صدرت رواية عشق في وطن الخطايا عن مكتبة الاسرة العربية في اسطنبول.
شكري خابور روائي سوري، والرواية عشق في وطن الخطايا تتناول الثورة السورية.
تعتمد الرواية أسلوب السرد بلغة المتكلم على لسان بطلة الرواية، راصدة حالتها المشاعرية اتجاه مدرسها السابق وحبيبها اللاحق، ضمن ظروف الثورة السورية وتطورات أحداثها في مدينة سورية ثائرة، يعتقد أنها مدينة حلب، طبعا في قسمها المحرر، ترصد الرواية هذه المشاعر وتطورها، كنّا تتابع تطور الحال داخل الجزء المحرر من المدينة، سواء الحصار والقصف والموت والدمار واندفاع الناس ليكونوا منتصرين لثورتهم، كل فيما يستطيعه على جبهة الثورة في مواجهة النظام المستبد المجرم.
شام الطالبة المجدّة التي نجحت في البكالوريا بتفوق استطاعت الدخول في كلية الطب قبل الثورة بسنوات، وهي على أعتاب التخرج لتكون طبيبة، تواكب ذلك زمنيا مع بداية الثورة السورية عام ٢٠١١م.
تعود شام بذاكرتها إلى مدرّسها لمادة التاريخ خالد وكيف أنها تكنّ له مشاعر من الإعجاب والحب، حيث تشربت حقائق التاريخ على يديه. مازالت تكن له الحب وتتواصل معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تبادلوا مشاعر الحب، لكن ظروف الثورة منعت أي تطور يمكن لهذه المشاعر أن تحققه من خلال ارتباط علني. علاقة شام بعائلتها جيدة، أهلها متفهمين، يساندونها في علمها وتفوقها وان تكون طبيبة ناجحة.
الثورة حصلت والشعب كسر قيد الاستبداد والذل والخوف والخنوع وقام بتحدي النظام بالتظاهر ومواجهة قواه الأمنية والقمعية، النظام الظالم المستبد لم يقبل هذا، عمل على قمع التظاهر وقتل المتظاهرين واعتقالهم، وتطورت الاحداث ليواجه الثوار النظام من خلال تشكيل مجموعات الجيش الحر، النظام ينتقل الى مرحلة القصف والتدمير والقتل العشوائي في مدن وبلدات الثورة، الثوار ازدادوا قوة يستطيعوا تحرير بعض أحياء المدينة من النظام وتواجده العسكري والأمني، وسرعان ما يتحول الجزء المحرر الى مناطق محاصرة وممنوع وصول جميع أسباب الحياة لها، هذا عدا عن القصف والقتل والتدمير والاعتقال، لم يستسلم الناس لذلك، بل انخرطوا في الثورة في كل مناشطها. الأستاذ خالد وكذلك الأستاذ محمود يصبحون من قادة مجموعات الجيش الحر المتواجدة على خط الجبهة في مواجهة قوات النظام. كذلك تتخرّج شام وتصبح طبيبة وتنتقل مباشرة للعمل في الإسعاف والعمليات الجراحية وضحايا القصف العشوائي للنظام وكذلك المصابين من الثوار في جبهات الرباط مع النظام. كل ذلك في مشافي ميدانية أقيمت على عجل وفي ظروف قاسية مع نقص في المستلزمات الطبية والعلاج والكادر الطبي، لكنهم يقومون بواجبهم قدر إمكاناتهم دوما. كما تلاحظ شام تواجد المتسلقين على الثورة من العصابات التي امتهنت السرقة والتشبيح والتعفيش والخطف وطلب الفدية تحت دعوى أنهم من الثوار، وكذلك انتشار المجموعات التي ترفع شعارات إسلامية تمارس التطرف كداعش والقاعدة والنصرة. وكيف تسلقوا على الثورة واضطروا بالشعب السوري، ودعموا النظام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
تحشد شام مشاعرها الفياضة -دوما- تجاه حبيبها خالد، وتتواصل معه بشكل متباعد، كما انهما يتبادلان الرسائل. أصيب في احدى المواجهات مع النظام، وعالجته شام وشفي من إصابته لاحقا. لكن الشهادة ستكون من نصيب الأستاذ محمود في إحدى المواجهات مع النظام. المصابين كثر وكذلك الشهداء من النساء والأطفال، جراء القصف العشوائي الدائم من النظام على الأحياء المكتظّة بالناس، وتتوالى معاناة الناس وآلامهم وفقدهم احبائهم واعاقة بعضهم واستشهاد الكثير.
تتابع شام الحدث السوري العام وتكتب روايتها كشاهد على مشاعرها الخاصة حبا لخالد، والعامة حول أحداث الثورة، تتساءل كثيرا، هل كان لا بد من قيام الثورة؟ !.وما مبرر هذا الثمن القاسي الذي دفعه السوريين؟ !. وتتوالى الأسئلة، هل كانت الحياة وسط الظلم والقهر والفساد والفاقة ممكنة الاستمرار؟ !!. وهل كانت حياة حقا؟ !. أم عبودية؟ !.هل نُصر الشعب السوري بثورته من أي طرف كان؟ !. ام تكالبت عليه قوات النظام وأمنه وحلفائه؟!. وترك تحت نظر العالم الصامت عن المجزرة السورية..؟ !. أسئلة كثيرة تأتي على ذهن شام ولا تعرف بالضبط ما الذي كان يجب أن يحصل غير ما حصل؟ !!. لكنها كانت في قلبها وعقلها وسلوكها مع حبيبها الثائر المقاتل ورفاقه، كذلك كانت مع الناس في المشافي الميدانية، حيث تقوم بما تستطيع من العلاج والإسعاف والعمليات بحيث ترضي ضميرها وتقوم بواجبها في الثورة، التي أصبحت بكل تفاصيلها هي حياة الناس كلهم مع اختلاف تبعات ذلك على السوريين جميعا.
تنتهي الرواية عندما يتعافى خالد من إصابته ويعود الى جبهة المواجهة مع النظام.
على وعد من الكاتب ان هناك جزء آخر.
في التعقيب على الرواية نقول:
اننا امام رواية أخرى عن الثورة السورية، ممتلئة بمشاعر الحب والتعبير المتواصل عنه، بحيث يصبح الحديث عن الجانب العام في الثورة وما حصل فيها تفصيل صغير من الدفق المشاعري من اول الرواية حتى آخرها.
لقد كانت كتابة الرواية على لسان بطلتها شام شكل جديد متميز من التعبير، نفهم منه أن الحدث العام في سورية وثورتها وما حصل مع الشعب السوري على كل المستويات، وقمع النظام و وحشيته في حقيقتها واحدة، لكن انطباعها وكيفية عيشها ومواجهة أحداثها تختلف من إنسان سوري لآخر. نجحت الرواية في ذلك عندما ظهر أن الجانب الذاتي لشام وحبها كان طاغيا على الجانب العام في الحدث السوري ونتائجه الكارثية المجتمعية على كل المستويات.
أخيراً ليس لنا الا ان ننتصر لحق السوريين بثورتهم حيث كانوا يفتقدون لكل الحقوق ويعيشون تحت الذل والاستبداد والقمع والتنكيل والفقر والفاقة والفساد، قاموا يطالبون بحقوقهم بالعيش الكريم والحصول على الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل…
دفعوا ثمنا باهظا لثورتهم…لكنهم عبروا التاريخ لتحصيل حقوقهم…