رحيل الناقدة المصرية أمينة رشيد.. سليلة الأرستقراطية “الثائرة”

محمد شعير

غيب الموت مساء الجمعة الناقدة المصرية أمينة رشيد، أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة، وصاحبة العديد من الدراسات في الأدب المقارن ونشأة الرواية العربية، فضلاً عن ترجمات في الرواية والنقد من اللغة الفرنسية.

ولدت أمينة رشيد عام 1938 وسط عائلة أرستقراطية، كان جدها إسماعيل صدقي باشا رئيس وزراء مصر لمرتين في الثلاثينيات والأربعينيات، لكن وعيها السياسي بدأ يتشكل مبكراً وهي تقارن بين الترف الذي تعيش فيه والفقر الذي ينتشر في البلاد، لتقرر الانضمام إلى أحد الأحزاب الشيوعية التي كانت تقف موقفاً مناوئاً من سياسات جدها، الذي  برر لها سياساته بأنها “إصلاحية مكنت مصر من اجتياز الأزمة الاقتصادية التي كانت تضرب العالم آنذاك”.

اغتراب

عاشت رشيد منذ طفولتها “اغتراباً مضاعفاً” داخل أسرتها، التي كانت ” ترمي بالأموال من النوافذ” كما قالت ذات مرة ساخرة.

ورثت من والدتها حب البساطة، وكراهية الحفلات الصاخبة، لذا كانت القراءة ملجأً ومدخلاً للتعرف إلى كيف يفكر الشعب.

تخرجت في قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة القاهرة سنة 1958، وفي عام 1961 سافرت إلى فرنسا لدراسة الدكتوراه بجامعة السوربون.

واختارت رشيد التخصص في الأدب المقارن، وكانت الصعوبة الأولى في هذا الاختيار ضعف لغتها العربية، التي لم تكن قد قرأت بها سوى القليل من الأعمال، لتبدأ في القراءة عن تاريخ العرب وعلاقتهم بأوروبا، والعصور الذهبية للعرب التي تركت تأثيراً على أوروباً.

 كانت هزيمة يونيو 1967 حاسمة في اختياراتها ومواقفها، كما تقول في شهادة سابقة لها، إذ “ودعت مباهج باريس، وهم الحرية والثقافة، كان يهمني أن أنتهى من رسالة الدكتوراه وأعود إلى مصر بأسرع وقت”.

عادت رشيد إلى مصر بالفعل بعد مناقشة الدكتوراه لتعمل في قسم اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة، وتبدأ نشاطها الثقافي بتأسيس “لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية” مع لطيفة الزيات، إلى أن تم اعتقالها في أحداث سبتمبر، حين شن الرئيس المصري السابق أنور السادات حملة اعتقالات واسعة في صفوف النشطاء والمعارضين لاتفاقية كامب ديفيد.

تجربة السجن

تحكي رشيد عن تجربة السجن، وتقول إنها “عمقت علاقتها بزميلات الزنزانة لطيفة الزيات وصافيناز كاظم، ساعدتني كل منهما على تجاوز عدم الثقة في الذات، ثم استكملت تجربة الانتماء التي كانت صعبة، ومؤلمة. بعدما كنت شخصاً هجيناً (…) شعرت لأول مرة في السجن أنني مصرية عربية، أعيش تجاربنا بكل أبعادها وأنتمي لهذا المجتمع بكل مشاكله وصعوباته”.

خرجت رشيد من السجن أكثر هدوءاً، انضمت إلى المجموعة المصرية لمواجهة العولمة، وجماعة 9 مارس لاستقلال الجامعة.

وخلفت عدداً من المؤلفات، أهمها “تشظي الزمن في الرواية الحديثة”، ” قصة الأدب الفرنسي”، فضلاً عن عشرات الدراسات الأكاديمية والترجمات، وسيرة ذاتية عملت عليها لأكثر من 20 عاماً.


المصدر: الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى