لماذا لايدعو الشرع لانتخابات رئاسية وتشريعية عامة؟

كل أنواع الانتقادات للعهد الجديد بما في ذلك انتقادات الدول الخارجية التي ترى في نفسها اليوم وصية على الشعب السوري ، تتشارك في موضوعات رئيسية هي الطعن في شرعية النظام الجديد , والمطالبة بالديمقراطية , والحديث عن نزعة إقصائية للنظام  أبعدت فئات من الشعب عن القرار السياسي .

حسنا , لا نقول إن العهد الجديد مطابق لما يجب أن يكون , فهناك الأخطاء والثغرات المتعددة في السياسة الداخلية وعلى وجه الخصوص فقد تأخر كثيرًا تشكيل هيئة العدالة الانتقالية , وتأخر ضبط التجاوزات في عمل الأجهزة الأمنية , وتأخر إعلان نتائج لجنة التحقيق في الجرائم المرتكبة في الساحل بعد محاولة الانقلاب الفاشلة , كما أن مؤتمر الحوار الوطني والاعلان الدستوري المؤقت لم يكونا مقنعين للكثيرين . وكما سبق فهناك فئات مجتمعية مازالت تشعر أنه قد تم إقصاءها خلال المسار السابق .

تبني المعارضات الداخلية والتدخلات الخارجية حجتها على ما سبق  , لكن ماذا لو أعلن الشرع غدا الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية عامة مع مطلع السنة القادمة 2026  فماهي فائدة مثل ذلك الإعلان – الوعد وهل يمكن تحقيقه ؟

أما فائدة مثل ذلك الإعلان فتتمثل في سحب الأوراق التي هي الأساس في نقد العهد الجديد في الداخل والاستخدام في الخارج .

فلن يبقى من حجة لمن يستخدم ورقة الديمقراطية , وكذلك شرعية الحكم , وبوجود مؤسسة تشريعية منتخبة من جميع فئات الشعب بصورة ديمقراطية لايبقى لأي مكون حجة في كونه ليس ممثلا في الدولة والحكم .

ونكون قد تفادينا موضوع المحاصصة الطائفية والعرقية  وانتقلنا للديمقراطية الوطنية .

وخلال هذه الفترة وبعد صدور قانون الأحزاب تصبح الأحزاب السياسية هي واجهة التمثيل لمختلف فئات الشعب وليس الوجهاء ولا رؤساء الطوائف . وعليها أن تقدم برامجها السياسية والاقتصادية بدلًا عن الزعامات الحالية التي تبني قاعدتها بالنفخ في التعصب الطائفي والمذهبي .

مع نهاية العام صحيح أن نسبة كبيرة من السوريين ستكون مازالت في المهاجر , لكن الانتظار لعودة جميع السوريين لتلبية الاستحقاقات الدستورية أمر غير وارد  , وهناك نسبة من المهاجرين ستبقى في الدول التي هاجرت إليها بسبب ظروف متنوعة , بينما سيعود البقية على دفعات قد تستغرق خمسة أو سبعة سنوات أو حتى أكثر من ذلك .

وكما هو الحال في لبنان والعديد من الدول , فكل سوري يحمل الجنسية السورية يحق له الانتخاب سواء كان في الوطن أم في المهجر .

أما الاستقرار الداخلي فهناك أمل كبير وفقًا للمسار السابق أن يتعزز إلى حد مقبول مع مطلع العام القادم , ولاشك أن الإعلان عن الانتخابات سيسهم في تعزيز الاستقرار وطمأنة السوريين عن طبيعة دولتهم الجديدة الديمقراطية , كما يعرض على جميع المكونات الاجتماعية للشعب السوري فرصة للمشاركة في المؤسسات الدستورية التي تشكل قاعدة النظام السياسي .

وكذا فالانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تتم قبل الانتخابات التشريعية سوف تنهي تمامًا أي جدل حول شرعية قيادة العهد الجديد .

فالشعب هو مصدر السلطات وحين ينتخب رئيسه بموجب انتخابات حرة ديمقراطية لايبقى أمام أي كان الفرصة للخوض في شرعية القيادة .

ليس من سبب يمنع إصدار مثل ذلك البيان منذ الآن . وهناك أكثر من سبب يجعل من إصداره الطريقة المثلى للاستجابة للمطالب الداخلية و لقطع الطريق على التدخلات الخارجية التي لم تساعد الشعب السوري على التحرر خلال أربعة عشر عامًا بل صارت تميل للتطبيع مع النظام البائد وتدويره بكل جرائمه وفساده , لكنها استفاقت بعد إسقاطه لتضع أقسى الشروط على نهضة ذلك الشعب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى