الاتفاق الروسي التركي: لا وجود لنسخة باللغة العربية!

يعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة اجتماعاً مغلقاً لشرح محتوى الاتفاق الروسي التركي بشأن وقف إطلاق النار في إدلب السورية. وتأتي هذه الجلسة بطلب من موسكو التي تتعرض منذ أسابيع لانتقادات من شركائها في المجلس.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن أمله في “وقف فوري ودائم للعمليات القتالية” يصب في مصلحة السكان. وقال في بيان، إنه “أخذ علماً” بالاتفاق التركي الروسي، مشيراً إلى أن سكان شمال غرب سوريا “تحملوا معاناة هائلة”. ودعا للعودة إلى العملية السياسية لإنهاء الحرب في سوريا.

وفيما يسود هدوء نسبي في إدلب مع توقف عمليات القتال على مختلف المحاور، قالت صحيفة “التايمز”، إن الجهود الدبلوماسية لطالما تحدثت عن أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، ولكن الاتفاق الذي عقد في موسكو “يعيد تذكيرنا بأن القوة إنما تنبع من فوهة المسدس”.

وأضافت أن “النظام السوري المدعوم من إيران والمليشيات الشيعية والقوات الجوية الروسية تمكن خلال السنوات السبع الماضية من دحر قوات المعارضة”. وقالت: “لكن تركيا تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو. وحين قررت أنقرة أن توجه هذا الجيش ضد الرئيس السوري بشار الأسد، كان التأثير واضحاً للعيان. سقطت طائرات النظام السوري، ودمرت أنظمة الدفاعات الجوية الروسية من قبل الطائرات من دون طيار التركية”.

وتابعت أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليست لديه رغبة في قتال تركيا، ولهذا كان عليه أن يستجيب لبعض مطالب رجب طيب أردوغان، إن لم يكن كلها. وما يريده الرئيس التركي، هو منطقة آمنة ونهاية لضغط تدفق اللاجئين على حدوده الجنوبية. وباختصار، فإن أردوغان حصل على اتفاق ضمنه له الجيش التركي”.

ولفتت إلى أن اتفاق موسكو غاب عنه تماماً ذكر الحكومة السورية، وهذا حسبما يرى “هو الثمن الذي تدفعه حين يكون جيشك غير قادر على القيام بما يتوقع منه، حينها يتم حذفك واستبعادك من السجلات”.

ورأت أن الاتفاق مناسب لكل من بوتين وأردوغان، وبوتين “هو في النهاية الرابح، وقد كان على أردوغان أن يتخلى عن الأمل بدفع حدود المنطقة الآمنة إلى ما كانت عليه في عام 2018، ولكنها كانت نتيجة ناجحة بالنسبة للطرفين”.

أما بالنسبة للسوريين فلم “يتضح ما إن كان أي من طرفي النزاع قد تمت استشارته بشأن الاتفاق”. الاتفاق “كُتب بثلاث لغات: الروسية والتركية والإنجليزية، من دون أي إشارة أو وجود للغة العربية. اللغة التي يتحدث فيها الطرفان اللذان يفترض أنهما جهتا النزاع”. ربما من الصعب أن يكون هناك مثال أوضح من هذا على أن السوريين ليس لهم كلمة في الحرب التي قتلت الكثير منهم.

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية رأت أن الاتفاق لن يصمد لكنها شددت على أنه على الولايات المتحدة أن تهتم لما يجري في سوريا لأن تأثيره لا يبقى داخلها. وقالت إن الولايات المتحدة تبدو بعد تسع سنوات من الحرب عازمة على مواصلة تجاهل ما يحدث في سوريا، على الرغم من وجود حوافز قوية أخلاقية وإستراتيجية تجعلها تتحرك.

وعقبت على اتفاق وقف إطلاق النار بأنه لن يصمد لأن الديناميات الأساسية على الأرض لم تتغير. فكما فعلا من قبل، سرعان ما سيخرق النظام السوري وروسيا اتفاقاتهما ويستأنفان مهاجمة المدنيين في إدلب. وسيستمر الذبح مما يزيد أعداد اللاجئين ويدفع إلى المزيد من التطرف.

وألمحت إلى ما قاله ترامب بأنه يرى سوريا عبارة فقط عن “رمال وموت”، وأنه ربما يحسب أن الشعب الأميركي لا يهتم، لكنها رأت أنه يجب أن يهتم لأسباب عديدة منها أن الحجة الإستراتيجية واضحة المعالم وهي أن ما يحدث في سوريا لا يظل فيها.

فأي موجة جديدة من اللاجئين ستزعزع استقرار الديموقراطيات الأوروبية. والولايات المتحدة لها مصالح في جميع أنحاء المنطقة ستهددها الفوضى المتفاقمة. وسينتهز تنظيم “داعش” الفرصة لإحياء نفسه. وفي النهاية عندما يشتد عوده سيهاجم مقاتلوه الأميركيين أينما استطاعوا.

وقالت إن البعض يجادل بأنه نظرا لأن الأسد مصمم على استعادة إدلب فيجب على القوات الأميركية الابتعاد عن طريقه. “المشكلة هي أن هدفه التالي هو شمالي شرقي سوريا حيث يوجد مئات من الجنود الأميركيين، الأمر الذي سيخلق مشكلة للولايات المتحدة لأنها إذا سحبت تلك القوات فستفقد كل نفوذ للدفع باتجاه حل سياسي وسوف يملأ الفراغ داعش وإيران”.

العديد من الأميركيين يريدون خروج بلدهم من الشرق الأوسط، لكن بحسب الصحيفة، سوريا ليست العراق، وبوجود مئات قليلة من الجنود الأميركيين وبعض المساعدة من الحلفاء يمكن إنقاذ ملايين الأنفس من “حكم الأسد الوحشي”، ولكن إذا سمحت أميركا بهذه المذبحة فسيكون هناك المزيد من المذابح القادمة، ولهذا فإن عليها واجباً أخلاقياً لمحاولة منع ذلك.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى