هل نجحت إسرائيل في القضاء على «حماس» بعد 6 أشهر من الحرب؟

مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: تكاليف اليوم التالي في غزة أكبر من الحركة… والسلطة يجب أن تحكم

بعد 6 أشهر من القتال الدامي في غزة، لم يتضح ما إذا كانت إسرائيل نجحت بالفعل في تحقيق هدفها من هذه الحرب؛ القضاء على «حماس» وإسقاط حكمها في القطاع.

وإذا كان إنهاء «حماس» كحركة سياسية وعسكرية أمراً بعيد المنال، فإن قدرتها على الاستمرار في الحكم تحتاج إلى مؤسسات وموارد وقوات وأموال، وهي مسألة أكثر تعقيداً من وجود الحركة نفسها.

ومع دخول الحرب شهرها السابع، وبعد انسحاب إسرائيلي واسع من غزة، يبرز السؤال الصعب حول حكم «حماس»: هل يسقط؟ وهل تنجح إسرائيل في استبداله.

قبل الانسحاب كان يمكن أن يكون الجواب لصالح إسرائيل التي تعهدت بإيحاد حكم بديل، لكن بعد ظهور عناصر «حماس» بسرعة في خان يونس، تصاعدت شكوك الغزيين في السيناريو الإسرائيلي.

وفعلاً، استبعد عدد من سكان غزة، الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، القضاء على «حماس»، إلا إذا تنازلت الحركة طوعاً للسلطة الفلسطينية ضمن اتفاق لا يبدو أنه سهل.

«حماس» تواصل الإدارة

على الأقل واصلت «حماس» تحت الحرب، إدارة وتوجيه قوات أمنية وشرطية ووزارات ومؤسسات، بل دفعت جزءاً من رواتب موظفيها ما يشير إلى هيكلية إدارية شبه متماسكة.

وقالت مصادر في حكومة «حماس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن المالية التابعة لحركة «حماس» حاولت الحفاظ على صرف رواتب موظفي حكومتها، وكذلك عناصرها العاملون في الحقل السياسي والعسكري رغم أن القوات الإسرائيلية هاجمت الكثير من المصالح الاقتصادية لها، حتى أنها قصفت الكثير من أماكن تخزين الأموال.

وتمكنت الحكومة من صرف سلف مالية، تراوحت بين 200 و400 دولار، مرات عدة منذ بدء الحرب.

وأكد (أ.س)، وهو موظف في شرطة حكومة «حماس»، أنه يتلقى تعليمات باستمرار الدوام في بعض المناطق، بهدف استعادة الأمن، كما أنه وزملاءه تلقوا دفعات مالية محدودة منذ بداية الحرب.

وقال الموظف: «نتلقى تعليمات شبه يومية متعلقة تتركز على ضبط الأوضاع أمنياً ومراقبة الأسواق وأسعار البضائع فيها، وتأمين الحماية للمساعدات التي تدخل لتوزيعها على المواطنين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس نحن فقط، ولكن جهات حكومية وأمنية أخرى تنشط. جهاز الأمن الداخلي هو الآخر يعمل ونجح باعتقال العديد من المتعاونين مع قوات الاحتلال ونقلهم لمراكز احتجاز محددة وغير علنية».

وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت »، «رصد نشطاء (حماس) الذين بدأوا في استعادة سيطرتهم على أكبر مدينة في أراضي قطاع غزة، متنكرين ولا يتحركون في مجموعات؛ ما يعزز صعوبة تحقيق الأهداف الأكثر تواضعاً في إسرائيل، وهي إسقاط الحكم المدني لـ(حماس)، وليس الحكم العسكري فقط».

وقالت الصحيفة، إن الجيش يجد صعوبة في تحديد ومهاجمة كامل منظومة عمل الأمن الداخلي لـ«حماس»، التي لا تزال تقف على قدميها وتنشط وينضم إليها عناصر من الجناح العسكري يرتدون ملابس مموهة.

وإذا كانت حكومة «حماس» تقف على قدميها فعلاً، لكنها «عرجاء» بعد تلقيها ضربة كبيرة في الحرب الحالية فقدت خلالها معظم مقارها المدنية والأمنية والعسكرية، والكثير من مقدراتها، ورجالها كذلك.

وتقول إسرائيل إنها قتلت آلافاً من عناصر الحركة، وستواصل الهجوم للقضاء على آخر لواء في رفح، لكن الفلسطينيين في غزة يعتقدون أن كل ذلك لن يجلب انتصاراً ساحقاً على الحركة.

وقال رضوان مقبل، خريج العلوم السياسية من جامعة الأزهر بغزة، إن «العملية الإسرائيلية الدموية أضرت بـ(حماس)، لكنها لم تنجح في القضاء على قدراتها، كما أن السلم القيادي للحركة ما زال يتمتع بوجود قوي ويصدر التعليمات والتوجيهات باستمرار لعناصره في الميدان».

وتحدث مقبل عن «تعليمات حكومية تصدر لعناصر الشرطة التابعين لحكومة الحركة؛ ما يؤكد أنها ما زال تتمتع بالقدرة على البقاء في حكمها».

وسخر مقبل من مقترح بـ«بتشكيل حكم عشائري بديل»، قائلاً: «الفصائل تتكون من هذه العشائر والعائلات أيضاً».

العشيرة بديل «حماس»

وتتفق سمر العوضي النازحة في أحد مراكز الإيواء بحي «الشيخ رضوان» شمال غزة، مع مقبل في أن ما «حققه الجيش الإسرائيلي هو التدمير والقتل فقط».

ورأت العوضي أن «حماس» تمسك بزمام الأمور رغم الحرب. وقالت: «نراهم في كل مكان. عناصر حكومة (حماس) تنتشر في الشوارع والطرقات والأسواق، يحاولون ضبط الأسعار ويحتجزون اللصوص وغيرهم».

عملياً، وبعد الانسحاب الإسرائيلي الواسع من قطاع غزة، ظهرت عناصر إضافية من قوات «حماس»، وتولت مهمات مختلفة في مناطق متفرقة، ويعتقد أن هذا التعزيز يهدف إلى إطلاق رسالة إلى إسرائيل.

ولم يحقق الجيش الإسرائيلي أهدافه في غزة، كما تقول صحيفة «هآرتس» العبرية، ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الحكومة الإسرائيلية خسرت الحرب في قطاع غزة.

وكانت إسرائيل وضعت أهدافاً منها القضاء على «حماس» نهائياً وإنهاء حكمها المدني والعسكري، وعملت على إيجاد حكم عشائري بديل، لكنها فشلت وراحت تروّج الآن لقوة متعددة عربية.

لكن كثيرين من سكان القطاع يستبعدون أن تنجح الخطط الإسرائيلية للدفع بحكم عشائري، أو تشكيل قوة عربية أو حتى دولية يمكن أن تكون بديلاً لحكم «حماس».

وقال أحمد المشهراوي (47 عاماً): «إنها أفكار محكوم عليها بالفشل؛ لأن العشائر هي الفصائل، كما أنه من غير الممكن أن تدخل قوات عربية على ظهر دبابة إسرائيلية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «علاوة على ذلك، فإن (حماس) لا تزال قوية».

وقال علاء أبو الأمين (25 عاماً)، إن «الكثير من أبناء العشائر سيرفضون العمل لصالح الاحتلال (…) العشائر رفضت التعامل مع الاتصالات التي أجريت معها من قِبل كبار الضباط الإسرائيليين».

وكانت «حماس» وفصائل فلسطينية، أكدت أنه ستتصدى بحزم لأي محاولات لتشكيل حكم عشائري بغزة، وأنها ستضرب «بيد من حديد كل من يتعاون مع الاحتلال»، كما أكدت أنها «ستتعامل مع أي قوة خارجية على أنها قوة احتلال».

اليوم التالي؟

في حين يرى كثيرون أن حكم «حماس» لن يسقط بسهولة، يؤيد آخرون تغيير حكمها، ويودون أن تعود السلطة الفلسطينية، أو أن يكون هناك حكومة فلسطينية جديدة تقود الوضع برمته لبر الأمان بعد الحرب المدمرة.

وقالت أنسام أبو جبل (29 عاماً) وهي خريجة الإعلام من الجامعة الإسلامية، إن المطلوب حالياً وجود جهة قادرة على توفير الطعام والمياه للمواطنين، وأن تعيد إعمار ما دمّره الاحتلال وتوقف هذه الحروب للأبد.

وأضافت أبو جبل، لـ«الشرق الأوسط»: «تعبنا من الحروب والقتل والتدمير المستمر، نريد حياة طبيعية كالحياة يغض النظر عمن يحكم، إلا الاحتلال وأعوانه».

ولا يعني هذا أن «حماس» تسطيع حكم القطاع حتى لو بقيت قادرة على البقاء وتنجو من «حلم إسرائيل بالقضاء عليها».

وقال مسؤولون في رام الله، لـ«لشرق الأوسط»، إن الحركة لن تستطيع حكم القطاع حتى لو بقي لديها الكثير من العناصر المسلحة.

وأضاف مسؤول مطلع :«المسألة لم تعد بعدد المسلحين؛ لأن الواقع تغير والناس يحتاجون إلى الإغاثة»، وأشار إلى أن «القطاع يحتاج إلى إعمار ودفع عجلة الاقتصاد، وهذه قضايا أكبر من (حماس)».

وقال المسؤول: «ما كان قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) لن يكون الآن (…) الجهة الوحيدة التي يجب أن تحكم غزة هي السلطة، الجهة التي يتعامل معها العالم».

لكن إسرائيل ترفض حتى الآن فكرة تسلم القطاع للسلطة، وهي مسألة أثارت خلافات مع الولايات المتحدة التي تريد للسلطة بعد أن تكون متجددة أن تحكم غزة.

 

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عندما يكون التنظيم من الشعب معبراً عن تطلعاته ومطالبه يكون من المستحيل إنهائه، المقاومة الوطنية الفلسطينية وجدت لتحقيق مطالب شعبنا الفلسطيني فهل يمكن إنهائها؟ قد يستطيعوا إعاقة تحركها وإضعافها ولكن لمرحلة، لذلك شعارات قوات الإحتلال الصhيوني والغرب بقيادة أمريكا لا يمكن عملياً تحقيقها، واليوم التالي لن يتحقق إلا بإدارة وطنية ديمقراطية تعبر عن شعبنا.

زر الذهاب إلى الأعلى