في ذكرى ميلاد د. عصمت سيف الدولة: سيرة مفكر

عبد الرحمن عبد الحافظ 

المقدمة:

الدكتور عصمت سيف الدولة يطلق عليه البعض “محامي الشعب”، والبعض الآخر يصفه بأنه “شيخ القوميين العرب”. لا يهم، المهم حقًّا أن تعرف الأجيال الجديدة وشباب هذا الجيل الواعي عن ذلك الأستاذ العظيم الذي مضى حياته كلها في النضال والدفاع عن حقوق الأمة العربية، فإنه لم يتطرق الي نظريات مستوردة غريبة عن مجتمعه ولم يجعل من نفسه مفكرًا نخبويًا، بل على العكس تمامًا، فقد نظر وفكّر وأبدع، وكذلك ناضل بالسلاح في سبيل الوطن. إن تلك المقالة الهدف منها هو دراسة مفكر عظيم، وأنا أشعر بالخجل حين أرى ذلك الهدف، فكيف يمكن لهذا الجيل ألا يعرف عصمت سيف الدولة؟ على العموم، وحتى لا نطيل في المقدمة، سنتطرق إلى حياته: ميلاده، نشأته، نشاطه السياسي والفكري ،وفاته،  وأتمنى أن أساهم في إعادة طرح اسم عصمت سيف الدولة، وبالتالي أفكاره وأطروحاته.

الميلاد و النشأة:

في 20 أغسطس/آب 1923 وُلد عصمت سيف الدولة عباس محمد في قرية الهمامية التابعة لمركز البداري بمحافظة أسيوط، وحين سُئل عن سبب تسميته بهذا الاسم وأثره النفسي عليه يقول:  كان الوالد عليه رحمة الله معجبا بشجاعة سيف الدولة الحمداني كما سمع عنها من المتنبي ، فحين رزق بولده عام 1923 كان إعجابه بالشجاعة قد شمل عصمت اينونو القائد التركي المنتصر في موقعة أزمير ضد اليونان فأضاف هذا إلى ذاك ، وأسماني اسما يعجبه ، و في المراحل الأولى من العمر كان يسبب لي مضايقات جمّة حتى كنت أخفيه ، فقد كانت غرابته ملفتة للمدرسين والتلاميذ في المدرسة الابتدائية فكان مادة تندرهم وسخريتهم ، فقد كان التناقض بين إيحاءاته “الارستقراطية” وبين المظهر الاجتماعي والاقتصادي لحامله تناقضا صارخا يستحق التندر فعلا .

وحين سئل عن تأثير ذلك في حياته قال: أثر تأثيرا كبيرا ومازال باقيا ، قبل أن أنتقل إلى المركز حيث المدرسة الابتدائية كنت أعيش في مجتمع المساواة في الهمامية . كنا فقراء جميعا ، وأقرباء ، وغير متعلمين ، فلم نعاني الشعور بالدونية ، وفي المدرسة الابتدائية وعن طريق السخرية من الاسم الارستقراطي يحمله تلميذ وافد من القاع وعيت الفروق الطبقية مصحوبة بآلام الشعور بعدم المساواة بين الناس ، ودرّبتني “الخناقات” على التمرد ضد السّيطرة والاستعلاء والقهر . وأثّرت نشأته عليه وعلى تفكيره تأثيرًا كبيرًا، إذ نشأ في القرية المصرية التي كانت تعاني في تلك الفترة من فساد السلطة الإقطاعية التابعة للاستعمار البريطاني، تلك السلطة التي نهبت أرضهم واستولت عليها، حتى أصبح الخوف من السلطة هو الحالة السائدة بين شباب تلك القرية. ويصف ذلك الواقع بقوله: (سُخرة بلا أجر، إقامة بلا إيواء، أيام بلا غذاء)، ويكمل في هذا المضمار بقوله: كانت الهمامية حتى الخمسينات قرية صغيرة فقيرة قائمة على سفح الجبل الشرقي حيث يلتقي النيل بالجبل في أشهر الفيضان  . تتكون من بضعة عائلات تنتمي كل منها إلى أخ يجمعها جد كبير واحد كان يرعى الغنم اسمه فرج فداح . فكل أهلها متساوون في الحمية والنسب والظروف الاجتماعية والفقر الاقتصادي . اكتُشفت فيها آثار العصر الحجري ونسبت إليها حضارته وعرف تاريخها الحديث العنف مرتين، مرة كانت فيها طليعة ثورية شعبية اشتركت فيها عدة قرى مجاورة ضد استبداد حكم عباس باشا الأول وانهزمت ، وأعدم كثير من أجدادنا على “الخوازيق” . ومرة حديثة عام 1928 انحسر النيل عن جزيرة من الأرض الخصبة . فظن أهل الهمامية أن من حقهم زراعتها . كان للحكومة رأي آخر فأجّرتها الى عبد الرحمان بك محمود أخ محمد باشا محمود رئيس الوزراء في ذلك الوقت . فثارت قرية الفقراء وهاجموا أعوان المستأجر واستولوا على الأرض ، وقاوموا تدخل السلطة ، واقتسموها وما تزال بين أيديهم حتى عام 1952 . كان التعليم مقصورا على “الكتّاب” وقد كان من حظي أن أكون أول من دخل المدارس الابتدائية من أبناء الهمامية ونحو تسع قرى حولها .

 وندرك من هذا أن الواقع الذي نشأ فيه عصمت كان واقع ملئ بالظلم والاستغلال في ظل الحكم الأجنبي الجائر وقد تركت تلك الأوضاع  أثر كبير على شخصيته، فقد نشأ عصمت متمردا ونرى هذا بصورة واضحه في مسيرته الحافلة بالنضال فنجد في اسمه وفي إصرار والدة الازهري على تعليمة دلالة على تحدي احتكار الأرستقراطية الاقطاعية في كل رموز الامتياز  والمناصب ومن هنا نشأ عصمت متمردا على الواقع المظلم.

وعندما أنهى عصمت تعليمه حتى وصل إلى الثانوية في قرية الهمامية، التحق بجامعة القاهرة عام 1942 ليستكمل دراسته، فحصل هناك على ليسانس الحقوق عام 1946، ثم على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام 1951، ودبلوم الدراسات العليا في القانون عام 1952. وخلال إقامته في القاهرة، التي أثرت فيه تأثيرًا بالغًا، أوصى ابنه بألّا يُقام له عزاء فيها، بل في قريته، إذ رأى في القاهرة تجسيدًا للظلم وللاستغلال، حيث يستغل الإنسان أخاه الإنسان بما ينتج عن ذلك من تمايز وتفاوت طبقي كبير. فقد رأى مجتمعًا غارقًا إمّا في الغنى الفاحش أو الفقر المدقع.

ويصف ذلك بقولة: فقد وجدت المدينة العاصمة ، مليئة حتى التخمة بحثالة البشر من الجنود والأغراب ، الشواذ السكارى المعتدين الذين يطاردون الرجال والنساء في الشوارع ، وينتهكون الأعراض علنا .. فانخرطت مباشرة بقدر ما استطعت فيما يمكن تسميته حركة المقاومة الوطنية التي كان يقودها الطلاب بشكل عام ، ويمارسها شباب الحزب الوطني كواجب يومي .

إذ أدرك ذلك الفارق الحضاري والتفاوت الكبير بين المجتمع المصري والمجتمع الغربي حينما ذهب إلى فرنسا لإكمال دراسته العليا في القانون، فقد لاحظ الفارق الكبير بين مجتمع تسوده روح التعاون والعدل والمساواة، وبين مجتمع غارق في الاستغلال.

ونتيجة لذلك، عندما عاد إلى القاهرة أعلن الحرب على كل ما يخالف قيم ومبادئ العدالة والأخوّة والتعاون. وتصف الأستاذة إيمان عبد الله حمود تلك الحالة بقولها: إنّه جعل من هذه القيم والمبادئ نبراسًا يهتدي بنوره في الظلمات.

نشاطه السياسي:

 كان عصمت سيف الدولة طليعياً في الفكر والممارسة، حيث كان يرى أن الزمان وحده لن يحل أزمات أمتنا العربية، لذلك أيقن بضرورة وجود طليعة عربية يلتحم داخلها كل التقدميين الثوريين ويواجهون من خلالها واقعهم وأزماته. وعلى الصعيد المصري فلم يكتفِ عصمت بالتنظير وحسب، بل حمل السلاح في شبابه ضد الاستعمار عندما قاد “كتيبة محمد فريد”، وذهب مع شباب الحزب الوطني يقاتل الإنجليز حتى قيام ثورة يوليو، تلك الثورة التي آمن بها طوال حياته فدافع عنها وعن قائدها، فلقد وجد عصمت نفسه فيها متنفساً ومعبّراً عن كل أحلامه وأمانيه. ولم يمنعه ذلك من توجيه الانتقادات للأخطاء التي كانت ترتكبها بعض الأجهزة الأمنية باسم الثورة، أو للفساد الذي كانت تقوم به بعض مراكز القوى داخل النظام.

وقد دافع أيضاً عن كل الأحرار والمناضلين الذين كان يتبرع للدفاع عنهم كمحامٍ، وإن كانوا يختلفون معه، حتى أن بعض الجماعات لم تكن تطيق سماع نقده اللاذع لهم في الرأي أو الفكر أو التوجه. فقد قام بالدفاع عن المعتقلين في محاكمات تنظيم ثورة مصر، حيث أُطلق عليه لقب “محامي الشعب”. وكان دفاعه عن التنظيمات السياسية الكبرى في انتفاضة 1977م علامة مميزة في تاريخ القضاء المصري، إذ أثبت أن التكنولوجيا الحديثة يمكن من خلالها تزييف الحقائق وتزويرها، وذلك عندما نجح في إبطال أدلة التسجيلات الصوتية والصور المقدمة من أجهزة الأمن كأدلة ضد المتهمين، بتقديمه تسجيلات صوتية لرئيس المحكمة نفسه يتبنى فيها رأي المتهمين، كما قدّم فيها صوراً يبدو فيها عصمت سيف الدولة رئيساً للمحكمة، بينما رئيس المحكمة الحقيقي يبدو في مكان عضو اليمين، وفي صورة أخرى في مكان عضو اليسار.

وعلى الصعيد العربي، فقد زار عصمت سيف الدولة مواقع الثورة الفلسطينية ووقف أمام خطوط التماس مع العدو الصهيوني في الأردن وسورية ولبنان، ومارس مهمة الدفاع عن المناضلين والمجاهدين الفدائيين، وكل ذلك كان من دون أي أجر، في سبيل حرية وجود الإنسان العربي ودفاعًا عن حياته أي حريته.

ولم تلبث تلك المسيرة أن تستمر بشكل متواصل، فقد قُبض عليه مرتين إبان حكم السادات، فبعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، ذهب عصمت سيف الدولة إلى ليبيا بدعوة من قيادة الثورة لزيارة البلاد وإلقاء سلسلة من المحاضرات بمناسبة البدء في تنظيم الجماهيرية، وكان سيف الدولة يمتلك مشروعًا قوميًا عربيًا متكامل الأركان تمكن من صياغته ونشره تحت عنوان “نظرية الثورة العربية”، وكان ذلك في يوليو 1971، أي بعد شهرين من انقلاب 15 مايو 1971 الذي أطاح فيه السادات بكل القوى الناصرية في السلطة. فقد كان يعرف السادات ولم ينخدع به مثلما انخدع به رجال عبد الناصر. ويقول في هذا الصدد: كان أنور السادات إقليميًا فرعونيًا رأسماليًا نرجسيًا منذ بداية حياته العامة، ولم يكن يعبأ بالتقييم الاجتماعي للمواقع التي يتخذها لنفسه ما دامت ترضيه، فاستطاب معاشرة حاشية الملك والالتحاق بحرسة الحديدي مع أنه لم يكن ملكيًا، فهو لم يخدع أحدًا، إنما انخدع به من لم يعرفوه بعيدًا عن عبد الناصر، فلم يعبأ بانخداعهم، كما أخطأ الذين أعماهم ولاؤهم الذاتي لشخص عبد الناصر حينما اتخذوا من اختياره للسادات نائبًا حجة لاختياره رئيسًا.

ويكمل في هذا الصدد: لم يكن انقلاب السادات مفاجأة لي، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت تصديق قيادة الثورة في ليبيا لمزاعم السادات الوحدوية وانحيازهم إليه في صراع مايو 1971. ولم أرَ من مبررات ذلك الانحياز إلا أنه تفضيل “دولة” التعامل مع الرئيس الشرعي “الدولة”.

وكان هذا يتناقض جملة وتفصيلًا مع ما جاء في نظرية الثورة العربية.

ففي عام 1972 اعتُقل وذهب إلى سجن القلعة لعدة أسباب كان أغلبها مصطنعًا، ولكن حينما بدأت المحاكمة تم الإقرار أمام المحكمة بأن أجهزة الأمن سخّرت رجالها لمراقبته معاقبتةً لنقده اللاذع لها، ويذكر عصمت أن السبب الحقيقي وراء الاتهام والمحاكمة هو قصة إنشاء ونشر كتاب نظرية الثورة العربية وعلاقتها بإنشاء التنظيم القومي اتفاقًا مع الناصريين.

وندرك من هذا  أن أجهزة الأمن كانت تترصده وتضعه في قائمة المهددين لمصالحها، حيث كان يحث القوميين على البدء في تكوين تنظيمهم القومي بعيدًا عن تلك الأجهزة الإقليمية، وكان يرى في جمال عبد الناصر القائد القادر على مدّ المنطلق القومي الذي يدير به معارك التحرر والوحدة بعيدًا عن أجهزته الإقليمية، ولم يكن يمنع تلك الأجهزة من اعتقاله سوى وجود الناصريين في السلطة. وما لبث أن انتهى حكمهم وفقدوا مناصبهم فاعتُقل عصمت سيف الدولة ومَن معه من الشباب القومي.

وعلى إثر الضغط أُفرج عنه عام 1973، ولم يلبث كثيرًا حتى أُعيد اعتقاله عام 1981، فقد وضعته الأجهزة الأمنية في دائرة الشك مرة أخرى عندما وقف معارضًا سياسات السادات بعد حرب أكتوبر، ولا سيما معارضته لاتفاقية كامب ديفيد.

نشاطه الفكري :

كانت حياة عصمت سيف الدولة كلها تجسيدًا لأفكاره التي آمن بها ودفع ثمنًا لها من خلال اعتقاله عدة مرات ومحاولات التشهير به، ولكن لم ييأس عصمت سيف الدولة ولم يكتم فمه، بل كان دائمًا يرفع صوته وينخرط وسط الجماهير، فقد عايش الواقع وتعايش معه. لقد كان عصمت سيف الدولة بفكره منفتحًا على كل التيارات والمدارس والمناهج الفكرية والسياسية المتنوعة، فأخذ منها ونقد بعضها، فقد كان أسلوبه البحثي يمتاز بوسائله العلمية بعيدًا عن العواطف والتعصب.

إذ تناول في كتابه أسس الاشتراكية العربية المناهج والنظريات التي سبقت منهجه الجدلي الإنساني، من المنهج الليبرالي ونشأة المذهب الحر إلى المنهج الماركسي والمادية التاريخية، فقد نقد الجدل الهيغلي المعتمد على الفكر المجرّد، ونقد الجدل الماركسي المعتمد على المادة وحدها، ليصل من كل ذلك إلى نظريته ومنهجه المعروف باسم جدل الإنسان، ذلك المنهج الذي يعتمد على الإنسان كوحدة من الفكر والمادة، وأنه الكائن الوحيد القادر على جمع التناقض بين الماضي والمستقبل ليحصل الجدل وتتم به الإضافة. كما تناول الجدل الاجتماعي، ذلك لأن الإنسان لا يمكن أن يكون في مجتمعه وحيدًا، فيكون بذلك الجدل الاجتماعي هو الحالة المجتمعية لجدل الإنسان.

وحين يتحدث عن القضية الفلسطينية نراه يقدم كتابه التقدم على الطريق المسدود. في ذلك الكتاب، وضّح عصمت موقفه من القضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، إذ كان يرى أن منظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن اكتسبت تأييد الأنظمة العربية واعتراف العديد من دول العالم كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، تسير على الطريق المسدود، لأن منطلقاتها كانت إقليمية من حيث هيكلتها وقيادتها وقرارها، وبالتالي ستصل إلى مرحلة ستكون فيها مضطرة لمواجهة الأعداء والأصدقاء والأشقاء في وقت واحد. فقد وجّه إليها علنًا دعوة للتخلي عن إقليميتها والانخراط في الخط القومي العربي، والمساهمة في بناء التنظيم القومي العربي الواحد على كامل الأرض العربية، لا أن تكون مستقلة عن القوميين العرب وعن الجماهير العربية التي تشكل العمق الطبيعي للثورة وأهدافها.

وفي كتابه مشكلة فلسطين من وجهة نظر قومية يوضّح عصمت تلك المشكلة واضعًا إياها في سياق تاريخي، ويرى أن حلها الصحيح يكون من منطلق قومي، كما يرى أن الإقليمية سبب رئيسي لهزيمة العرب وجيوشهم الكبيرة.

وعندما يأتي الحديث عن إشكالية العروبة والإسلام يطرح عصمت سيف الدولة في كتابه عن العروبة والإسلام فكرة التوفيق بين القومية ومبادئ الإسلام، وإزالة التصادم المصطنع بينهما. وفي هذا الصدد يقول: في الوطن العربي طائفتان اختلفتا فاتفقتا؛ طائفة تناهض الإسلام بالعروبة وطائفة تناهض العروبة بالإسلام، وإنهما لتثيران في الوطن العربي عاصفة غبراء من الجدل تكاد تضل الشعب العربي المسلم عن سبيله القويم، وأنهما لتحرضان الشباب العربي على معارك نكراء تكاد تلهيه عن معركة تحرير أمته، ذلك حديث إلى الشعب العربي عن الطائفتين تباعاً، سيقول نفر ممن يقرؤونه ما بال هذا الرجل يتلو آيات الكتاب لا يلتمس فيها عوناً من رجال الدين، فنقول لأننا مسلمون، ولا كهانة في الإسلام وسيقول نفر ما باله يتحدث عن الأمة العربية ولا يلتمس عوناً من مفكريها ؟ فنقول لهم: ذاك مذهبنا، مذهبنا الإسلامي في القومية ومذهبنا القومي في الإسلام، فلينظروا ماذا هم فاعلون ؟ أما الطائفتان فسينظرهم الشعب العربي إلى حين.

ومن أهم إسهاماته الفكرية كتابه الشهير رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنة. ويتطرق فيه إلى موضوعين رئيسيين:

الأول: الدفاع عن القطاع العام وحق الشعب فيه، محذراً من الهجمة التي كانت تهدف إلى تصفيته ببيعه بأبخس الأثمان من خلال عملية “الخصخصة”.

