لم تحظَ الشرعة العالمية لحقوق الإنسان بأي تفعيل من قبل سلطة الاستبداد، منذ انقلاب 8 آذار/مارس 1963، بل انتهكت حقوق الإنسان السوري واعتبرته مجرد أداة لتنفيذ أجندتها الخاصة لديمومتها في السلطة، من خلال القوانين الاستثنائية والمحاكم الخاصة، التي تتناقض مع ضمانات حقوق الإنسان ومعاهداتها، التي وقّعت عليها.
ومما يؤكد ذلك أنّ التقارير، التي صدرت عن المنظمات الإقليمية والدولية طوال العقود الماضية، عكست واقعًا مؤلمًا لانتهاكات حقوق الإنسان السوري: الحق في الحياة، والموت من جرّاء التعذيب، وانتهاك الحق في الحرية والأمان من خلال الاعتقالات التعسفية، وظاهرة المفقودين والمنفيين قسريًا، وغياب الحق في محاكمات منصفة، وانتهاك حريات الرأي والتعبير، والقيود على حق تكوين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني..
وهكذا، لا يمكننا تصوّر المشهد السوري الجديد، بعد التغيير، من دون إرساء مبادئ حقوق الإنسان في منظومته القانونية، من أجل ضمان عودة المهجّرين قسريًا واللاجئين إلى ديارهم، ومعرفة مصير الضحايا والمعتقلين، ومعالجة الشروخ الاجتماعية القومية والطائفية، وتفعيل العدالة الانتقالية لعدم الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب وكذلك ضمان الوحدة الوطنية، وإنقاذ الدولة السورية المهددة بالتفكك ومشاريع التقسيم الإقليمية والدولية.
أولًا: فلسفة النظام تجاه حقوق الإنسان السوري
لم تحظَ مبادئ حقوق الإنسان بأي اهتمام طيلة عقود، والسبب الرئيسي يكمن في أنّ فلسفة النظام تجاه حقوق الإنسان السوري تأسست على أحادية السلطة واختزال مؤسسات الحكم بشخص وقرارات ورغبات رأس النظام، وبالتالي اعتبار معاهدات الشرعة العالمية لحقوق الإنسان لتزيين الدستور السوري، وليس للأخذ بمضامينها. وقد تناولنا هذه الفلسفة باختصار بسبب آثارها المعيقة لمستقبل حقوق الإنسان بعد التغيير، إذ منذ انقلاب 8 آذار/مارس 1963، وخاصة منذ انقلاب حافظ الأسد في عام 1970، لم تصادر السلطةُ الدولةَ، أو نظام الحكم فقط، على ما تفعل النظم الديكتاتورية عادة، بل استولت على الفضاء العام المجتمعي، إلى حد كبير، حتى لم يظهر منه إلا ما تريده وتبيحه، أو ما يخدم استمرار وجودها.
وهكذا، اكتظ الهيكل القانوني السوري بالعديد من القوانين الاستثنائية، التي تتناقض أحكامها مع ضمانات حقوق الإنسان المطلوبة في المواثيق الدولية والإقليمية، بل تشترك كل منها مع “التدابير المنعية” أو “قوانين الاشتباه”. فقد جرى إدخال تعديلات على التشريعات المنظمة للسلطة القضائية تمس استقلالها، وحُجبت عن النيابة العامة صلاحية الإشراف على السجون، خاصة تلك الخاضعة للأجهزة الأمنية. كما جرى إحداث أنماط من المحاكم الاستثنائية، مثل “المحاكم الخاصة” و”المحاكم العرفية” و”محاكم أمن الدولة”، و “محاكم الإرهاب” مما فتح ثغرة كبيرة في نظام العدالة. وفي ظل هذه الثغرات جرت العديد من المحاكمات التي افتقرت إلى شروط العدالة والإنصاف وفقًا للمعايير المتعارف عليها، كما شهدت سورية أنماطًا من المحاكمات يصعب أن يُتخيل لها مثيلًا في أي مكان آخر من العالم، يُهدر فيها حق الدفاع، والحق في العلنية، ويقضي فيها قضاة غير متخصصين.
وتجلت فلسفة النظام تجاه حقوق الإنسان بشكل واضح منذ الحراك الشعبي في آذار/مارس 2011، حيث كان رد قوات الأمن بقتل المدنيين، واعتقال آلاف الأشخاص بشكل تعسفي، بما في ذلك النساء والأطفال، وممارسة التعذيب في حق أغلبهم. كما نفذت قوات الأمن والجيش والشبيحة عمليات عسكرية واسعة، تسببت في قتل أعداد كبيرة من السوريين، وقامت بعمليات نهب وتدمير الممتلكات، وتهجير أعداد كبيرة من المدنيين. وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 82 ألف برميل متفجر استُخدم في سورية منذ عام 2012.
بل أنّ المواطنين السوريين تعرضوا في غوطتي دمشق لأضخم هجوم للنظام بالأسلحة الكيماوية، في 20 آب/أغسطس 2013، حيث قُتل 1144 شخصًا اختناقًا. وقد أشار التقرير الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان “إلى 222 هجومًا كيميائيًا، منذ أول استخدام للسلاح الكيميائي في 23 كانون الثاني/يناير 2012 حتى 20 آب/أغسطس 2021، كانت قرابة 98 % منها على يد قوات النظام السوري، وقرابة 2 % على يد تنظيم “داعش”.
ونتيجة لكل هذه الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها قوات النظام السوري، جاء ترتيب سورية في مؤشر الحقوق السياسية والحريات المدنية في تقرير عام 2020، الصادر عن مؤسسة “بيت الحرية” الأميركية، في المرتبة الأخيرة بين 210 دول شملها التقرير.
ثانيًا: السيناريوهات السياسية المحتملة في سورية ووضعية حقوق الإنسان في كل منها
ثمة ثلاثة سيناريوهات سياسية محتملة في سورية، وفي كل سيناريو منها ستكون وضعية حقوق الإنسان مختلفة عمّا هي في السيناريو الآخر.
(1) – السيناريوهات السياسية المحتملة في سورية:
1 – سيناريو عدم التوصل إلى حل سياسي وبقاء الاستنقاع الحالي، أي استمرار مناطق النفوذ موزعة بين روسيا وإيران وتركيا وأميركا، واستمرار النظام في ادّعاء شرعيته وسيطرته على مناطق نفوذه. وتكمن احتمالية هذا السيناريو في عدم توصّل روسيا والولايات المتحدة الأميركية وتركيا إلى تفاهمات على الحل، وكذلك مؤشرات التطبيع العربية (الأردن، الإمارات العربية المتحدة، مصر، الجزائر..) مع النظام، والتسهيلات الأميركية لمرور أنبوب الغاز العربي – الإسرائيلي من مصر إلى الأردن وسورية ولبنان.
2 – سيناريو الانفراد الروسي بالحل، وهو محتمل في حالة اعتبار الولايات المتحدة الأميركية أنّ سورية من حصة روسيا في تقاسم النفوذ في منطقة الشرق الأوسط. وثمة مؤشرات على احتمال هذا السيناريو يمكن رصدها من خلال أعمال اللجنة الدستورية وتوجهاتها نحو “إصلاح دستوري” كما ترغب موسكو.
3 – سيناريو الانتقال السياسي، طبقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي يفتح الأفق للانتقال إلى سورية الجديدة. والأمر مرهون بتوافق الأطراف الأكثر تأثيرًا في المسألة السورية، أميركا وروسيا وتركيا، على صفقة تضمن المصالح الأساسية للأطراف الثلاثة، وفي الوقت نفسه تساعد السوريين على إنجاز عملية انتقال سياسي، تضمن السلم الأهلي والتحوّل الديمقراطي التدريجي، كما تضمن أن تكون سورية الجديدة عامل أمن وسلام واستقرار في الشرق الأوسط.
