دينا نسريني روائية سورية متميزة، روايتها امل هي باكورة اعمالها الادبية، لها أيضا رواية ذاكرة الورد ومجموعة قصصية. هاجسها الكتابي هو سورية وواقع حالها بعد الربيع السوري الذي ولّد ثورة في عام ٢٠١١م…
أمل رواية تعتمد لغة المتكلم في سردها على لسان الشخصية المحورية فيها سهام، مما جعلها أكثر حميمية في التعبير، وفي وصف المشاعر الذاتية للبطلة، وفي متابعة الحياة ومتغيراتها في السنوات الأولى للثورة السورية في مدينة حلب وذلك في المرحلة التي تلت المظاهرات السلمية وبعد أن دفع النظام بقواته العسكرية لاحتلال المدن والبلدات الثائرة. وصراع النظام مع مجموعات الجيش الحر، وانعكاس كل ذلك على حياة الناس في هذه المدن والبلدات والحديث في الرواية عن مدينة حلب…
سهام مدرسة من حلب تدرس في احدى المدارس، تعيش مع والدها وابنتها الصغيرة امل، متزوجة سابقا . تذهب يوميا مع ابنتها إلى مدرستها. مدرستها تقع في احد الاحياء التي سيطر عليها النظام وقسّمه بكثير من الحواجز العسكرية…
سهام تنتمي للثورة السورية، تعتقد أن للناس الأسباب الكثيرة للثورة على النظام. هناك الفساد والمحسوبية والمظالم التي تبرر للناس ثورتهم.
كانت قد أنشأت حسابا على الفيس بوك ومن خلاله كانت تطرح رأيها وتدعم ثورة السوريين.
التقت سهام على أحد الحواجز العسكرية على طريق مدرستها بسمير أنه حب حياتها، التي افتقدته منذ ست سنوات. تفاجأت أنه يرتدي البدلة العسكرية. هذا يعني انه من جيش النظام. وأنه يشارك في قمع الشعب السوري وقتل واعتقال الثائرين. شكّل ذلك غصة في قلبها، استعادت قصة حبها مع سمير منذ أيام الجامعة وكيف توطدت علاقتهم وهم زملاء هناك. وبعد ذلك اصبحا حبيبين. ولكن سمير تخلى عنها فجأة ولم يعلن لها السبب. وهي تزوجت بعد ذلك وأنجبت طفلتها أمل، و طلقت زوجها لعدم التوافق بينهما. تعيش حياتها مستقرة وهانئة مع ابنتها وابيها…
حضور سمير في حياتها مجددا أيقظ في ذاتها ألم حبها السابق. وكان لا بد أن تلتقي بسمير وتفهم منه لماذا تخلى عنها سابقا. ولماذا هو مع جيش النظام ضد الشعب الثائر…
التقت بسمير على الحاجز، كان لقاء مضطربا ومؤلما له ولها. واجهته بلماذا انت في الجيش؟، اجاب انه في الخدمة الالزامية وأنه مجبور. وماذا عن فعل النظام وجيشه بحق السوريين؟. أجاب احاول ان لا اتورط. كان موقفه رماديا. فهو يحب سوريا ويرى أخطاء في النظام ويرى أخطاء في الجيش الحر. ولا يملك حلا لهذه المعضلة…
حصل سمير على رقم هاتف سهام وهي كذلك.
استمرت سهام بالذهاب الى مدرستها مع ابنتها. واستمر الصراع والقصف المتبادل بين النظام والجيش الحر في أحياء حلب. وصل لسهام خبر قصف منطقة سكن خالتها المعمرة والوحيدة، والتي لا تجيب على اتصالات الهاتف. ذهبت إلى حيث تسكن خالتها لتطمئن عليها ، وجدت التدمير وعلمت بوجود ضحايا ايضا. وجدت خالتها بخير ومنزلها غير مدمر. عادت إلى بيتها وفى الطريق اوقفها احد حواجز الشبيحة التابعين للنظام وتم تفتيشها. ومن ثم اعتقالها واخذها الى مركزهم. حيث بدأ أحد العناصر بالاعتداء عليها وإذلالها في جسدها، وحاول اغتصابها. لكن اتصالا جاء من سمير الى الحاجز حيث هي انقذها. لقد اتصل احد عناصر الحاجز بسمير بهاتف سهام الذي أخذه منها. جاء وانقذها من الشبيح الذي كاد يغتصبها جسديا لكنه اغتصبها انسانيا وهدر كرامتها. عادت الى البيت وسمير يعتني بها مع والدها. واعلن لها بعد تعافيها أنه يريد الزواج منها. قالت له يجب أن تعلن طلبك في ذات المكان الذي تركتني فيه قبل سنوات. لكن المكان غير آمن. ومع ذلك اصرّت، اخذها الى هناك وحين وصلوا اصيب برصاصة قناص يعتقد انه من الجيش الحر . أسعفه أحد شباب الجيش الحر كما انقذوها. لكن سمير كان قد مات. ولا فائدة بعد ذلك…
عادت سهام الى حياتها مجددا وبدأت تعيد قراءة الواقع الذي تعيشه. سمير القتيل من كان يخدم ؟.. الشبيح الذي انقذها لماذا انقذها ؟. الشبيح شيعي من حلب قتل أخاه سابقا كان مع قوات النظام في مواجهات مع الجيش الحر. وأمه أمرته بالانتقام لأخيه، التحق بالشبيحة. وهكذا دواليك دائرة القتل. لجماعة النظام مبرراتهم لاستمرار الصراع مع الجيش الحر والقيام بكل ما يقوم به من عنف واعتقال وقصف وتدمير. انه يلاحق “الارهابيين” ؟!!. كما أن الثوار لهم مبررهم السابق عن الثورة وبعدها ضد النظام…
عاشت سهام حالة شك في مشروعية الثورة وان الاولوية لسوريا بكل مكوناتها. كما بدأ خالها الموجود في أوروبا يحثها للخروج من حلب وانقاذ ابنتها والالتحاق به. ماطلت بعض الوقت لكنها أخيرا قبلت السفر. واستخرجت أوراقها الرسمية لذلك ، واكتشفت مجددا انقسام المجتمع السوري إلى مكوناته ما قبل الوطنية. واصطفاف كل طرف حسب مصالحه مع النظام أو مع الثورة. وان الكل في المحصلة النهائية خاسر…
تنتهي الرواية عندما يصل لسهام خبر قصف الحي الذي تسكنه وتخاف ان تصاب او تقتل ابنتها لكنها تخرج من تحت الانقاض دون إصابة…
عندها تقرر امل السفر. وتعلن رفضها للنظام وأفعاله والجيش الحر وأفعاله وتعلن انتماءها لسوريا لكل الشعب السوري.
سوريا الأمل القادم …
في التعقيب على الرواية اقول:
نجحت الرواية في الغوص عميقا في ذات بطلتها. وفي البنية المجتمعية. وفي سرد معاناة الناس وهي منهم. الرواية بالمعنى الأدبي تعتبر جيدة…
لكن رسالتها السياسية كانت منحازة. فهي عندنا قرأت الحالة في حلب وأنها مقسومة بين النظام والجيش الحر وكأنهما طرفان متصارعان دون ربط هذه الحالة بمقدماتها وهي:
مظلومية الشعب السوري المستمرة منذ عقود وبنيته الطائفية العلوية في الجيش والأمن وسيطرته على الدولة والمجتمع. القمع والفساد والمحسوبية والرشوة والفاقة واستغلال السلطة لمصالح النظام وعصبته. جعل الناس تثور. وعندما ثارت الناس اعتمد النظام على القوة في مواجهته. استعمل جميع انواع الاسلحة طيران صواريخ قصف بالبراميل المتفجرة. اعتماد طريقة الارض المحروقة في قصف المناطق الثائرة. قتل مليون وأصيب وجرح مثلهم. هذا غير المعتقلين والمغيبين. هرب الملايين نصف الشعب السوري داخل وخارج سوريا. تدمّر أكثر من نصف سوريا…
استعان النظام بالروس والإيرانيين وحزب الله والميليشيات الطائفية. ساهموا جميعا في قتل الشعب السوري والتنكيل به….
لن نتستر على الأخطاء الجيش الحر، لكن هي نتيجة لعنف النظام المسؤول الأول اخلاقيا وجنائيا عن كل الإجرام الحاصل في سوريا من كل الأطراف لأنه سبب كل ذلك…
أما عن الحل وسوريا الامل. نعم الحل اسقاط النظام المستبد الظالم وبناء دولة ديمقراطية عادلة تحمي حرية وكرامة مواطنيها كل مواطنيها، وتعمل لبناء حياتهم الافضل…
رواية “أمل” للروائية الكاتبة السورية “دينا نسريني” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من قبل الأخ “احمد العربي” الرواية تصف المشاعر الذاتية للبطلة ضمن متغيرات الحياة في السنوات الأولى للثورة السورية بمدينة حلب وذلك في المرحلة التي تلت المظاهرات السلمية وبعد أن دفع النظام بقواته العسكرية لاحتلال المدن .