في الذكرى العاشرة لمؤتمر جنيف ٢ حول القضية السورية… جنيف ٢.. ماذا نريد منه؟

أحمد العربي

أولًا: عندما حصل الربيع العربي التحق به السوريين في ربيعهم الخاص مطالبين بحقوقهم الإنسانية بالحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية. ردّا على قمع واستغلال وفساد استمر لعقود.. حيث حول الشعب السوري الى قطيع من العبيد وسوريا لمزرعة خاصة بالنظام وعصبته

ثانيا. عندما خرجت المظاهرات لم تكن ذات طابع جذري وطالبت في اشهرها الاولى بالإصلاح. وأن ننتقل من الحكم الاستبدادي الى الحكم الديمقراطي بالتوافق بين النظام والشعب الذي خرج مطالبا بحقوقه. وكان لسان حال الشباب الثائر لنحصل على حقوقنا وعفى الله عما مضى.. وكان واقع الحال ان النظام قد اختار الحل الأمني الاستئصالي للثورة ومطالبها وحتى حاضنها الشعبي. وهذا ما تأكد يوما بعد يوم

ثالثا. اراد النظام ان يعتمد أسلوب التشويش او الشراء بالمكتسبات الشخصية أو الخدمية و اعتمد على مقابلات طالت مساحة سوريا و الاغلب الاعم من ناشطيها. كان شبابنا منخرطين في هذه اللقاءات (المفاوضات) مع النظام بحسن نية ووضوح رؤية وشجاعة مطلقه. وتبين للكل ان النظام جمع الاطراف ليتعرف على اعدائه اولا. ويعد لهم ما يلزم لمواجهتهم . ويبلغهم رسالة محددة ، وهي: لا تغيير جذري ديمقراطي في البلد .وأقصى الاماني تحقيق مطالب خدمية.. وكان عذر النظام المدّعى ان غير ذلك هو سياسة عليا من اختصاص النظام. وهدد بالمباشر ان النظام بعد الآن يعتبر المتظاهرين إرهابيين ويعاملهم بكل الوسائل العنفية لردعهم، وهكذا صار
خرج الناشطون من مقابلات النظام اكثر اصرارا وثباتا . وتحولوا لثوار واغلبهم تحول للعمل العسكري ردا على عنف النظام. وأكدوا أن الثورة قامت لتسترد الحقوق. وليس لتستسلم سواء بالتهديد أو بالقتل او بالخداع

رابعا. لذلك لم يكن امامنا كثوار من حيث المبدأ اي حساسيه .أن يلتقي الشعب عبر ثوارة مع النظام في نقطة ما .في مسار نضالنا لاسقاطه وبناء دولتنا الديمقراطية. وإنقاذ ولو طفل واحد ومنع هدر قطرة دم من شعبنا العظيم… وكانت المشكلة دائما عند النظام . وعظّم فاتورة أفعاله واضفنا لأهدافنا في ثورتنا لاحقة اصيلة في فكرنا وسلوكنا وهي اسقاط النظام ومحاسبته وبناء الدولة الديمقراطية. المحاسبة لازمه وحق للشعب السوري ولا تنازل عنها و الدماء المهدورة لاتسقط حقوقها بالتقادم… وهذا لا يعني ان لا ندخل اي مسار دبلوماسي سياسي للوصول لأهدافنا. فالأصل الهدف المحدد ولا مشكلة عندنا بين الحل الدبلوماسي أو العسكري . ونحن نفضل الدبلوماسي لانه يوفر دماء شعبنا .وإن الخيار العسكري اولا والان وفي الختام خيار الضرورة لمواجهة عنف النظام. ويسقط في أي وقت تنتفي حاجته عند الثوار والشعب

خامسا. تحدثنا عن مؤتمر جنيف كثيرا سواء 1 او 2 . عندما تم تداوله كفكرة . وقلنا إن المعادلة الدولية التي وضعت بها الثورة السورية. اخرجت من يد الثوار قدرة الحسم في الميدان وذلك من خلال منع الثوار من تملك الوسائل القادرة على حسم الصراع عسكريا، إن العامل الذاتي للثورة متحقق فالشعب اغلبه منخرط في الثورة وشباب بعشرات الألوف يعمل بكل مناشطها. منعت الثورة من الانتصار وذلك لأسباب كثيرة منها مصلحة (اسرائيل) .والمصالح الغربية نفط وغيره وحفاظا على الانظمة التي بدأت تترنح أمام الربيع العربي… ولذلك كان للأطراف الدولية. والاطراف الاقليمية التي تدعم النظام والثورة. أن تلتزم بالموقف الدولي.. فكانت جنيف محطة إجبارية عند النظام وعند الثوار .. ولا يستطيعون أن يرفضوا التعامل معه

سادسا. لذلك ومن البداية كانت رؤيتنا . تنطلق من أننا لا نستطيع أن لا نذهب لجنيف .وما نستطيعه هو أن نطالب بحقوق شعبنا وثورتنا هناك . وأن لا نتنازل عنها ابدا. وان نحدد للأطراف الدولية ما هي حدود التخويل الشعبي لنا .. واننا مخولين أن نحقق لشعبنا بالتفاوض ان امكن : إزالة النظام الاستبدادي الوحشي. والاحتفاظ بحق مقاضاته عن جرائمه بحق الشعب السوري. ونتقدم بخطوات جدية للانتقال إلى الدولة الديمقراطية في سوريا