(2) – وضعية حقوق الإنسان في كل من السيناريوهات الثلاثة
1 – في السيناريو الأول، سيكون بقاء نظام بشار الأسد مكافأة للنظام، من قبل المجتمع الدولي، على انتهاكاته لحقوق الإنسان السوري، التي وصلت إلى حد جرائم ضد الإنسانية. وستستمر الكارثة السورية وتنحدر أكثر فأكثر الأوضاع المعيشية للسوريين في مناطق سيطرة النظام، ولن يعود النازحون واللاجئون إلى مناطق سكناهم المدمرة (1)، وسيبقى المغيبون قسريًا في سجون النظام، وكما بيّنت تجارب أخرى لن تبدأ عملية إعادة الإعمار.
وسوف تستمر الأجهزة الأمنية للنظام تمارس التعذيب في مراكز الاحتجاز، بهدف انتزاع الاعتراف من الناشطات والناشطين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. ومن أبرز التهم التي خبرها السوريون منذ خمسين سنة “إثارة النعرات الطائفية، وتهديد نظام الحكم، وإضعاف الشعور القومي، والتواطؤ مع الخارج والعدو، ودعم وتمويل الإرهاب، ووهن نفسية الأمة” (2). ومن ثم تحال الضبوط الأمنية، بعد انتزاع الاعترافات، إلى النيابة العامة التي تحوّل أغلبهم إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية.
كما ستستمر انتهاكات حقوق الإنسان السوري، طبقًا لتقرير منظمة العفو الدولية للعام 2020 – 2021، حيث أكدت على مواصلة أطراف النزاع ارتكاب “انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي من بينها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. إذ لم تتوقف عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري “واصلت الحكومة السورية تعريض عشرات الآلاف من الأشخاص، بينهم صحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان ومحامون ونشطاء سياسيون للاختفاء القسري. وظلت تلجأ إلى الاحتجاز التعسفي لقمع الاحتجاج السلمي، والحد من الأنشطة الحقوقية والإنسانية” (3).
ومن المتوقع، في هذا السيناريو، أن تستمر انتهاكات حقوق الإنسان السوري كما كانت في السنوات الأربع الأخيرة، من حيث استمرار اعتقال المواطنين على خلفية انتمائهم السياسي ومعارضتهم له. كما سيُصدم أهالي المختفين قسريًا كما صُدموا في سنة 2018، حين علموا بوجود أسماء أقرباء لهم متوفين ومسجلين ضمن واقعات الوفاة في دوائر السجل المدني، من دون علم أسرهم. فمن حوالي 85 ألف حالة اختفاء قسري تم توثيق “991 حالة كشف النظام السوري عن مصيرهم بأنهم قد ماتوا جميعًا، منذ مطلع عام 2018 إلى 26 آب/أغسطس 2020، من بينهم تسع حالات كانوا أطفالًا لدى اعتقالهم وسيدتان اثنتان” (4).
وإنه ذو أهمية كبيرة التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية، في 7 أيلول/سبتمبر 2021، في سياق حديثنا عن مخاطر السيناريو الأول على حقوق الإنسان السوري، إذ تحدث التقرير عن الانتهاكات التي يمارسها نظام الأسد بحق اللاجئين السوريين العائدين، تحت عنوان “أنت ذاهب إلى الموت”، حيث وثّقت المنظمة انتهاكات مروّعة ارتكبها ضباط مخابرات النظام بحق 66 من العائدين، من بينهم 13 طفلًا، و5 حالات لأشخاص لقوا حتفهم في الحجز. وقالت ماري فورستيي، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة “قد تكون الأعمال العسكرية العدائية قد خفّت حدتها في سورية، ولكن نزوع النظام لارتكاب انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان مستمر، فأعمال التعذيب والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية، التي أجبرت كثيرًا من المواطنين السوريين على طلب اللجوء في الخارج لا تزال متفشية في سورية مثلما كانت في أي وقت مضى”.
2 – في السيناريو الثاني، لن تختلف حالة حقوق الإنسان كثيرًا عما خبرناه في سورية، طوال العقود الخمسة الماضية، إذ إنّ النظام الروسي لا يختلف – جوهريًا – عن النظام السوري في فلسفته تجاه حقوق الإنسان. وكل ما يمكن أن نتوقعه هو إطلاق سراح بعض المعتقلين، وتفعيل توجهات مؤتمر سوتشي الروسي في عام 2018 حول الدستور، الذي يمكن أن تنجزه اللجنة الدستورية شبيهًا بمسودة الدستور الذي جرى الحديث عنه في سوتشي. وبالتالي إجراء انتخابات سورية جديدة، على النمط الروسي، تعيد انتخاب بشار الأسد أو غيره، ولكن مع المحافظة على النظام الأمني، مع إدخال بعض المعارضين في وزارات الدولة ومؤسساتها.
3 – في السيناريو الثالث، وهو المرغوب فيه لدى أغلبية الشعب السوري، ستجري عملية انتقال سياسي، بما تقتضيه من تشكيل هيئة حكم انتقالي، تقوم بكل ما يهيئ سورية للانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، بما يعني إطلاق سراح جميع المعتقلين والمختفين قسريًا، وإصدار قانون يسهّل إنشاء الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها منظمات حقوق الإنسان، ويضمن تفعيل متطلبات الشرعة العالمية لحقوق الإنسان.
ثالثًا: أهم معوّقات حقوق الإنسان في سورية الجديدة
ثمة معوّقات كثيرة ستساهم في تأخر تفعيل الشرعة العالمية لحقوق الإنسان في سورية الجديدة، فيما إذا تحقق السيناريو الثالث الذي يقتضي عملية انتقال سياسي، أي بعد الانخراط في عملية التحوّل الديمقراطي. وقد استفدنا في تحديد هذه المعوّقات من سبر آراء ثلاثين ناشطةً وناشطًا في مجال حقوق الإنسان، حيث تبين لنا أنّ هذه المعوّقات عديدة، من أهمها: آثار ديمومة نظام الاستبداد لأكثر من خمسين سنة، وغياب ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان عن برامج وخطاب أغلب الأحزاب السياسية المعارضة، والبنى التقليدية في المجتمع السوري، والآثار التي تركتها “العشرية الحمراء” (لما رافقها من دماء السوريين وآلامهم)، واهتزاز ثقة السوريين بالمجتمع الدولي الذي أنكر عليهم الحق في الحماية الدولية للمدنيين، والمعوّقات الذاتية والموضوعية لمنظمات حقوق الإنسان السورية.
1 – آثار ديمومة الاستبداد لأكثر من خمسين سنة
لقد بنى النظام منظومة قوانين وعادات وإجراءات رسّخت كل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، كما رأينا أعلاه، حيث غيّب كل أنواع الحريات والحقوق لعقود طويلة جدًا، واعتمد على تكريس شرخ الطائفية والمناطقية في المجتمع السوري، مما جعل كل طائفة أو قومية منغلقة على نفسها لا تثق بالآخر المختلف ولا تعترف بحقوقه، بهدف خلق فجوة وتصادم دائم بين هذه المكوّنات وخلق حالة من الضياع لدى المواطن السوري، بما يحول دون تطبيق المساواة، باعتبارها أحد مبادئ حقوق الإنسان، وبما عنى إقصاء النساء من الفضاء العام ومراكز صناعة القرار. كما أقصت المثقفين والمتنورين عن التأثير في الشأن العام، بل سجنت غالبية الناشطات والناشطين الحقوقيين، لمجرد تفكيرهم بالتغيير والمطالبة بأبسط حقوق الإنسان التي تنص عليها المعاهدات الدولية التي وقّع عليها النظام، وظهر ذلك جليًا خلال “العشرية الحمراء”.
كما سعى النظام إلى تعزيز الفساد في مؤسسات الدولة وتقويض عملها والحؤول دون تطبيق القانون على الجميع، وبالتالي غياب المسائلة، لتتعدى ذلك إلى تعزيز الفساد في المنظومة المجتمعية وجعلها أكثر هشاشة، وبذلك أدى تفشّي الفساد إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان.
لقد غيّب النظام الدستور وأخصاه بمواد تكرس دور الاستبداد، وتحمي البنى التقليدية، ولم يأبه إلى أنّ الدستور حارس للقوانين، التي يسير المجتمع بمقتضاها، إضافة إلى أنها تؤسس وتحمي السوريين من انتهاك حقوقهم.
