..الغرب وامريكا وإسرائيل
موقفهم من العرب وربيعهم
سوريا.. وربيعها
واقع حال الدول العربية وعلاقتهم بالغرب:
اولا ً. لا يمكن الحديث عن أمريكا والغرب وتعقيد موقفهم من الثورة السورية. والربيع العربي عموما. دون العودة سريعا للحضور الغربي في العالم والوطن العربي تحديدا. في ما يزيد عن قرن مضى… انها الدول الرأسمالية التي وجدت في المنطقة العربية مجالا حيويا لها وامتداد اقتصادي ونفوذ ومصلحة في ما سمي المرحلة الاستعمارية التي طالت العالم العربي كله والتي أعطت نتائج مباشرة بتقسيم الوطن العربي وفق توافقات الدول المستعمرة وقامت حركات التحرر الوطني لمواجهة المستعمر. ولم ينتهي عصر الاستعمار في خمسينيات القرن الماضي الا وكانت روابط الغرب ومصالحه في المنطقة العربية قد تحددت عبر ثلاثة ثوابت وهي:
- وجود (إسرائيل) على جزء من ارض فلسطين التاريخية من بداية القرن الماضي كهجرة لليهود بداية. ومنذ سنة 1948 كدولة معترف بها دوليا وتحت حماية الغرب. وأصبحت تحت الرعاية الامريكية ايضا بعد ذلك وأصبحت جزء من المخطط الاستراتيجي لأمريكا وللغرب عموما..
- وجود النفط بغزارة في المنطقة العربية وخاصة في الخليج العربي وهو عماد الاقتصاد العالمي ومحرك عجلة التكنولوجيا الحديثة. حيث وضع الغرب وأمريكا خاصة يدها عليه منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى الآن…
- وجود حالة تبعية شبه مطلقة من الأنظمة السياسة العربية للغرب أو ضمن استقطاب صراع القطبين (السوفييت والغرب).. وعدم خروج هذه الأنظمة من دائرة التأثر بالغرب وفعله في المنطقة او عالميا. و عبر رعاية الغرب للصراع العربي الإسرائيلي . في كل مراحله. و عندما حاول عبد الناصر ان يأخذ مسارا مستقلا ووفق المصلحة الوطنية والقومية حورب كل فترة حكمه حتى توفي والمعركة مستمرة…
ثانيا ً. عمل الغرب وبشكل مباشر وعبر الحكومات العربية. التي تثبتت كأنظمة استبدادية تسلطية تابعة ومسيطرة على كل مصادر الحياة والمجتمع حيث قامت بدور الوكالة لمصالح الغرب وعلى رأسه أمريكا (وإسرائيل) ضمنا . ولم يكن و (منذ سبعينيات القرن الماضي). هناك فرق بين نظم ملكية او جمهورية حصلت نتاج ثورات تحرر وطني او انقلابات عسكرية. ولم يغير من الأمر كونها كانت في مرحلة القطبية العالمية تابعة لأحد القطبين. لكن كل الأنظمة تحت حكم استبدادي مع التسلط المجتمعي واحتلال الحيز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول التي تحكمها. وأنها على علاقة توافق (من موقع التبعية) مع الغرب . ومحققة مصالحه بشكل مباشر او غير مباشر…
ثالثا ً. ان الدور الغربي صنع جروحا دائمة النزف في الجسم العربي.. احتلت فلسطين من الإنجليز مثل غيرها بعد سقوط الخلافة العثمانية. وأعطت حقا لليهود بالهجرة ورعاية وجودهم ماديا وعسكريا. بناء على وعد بلفور الوزير الإنكليزي عام 1917 وسهلت لهم اقتطاع أراضي فلسطين المشاع وشراء البعض . ولم تخرج من فلسطين قبل أن تعلن دولة (إسرائيل) في .1948. وتنشأ مأساة الفلسطينيين الوطنية و الحياتية. شرّد اكثر من نصف مليون فلسطيني صاروا الآن ما يزيد عن سبعة ملايين موزعين في دول الجوار والعالم أجمع.. ولم تنتهي المشكلة هنا. بل تتابعت وتشابكت وتعقدت. (فإسرائيل) الوليدة أصبحت مصدر عدوان وتحركت الدول العربية المجاورة في حروب ثلاث متتالية. مع الغرب مباشرة وكذلك في حرب السويس. 1956 التي تحالف فيها الغرب لردع عبد الناصر لأنه أراد استرداد قناة السويس كملكية وطنيه مصرية. وقبلها حرب 1948. عند تأسيس (إسرائيل ) ثم حرب 1967 و1973 بين دول الجوار وإسرائيل التي زادت من احتلال ارض العرب. وفلسطين التاريخية التي أكملت احتلالها (إسرائيل) بعد حرب 1967. كان كل ذلك برضى غربي وبدور له (ظاهر او خفي) ولمصلحة (إسرائيل). واستمرت تداعيات ذلك على العرب عموما سواء دول المواجهة او الدول الأخرى…
رابعا ً. ان انشاء (إسرائيل) على جزء من فلسطين وتشريد الفلسطينيين قدم لهم مبررا كمظلومين ليفكروا وينفذوا ويعملوا كثوار من أجل استعادة أرضهم. وكانت (إسرائيل) والغرب معها لهم بالمرصاد حيث تشكل العمل الفدائي فتح اولها وحصلت عمليات فدائية وتشكلت منظمة التحرير الفلسطينية، وبين العمل السياسي الدبلوماسي والعنف المسلح مرت القضية الفلسطينية. بمنعطفات عدة ضُربت كعمل عسكري من قبل اسرائيل والأنظمة العربية المجاورة لفلسطين( تقريبا كلها). ضُربت في الأردن وطردت منه بعد (مجزرة أيلول الأسود في عام 1970). ومنعت من العمل عبر الحدود السورية منذ عام 1970 منذ انقلاب الأسد ، وضُربت في لبنان منذ السبعين حتى إخراجها بالقوة بالتناغم بين النظام السوري و(إسرائيل) في عام 1982. لوحقت حتى في تونس. وبعد انتفاضة الداخل الفلسطيني استوعبت في حل عبر مشروع الدولة المجهضة على جزء من فلسطين. وعندما لم يتجاوب ياسر عرفات ابو عمار حوصر وقتل تحت نظر العالم وسمعه. ودخلت القضية الفلسطينية في حالة الموات بالتقادم. وعبر تغذية الصراع الداخلي بين (الثوار): (سلطة فتح في الضفه) و ( وسلطة حماس في غزة). كل ذلك والغرب وامريكا حاضرين وراضين والجرح الفلسطيني ما زال ينزف …
خامسا ً. لا يوجد دولة عربية دون جرح نازف وللغرب دور فيه يغذيه ويستثمره لصالحه. بدء من المغرب ومشكلة الصحراء المتروكة على شكل حرب أهلية مستمرة. وموريتانيا وانقلاباتها العسكرية المتتالية. وخلق أرض صراع (اثني عربي زنجي). دعم العسكر غربيا لحكم استبدادي يسهل استثمارها وتبعيتها. واما الجزائر فقد تم اجهاض ربيعها الديمقراطي في تسعينات القرن الماضي عبر العسكر أيضا وتحت نفس المبرر محاربة الإرهاب الإسلامي. وامتد القمع واستشهد الآلاف .وامتلأت السجون وتحول الشباب للعمل المسلح. وكبر الجرح الوطني وما زالت الجزائر للان تدفع ثمن الاستبداد والقمع والغرب داعم وراضي. المهم استثماراته مع النظام واستمرار ضخ النفط والغاز واستمرار التبعية السياسية والاقتصادية. أما تونس حيث تم إجهاض ديمقراطية تونس السلمية في الثمانينات وعبر الحكم الاستبدادي الذي يغطي نفسه انه نظام ثورة التحرر الوطني من الاستعمار. وأنه يحارب الإرهاب الإسلامي. واسقط التجربة الديمقراطية التي صدّرت الإسلاميين الديمقراطيين. واستمرت دولة مزرعة لطبقة الحكم تستحوذ على اقتصاد البلد عبر علاقة احتكار مع الغرب. يقترن كل ذلك مع منافع متبادلة وتبعية مطلقة للغرب ومصالحه. استمر ذلك حتى ثورة تونس و تلكؤ الغرب بقبولها. والعمل الان على إجهاض الربيع العربي والتونسي أيضا. عبر خلق شرخ مجتمعي .مفتعل وغير حقيقي وضد المجتمع. وهو الصراع بين التيار العلماني والإسلامي بين “الإرهاب” المدنية والديمقراطية. كل ذلك برعاية الغرب ودعمه.
سادسا ً. أما ليبيا الدولة المزرعة للقذافي منذ السبعين من القرن الماضي وتقلباته واستعداده أن يسلم البلد ومقدراتها للغرب فدفع مبالغ خياليه كتعويض عن قراره إسقاط طائرة مدنية حيث سلم كل انواع اسلحة الدمار الشامل للغرب. وأبرم معه عقود طويلة الأجل لاستثمار البترول والغاز. وتُرك يحكم بلدا منع من كل أسباب الحياة الإنسانية بالقوة المطلقة وعندما حدثت الثورة في ليبيا تأخروا بالتدخل حيث دمر ليبيا وسقط شهداء. والآن بعد إسقاط القذافي بالقوة الظولية هناك عمل لخلق ذات الشرخ المجتمعي .(علماني اسلامي) ويضاف له صراع قبائلي. والجرح مازال ينزف والغرب راض وداعم لذلك…
سابعا ً. اما مصر فهي حكاية بحدّ ذاتها. فمنذ وفاة عبد الناصر وانهاء مشروعه التحرري المستقل على يد السادات عمل الغرب على إخراج مصر من دورها التاريخي كرافعة للعرب. و كرأس حربة لمواجهة (اسرائيل). تم ذلك وعقد اتفاق سلام مع (اسرائيل) على يد السادات عام 1978 – 1979 . حيث خرجت مصر من دورها ولم تحصل الآن على حقها كدولة في التصرف بسيناء. وتحولت الدوله المصرية الى مزرعة لمبارك ( الذي جاء بعد السادات ومن نفس المؤسسة العسكرية التابع لذات السياسات الغربية). من طبقة مصاصي الدم المصري وتم بيع الاقتصاد المصري بابخس الاثمان ليثرى الحاكم و الطبقة المحيطة. ورزح الشعب المصري تحت فقر مدقع. وتحول مصر لبلد طارد لأبنائه بحثا عن لقمة العيش. صارت مصر جزء من خطة الغرب وامريكا و(اسرائيل) في منطقتنا والعالم. صدر النظام شبابه للحرب الأمريكية المقدسة في أفغانستان. التي أنتجت القاعدة والإرهاب (كعدو مفتعل للغرب والعالم). سكتت ودعمت كل عدوان (لاسرائيل). على لبنان والفلسطينيين عبر عقود. كانت في طليعة المقاتلين في حرب الأمريكان على العراق (لتحرير الكويت). الاقتصاد المصري منهار .المديونية فلكية والفساد اكل الاقتصاد الوطني. الشعب اغلبه مهجر وتحت خط الفقر. ومصر الواقع تقول لا أمل. وعندما حصلت ثورتها كانت كالسيل الذي لم يستطع النظام ولا الغرب ولا (اسرائيل) الوقوف في وجهه. فتم استيعاب الثورة بداية وأدعاء قبولها. والعمل كثورة مضادة لاسقاطها. خاصة أنها كانت ثورة نظيفة. فلم تستأصل أحدا من النظام السابق. ولم تحرر الدولة من أركان الدولة العميقة المتغلغلة في كل شيء : الجيش والأمن والقضاء وكل ادارات الدولة. حصل الانقلاب المدعوم غربيا اسقط المجلس النيابي المنتخب وبعدة أسقط الرئيس المنتخب ايضا. واستلم العسكر الحكم. وحول جزء من الشعب (الإسلاميين) واعتبروا ارهابيين. وعمل على خلق حرب أهلية. وتم بناء سلطة قمع على الطريقة الوحشية السورية. وعادت مصر لحضن الغرب. حاصرت غزة. ونكّلت بالشعب. والمشهد المصري ينذر بالاسوأ. كل ذلك برعاية الغرب وبدعم خليجي ينفذ ما يريد الغرب.. ولمصلحة (اسرائيل) …
٢٦ . ٩ . ٢٠١٣م.
قراءة وتحليل وتوصيف دقيق لوضع الأنظمة العربية وعلاقتها مع الغرب ومعطيات تموضع الكيان الصهيوني ضمن المنطقة العربية “فلسطين” وارتداده على سياسة الأنظمة العربية بالمنطقة ، وكذلك غياب الرئيس القائد جمال عبد الناصر وخروج مصر من الأمن القومي العربي .