريق والتضحيات اكثر على شعبنا حتى نصل لاسقاط النظام… لسان حال شعبنا يقول ان روسيا عدوة الشعب السوري مثل النظام واكثر…

ثالثا ً. إيران وحزب الله وعراق المالكي.. وكلهم يمثلوا امتداد استراتيجي للنظام وفق قاعدة الاعتماد المتبادل..

كانت بداية هذا الحلف منذ الأيام الأولى لنظام البعث في سوريا. واخذ منحاه المحدد منذ انقلاب الأسد في 1970. حيث اعتمد النظام بالعلن على خطاب قومي اشتراكي. وعلى ادعاء مركزية قضية فلسطين. وواقع الحال تصرف النظام كعصبة عائلية حاكمة وممتدة طائفيا في العلويين. مشكلة بنية صلبة ومتماسكة في الجيش والأمن وكل مفاصل الدولة. اصبحت مع الزمن في أربعة عقود مشكلة (الدولة العميقة) المسيطرة على كل الدولة والمجتمع والفضاء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لسوريا. وعندما حصلت الثورة الإيرانية التي خطفها الخميني وآيات الله بشعاراتها المدعاة: لإنصاف الشعب الإيراني المظلوم و بالعداء للغرب و(اسرائيل) واعتماد الاسلام الشيعي مذهبا رسميا للدولة الايرانية. وجدها النظام السوري حليفا استراتيجيا. فهو يحمل ذات الادعاء السياسي من عداء للغرب و(اسرائيل). وله ذات الخلفية الطائفية (علويين وشيعة مع بعض الاختلاف المذهبي المسيطر عليه سياسيا). وعمل على تفعيل البعد السياسي المعلن كمقاومة وعداء (لاسرائيل) وإخفاء البعد الطائفي العميق. وعملوا سوية بحلف استراتيجي حيث وقف النظام مع ايران ضد العراق بحربه معها. وأصبح النظام رسول مؤتمن عند الإيرانيين للتوافق مع الغرب وعرب الخليج. ووطدوا علاقتهم مع الاتحاد السوفييتي (بعد ان كانت إيران حليف استراتيجي لأمريكا قبل الثورة الايرانية) ومن بعده تحالفوا مع روسيا. استمر  النظام السوري يلعب بالتحالفات وينتقل من حالة لحالة. وكانه بقدمين واحدة مع امريكا والاخرى مع روسيا.

 توافقوا إيران والنظام في لبنان. ودعموا سوية حزب الله الذي شكلته إيران على خلفية عقائدية شيعية تتبع للولي الفقيه في ايران فكريا وسياسيا وعسكريا. علاقته مع النظام السوري كتابع سياسي وعسكري على الأرض وبتنسيق كامل. وبهذا التحالف نفهم حزب الله ودوره في لبنان. ينفذ سياسة سوريا وايران وكبديل مدعى عن المقاومة الفلسطينية بعد اخراجها من لبنان بتناغم (سوري إسرائيلي). ومن خلال احتكار السلاح واستعماله بيد حزب الله واستخدامه في أجندة النظام وايران في لبنان والمنطقة و(بمواجهة إسرائيل). كما دعم النظام السوري وإيران المعارضة العراقية ضد نظام صدام حسين. وساعدوا على تشكيل ودعم الأحزاب الشيعية العراقية. في مواجهة النظام العراقي .وفتح المجال لها وعلى كل المستويات في إيران وسوريا. والتي كانت من جملة من قطف ثمار الاحتلال الأمريكي للعراق والتي اصبحت القوة الأكبر بعد تقسيم العراق وفق الدستور المحاصصات الطائفية والاثنية. استلم الشيعة الموالين لإيران السلطة في العراق بعد اعتبارهم أغلبية عددية ومن ثم اغلبية نيابية واعطتهم السلطة بالدستور من خلال تقسيم طائفي اثني للعراق الذي شرعن ايضا بناء شبه دولة حكم ذاتي كردي شمال العراق. الذي اصبح مقدمة للحرب الأهلية في العراق التي نرى نذرها في العراق الآن (وجود داعش والحرب معها) …

 وهكذا نرى ان النظام السوري والإيراني وحزب الله وعراق المالكي.. كلهم يتصرفون بصفتهم حكام لمصلحة عصب طائفيه. على حساب البنية الوطنية عبر استبدادية فجّة.. تستعبد الشعوب وتستغلها بغطاء من الادعاء العقائدي والسياسي المزاود والكاذب ايضا. .لذلك كان تحالف النظام مع إيران وحزب الله وعراق المالكي تحالفا استراتيجيا على قاعدة الاعتماد المتبادل وأن اي نصر لطرف نصر للكل و اي هزيمة لطرف هزيمة للكل. وخاصة النظام السوري. الذي يمثل دولة (مواجهة مع اسرائيل) الداعم والامتداد والغطاء السياسي والعسكري لحزب الله. فسقوط النظام يعني سقوط حزب الله بالضرورة. او ضعفه وتحوله ورقة سياسية في خريطة لبنان الطائفي والضعيف. وضرب مشروع التطييف في العراق ووصول الصراع على أبواب إيران. وطموحها النووي. وانها مستهدفة استراتيجيا كقوة عسكرية و نووية محتملة من  قبل (اسرائيل) والغرب . كل ذلك جعل إيران وحزب الله وعراق المالكي يقدمون كل امكانياتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى المقاتلين دعما  للنظام السوري في معركته ضد الشعب السوري. وهم يربطون مصيرهم به . رغم أنهم بدؤوا يفكرون بفك الارتباط معه. بعد التهديد الغربي بالرد على ضربة الكيماوي على الشعب السوري. وان ايران وحزب الله غير قادرين موضوعيا على حرب ضد العالم. لذلك تلقفوا المبادرة الروسية. ويعملوا بالتناغم مع النظام وروسيا. لإعادة إنتاجه وفق حل ما او انهاء الثورة ولو افني الشعب السوري وتدمير سوريا…لسان حال الشعب السوري يقول ان ايران وحزب الله وعراق المالكي أعداء للشعب السوري يساهمون بقتل السوريين ويمدون بعمر النظام. ومن خلال كل امكانياتهم العسكرية والمادية بالمقاتلين…

اخيرا ً. منذ بداية الربيع السوري وتحوله الى الى ثورة وللان عبر سنوات تصرفت روسيا وإيران وحزب الله وعراق المالكي على ان معركة النظام  ضد الشعب السوري هي معركتهم وقدموا كل الدعم السياسي والعسكري والمالي والدبلماسي وعلى كل الصعد. بحيث نستطيع القول دون مبالغة أن الشعب السوري يقاتل تحالفا دوليا وهو يعمل لإسقاط النظام السوري…

 هذا قدرة ويتحرك له ويقبله كتحدي وأنه منتصر بعون الله..

23.9.2013…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى