أعادت انتخابات الهيئة السياسية في محافظة إدلب، الحديث عن الهيئات واللجان السياسية التي أُعلن عن تشكيلها خلال العامين الماضيين، سواء المستقلة منها او تلك التي ظهرت بإيعاز من الدول المتنافسة على الجغرافيا السورية، ومدى الحضور الفعلي لهذه الهيئات على الأرض.
وأنهت الهيئة السياسية في محافظة إدلب انتخابات الدورة الخامسة لاختيار أعضاء المكتب التنفيذي الجديد عبر تقنية “الفيديو كونفرنس” بسبب فيروس كورونا.
وتتبع الهيئة التي تضم 700 عضو، موزعين على سبع دوائر تمثل جغرافيا محافظة إدلب، إضافة إلى مكتب المرأة، نظام الانتخاب المقيد من خلال انتخابات داخلية لكل دائرة، وتتفرع منها الهيئة الناخبة العامة المسؤولة عن اختيار أعضاء المكتب التنفيذي ورئيسه لدورة انتخابية مدتها عام واحد.
وأوضح رئيس الهيئة السياسية المنتخب عن دائرة جسر الشغور أحمد عبدو حسينات أن لجنتي الطعون والانتخابات اللتين تمّ تشكيلهما في 25 كانون الثاني/يناير، أشرفتا على متابعة مسار العملية، التي جرت في مقر الهيئة في مدينة إدلب، وأفرزت خمسة عشر عضواً يمثلون جميع دوائر إدلب، إضافة إلى انتخاب ثلاثة أعضاء عن مكتب المرأة.
وقال حسينات ل”المدن”، إن برنامج العمل سيرتكز على 3 محاور أولها المحافظة على مسار الهيئة السياسية وأهدافها في إسقاط النظام ورموزه، والعمل على ترسيخ العدالة الاجتماعية، بينما يرتكز المحور الثاني على الأمور التنظيمية من خلال إعادة ترتيب عمل الهيئة وزيادة عدد كوادرها ورفدها بكوادر جديدة من الشباب.
وأضاف “أما على المستوى السياسي الذي يُعتبر الأهم، فقد قُسّم إلى قسمين، داخلي، يعتمد على توحيد الرؤى مع باقي الهيئات والأجساد السياسية لتصدير موقف سياسي موحد يخص محافظة ادلب. وخارجياً، فإننا سنقوم بتفعيل دور الأعضاء المتواجدين خارج سوريا لفتح قنوات حوار مع الدول المنخرطة في الشأن السوري، حتى يكون لنا موطئ قدم في أي مؤتمر أو قرار يخص المحافظة أو الشمال السوري”.
وتقدم الهيئة التي تأسست منتصف عام 2016، نفسها على أنها مظلّة لكل سوري مؤمن بأهداف الثورة وقيمها من نخب ثورية وفعاليات مدنية وقوى وشخصيات علمية واقتصادية وفكرية، وصوت الداخل السوري المعبر عن تطلعات الشعب السوري في بناء دولة العدل والكرامة.
وقال الرئيس السابق للمكتب التنفيذي للهيئة المحامي عاطف زريق، إن “الهدف من تشكيل هذه المؤسسة هو مراقبة الوضع السياسي العالمي والاقليمي الذي يخص الملف السوري، وإصدار بيانات توعوية بخصوص التطورات التي تطرأ على الساحة السياسية، إضافة إلى تفعيل المؤسسات المدنية والمساهمة في تنشيطها، ومتابعة القضايا المتعلقة بأمن السكان، ومنها ملف المعتقلين، حيث قامت الهيئة بالعمل على اطلاق سراح أكثر من مئتي مدني تم اعتقالهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية فترة سيطرتها على منطقة عفرين”.
وأضاف ل”المدن”، أنه على المستوى المحلي، “عملنا على تخفيف الهيمنة السياسية والعسكرية للفصائل على محافظة إدلب بشكل كامل، من خلال دعم أعمال المؤسسات الخدمية، ومراقبة عمل المؤسسات والمجالس المحلية والمدنية وسير الانتخابات التي كانت تتمّ، فضلاً عن لعبها دوراً بارزاً في حل الخلافات التي كانت تطفو إلى الواجهة بين تلك الأجسام”.
ويعتدّ القائمون على الهيئة بنجاحهم في الحفاظ على استقلاليتها وعدم تبعيتها لأي جهة سياسية خارجية أو داخلية، على الرغم الظروف الصعبة التي مرت بها، من تضييق وعمليات تهجير ونزوح للكثير من أعضائها، كما يشرح زريق مؤكداً أن جميع نشاطات الدوائر التابعة لها، يتم تغطيتها على نفقة الأعضاء وهم من الناشطين الفاعلين في المجتمع المحلي الذين يؤمنون بحقوق الشعب دون تمييز عرقي أو طائفي.
سيطرة تحرير الشام
سيطرة حكومة الانقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام على محافظة إدلب، واحتكارها إدارة المؤسسات المدنية والمحلية في مناطق نفوذها، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة من عمليات عسكرية وقصف وتهجير، جميعها عوامل ساهمت في انحسار نشاط الهيئة السياسي بشكل كبير، وحدّت من فاعليتها.
ولا يخفي القائمون على الهيئة ضعفها وتراجع دورها منذ بداية العام 2018، وهي الفترة التي شهدت هيمنة تحرير الشام على المنطقة وإقصائها جميع المنافسين من فصائل عسكرية وقوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني، واقتصار عمل الهيئة على بعض الاجتماعات الدورية، وإصدار البيانات حول التطورات المحلية والدولية والإقليمية المتعلقة بالشأن السوري.
لكن، ورغم ذلك، فقد تمكنت من الحفاظ على مكانتها في تمثيل محافظة إدلب كهيئة سياسية مستقلة ووحيدة، والنأي بنفسها عن الصراعات القوى المحلية أو المحاور الاقليمية، رغم سباق التشكيلات السياسية الذي انطلق بإيعاز من القوى المتنافسة على منطقة الشمال والشمال الشرقي من سوريا، خلال العاميين الماضيين.
تبدأ الهيئة السياسية لمحافظة إدلب عامها الخامس من العمل متجاوزة الكثير من الصعوبات وقد تمكنت من الحفاظ على نفسها بعيداً عن الانقسامات والانشقاقات كما حدث مع كثير من مؤسسات الثورة والمعارضة، كما تواصل طريقها بعيداً عن التبعية التي تتهم بها الهيئات السياسية التي تمّ تشكيلها في محافظات أخرى.
المصدر: المدن