ملحمة رشاد أبو شاور في قلب العروبة الأسدي

دوّن الكاتب والروائي الفلسطيني رشاد أبو شاور ملحمة (مقالة) بعد مؤتمر “أدباء من أجل العروبة”، الذي عقد في دمشق، الأسبوع الفائت، فأظهر في المقالة المنشورة في فايسبوك، مدى عشقه للاستبداد تحت مسمى “من أجل العروبة”، فيقول: “دُعيت فكيف لا أُلبي؟ وضعي الصحي، رغم مرور 7 شهور على إصابتي بنزف دماغي، لا يسمح بالسفر، برأي الطبيب المعالج، بسبب مشقة الطريق، والطقس الحار، لكنني لا يمكن أن أتقاعس عن تلبية دعوة دمشق إلى لقائها، بذراعيها المفتوحتين للأدباء العرب”. يضيف: “جاء الإخوة من رام الله بقيادة الأمين العام الشاعر مراد السوداني، واصطحبوني من باب بيتي في حي ” طبربور” بالعاصمة الأردنية عمّان، وانطلقنا إلى الشام. السيّارة مبردة، والأحاديث حارة، والأشواق متأججة”.

ابو شاور لا يرى الأمور إلا بعين أسدية، لم ير البراميل المتفجرة يوماً، لم ير التهجير، لم ير النازحين، يعتبر ما حصل في سوريا مجرد إرهاب، والأسد كان يوزع الورد في دمشق، ويسقي العطشى… رشاد أبو شاور السائح في أرض الأسد يجيد التلميع والتبييض: “لمّا عبرنا الحدود الأردنية إلى الأراضي السورية، رأيت الأرض محروثة، تستعد لاستقبال موسم جديد من العطاء. هذه الأرض كانت توصف بأهراء روما، أي مُطعمة الإمبراطورية الرومانية، كما أطعمت ملايين العرب، لكن الإرهاب نجح في حرمانها من مواصلة العطاء والخصب، وحرف بعض شبابها، واجتاح حوران الخصب والحضرة والجمال، وهدم البيوت التي كانت تُجمّل الطرق في القرى، وتمنحها مشاهد تريح العيون والنفوس، البيوت التي بناها الحورانيون بكدّهم وجهدهم وحبهم لأرضهم”…

ينتهي أبو شاور من انشائيات الأرض المحروسة، ليدخل في حميميات “السيد الرئيس” الذي أبلغ الوفود بأنه “متفرغ للقائهم”، و”ليس عنده تحديد للوقت، وقدّم مداخلة مستفيضة”، بالطبع يعيش الأسد بحبوحة، وبلاده تعيش في رفاهية ورخاء تماثل السويد وهولندا ويريد أن يستنبط نظريات فكرية وثقافية من رهط من الشعراء والكتاب والروائيين، وليست لديه مشاكل البته، لا قوات أجنبية على أرضه، لا خطوط تماس، لا بحث عن الطحين والخبز، لا منظمات متطرفة في إدلب، لا قوات كردية في شرق الفرات، لا قوات خمينية في القلمون والقصير، ولا كبتاغون عند الحدود الأردنية…

عشاق الاستبداد من الكتَبة والممالقين، كانوا سعداء لأن المستبد ليس لديه ما يفعله، جلس يصغي لوجهات نظرهم، هم الذين وفدوا إلى دمشق منحازين إلى “ثقافة المقاومة التي تمثلها سوريا وقلبها دمشق”. ثقافة المقاومة هذه التي يتغنى بها ابو شاور، تمرّ بمخيم اليرموك الفلسطيني، وبمدينة حمص المفرغة من أهاليها، أو بآلاف المفقودين والمغيبين… كان ينبغي لثقافة المقاومة الشاورية أن تزور تدمر أو سائر السجون الأسدية أو تتابع فيديو حي التضامن ومجزرته، ربما بذلك يفلح أبو شاور في مزيد من الانشاء العروبي في مديح الأسد وهمجياته…

لا يكتفي أبو شاور “سليل المقاومة الفلسطينية”، بالاطراء على “السيد الرئيس”، بل ينجر الى مستشارته، الدكتورة بثينة شعبان، “الكاتبة المثقفة” بحسب زعمه، فهي ودعت الوفود و”أكدت على موقف سوريا ورؤيتها، وأهمية المعركة الثقافية التي تجمعنا في مواجهة قوى التخلف والتبعية”. ربما على الكاتبة المثقفة أن تتابع وجود “السيد الرئيس” في اخضان بوتين أو خامينئي، لتعي حجم التبعية وشكلها.

بالمختصر ليس هناك أسوأ وأتفه من الاستبداد الأسدي، إلا الذين يصفقون له، ويتوهمون أن ما يفعلونه يخدم تحرير فلسطين.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى