ترغب كل من روسيا والصين بإنهاء عملية وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين في شمال غرب سوريا، عن طريق الآلية العابرة للحدود التي تتم عبر الأمم المتحدة، وذلك من أجل جعل العملية محصورة بالنظام السوري فقط، مع وجود شكوك حقيقية حول استمرار الآلية القائمة تزامناً مع الضغط الذي تمارساه لتقويضها تدريجياً، حسب ما ذكرت صحيفة أميركية الاربعاء.
وعلى الرغم من تصويتهما منذ 8 سنوات على القرار الأممي 2165، والذي أعطى تفويضاً قانونياً للمنظمات الإغاثية التي تشرف عليها الأمم المتحدة لتمرير المساعدات إلى سوريا عبر أربعة معابر حدودية، مع تركيا والعراق والأردن، إلا أن تجاوز النظام في ذلك الوقت، جاء بسبب الضغط الذي مارسه المجتمع الدولي على موسكو وبكين، في أعقاب استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، والتلويح باللجوء إلى الخيار العسكري ضد النظام السوري، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
وقالت الصحيفة في تقرير الأربعاء، إنه فيما شكّل تصويت روسيا والصين بالموافقة على استصدار القرار الأممي 2165 في تموز/يوليو 2014، حالة نادرة بالإجماع حدثت لمرة واحدة، إلا أنهما الآن “تضمران رغبة في إنهاء تمرير المساعدات الإنسانية، وجعل العملية مركزية وذلك عبر تمريرها من خلال دمشق”، موضحةً أن الرهان على نظام رئيس النظام بشار الأسد، لا يزال قائماً بالنسبة لهما.
وعن الأسباب التي دفعتهما إلى التصويت في ذلك الحين، أوضحت الصحيفة أن روسيا ترى في “الإجراءات العقابية الأممية تقويضاً لسلطة الأسد”، والتي بدورها “تهدد القاعدة البحرية الروسية المقامة في طرطوس، على اعتباره شريكاً استراتيجياً لموسكو”.
أما الصين، فمصالحها الاقتصادية الكبيرة في المنطقة، “تمثل سبباً رئيساً لعدم الاعتراض”، مشيرةً إلى أن رفضها التصويت على قرار التفويض الأممي للتدخل الإنساني في ليبيا في 2011، “كان بسبب رؤية المسؤولين في بكين، أن قرار الأمم المتحدة القاضي بالتدخل العسكري هناك، أدى إلى انزلاقها في حرب أهلية”.
ولذلك، فإن بكين استغلت حق النقض (الفيتو) لنزع الشرعية عن فكرة تغيير النظام السوري، فضلاً عن الضغوط التي مارستها لعدم التدخل في النزاع السوري، لاسيما الاعتراض على القرار الأممي القاضي بتحويل الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، الأمر الذي عرّضها لانتقادات من قبل لجنة حقوق الإنسان الدولية.
لكن يبقى التلويح باستخدام القوة ضد النظام السوري، حسب الصحيفة الأميركية، السبب وراء انضمام روسيا والصين للدول الغربية في استصدار القرار 2139، والذي ينصّ على رفع كافة اشكال الحصار في سوريا، وتمرير المساعدات الإنسانية المباشرة، ولاحقاً القرار 2165، لافتةً إلى أنهما خشيتا حينها من استخدام رفضهما كذريعة للتدخل العسكري وتغيير النظام.
وفقاً لـ”الواشنطن بوست”، فإن هناك شكوكاً حول استمرارية آلية تمرير المساعدات عبر الحدود، مع زيادة الضغوط التي تمارسها روسيا والصين على منظومة المساعدات الإنسانية التي تترأسها الأمم المتحدة، بهدف نقل المساعدات وتمركزها في دمشق تحت سيطرة النظام السوري.
وأوضحت أن روسيا تمارس سياسة تقويض الآلية بالتدريج، وذلك عبر إغلاق المعابر مع الأردن والعراق والمصدق عليها من قبل الأمم المتحدة، حتى لم يتبق الآن سوى معبرٍ واحدٍ من جهة تركيا، فضلاً عن الدفع إلى جانب الصين، نحو تقليص المدة الزمنية الممنوحة لإدخال المساعدات، من سنة إلى 6 أشهر، وفرض مزيد من الشروط على الأمين العام للأمم المتحدة ليقوم برفع تقارير دورية حول وضع تلك العمليات.
من جانبها، ترى الولايات المتحدة وشركاؤها أن آلية تمرير المساعدات عبر الحدود أساسية ومهمة حتى تصل المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين يعيشون خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ورأت الصحيفة أن الرهان على الأسد، لايزال قائماً بالنسبة للصين وروسيا، تزامناً مع استعادة نظامه السيطرة على معظم أرجاء سوريا، وسعيه لانتزاع مزيد من السيطرة على جهود المساعدات الإنسانية القادمة من الخارج.
المصدر: المدن