الثاني: حديثه عن خيارات الرأسمالية، مؤكداً أنها غير قادرة على منافسة الرأسمالية العالمية، فتكون أمام خيار وحيد هو التحالف معها، لتبدأ بتوسيع نفوذها عبر فتح الأسواق والتبادلات التجارية التي تستحوذ على الاقتصاد المصري وتبقيه تابعاً لها. وعليه تجد الرأسمالية الوطنية أنه ليس لها من طريق إلا أن تكون مع الرأسمالية العالمية على أساس مصلحي، فيسميها بالخائنة، على مبدأ أن رأس المال لا وطن له.

وفي هذا السياق، ينبغي ألا نتجاهل شخصية عصمت سيف الدولة الأدبية، حيث قام بتأليف العديد من المسرحيات الفكرية التي تتطرق إلى موضوعات تاريخية وإنسانية هامة، كما ألَّف الشعر الذي عبَّر من خلاله عن أوجاع جيلٍ بأكمله؛ ذلك الجيل الذي شهد النكسة، وشهد غياب العدالة في محاسبة المتسببين بها، ولم يلبث طويلًا حتى استعاد أرضه ولكن  كانت قد ضاعت مكتسباته الاشتراكية.

من اهم إسهاماته الفكرية:

– أسس الاشتراكية العربية (1965).

– الطريق إلى الوحدة العربية (1966).

– الطريق إلى الاشتراكية العربية (1967).

– وحدة القوى العربية التقدمية (1968).

– ما العمل؟ رسالتان إلى الشباب العربي (1967 – 1969)

– الطريق إلى الديمقراطية (1971).

– نظرية الثورة العربية (سبعة أجزاء) (1972).

– النظام النيابي ومشكلة الديمقراطية (1975).

– الأحزاب ومشكلة الديمقراطية في مصر (1976).

– هل كان عبد الناصر ديكتاتوراً؟ (1977).

– التقدم على الطريق المسدود (1977).

– إعدام السجان (1978).

– رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنة (1979).

– هذه المعاهدة (1980).

– هذه الدعوة للاعتراف المستحيل (1983).

– المحددات الموضوعية لدور مصر في الوطن العربي (1984).

– عن الناصريين وإليهم (1985).

– عن العروبة والإسلام (1986).

– دفاع عن ثورة مصر العربية (1990).

– مذكرات قرية – الجزء الأول (1994).

– مذكرات قرية – الجزء الثاني (1995).

وغيرها من الدراسات والمقالات.

وفاته:

في 30 مارس عام 1996 انتقل عصمت سيف الدولة إلى رحمة الله بعد حياة مليئة بالكفاح والنضال والدفاع عن الأمة وحريتها. فارق الحياة بعد أطروحاته التي ملأت الدنيا جدلاً وفكراً، وصارت مصدر إلهام للقوميين العرب. ويجب أن يعلم ذلك الجيل أن القومي لا يجب أن يكون منعزلاً عن مجتمعه، ولا أن يكون نخبوياً يعيش في الأوهام ويترك شعبه يخوص في الوحل، بل من الضروري الانخراط وسط المجتمع والنضال لرفع رايته. وهذا ما فعله عصمت سيف الدولة. ولن يستريح في قبره إلا بتقدم القوميين العرب وتنظيم أنفسهم للدفاع عن جماهير الأمة العربية وحريتها في الوجود والتقدم الحضاري.

المراجع :

– عن عصمت سيف الدولة وعبدالناصر والناصرية د.صفوت حاتم.

– عصمت سيف الدولة ونشاطه السياسي والفكري في مصر (1923-1996) أ. ايمان عبدالله حمود.

ـ  الأسس: الحرية اولا واخيرا د. عصمت سيف الدولة.

ـ عن الناصريين واليهم د. عصمت سيف الدولة.

ـ مذكرات قرية  د. عصمت سيف الدولة.

ـ مشايخ جبال البداري د.عصمت سيف الدولة.

ـ جريدة الأهالي 15-5-1985.

ـ  جريدة السفير 6-8-1986.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى