خامسا: نحو عقد اجتماعي وطني سوري.
في هذا الفصل الختامي لكتاب د جمال الشوفي المسألة السورية… يتحدث عن مآلات المسار السوري للبحث عن حل للقضية السورية، سواء في مسار الاستانة و سوتشي أو مسار جنيف وانتقالها من حالة الثبات أو الموات الواقعي ودخول سورية في حالة استنقاع سياسي وعلى كل المستويات دون أفق حل منظور…
يكتب د جمال الشوفي عن أفق مستقبلي لسوريا مأمول ومطلوب بتفاصيل موسعة عمّا أصبح يعرف: الخيار الوطني الديمقراطي لسوريا المستقبل. حيث ضرورة انتقال سوريا من واقع الاستبداد الى دولة المواطنة المتساوية وممارسة الديمقراطية انتخابات تشريعية ودستور يقبل به الجميع وتداول سلطة… الخ من قواعد ممارسة السلطة السياسية الديمقراطية لسوريا المأمولة في المستقبل المنظور…
انها امنيات…
في التعقيب على الكتاب أورد بعض النقاط التي أرى أنها ضرورية حتى تكتمل اطروحة الكتاب، مع التنويه انني متوافق مع أطروحات الكاتب في كتابه بالكامل…
اولا : بنية النظام السوري.
كان من الضروري أن يتحدث الكاتب عن بنية النظام الاستبدادي السوري الطائفية بالعمق وذلك منذ ما قبل هيمنة الأسد الأب على السلطة في عام ١٩٧٠م. حيث اعتمد في تثبيت سلطته على خلق جيش وأمن كان العمود الفقري له من الطائفة العلوية. بحيث استطاع النظام في زمن الاسد الاب والابن أن يستثمر الطائفة العلوية إمداد بشري في بنيته العسكرية والامنية، وان يقدم لمنتسبيه رشوة من المكتسبات التي تختلف بحجمها حسب موقع كل فرد ضمن المؤسستين. كذلك دفع بأبناء الطائفة إلى التغلغل في مفاصل الدولة السورية كلها. وأصبحت الطائفة مع الوقت في أغلبها متماهية مع النظام وجزء من أجندته وسلوكه السياسي والمجتمعي. في كل مراحل عمر السلطة السورية. ظهر هذا في موقف النظام من مذابح حماة وغيرها من المدن في ثمانينات القرن الماضي. وظهرت في الثورة السورية حيث قام أبناء الطائفة ممن بقي منهم في الجيش والفرقة الرابعة والأمن في التنكيل بالشعب السوري مع الاستعانة بالميليشيات الطائفية وإيران وروسيا…
ما نذكره هنا ليس موقفا طائفيا منا بل هو واقع الحال. مع احترامنا وتقديرنا لكل من واجه النظام من المعارضين السوريين للنظام من الطائفة العلوية.
كما أن خلفية ما نقوله هنا يرتكز على ضرورة اعادة اللحمة الوطنية السورية لتكون الطائفة العلوية جزء من الشعب السوري و منتمية الى أجندته الوطنية الديمقراطية. وان يحاسب كل من أساء للشعب السوري من العلويين ومن كل مكونات الشعب السوري…
ثانيا : روسيا انتقال من دور دولي متوافق عليه في سوريا الى محتل لها، كما تحول إلى عدو للغرب وأمريكا.
عندما توافقت أمريكا والكيان الصهيوني وروسيا على إدخال روسيا حتى تحمي النظام السوري وتمنع سقوطه عام ٢٠١٥م، كانت تفكر ان تستخدم روسيا كقوة ضاربة تعيد تثبيت النظام السوري وتقضي على الثورة السورية. لكن روسيا دخلت سوريا وهي تفكر في تمددها الاستراتيجي خارج حدودها حسب نظريتها الجيوبوليتيكية. وبالفعل سيطرت على الدولة السورية ووضعت يدها على عصبها الاقتصادي خاصة في الساحل السوري…
و استطرادا في نظرية التمدد الروسي خارج حدودها ورفضا للتمدد الغربي لحلف الناتو جوارها في أوكرانيا لذلك أعلنت الحرب عليها وهي تخوضها هناك منذ سنوات في معركة كسر ارادات مع الامريكان وحرب إبادة على أوكرانيا. وبهذا خرجت روسيا من ان تكون جزء من أجندة أمريكا لتعود خصم استراتيجي يجب احتوائه ومحاربته كما كان أيام الحرب الباردة في عهد الاتحاد السوفييتي…
الحرب بين روسيا وامريكا ومعها الغرب مستمرة وكل الاحتمالات مفتوحة…
ثالثا: ايران ومشروعها الامبراطوري.
لم يكن الدور الإيراني في سوريا مكملا للدور الروسي فقط، بل هو جزء من أجندة إيران التي مارستها منذ حركة الخميني وسيطرته وآيات الله على السلطة في ايران عام ١٩٧٨م. وما التحالف بين إيران والأسد الأب وبعده ابنه الا جزء من اجندة التمدد الايراني الذي سكت عنه الغرب عندما فاوض إيران على برنامجها النووي ليستفيد من مشروعها بالقضاء على الربيع العربي خاصة في سوريا والعراق واليمن. أصبح لإيران قوى سياسية وعسكرية تمثل أجندته في لبنان حزب الله وامل وفي سوريا عبر دعم النظام كل الوقت ومنذ اندلاع الثورة السورية. وكذلك دعم ايران للحوثيين في اليمن بحيث اصبحوا قوة عسكرية وسياسية تحكم فاغلب اليمن. واجهت السلطة الشرعية اليمنية وحاربت السعودية في وقت ما. وكذلك الدور الايراني في العراق منذ عقود بحيث أصبحت تتقاسم مع الامريكان الحكم الفعلي للعراق عبر الحشد الشعبي وغيره من الميليشيات العراقية الشيعية…
كما لايران جيش انتشار ديني فارسي متخفي في دعوى التمدد الشيعي، له عمقه واتساعه في كل الجغرافيا السورية حيث يسيطر النظام. اقترن مع تغيير ديمغرافي بإحضار شيعة إيرانيين وعراقيين وافغان للتوطن في كثير من البلدات السورية. كل ذلك حصل ويحصل بالتوازي مع الدور العسكري الميداني للايرانيين وحزب الله والميليشيات الطائفية في سوريا…
رابعا: لا بد من المرور على حراك أهلنا في محافظة السويداء الممتد منذ أشهر في إعادة الثورة السورية إلى جذوتها الأولى. مطالبة بإسقاط الاستبداد والتحرر من كل الاحتلالات والمطالبة بتنفيذ القرار الأممي ٢٢٥٤ الذي يضع سوريا وشعبها على طريق الدولة الديمقراطية والمواطنة المتساوية محققة الحرية والكرامة والعدالة والحياة الأفضل…
حراك السويداء الذي يسقط ذريعة النظام المستبد انه يحمي “الأقليات السورية” ، وذريعة اتهام الحراك بأنه “إرهاب اسلامي”، وأنه سلمي بحيث أسقط اي ذريعة باستعمال العنف ليبطش النظام بالحراك الثوري في السويداء، كما أظهر الحراك التوحد الكامل بين مكونات البنية المجتمعية في السويداء ؛ شيوخ العقل والقوى المجتمعية السياسية والثقافية وجميع أهلنا هناك نساء ورجال واطفال…
في السويداء النموذج الناصع لحراك ثورتنا السورية…
اخيرا: في العالم وفي سوريا انتقال أجندات القوى الدولية والإقليمية من تقاسم النفوذ الى صراع النفوذ…
على وقع طوفان الأقصى والهجوم على الكيان الصهيوني في غزة. انكسرت حدود فعل الأطراف في بلادنا العربية. حيث انكسرت توافقات حزب الله مع الكيان الصهيوني على الحدود اللبنانية الفلسطينية. وعبر التمدد الإيراني وحزب الله في سوريا. وفي دخول الحوثيين في عمليات ضد الكيان الصهيوني وأمريكا العابرة للبحر الأحمر. وكذلك ضرب التوافق بين الميليشيات الشيعية والامريكان في العراق…
انتقل الصراع الى مرحلة كسر العظم . وكل الاحتمالات مفتوحة…
.هل تنتصر المقاومة الفلسطينية وتصنع دولتها المستقلة على جزء من فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية؟.
.هل ينتصر الكيان الصهيوني على كل اعدائه التي ابتدأها في حرب إبادة في غزة والضفة الغربية في فلسطين؟.
هل تتوسع إيران أو تنكفئ ؟.
تتوافق مع امريكا ام تستمر بتصعيد الصراع معها عبر أدواتها.؟.
ام تنتظر ايران واقعا صراعا داخلها بدأت تظهر معالمه عبر عمليات عسكرية كان ذروتها عملية التفجير المزدوجة التي ضربت مزار سليماني؟. كذلك الهجوم الإيراني على اربيل وضرب مواقع للكيان الصهيوني و امريكية . وحتى الهجوم على مواقع داخل باكستان والرد الباكستاني واحتمال التصعيد العسكري بين البلدين… اضافة لعمليات اغتيالات تطال رؤوس كبيرة من أجهزة الجيش والأمن الإيراني في بلدان كثيرة. خاصة سوريا.
الاحتمالات كلها مفتوحة في سوريا وفي بلاد الشرق الاوسط كاملة…
كتاب “المسألة السورية” ومرايا الجيوبوليتيك الدولي للكاتب السوري “جمال الشوفي” يستمر الكاتب “احمد العربي” بقراءته للقسم الرابع والأخير فقرة “خامسا: نحو عقد اجتماعي وطني سوري” مقترح للأفق المستقبلي لسوريا بالخيار الوطني الديمقراطي وعقد إجتماعي لمكونات المجتمع من أجل سوريا المستقبل ، وتعقيب موضوع لماورد بفقرات الكتاب الخمسة، بإحتمالات الوضع السوري لإنعكاس الوضع الإقليمي والدولي .