اعتبرت مجلة أتالايار الإسبانية، أن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير/شباط الجاري، وخلف أكثر من 46 ألف قتيل في البلدين، تسبب في هزة جيوساسية في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أن الأزمة الإنسانية الناجمة عن الزلزال رسخت في المقابل التقارب الدبلوماسي بين القاهرة وأنقرة بعد قرابة عقد من التوترات، على حساب جماعة الإخوان المسلمين التي يضعها هذا التقارب في مفترق طرق، وفق المجلة.
وفي خضم حملة دولية لإغاثة ضحايا الزلزال، تواصلت حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع أنقرة من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ 2013 بعد انقلاب السيسي على الرئيس الراحل محمد مرسي (الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان) حليف أردوغان.
وأشارت المجلة إلى أنه قبل مأساة الزلزال، كانت العلاقات بين القاهرة وأنقرة تمر بالفعل بفترة انفراج، وظهرت بوادر انحسار للخلاف طويل الأمد بين الجانبين لا سيما عندما تصافح السيسي وأردوغان في افتتاح كأس العالم في قطر بإشراف من أمير قطر تميم بن حمد.
وذكرت المجلة الإسبانية أن مصر كانت من أوائل الدول التي استجابت لحالة الطوارئ الإنسانية الناجمة عن الزلازل في تركيا وسوريا.
وبعد دقائق من الزلزال الثاني في 6 فبراير/ شباط، أجرى السيسي اتصالا بأردوغان لتقديم تعازيه، وهي لفتة غير عادية بين قائدي البلدين اللذين لم يعينا بعد سفراء في عاصمتيهما.
وجرت الاتصالات الثنائية القليلة خلال السنوات العشر الماضية على مستوى القائم بالأعمال، لكن ذلك لم يمنع الرئيس المصري من التعهد بتقديم مساعدات إنسانية.
وفي الساعات الأولي للمأساة أرسل الرئيس المصري خمس طائرات عسكرية محملة بمساعدة طبية، انتشرت في 11 محافظة تركية متضررة.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع المصرية، أقلعت طائرتان أخريان، محملتان بالأدوية صباح الخميس، باتجاه تركيا.
وقبل ساعات، رست سفينة تابعة للقوات البحرية المصرية تحمل مساعدات إنسانية في ميناء مرسين التركي محملة بمزيد من المساعدات.
وفي علامة واضحة على الامتنان، سمحت حكومة أردوغان في المقابل بعد أيام من ذلك لمجموعة من رجال الأعمال الأتراك الذين يعتزمون الاستثمار في مصر بالسفر إلى القاهرة للقاء رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي، وكان ذلك أول اجتماع من نوعه منذ عقد من الزمان.
وخلال لقائه بالوفد التركي نوه رئيس الحكومة المصرية إلى العلاقات التاريخية بين تركيا ومصر، مؤكدا أنه “على الرغم من أن اختلافات سياسية قد حدثت خلال فترات سابقة، فقد حرصنا في مصر على أن تظل العلاقة بين شعبينا، وأن يظل تعاوننا في المجالات الاقتصادية والتجارية وثيقا”.
وعلق بين فيشمان الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمعهد واشنطن أن مصر “تقوم بعمليات خصخصة لعدد من المؤسسات المملوكة للدولة، ويمكن أن تلعب تركيا دورًا في هذه العملية إلى جانب استثمارات قوية من دول الخليج”.
وأضاف أنه في الوقت الحالي، يمكن أن يصل حجم الاستثمار التركي في مصر إلى 500 مليون دولار.
ولفت المجلة إلى هذه المحاولة الجديدة للتقارب بين القاهرة وأنقرة هي مصدر قلق لجماعة الإخوان المسلمين التي ترتقب التداعيات المحتملة.
ووفق المحللان إميلي ميليكين وجورجيو كفييرو من مؤسسة الديمقراطية الآن للعالم العربي، فإن أردوغان لم يعد يقدم نفسه أو حكومته بصفة الراعي المطلق للجماعات الإسلامية السنية في جميع أنحاء العالم العربي، وذلك بالنظر إلى التحولات الجارية في المنطقة من سوريا إلى ليبيا، والانتكاسات التي أصابت الحكومات ذات التوجهات الإسلامية بعد الربيع العربي.
وأشار المحللان إلي أن إن فقدان جماعة الإخوان المسلمين للنفوذ على المستوى الإقليمي يسهل على أردوغان إجراء عمليات تحول في التحالفات، وهو ما يضع جماعة الإخوان التي يقيم العديد من أعضائها وقياداتها في تركيا على مفترق طرق، وفق المجلة.
المصدر | مجلة أتالايار – ترجمة وتحرير الخليج الجديد