قادة “إيكواس” يجتمعون الخميس المقبل عقب انقضاء مهلة “التدخل العسكري” وإغلاق المجال الجوي في نيامي.
في مؤشر على رغبة المجلس العسكري بالنيجر في التمسك بالسلطة، عين علي الأمين زين رئيساً جديداً للوزراء، كما طلبوا من الشباب في النيجر التأهب لخدمة بلدهم في وقت الحاجة، وهي دعوة للحشد قال عدد من الطلاب في جامعة عبدو موموني في نيامي يوم الاثنين إنهم سيستجيبون لها في وقت يسعى المجتمع الدولي إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد.
من جانبه أعلن العقيد أحمدو عبد الرحمن ، في بيان تلي عبر التلفزيون الوطني مساء الاثنين، “تعيين (علي) الأمين زين رئيساً للوزراء”. حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
من هو رئيس الوزراء الجديد؟
بمجرد وصوله إلى السلطة كان الرئيس الأسبق مامادو تانجا عين علي الأمين زين وزيراً للمال عام 2002 لمعالجة وضع اقتصادي ومالي فوضوي.
شغل زين، المولود في عام 1965 بمدينة زيندر(جنوب) ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان بالبلاد، منصب وزير المال إلى أن أطيح تانجا في انقلاب عام 2010 نفذه القائد العسكري سالو دجيبو، قبل تنظيم انتخابات رئاسية فاز بها محمدو إيسوفو، سلف محمد بازوم الذي أطيح من السلطة في 26 يوليو (تموز) المنصرم، والمحتجز في مقر إقامتها.
كما شغل زين منصب ممثل مصرف التنمية الأفريقي في تشاد وساحل العاج والغابون. والتحق بوزارة الاقتصاد والمال عام 1991 بعد دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة في نيامي. وهو أيضاً خريج مركز الدراسات المالية والاقتصادية والمصرفية في مرسيليا وجامعة باريس الأولى.
وأضاف عبد الرحمن أن “اللفتنانت كولونيل حبيب عثمان عين أيضاً قائداً للحرس الرئاسي”.
تأتي هذه التعيينات غداة انتهاء مهلة حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) للعسكريين الانقلابيين من أجل إعادة بازوم إلى منصبه. ولم تستبعد المجموعة استخدام القوة إذا لم ينفذ مطلبها.
اجتماع “إيكواس” مجدداً
وقرر زعماء دول غرب أفريقيا عقد قمة الخميس المقبل لمناقشة تجاهل المجلس العسكري في النيجر للمهلة المحددة لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى منصبه، مما ينعش الآمال الدولية في التوصل إلى حل دون استخدام القوة.
وطلبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) من قادة انقلاب 26 يوليو أن يتنحوا عن السلطة بحلول أمس الأحد وإلا سيواجهون تدخلاً عسكرياً محتملاً لكن المجلس العسكري رد بإغلاق المجال الجوي للنيجر وتعهد بالدفاع عن البلاد.
ولم تصدر المجموعة رداً حاسماً لكنها قالت يوم الاثنين إنها ستعقد قمة يوم الخميس المقبل لبحث الموقف، وهو قرار قال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنه يتيح مجالاً للوساطة.
رفض الوساطة الأميركية
في السياق، توجهت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند إلى عاصمة النيجر نيامي، الاثنين، لإجراء محادثات وصفتها بـ”الصريحة والصعبة” مع كبار مسؤولي المجلس العسكري الذين رفضوا دعوات للعودة إلى النظام الديمقراطي.
وقالت نولاند، إنها التقت القادة العسكريين في النيجر من دون إحراز أي تقدم فوري على مسار إنهاء الانقلاب، وأشارت إلى طلبها لقاء الرئيس المطاح محمد بازوم أو زعيم المجلس العسكري عبد الرحمن تياني وهو ما قوبل بالرفض.
وأضافت، في تصريح للصحافيين عبر الهاتف من نيامي عاصمة النيجر، إنها التقت مدى أكثر من ساعتين كبار القادة العسكريين في البلاد، بينهم موسى سالو بارمو الذي أعلن نفسه وزيراً للدفاع في المجلس العسكري بالنيجر وثلاثة آخرين من حاملي رتبة كولونيل يدعمونه، بحسب رويترز.
