بالرغم من العقوبات الأمريكية الأخيرة  خمسة أسباب تتحكم في استقرار سعر صرف الدولار في سورية

يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية نوعًا من الاستقرار، منذ تموز الماضي وإلى اليوم، على الرغم من فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية على كيانات في النظام السوري.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أعلن نهاية أيلول الماضي، فرض بلاده عقوبات على 17 كيانًا من “شخصيات النظام السوري العسكرية والحكومية ورجال الأعمال الفاسدين، وشركات تستثمر الصراع السوري”.

وتضاف هذه الشخصيات والكيانات أيضًا إلى وزارة السياحة وشركة تابعة لها، ليرتفع المجموع إلى 19 كيانًا.

وشملت قائمة العقوبات، بحسب ما رصدته عنب بلدي في موقع وزارة الخزانة الأمريكية، كلًا من رجل الأعمال خضر طاهر (ابن علي)، ونسرين حسين إبراهيم ورنا حسين إبراهيم (ابنتا المدير العام السابق لهيئة الاستشعار عن بعد في سوريا ولهما ملكية في شركة تلي انفست).

إضافة إلى ميلاد جديد (قائد القوات الخاصة)، وحازم يونس قرفول (حاكم مصرف سوريا المركزي)، وحسام محمد لوقا (رئيس اللجنة الأمنية في درعا).

وسجل سعر صرف الدولار اليوم، السبت 3 من تشرين الأول 2290 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص بأسعار الليرة والعملات الأجنبية.

عنب بلدي استطلعت آراء خبراء اقتصاديين للوقوف على أسباب استقرار سعر الصرف، رغم العقوبات الجديدة، وقرارات حكومة النظام الأخيرة باستئناف منح التسهيلات الائتمانية.

أدوات غير شرعية

وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي إن العقوبات الأمريكية المفروضة على حاكم المصرف المركزي السوري، حازم يونس قرفول، سيكون لها تأثيرًا على الليرة السورية، لأنه حاكم أعلى سلطة نقدية في البلد من مهمتها المحافظة على سعر الصرف عند مستوى معين.

وأضاف المصري أن سعر صرف الدولار يشهد “شبه استقرار”، إذ يتذبذب سعره يوميًا بمقدار 100 ليرة سورية تقريبًا، وسبب التذبذب هو غياب الواردات لدى حكومة النظام السوري، وعدم وجود قطع أجنبي، بدليل وجود أزمتي المازوت والقمح.

وأشار الوزير إلى أن شبه الاستقرار في سعر الصرف ناتج عن اعتماد النظام على “حزب الله” بتهريب المخدرات إلى مناطق حول العالم، وهو ما يظهر في وسائل الإعلام كل فترة.

كما أن النظام يبتز التجار الموالين له، بحسب الوزير، إذ يأخذ منهم أموالًا بالدولار كل فترة، وهو يستخدم أدوات “غير شرعية وغير حقيقية” وأساليب “غير موثوقة” لضبط سعر الصرف، ولها حدُّ تأثير معين، ما يعني أن الليرة السورية من الممكن أن تنهار في أي وقت.

فترات استقرار بعد التذبذب

وقال الباحث الاقتصادي الدكتور فراس شعبو إن أسعار الصرف ترتفع وتنخفض ولها فترات استقرار، من الممكن أن تصل إلى ستة أشهر، ودليل على ذلك ثبات سعر الصرف على معدل متوسط بين 500 أو 550 ليرة سورية لفترة طويلة قبل أن يرتفع في تموز 2019.

وأضاف شعبو أن هذا ليس مؤشرًا أن مشكلة الصرف انحلت، لكن العملة تمر بفترات استقرار ويصبح الوضع الاقتصادي مستقرًا نوعًا ما حتى يطرأ تغير جديد.

وسيؤدي قرار إعادة منح القروض إلى زيادة تدهور قيمة العملة في المستقبل القريب، بحسب شعبو، الذي لفت إلى أن العملة ستتدهور أيضًا في حال فتح الاستيراد إلى سوريا، وزيادة الرواتب.

وكان مصرف سوريا المركزي سمح للمصارف العاملة باستئناف منح التسهيلات الائتمانية والقروض وفق عدة ضوابط وشروط، بعد ثلاثة أشهر من قرار إيقافها بكل أشكالها وصيغها.

الليرة أخذت كامل التأثير بالعقوبات

ويرى الباحث أن العقوبات وصلت حدها في تأثيرها على الليرة السورية، كما أن الليرة أخذت مداها بالتأثر بعقوبات قانون “قيصر” منذ أن دخل حيز التنفيذ في حزيران الماضي، مشيرًا إلى أن العقوبات ستصدر كل فترة سواء كانت تستهدف أشخاصًا من آل الأسد أو من الفاعلين في حكومة النظام السوري، ولكن لن يكون لها تأثير كبير على سعر الصرف.

ويعيش الشعب السوري والاقتصاد في سوريا “وضعًا سيئًا بامتياز”، بحسب شعبو، ويتمثل ذلك بالأزمات المعيشية التي يعيشيها الموطنون، وغياب الخبز ووجود طوابير أمام محطات الوقود لتأمين المحروقات، ما يعني أن الاقتصاد “غير قائم”، ويُباع لروسيا وإيران.

دعم خارجي

لفت الباحث إلى أن ما نراه من استقرار بقيمة الليرة هو نتيجة دعم خارجي يحصل عليه النظام سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا، وبالتالي يجعله يستمر ويحافظ على قيمة الليرة، ومن دون هذا الدعم ستتدهور الليرة بشكل أكبر من ذلك بكثير.

قبضة أمنية متحكمة

من أسباب استقرار سعر الصرف، وفقًا للباحث شعبو، القبضة الأمنية التي فرضها النظام السوري على “كل من يتكلم عن الدولار” وليس فقط من يتعامل به، وذلك يشمل مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى شعبو أن هذه القبضة الأمنية ستستمر لفترة من الزمن، ومن الممكن أن تستمر حتى نهاية العام، ولكن الليرة السورية ستعود للتدهور عاجلًا أم آجلًا، لغياب المقومات الاقتصادية والبنية التحتية، كما أن النظام عاجز تمامًا عن تمويل أي شيء في سوريا، ولولا المنظمات لكانت الحالة في البلاد يرثى لها.

وكان مصرف سوريا المركزي، في بيان نشره عبر صفحته في “فيس بوك”، مطلع حزيران الماضي، بمعاقبة “الأشخاص” الذين يعملون على تسلّم أو تسليم الحوالات المالية الواردة من خارج البلاد، خارج إطار شركات الصرافة المعتمدة، وملاحقتهم قضائيًا بموجب قوانين تمويل الإرهاب أو ملاحقتهم بجرم الصرافة غير المرخصة والتعامل بغير الليرة السورية.

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أصدر مطلع العام الحالي، المرسوم رقم “3” القاضي بمعاقبة كل من يتعامل بغير الليرة السورية بالسجن مع الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات، ودفع غرامة مالية، بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة، إضافة إلى مصادرة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المعادن الثمينة لمصلحة مصرف سوريا المركزي.

كما أصدر المرسوم رقم “4” القاضي بفرض عقوبة الاعتقال المؤقت، وغرامة مالية تتراح بين مليون وخمسة ملايين ليرة سورية، “لكل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة أو وهمية بإحدى الوسائل، لإحداث التدني أو عدم الاستقرار في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة بالنشرات الرسمية، ولزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها”.

المصدر: عنب بلدي

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى