الربيع السوري والأسلمة || دعوة لوضوح الرؤية

أحمد العربي

هناك خلط كثير وتجييش وخلق اصطفافات ودفع باتجاه الصراع داخل الثورة ونحن بعد لم ننتصر ونسقط النظام ونبني دولتنا الديمقراطية.

في سوريا طرفان الأول معادي (النظام وحلفائه) يسعى لإسقاط الثورة وهذا نحاربه على الأرض .

اما الطرف الاخر فهم أبناء الثورة وهم من يهمنا لنبقى جميعنا متوحدين على ثورتنا.

  ماذا حصل بالضبط على الأرض.؟

.كانت السياسية في سوريا قبل الثورة في حالة موات واقعي فقد رسخ النظام في زمن الأب إلغاء  السياسية المعارضة عبر حكمه من خلال القمع والسجن والقتل، استثمر في مرحلة السبعينيات وبداية الثمانينات من القرن الماضي ادعائه محاربة حركة الإخوان المسلمين فقام باعتقال وقمع الحراك الوطني السوري (التجمع الوطني الديمقراطي وغيره).

 عندما استلم الابن سوريا دون معارضة قادرة وفاعلة على الأرض .حاول الابن أن يعطي هامشا يحسن من صورة حكمه في طور التشكل لكنه اصطدم مع جدية المعارضة فانكفأ عليها ونكل بها بما سمي ربيع دمشق المجهض

المهم ان سوريا قبل ربيعها كانت تحوي معارضين (افراد) ضمن تنظيمات ولم تكن تحوي معارضة واسعة. وان ظروف المعارضة الوطنية كانت سيئة ولم تكن تتوالد وكانت تسير الى غياب حقيقي عن الواقع والفاعلية فيه .

كان النظام يملك الفضاء السياسي كاملا. وكان التفاعل السياسي ينصب على الموضوعات ذات البعد العربي (فلسطين والعراق ولبنان) والاسلامي (افغانستان) مما جعل السياسة حاضرة في الجيل الجديد من خلال دور سياسي في مواجهة الغرب و(اسرائيل) وأمريكا في العراق . كثير من الشباب اخرط بأشكال مختلفة في هذا الصراع فبعضهم ذهب للعراق والبعض الآخر اعتقل في الداخل وبدأت تظهر المجموعات الجهادية المتشابكة مع النظام ومع أمريكا وكان هناك بقايا للحركة الإسلامية التاريخية (اخوان مسلمين و تحرير اسلامي) مع التسليم ان الخلفية الدينية لم تنسحب من الواقع سواء الداعمة للنظام (مؤسسة الدين الرسمي البوطي وأمثاله) أو السلبيين واللّاسياسيين (المتصوفة و المشايخ التقليديين). ذلك جعل حضور الحالة الإسلامية بتنوعها وتناقضاتها اكبر من حضور الحالة الوطنية (ناصريون وشيوعيون وليبراليين وأنصار المجتمع المدني) . والكل كانوا هامشيين بالتأثير السياسي في سوريا واغلبهم كانوا ضحايا

.في هذا الوضع بدأ الربيع العربي وأخذ شوق السوريين للحرية والكرامة و العدالة يتحرك وظهر من خلال المظلومين المتضررين (بكرامتهم أو مالهم أو حقهم بالعمل و الحرية ….الخ ) وهم اغلب الشعب  ولم تكن بقايا المعارضة جاهزة واقعيا حتى تلقف الفرصة نعم ظهرت كجزء من حراك الربيع وكل في موقعه . وكان لا بد للربيع أن يبدأ ويمتد وبدأ من المساجد المكان الوحيد لأي تجمع ممكن وحتمي(صلاة الجمعة) عدا عن أن الدين هو ضمير الكرامة والعدالة والحرية عند أبناء شعبنا.

 انخرط بقايا السياسيين الوطنيين (إسلاميين وغيرهم) في هذا الربيع وبدأت تأخذ شعارات الربيع المنحى الوطني الديمقراطي وضمن الحراك السلمي .هنا اخذ النظام قراره الأمني بسحق الحراك وبدا بالعنف المتدرج ليصل للقتل في جميع أنواع الأسلحة بما فيها صواريخ السكود والطيران والبراميل المتفجرة بعد ذلك

 .أدى ذلك الى تحول متدرج للعنف من قبل الحراك السلمي وبدأ يتجذر ويأخذ منحى عقائدي . وهنا نقطه مهمه ان البعد الإسلامي هنا له علاقة بالحالة الوطنية الحقوق والخير المجتمعي وحتى الدولة الديمقراطية .وليس بخلفية طائفية (السنة) كما يريد ويدعي النظام ومن خلال ادعائه بأنه يحمي الأقليات ويتصرف واقعيا كونه ابن طائفة محددة (العلويين) ويحميهم، وحقيقة الأمر أنه يحتلها ويستخدمها ومرتزقته ليحمي نفسه وبدمها و بدم الشعب السوري .ان اسلامية قوى الثورة هو ذو بعد وطني وفي مواجهة الاستبداد لاستعادة الكرامة والعدالة والحرية والإسلام هنا صورة عن المجتمع الأفضل في الذهن الجمعي وأنه مرتكز نفسي وحياتي في مواجهة الموت والرضى عن الدنيا والاخره وان يكونوا شهداء. ﻻمعركة طائفية في بداية الثورة هذا ادعاء النظام وﻻدعوه لدولة دينية هذه معركة النظام لشق الثورة مع العلم ان اغلب الحركات الإسلامية توصلت للدولة المدنية الديمقراطية لجميع المواطنين شكلا للدولة ودورها السياسي الإخوان) وغيرهم)

أما عن النصرة وداعش والإسلام الجهادي العابر فهو اصلا ابن ظاهرة المظلومية الغربية (امركا واسرائيل). ومظلومية الانظمة القمعية عربية وإسلامية، وهي منذ ابن ﻻدن تعمل من منظورها لرفع هذا الظلم (ونحن نفهمها ﻻنبرر لها) وهي عندما جاء الربيع العربي انخرطت به باشكال مختلفة وكانت حليفة لشعوبها في معركة الحرية على الاقل في البداية ثم اصبح لها اجلدها الخاصة التي لم تكن اجهزة استخبارات الانظمة والغرب متغلغلة فيها. وهي كانت في البداية اقل واضعف وﻻتمتلك رؤية استراتيجية، قبل ان تخطف ربيعنا العربي الى  اجندات استغلها النظام والقوى الدولية بتحارب صورتنا وتدعم النظام في محاربة الشعب وثورته، على اساس انها تحارب الارهاب الاسلامي.

نحن في الثورة السورية كنا نعتبر جبهة النصرة  حليف لإسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية وكنا ننتظر فك ارتباطها بالقاعدة وإقرارها الخيار الوطني الديمقراطي لسوريا. لكن تبين لاحقا أن لها اجلدها الخاصة وانها اصبحت عبئا

 على الثورة السورية بدل ان تكون جزء منها

لم تكن مشكلتنا طائفية (رغم أن النظام كان طائفيا) وﻻ مشكلة اقليات اوغيره بل مشكلة استبداد وقهر وفساد وثورتنا كانت وتبقى ثورة من أجل الكرامة والحرية والعدالة والدولة الديمقراطية لكل السوريين

24/2/2015

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة واقعية عن دور الإسلام السياسي بالحياة السياسية السورية من وصول الأسد الابن للسلطة وصولاً للثورة السورية واحتضان النصرة كشريك ببداية الثورة ، وغدرها بتغيير جلدها وليس بفك ارتباطها بالقاعدة ، الإسلام السياسي لم يثبت نفسه كفصيل وطني لتغليبه الانتماء الإيديولوجي على الأهداف الوطنية .

زر الذهاب إلى الأعلى