سابعا. ما حصل الى الآن كان لمصلحة الشعب وثورته. فقد أزيح من الطاولة فكرة أن نتصرف بمراهقة سياسية وأن نرفض المشاركة لمجرد الرفض. دون تعليل ودون شروط. وكذلك سقطت محاولة النظام وحلفائه صناعة أطراف وهمية من اذناب النظام لتكون من وفد المعارضة . وكان ذلك لو حصل طعنة في ظهر الثورة وعقبة في مسار التفاوض الدبلوماسي. وسقطت وحدة تمثيل الثورة والشعب. وكنا ضحايا ادعاء أن الثورة مشتتة وان فيها ارهابيين. واننا غير متفقين على شيء ونستحق كل ما حصل لنا. ويكون للنظام أوراق قوة تعيد إنتاجه.. وهذا ما نرفضه بالمطلق

ثامنا. في التفاوض تحكمنا قاعدة: ان كل التفاصيل والجزئيات والمسارات نريدها خطوات عملية لهدفنا المعلن… رفع المعاناة عن شعبنا هدف معلن و نعمل لنحققه . وليس لدينا ما يقابله نقدمة للنظام . فهي حقوق تسترد منه باصرارنا وبالضغط الدولي . وكذلك اخراج المعتقلين السياسيين والمدنيين والنساء والأطفال. كل ذلك حقوق مطلوب من النظام أن يعطيها من باب حسن النية او التكتيك. وذلك في مواجهة الأطراف الدولية. أما بالنسبة لنا فهو نظام اجرام دولي سيحاسب وسنقتص منه بالعدالة آجلا أو عاجلا

تاسعا. في التفاوض علينا دائما ان نحول أهدافنا الى ممكنات ملزمة للنظام ومحرجة الأطراف الدولية. و نعمل لنحقق الهدف المركزي. فكما أننا دخلنا التفاوض من حيث المبدأ . فكذلك علينا ادارته ايضا بذكاء وبقوة حق الشعب والثورة… فعلى المستوى السياسي. على مفاوضينا أن يهتموا بالاصل والمركزي في نزع عنصر القوة من النظام وهي ارتباطه بالجيش والأمن. وان يصبح خارج دائرة التحكم بهم. وأن يكون للحكم الانتقالي قدرة تحريك القوات والتصرف بموجب الانتقال الديمقراطي. فهناك مئات الاختبارات لهذه القوات . لكي تؤكد أنها قوات للمستبد ام للشعب السوري؟. إيقاف القتل والتدمير والخروج من المدن وإخراج المعتقلين عودة المهجرين إلغاء الحواجز. فتح مجالات الإمداد الإنساني لشعبنا كلها… كل ذلك مختبرات أمام النظام يجبرانه أن ينصاع لها .أو يكون تحت المساءلة من الرعاة الدوليين للمؤتمر ويكون دعما للثوار ليسقطوا النظام بالقوة طالما لم يقبل بالتنازل عبر التفاوض

عاشرا. طبعا المسار لن يكون ورديا كما نرسمه الآن. فالبنية الامنية والعسكرية الموغلة بالدم السوري وذات البنية الطائفية .المدعومة بقوى طائفية فاعلة على الأرض تجعل هذا الامتحان عسيرا أمام النظام وعصبته… وهو امام خيارين احلاهما مر .الهزيمة على الأرض أو التنازل بأقل الخسائر بالدبلوماسية. مع العلم ان ما فعله النظام للان لا يجعل له أي هامش للمناورة . وأنه زرع في الأرض السورية الكثير من المآسي تحتاج لعشرات السنين لنتجاوز سلبياتها.. وعليه ان يعرف ان كل تداعيات ما فعله في سوريا وشعبها سببها هو بالمطلق

حادي عشر. من فضائل مؤتمر جنيف .انه وضّح ان الإرهاب صناعة مباشرة وغير مباشرة للنظام. وان الشعب السوري خرج من أجل حقوق وأنه أصبح أخيرا ضحية ارهاب السلطة وارهاب القاعدة التي لم تحترم الشعب السوري ومطالبه.. وانخرط الثوار في كثير من المواقع في صراع معهم

.اخيرا.جنيف مسار تفاوضي ممكن نحصل منه كل مانريد او بعضه . الان او بعد حين. ما يحكمنا هو مصلحة شعبنا وثورته وان لا تنازل عن حقوقه مطلقا. واننا اخيرا نحتكم للميدان ان لم نتوصل بالتفاوض للحقوق…
.ان شعبنا مستمر بثورته للحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية سلما أو حربا

27.1.2014…

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة وتحليل موضوعي ومنذ عشرة أعوام حول الثورة السورية والمسار التفاوضي بذكرى مؤتمر جنيف، إن أي مسار تفاوضي يحكمه فقط مصلحة شعبنا وثورتنا وانه لا تنازل عن حقوقه وأهداف ثورتنا مطلقا. وان نحتكم للميدان ان لم نتوصل بالتفاوض للحقوق ، لأن ثورة شعبنا مستمرة لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية سلما أو حربا .

زر الذهاب إلى الأعلى