
تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا بشكل ملفت منذ سقوط النظام وحتى قبله بتعلة ملاحقة حزب الله، ووثّق المرصد السوري لحقوق الانسان نحو 95 هجوماً في 2025 أسفر عن مقتل 61 شخصاً وتدمير أكثر من 135 هدفاً، فيما تجاوز إجمالي الغارات 500 غارة.
هذه الاعتداءات تثير مخاوف السوريين من نوايا إسرائيل نحو التمدد في سوريا، تارة تحت مسمى حماية نفسها وملاحقة الفصائل وأخرى تحت باب “حماية الأقليات” وكأنها وصي على هؤلاء الذين يندمون بالزج بهم في هكذا معارك ويرفضون كل أشكال الحماية منها.
وتأتي الاستهدافات رغم الحديث عن تفاهمات واتفاقيات مع الحكومة السورية الجديدة، ووسط حديث إسرائيلي عن أهمية أن تكون السويداء والجنوب السوري منطقة منزوع السلاح منها، فما مصير هؤلاء؟ وهل سيتخلى الشرع عن الجولاني السوري المحتل ويوقع على اتفاقيات أمنية مقابل ضمان توقف إسرائيل عن تصعيدها؟
وقال السياسي ومؤسس جبهة العودة والبناء قاسم الخطيب، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن إسرائيل ستواصل ضرباتها ما دامت تعتبر الساحة السورية مساحةً مفتوحة لتصفية حسابات وإرسال رسائل سياسية وأمنية، طالما أن التوازن العربي ضعيف، والغطاء الدولي قائم، فلن يكون هناك توقف فعلي، وإسرائيل تتعامل مع سوريا كخاصرة رخوة، وكل حديث عن تهدئة أو وقف كامل يبقى مؤقتًا ما لم يفرض ردع حقيقي على الأرض.
وعن أسباب القصف المتكرر للمواقع العسكرية رغم الحديث عن تفاهمات واتفاقيات مع الحكومة السورية الجديد، أورد أن السبب يرتبط بالخشية الإسرائيلية من أي تقارب سوري–تركي محتمل، ” إسرائيل تدرك أن أنقرة، رغم خصومتها، قادرة على لعب دور عسكري وسياسي يغيّر التوازنات في الشمال والجنوب معًا لذلك تستبق أي ترتيبات جديدة عبر الضربات المتكررة، لتؤكد أنها صاحبة اليد العليا بغض النظر عن الاتفاقيات المعلنة”.
أما عن مصير السويداء والجنوب السوري الذي تريده إسرائيل منزوع السلاح، أفاد بأن السويداء والجنوب يشكلان أولوية استراتيجية لإسرائيل وهي تريد منطقة عازلة تُبعد أي قوة مسلحة عن حدودها، خصوصًا إذا رأت مؤشرات على دخول تركيا على خط الجنوب السوري عبر تفاهمات غير معلنة، لكن هذه المعادلة معقدة: المجتمع المحلي في السويداء يرفض أن يكون درعًا لإسرائيل، فيما تسعى أطراف إقليمية ودولية لتثبيت نفوذها هناك. مصير المنطقة مرهون بميزان القوى بين هذه الأطراف.
وأكد أن إسرائيل تراهن على دفع الشرع نحو ترتيبات أمنية تُشبه الاعتراف غير المباشر، والتخلي المعلن عن الجولان يبدو مستبعدًا، لأنه سيثير رفضًا شعبيًا وشرخًا داخليًا خطيرًا، لكن إسرائيل قد تدفع باتجاه صيغ بديلة: التزامات أمنية أو انسحاب قوات من مناطق معينة، مقابل وعود بتهدئة بهذا الشكل تحصل على ما يشبه “تأمين الحدود” دون أن تسميه اتفاق سلام شامل.
وعن رؤية إسرائيل للجيش السوري المشكل حديثًا، قال،” الحقيقة أن الجيش السوري الجديد لا يشكل خطرًا استراتيجيًا على إسرائيل حاليًا. بنيته ما زالت هشة وقدرته محدودة. لكن إسرائيل تستخدمه كذريعة لإدامة القصف وتبرير التصعيد الرسالة التي تروجها تل أبيب لشعبها والعالم هي: “هناك خطر دائم على الحدود، وعلينا أن نسبق بضربه”. في الواقع، الخشية الأكبر عند إسرائيل ليست من الجيش السوري نفسه، بل من أي شراكة أو دعم عسكري قد يحصل عليه من تركيا مستقبلاً”.
وأبرز محمد علي صايغ، المحامي ورئيس مكتب الإعلام في هيئة التنسيق الوطنية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن الكيان الصهيوني استناداً للدعم الأمريكي الواسع المستمر لن يتوقف عن استهداف الأراضي السورية ، بل وامتد باستهدافاته إلى دولة قطر البعيدة عن الحدود الإسرائيلية، وقبلها إلى لبنان واليمن وغيرها، وستبقى تعربد في المنطقة مادامت تمتلك فائض القوة العسكرية وتقنياتها الحديثة مقابل الضعف العربي وعلى رأسهم الضعف العسكري الكبير في سوريا بعد أن قامت عشية سقوط النظام البائد بتدمير كافة القوى العسكرية السورية على الرغم من محدودية قدراتها أصلاً قياساً بالقوة الإسرائيلية، وستبقى اسرائيل توجه ضرباتها إلى سوريا لتدفعها تحت ضغط القوة إلى التسليم بكافة الشروط الإسرائيلية، وفرض احتلالاتها بالقوة، بما في ذلك الخروج عن اتفاقية فصل القوات
1974 واعتبارها قد فات أوانها وزمانها ، مقدمة للتفاوض على الأراضي الجديدة التي احتلتها مؤخراً ، وفرض معايير جديدة بما فيها اعتبار الجنوب السوري ( القنيطرة والسويداء ودرعا ) مناطق منزوعة السلاح، وعملية التفاهمات السورية الاسرائيلية برعاية أمريكية تدور وجوداً وعدماً حول مسألة الجنوب السوري ، مقدمةً للتطبيع ، والتوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية كجزء من مخطط للمنطقة بأسرها.
وتابع ” أما بالنسبة للسويداء فكل الدفع الإسرائيلي للقوى الإنفصالية ودعم التجييش الطائفي ، وتضخيم ما جرى بالسويداء رغم وجود حالات تجاوز للأمن العام الذي أقرت بوجوده الإدارة السياسية السورية في عمليات القتل والتصفيات، وأعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق وتقصي الحقائق، فإن إسرائيل لا يهما مطالب أخوتنا الدروز ولا غيرهم ، ما يهمها إبقاء المنطقة منزوعة السلاح، وإبقاء الصراع ممتداً لإضعاف الدولة السورية وإشغالها بالصراعات الطائفية والمذهبية لعقود”.
ولا يظن أحد وفق صايغ أن الكيان الصهيوني يلتزم بتعهداته، أو يقيم وزناً لكل الاتفاقات الموقعة معه وسردية ضمان أمن إسرائيل لا يمكن تصديقها من أبسط الناس فهي بامتلاكها القوة الجبارة بتقنيات عالية ودعم أمريكي وصلت إلى ضرب إيران في مقتل، مقابل الضعف العربي وتهافت معظم الدول العربية لإرضائها واسترضائها ، فإن كذبة ضمان أمنها كذبة كبرى ، وهي تستخدم كل الذرائع التي لا أساس لها من أجل فرض إرادتها على سوريا ولبنان وباقي الدول العربية، وفرض هيمنتها لتحويل الشرق الأوسط إلى شرق أوسط إسرائيلي والتحكم بقراراته ومقدراته وتوسيع كيانها كلما رأت الفرصة مؤاتية لهذا التوسع وضم الأراضي لها بالقوة ضاربة عرض الحائط بكل القرارات والمواثيق الدولية وانتهاك سيادة الدول على أراضيها.
المصدر: المرصد السوري لحقوق الانسان