وكشفت أن المجموعة العسكرية لم تستجب لطلبها لقاء قائدها الجنرال عبد الرحمن تياني، كما رفضوا لقاءها الرئيس المحتجز محمد بازوم، علما بأن مسؤولين أميركيين تواصلوا هاتفياً مع الأخير.
وأعلنت نولاند أنها عرضت “عدداً من الخيارات” لإنهاء الانقلاب، كما أوضحت لهم العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية.
وتابعت “آمل أن يبقوا المجال مفتوحاً أمام الدبلوماسية. لقد قدمنا ذاك الاقتراح. وسنرى”.
وأكدت إن بارمو مطلع جيداً على التعاون مع الولايات المتحدة من خلال انخراطه في الماضي مع القوات الخاصة. فيما أشارت إلى أن الانقلابيين “يدركون جيدا جدا المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى فاغنر” إلى البلاد.
وأضافت أن الجانب الأميركي أشار إلى مسائل عرضة للخطر فيما يتعلق بالمساعدة الاقتصادية والمساعدات الأخرى إذا لم يتم عكس الوضع.
محادثات صريحة وصعبة
وأوضحت، “هذه المحادثات كانت بغاية الصراحة واتسمت أحياناً بالصعوبة، لأننا مرة أخرى ندفع من أجل التوصل إلى حل عبر التفاوض. لم يكن من السهل الحصول على قوة دافعة هناك. هم حازمون تماماً في وجهة نظرهم بشأن الكيفية التي يريدون المضي قدماً بها، وهي لا تتماشى مع دستور النيجر”.
وأشارت إلى “أن هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها في حال وجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع للعودة إلى الانتظام الدستوري”. وهو ما لم يلق قبولاً.
والنيجر دولة حبيسة ومساحتها تزيد عن مثلي حجم فرنسا وتمر في مجالها الجوي مسارات كثيرة للرحلات الجوية من أفريقيا وإليها. وعلقت شركة إير فرانس رحلاتها من واجادوجو في بوركينا فاسو وإليها ومن باماكو في مالي وإليها حتى 11 أغسطس (آب) وحذرتا من أن وقت بعض الرحلات الجوية سيزيد. وتشترك بوركينا فاسو ومالي في حدود مع النيجر.
واتخذت إيكواس المؤلفة من 15 دولة موقفاً أشد حيال الانقلاب الذي وقع في النيجر مقارنة بالانقلابات السابقة، وهو السابع الذي تشهده المنطقة خلال ثلاث سنوات. وأصبحت مصداقيتها على المحك لأنها قالت إنها لن تتسامح مع أي انقلابات عسكرية أخرى.
وبالنظر لثروات النيجر من اليورانيوم والنفط ودورها المحوري في حرب دائرة مع متشددين في منطقة الساحل الأفريقي تحظى الدولة بأهمية اقتصادية واستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا. ورد قادة الانقلاب في نيامي بنبرة تحد، مؤكدين عزمهم على الوقوف بقوة أمام التهديدات.
وينقسم شركاء النيجر، الغربيون منهم والأفارقة، حيال مسألة تنفيذ تدخل عسكري لإعادة السلطة إلى المدنيين.
آمال معلقة على الدبلوماسية
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فرض الحلفاء الأفارقة والغربيون عقوبات على النيجر وأوقفوا إرسال مساعداتهم إليها في محاولات لدفع المجلس العسكري إلى التنحي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الاثنين إن برامج المساعدات لحكومة النيجر توقفت مؤقتاً بسبب الانقلاب العسكري.
وقدر ميلر قيمة المساعدات بأكثر من 100 مليون دولار وقال إنها تشمل مساعدات إنمائية وأمنية وأخرى تتعلق بإنفاذ القانون.
وأضاف، في مؤتمر صحافي أن المساعدات الأميركية التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو “مئات الملايين من الدولارات” قد تتوقف إذا لم يعيد المجلس العسكري الحكومة المنتخبة إلى السلطة.
ورغم المصاعب التي تلوح في الأفق، يتمتع قادة الانقلاب على ما يبدو بدعم قطاع على الأقل من سكان البلاد.
وجذبت مسيرة مؤيدة للانقلاب آلاف المشاركين الذين توجهوا صوب أحد الملاعب في نيامي، الأحد، بينما تظاهر بعض السكان المحليين، بينهم نساء، عند مفترق الطرق في العاصمة دعما للمجلس العسكري.
المصدر: اندبندنت عربية