الحقد

أسامة الحويج العمر

منذ عدة أيام، وبينما كنت اتجول في أحياء دمشق القديمة وازقتها، أتأمل المنازل المتلاصقة المزدحمة بعضها بجانب بعض، تفصل بينها ازقة ضيقة للغاية بحيث تشعر أنه بإمكانك القفز من إحدى الشرفات إلى زميلتها على الطرف المقابل دون عناء كبير، ففكرت في المحبة التي كانت تنتظم قلوب الناس في الأيام الخوالي بخيطها النوراني الساحر، الأمر الذي دفع بهم لبناء منازلهم بهذه الصورة الروحانية كي يجسدوا شعورهم بالانتماء لعائلة واحدة على أرض الواقع، حلقت روحي بأجنحة غير منظورة إلى ذلك الزمان الخلاب فرأيت الناس يعيشون حيواتهم البسيطة المترعة بالسعادة….المتواضعة المثقلة بثمار الرضى والحبور….استنشقت هواء ذلك الزمان…كان هواء شديد النقاء خاليا من الحقد والغل والكراهية، كانت روحي تطفو سكرانة…تحلق  ببطء يتخللها عبق المودة والالفة بين الناس، منيت نفسي بنشوة لانظير لها،فجأة خطفني صوت إطلاق نار مسعور وصراخ يصم الآذان و أعادني إلى هذا العصر  في أقل من لحظة ، فكدت اختنق من رائحة الحقد القاتلة، واحترق الجمال الذي كنت أهيم في سحره بلمح البصر، هزتني المفاجأة… فأطلقت ساقي للريح في محاولة مستميتة للعثور على ملجأ من غازات الكراهية السامة التي اغرقت البلاد في ظلام دامس منعت الناس من رؤية حتى أقرب الناس إليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى