أعلنت الخارجية الروسية أمس، أن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن سيزور العاصمة الروسية اليوم، لإجراء محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إنه «من المخطط عقد هذا اللقاء الخميس» من دون أن توضح تفاصيل عن جدول الأعمال المطروح للمناقشة. لكن مصادر روسية أشارت إلى اهتمام موسكو بتنشيط النقاشات حول آليات دفع المسار السياسي في سوريا، على خلفية نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدستورية، التي وصفت في روسيا بأنها «كانت إيجابية برغم أنها لم تحقق تقدما». وكذلك في إطار التوجه الروسي لتحريك المفاوضات السورية في جنيف.
وينتظر أن يركز البحث أيضا وفقا للمصادر على التطورات الميدانية في سوريا، والوضع حول إدلب، فضلا عن التحركات الأميركية في شرق الفرات، وملف المساعدات الإنسانية إلى سوريا، خصوصا في ظل انتشار وباء «كورونا» وضرورة مساعدة السلطات السورية على مواجهة تزايد معدلات التفشي.
لكن الأبرز وفقا لمصدر روسي قريب من الخارجية تحدث إلى «الشرق الأوسط» هو التوجه نحو إعادة إطلاق مسار المفاوضات السورية في جنيف، مع توافر «ظروف أفضل لتعزيز هذا المسار». ووفقا للمصدر فقد «نضج الفهم بأنه لا بد من تحريك المسار التفاوضي» منبها إلى أن هذا المسار «لم يتوقف بل واجه صعوبات لأسباب عدة أبرزها تفشي وباء (كورونا)». ولفت إلى تطور مهم رأى أنه يشكل «عنصرا دافعا من خلال تحول الموقف الأميركي نحو دعم تنشيط المسار التفاوضي». وقال إن «واشنطن قلبت موقفها بنسبة 180 درجة حول هذا الموضوع، ونلاحظ استعدادا أميركيا جديا لدعم هذا التوجه».
وقال المصدر إن اللجنة الدستورية السورية ستعود إلى الاجتماع الشهر المقبل في جنيف، وإن هذا يشكل واحدا من روافع استئناف العملية التفاوضية بشكل كامل، خصوصا أن اللقاء الأخير وبرغم أنه مر بصعوبات وخصوصا بسبب ظهور أعراض المرض على أربعة من أعضاء «الدستورية» ما أسفر عن تقليص المدة الزمنية للنقاشات لكن الأجواء عموما بعثت على الارتياح، بسبب «تجاوز الأطراف الأجواء السلبية التي سادت الاجتماعين الأول والثاني، وبروز رغبة بالاستماع لوجهات النظر المختلفة ومناقشتها» وزاد أن الوفد الحكومي تلقى تعليمات بعدم توفير ذرائع لتوجيه اتهامات جديدة ضده بأنه عرقل النقاشات في اجتماعات الدستورية، ما ساعد على توفير أجواء أفضل من الاجتماعات السابقة.
في غضون ذلك، وبرغم أن موسكو لم تعلن تفاصيل عن نتائج الحوارات التي أجراها مسؤولون روس مع وفد تركي بارز خلال اليومين الماضيين، لكن مصادر أشارت إلى أنه فضلا عن التطورات الميدانية على الأرض، فقد جرى تقويم شامل لنتائج عمل اللجنة الدستورية، وتم التطرق إلى الخطوات اللاحقة الممكنة.
وكانت الخارجية الروسية قالت في بيان إن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين التقيا في موسكو، مع وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال. وجرت خلال اللقاء «مناقشة تفصيلية لمجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالتسوية السورية، مع التركيز على مهام الحفاظ على الاستقرار على الأرض، وآليات دفع العملية السياسية». كما تبادل الجانبان الآراء حول الوضع الحالي في إدلب، والخطوات الأخرى في إطار تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية القائمة.
ووفقا للبيان فقد تم التداول حول الوضع في منطقة شرق الفرات، مع الأخذ في الاعتبار التهديدات المستمرة لتقويض سيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية. وشدد الطرفان على أنه لا بديل عن العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وفي هذا الإطار، أشاد الجانبان باستئناف الحوار السوري في إطار اللجنة الدستورية في جنيف.
في غضون ذلك، رأى خبراء في روسيا، أن تعمد الوزير سيرغي لافروف استضافة وفد من مجلس سوريا الديمقراطية قبل أيام، حمل رسائل إلى أنقرة وإلى واشنطن، في إطار ما وصف بأنه «سعي القيادة الروسية لتخفيف التوتر بين تركيا والمكون الكردي، ولعب دور الوسيط لإزالة الأسباب التي تعرقل سير المفاوضات، وتساعد على خلق استقرار أمني في الشمال السوري، مع ما يمثله ذلك من أهمية بالغة للأمن القومي التركي».
ورغم ذلك أعربت أنقرة عن استيائها بسبب «الاستقبال الروسي على مستوى رفيع» الذي حظي به ممثلو الإدارة الذاتية في شمال سوريا، وحذرت من خطوات قد تصب في صالح الفصائل العسكرية الكردية التي تصنفها أنقرة على لوائح الإرهاب، لكن كان الملاحظ أن هذا الموضوع لم ينعكس في البيان الختامي للقاء الروسي – التركي.
من جهة أخرى، لفت خبراء إلى أن التطور الذي تمثل في دعم موسكو لتوقيع اتفاق بين الإدارة الذاتية للأكراد وحزب الإرادة الشعبية الذي يقوده رئيس منصة موسكو للمفاوضات قدري جميل، حمل رسالة إلى الأميركيين وإلى الجانب التركي بإمكان تسوية مشكلة تمثيل المكون الكردي في أي مفاوضات مقبلة من دون التوجه إلى تأسيس «منصات جديدة» غير التي أقر بها القرار الأممي 2254.
المصدر: الشرق الأوسط