2 – غياب ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان عن برامج وخطاب أغلب الأحزاب السياسية المعارضة
طغى الطابع الأيديولوجي على أحزاب المعارضة السورية، بكل تنوعاتها القومية والماركسية والإسلامية، وغابت عن برامج وخطاب أكثرها ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكان من أهم معوّقات خطابها أنها حاولت توظيف عمل منظمات المجتمع المدني في مشاريعها، حيث خلطت بين عملها في السياسة، الهادف إلى السلطة، وعمل هذه المنظمات، الهادف إلى تكوين قوى ضغط اجتماعي للدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية المختلفة.
3 – البنى التقليدية في المجتمع السوري
رسّخ النظام السوري البنى الاجتماعية التقليدية الموروثة، وفق منهجية مدروسة، مستغلًا محدودية الوعي الاجتماعي لدى أغلبية السوريين، بما فيها وعيهم بمقاصد الشريعة الإسلامية، حول المضامين الحقيقية لمنظومة حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بحق حرية التعبير والتعددية السياسية والفكرية. ومن جهة أخرى، فإنّ ضعف الاهتمام بحقوق الإنسان في الخطاب الإسلامي، والتشريعات والأحكام الفقهية المختلفة المرتبطة بهذه الحقوق، جعل العديد من مشايخ السلطان يطعنون في مصداقية الخطاب العالمي لحقوق الإنسان، بدعوى مصادره العلمانية ومخالفته لأحكام معينة، مثل “حكم المرتد” وأحكام “الميراث”. وقد تركت هذه الأحكام آثارًا سلبية على مواقف أغلب السوريين من الشرعة العالمية لحقوق الإنسان.
إذ إنّ أغلب مواقفهم تأثرت بمقولة “الخصوصية والعالمية” (5)، وبأسبقية الإسلام “في تأكيده على حقوق الإنسان”، والتأكيد على “الخصوصية الثقافية” التي تبرز إزاء المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حول “حق كل فرد في حرية الفكر والضمير والدين”، وهذا ما يسمى “الردة في الإسلام وحكمها القتل”.
4 – الآثار التي تركتها “العشرية الحمراء”
كانت لـ “العشرية الحمراء” (2011 – 2021) آثار مدمرة على المجتمع السوري (أكثر من نصف مليون قتيل، وحوالي مليون معاق، وما يزيد عن عشرة ملايين نازح في الداخل ولاجئ في الخارج، وعدة ملايين من الأطفال خارج إطار التمدرس..)، مما مزق العلاقات بين السوريين، وأنتج فئات الشبيحة والمرتزقة وأمراء الحرب، لدى النظام والمعارضة، مما حوّل كتلة كبيرة من السوريين إلى “قطعان” بشرية، تحاول تأمين أكلها وشربها وأمنها.
الهوامش
1 – قالت عضوة لجنة التحقيق الدولية كارين كونينج أبوزيد في تقرير حول وضع حقوق الإنسان في سورية، في 24 أيلول/سبتمبر 2021، إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إنّ “هذا الوقت غير مناسب لأي شخص يفكر في أن سورية بلد مناسب لعودة اللاجئين، فالحرب ضد المدنيين السوريين ما زالت مستمرة”.
2 – الشبكة السورية لحقوق الإنسان: التقرير السنوي التاسع عن التعذيب في سورية (من آذار/مارس 2011 – حزيران/يونيو 2020)، ص 15.
3 – منظمة العفو الدولية: حالة حقوق الإنسان في العالم (2020 – 2021)، ص 132.
4 – الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقرير عن الانتهاكات بين عامي 2016 و2020، ص 3 و4.
5 – رضوان زيادة وآخرون: حقوق الإنسان العربي (الإسلاميون وحقوق الإنسان/إشكالية الخصوصية والعالمية)، مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت ط1، تشرين الثاني/نوفمبر 1999، ص 145 و146.
(*) – نُشرت في موقع “مركز حرمون للدراسات المعاصرة” – 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
المصدر: الحوار المتمدن