
جمال عبد الناصر: عاش لنا ومات من أجلنا هو عنوان المخطوط الذي كتبه زين العابدين القادري وفاء لذكرى القائد العربي الذي يستحق أن يبقى حيا في ذاكرة الأجيال العربية.
زين العابدين القادري كاتب من جيل الستينات عايش عن قرب عصر جمال عبد الناصر القصير في الحكم ١٩٥٢ – ١٩٧٠م والكثيف على كل الصعد مصريا وعربيا ودوليا بوقائع ونتائج بعيدة المدى.
يبدأ زين العابدين القادري كتابه بالحديث عن جمال عبد الناصر إبن العقد الثاني من القرن العشرين، طفولته وشبابه وبزوغ شعوره الوطني والقومي باكرا، سواء في مواجهة الاحتلال الإنجليزي لمصر والحكم الملكي الفاسد لمصر والموقف القومي الأصيل تجاه فلسطين ورفض الكيان الصهيوني الذي أعلن احتلاله لبعض فلسطين في عام ١٩٤٨م.
كان جمال عبد الناصر منذ مراحل دراسته الثانوية متشبعا بالانتماء الوطني والقومي جعله يشارك في اغلب النشاطات الوطنية ضد الاحتلال الانكليزي وضد الفساد في الحكم الملكي. حتى انه اخذ قرارا ان يلتحق بالجيش المصري ضمن رؤية بعيدة المدى ترى أن الجيش المصري قادر على خوض معركة التحرر من الانكليز والقضاء على الحكم الملكي الفاسد. وبالفعل التحق بالجيش المصري
وكان حصار الفالوجة الذي عانى منه جمال عبد الناصر عندما كان من قادة القوات المصرية التي ذهبت لمواجهة الصهاينة عام ١٩٤٨م في معركة كان المقصود منها منع قيام الكيان الصهيوني. لكنهم لم ينجحوا. واكتشف جمال عبد الناصر ورفاقه التآمر من الحكام العرب على قضية فلسطين، وكان قراره أن التغيير يبدأ من مصر ودولتها قبل أي شيء آخر.
لذلك عمل جمال عبد الناصر على بناء تنظيم الضباط الأحرار ونشط بسرية تامة وتوسع تنظيمه حتى استطاع مع اخوته في التنظيم الوصول إلى السلطة عبر ثورة في تموز عام ١٩٥٢م. تبعها التحرر من الانكليز عام ١٩٥٤م.
قرر جمال عبد الناصر أن يبني مصر القوية على كل المستويات وعزم على بناء السد العالي على نهر النيل. ماطل الغرب في ذلك وساوم جمال عبد الناصر على تنازلات لصالحه. لكن عبد الناصر رفض وقرر أن يعتمد في بناء السد العالي على المعسكر الشرقي الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه بمواجهة المعسكر الغربي. وقرر أن يؤمم قناة السويس عام ١٩٥٦م، وهكذا حصل وقامت فرنسا وانجلترا واسرائيل في عدوانهم الثلاثي على مصر وصمدت مصر وانسحب المحتلين وأصبح جمال عبد الناصر بطلا قوميا و تحرريا .
بدأ جمال عبد الناصر دورا عربيا وعلى مستوى العالم فأصبح احد رموز بناء دول عدم الانحياز وواجه المشاريع الغربية في بلادنا العربية وحارب مشروع بغداد وقدم الدعم للحكم الوطني في سورية وتتوج ذلك بإعلان الوحدة بين سورية ومصر. وبنيت الجمهورية العربية المتحدة عام ١٩٥٨م بقيادة جمال عبد الناصر نفسه.
لم يتقبل اعداء الامة العربية والقوى التابعة له من الانظمة العربية نجاحات جمال عبد الناصر وخاف الغرب على الانظمة التابعة له. فعمل على التآمر على الوحدة المصرية السورية و استطاعوا أن يسقطوا الوحدة عام ١٩٦١م. وبدؤوا يجهزون لمعركة مواجهة مع جمال عبد الناصر الذي توسع بثورات عربية وافريقية اعتبرته نموذجها. وحصلت حرب حزيران ١٩٦٧م وادت لهزيمة مصر وسورية والاردن واحتل الكيان الصهيوني اراض من الدول الثلاث اضافة لمى تبقى من فلسطين.
انشغل جمال عبد الناصر في معركة ازالة العدوان بعد الهزيمة مباشرة. كما انشغل باعطاء البعد الشعبي المصري مزيدا من الديمقراطية عبر اعلان مارس ١٩٦٨م وكان حاضرا في مواجهة الصهاينة في محاولتهم استئصال الثورة الفلسطينية في ايلول الاسود عام ١٩٧٠م.
لم يمهل الموت جمال عبد الناصر ليتم معارك التحرير وبناء والديمقراطية وتوفي في ايلول عام ١٩٧٠م.
رحم الله جمال عبد عبد الناصر بطلا قوميا كان نموذجا لزمانه وللاجيال التي تليه.
في التعقيب على الكتاب نقول:
نحن بحاجة لهذه النماذج من الكتب التي تعيد احياء رموزنا التاريخية ومنهم جمال عبد الناصر. لنتعلم ولكي لا ننسى قضايانا الوطنية والقومية والا نفرط بحقوقنا كل الوقت.
ان انتصار الشعب السوري واسقاط النظام المستبد الطائفي الفاسد الوحشي بعد كثير من التضحيات وبعد ظلم دام لعقود إلا نموذجا عن إرادة الشعوب التي تتمثل بثوارها الذين يظهرون كنماذج مختلفة لكل زمان كما هو الحال وكما نأمل في دولة الثورة السورية الواعدة لكي يحققون الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل لكل الشعب السوري في كل وقت.