إسرائيل أكثر حذراً.. هل ينتقل صراع السويداء إليها؟

 يوسف الحيدر

                                                                                  

لم يكن من المتوقع لدى أكثر الفاعلين والمراقبين للشأن السوري حجم فزعة العشائر العربية في سوريا -60% من السكان تقريباً- لعشائر البدو في السويداء، بعيداً عن التجييش الإعلامي الذي صاحبها.
كما لم يكن متوقعاً أن تقف إسرائيل موقفاً حذراً وتتأخر بتدخلها ضدهم، وهي التي قصفت بقوة قوات الحكومة السورية- وأماكن عسكرية مختلفة في سوريا أبرزها قيادة الأركان- عند دخولها السويداء، ما خلّف شهداءً وجرحى وخوفاً لدى السوريين عامةّ، فما هي أسباب هذا الحذر وهل للدور الجديد الذي تقوم به العشائر علاقة في ذلك؟.

صراع عابر للحدود
يرى الباحث السياسي عمر رحمون أن ما حدث في الجنوب ليس مجرد صراع محلي، بل زلزال أهلي له ارتداداته العميقة في عمق الكيان الصهيوني فالمجتمعان– عشائر البدو والدروز– موجودان بقوة داخل إسرائيل، وتشظيات هذا الصراع العابر للحدود تربك صانع القرار في تل أبيب أكثر من أي جهة أخرى.

دروز وبدو إسرائيل
ويصف رحمون في تصريح لـ”المدن” الدروز في فلسطين المحتلة بأنهم “جنودها الملتزمون”، لكنها تعرف أن ولاءهم لها “هشٌّ” أمام صحوة دينية في السويداء تنعكس في نفوس الدروز في الجليل والكرمل.
ويضيف، أما البدو في إسرائيل فهم “خزانها الصحراوي المهمش”- يشكلون نحو 15-20% من العرب في الداخل الفلسطيني- واشتعال نارٍ عشائريةٍ عبر الحدود، كفيل بإيقاظ القبلية الراقدة لديهم.

استفزاز لا يعرف الحدود
وحول تمدد الفزعة العشائرية خارج سوريا إلى الأردن والسعودية، وأثر ذلك على إسرائيل، أوضح الدكتور في العلوم السياسية باسم نعمان أنّ معظم العشائر العربية في سوريا هي امتداد (أفخاذ) لعشائر (بطون) في بلاد عربية أخرى، مشيراً إلى أنّها بـ”فزعتها” كانت أداةً كغيرها لدى لإسرائيل وقدمت لها خدمةً كبيرةً، إذ زادت حجم المظلومية التي تعرض لها الدروز وعَظّمت الشرخ مع الحكومة وبين فئات الشعب، ما يسهل لها جنوباً خالياً من السلاح في دولة مفككة ضعيفة.
لكن رحمون يخالف نعمان فيرى أن إسرائيل تعرف جيداً أن اللعب بورقة العشائر محفوف بالمخاطر، فهي حين تُستَفز، لا تضبطها الجغرافيا، وأن أي استثمار خاطئ في الدم أو السلاح أو الاصطفاف، سيحوّل الفضاء العشائري إلى عاصفة تهدد أمن المنطقة.

هل ينتقل الصراع إلى إسرائيل؟
يستبعد الباحث السياسي د. نعمان ذلك، ويعزوه لتأثير الدروز القوي في الداخل الإسرائيلي- مقارنة بالعشائر- بسبب “حلف الدم” القائم منذ خمسينيات القرن الماضي والوجود الجغرافي للطرفين في الكيان، وهذا ما انعكس بتدخلات جوية لمصلحة المحاصرين في السويداء ولقاءات مع رئاستهم الروحية وإرسال مساعدات طبية وغذائية.
بينما يعدُّ رحمون أنّ ما يجري في السويداء اختبار إقليمي معقد تتداخل فيه خرائط الطوائف، وحدود الاستعمار، وإن لم يخمد هذا الصراع فربما تنتقل ناره المشتعلة من جبل العرب إلى الناصرة والنقب والجليل.

 

 

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى