دعا مسؤول أميركي كبير، أمس، الأوروبيين و«حلف شمال الأطلسي» (ناتو) إلى تقديم دعم أكبر لتركيا في سوريا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن بلاده تحاول مساعدة تركيا في إدلب لكن اقتناءها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400» هو أمر «خطير جدا» ويعلق ذلك.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، إن بلاده توجد في سوريا بسبب التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ونسعى للتوصل إلى حل عبر الحوار، مشيرا إلى أن تركيا لها حوار مع روسيا وتبذل جهودا رادعة، ونحن أيضا لدينا حوار مع روسيا لكن المشكلة أن الروس لا يصغون إلينا.
وحول لقاء إردوغان وبوتين في موسكو قال جيفري، في كلمة أمام «مؤتمر إدلب الدولي» الذي عقدته دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية في إسطنبول أمس: «نأمل بأن يتكلل النقاش بالتوصل لوقف إطلاق النار». وأضاف أن بلاده تقدم الدعم السياسي مع كثير من البلدان وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، لتركيا وتضغط على روسيا من أجل الحل السياسي، قائلا: «نأمل بأن يكون هناك حل، ورغم خيبة أمل تركيا والولايات المتحدة، لكن استمرار الجهود مهم جدا».
وتابع جيفري أن «دعم حلفاء النظام وصل لمرحلة خطيرة، وباتت إدلب مركزا للأزمة مع وجود مخاطر صدامات بين القوات الموجودة هناك… لا نوافق على حل عسكري للنظام بدعم روسي وإيراني، ونعمل بشكل سريع على مختلف المستويات».
وأضاف: «لدينا برامج عديدة للتعاون مع تركيا عسكريا، ويمكن تحريك أوروبا وهو ما يتطلب بذل جهود سياسية، ويجب أن يكون هناك تحرك، هناك وحدة لصواريخ باتريوت إسبانية موجودة في قاعدة إنجيرليك جنوب تركيا، وننتظر خطوات أخرى».
وأشار جيفري إلى أن شراء تركيا أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400» هو أمر خطير جدا ويشكل مصدر قلق كبير، في وقت تبحث فيه واشنطن سبل الدعم الذي يمكن تقديمه بخصوص إدلب السورية. وأضاف أن الولايات المتحدة عرضت بالفعل مساعدة إنسانية، وتتقاسم المعلومات مع تركيا، وتضغط على الحلفاء الأوروبيين لتقديم مساهمة كبيرة.
وكان جيفري أعلن قبل يومين عقب مباحثاته مع مسؤولين أتراك أن واشنطن مستعدة لتزويد تركيا بالذخيرة والمساعدات الإنسانية في إدلب.
ولفت المبعوث الأميركي إلى أن «أنشطة تركيا داخل سوريا هي من أجل أمنها الوطني، وهو أمر شرعي، خصوصا عندما يكون هناك حدود، وبالتالي تركيا تحركها شرعي في سوريا».
وقال إننا «نتعاون مع تركيا وحلف الناتو بموضوع حظر الطيران فوق إدلب، وطبقنا ذلك في بعض المناطق سابقا في العراق، وندرس الحالة، ووفق القرار الدبلوماسي، يجب أن يحظى التحرك بدعم من القرار الدولي».
وأضاف أن كل القوات الإيرانية و«حزب الله» والميليشيات يجب أن تترك سوريا كجزء من الحل، وأنه لن يكون هناك حل وسلام دولي طالما هم هناك، يأخذون تعليماتهم من طهران ولديهم توسع إقليمي وهذه هي أجندتهم.
كان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قال في تصريحات في موسكو قبل لقائه بوتين أمس، إن القرارات التي ستُتّخذ خلال اللقاء «ستريح المنطقة والبلدين»، لافتا إلى أن اللقاء كان مقرراً إجراؤه في تركيا، لكنه يجري اليوم (أمس) في موسكو بسبب أعمال الجانب الروسي بشأن الدستور، والتطورات الأخرى ذات الصلة.
وأكد أهمية اللقاء بشأن محادثات إدلب، موضحا أن أنظار العالم متجهة نحو هذا اللقاء جراء الأزمة القائمة في المنطقة، و«الخطوة التي سنتخذها هنا، والقرارات الصائبة التي سنعلنها، ستريح المنطقة وبلادنا». وتابع: «هدفنا الأكبر هو نقل هذه العلاقات نحو مستويات أفضل من خلال تعزيزها، وأنا واثق من أننا سننجح في تحقيق ذلك».
وبينما عقد اللقاء بين إردوغان وبوتين في موسكو أمس، أعلنت تركيا تحييد 184 عنصراً من القوات السورية وتدمير عدد كبير من الآليات، في إدلب خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، إن العملية العسكرية تواصلت بنجاح من البر والجو طوال الليلة قبل الماضية، وتم تدمير 4 دبابات و5 مدافع وراجمات صواريخ و3 مضادات للدبابات و8 عربات عسكرية وعربتي دوشكا ومدرعتين، خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة.
وأنشأت القوات التركية، أمس، نقطة مراقبة عسكرية جديدة في بلدة كفرناصح بريف حلب الغربي.
وكان رتل عسكري تركي يتألف من آليات عسكرية وناقلات جنود ودبابات فضلا عن عدد من الجنود تمركز داخل البلدة فجر أمس، وقام بإنشاء نقطة المراقبة بالتزامن مع المعارك التي تدور بين قوات النظام وفصائل المعارضة الموالية لتركيا للسيطرة على قرى وبلدات في ريف حلب الغربي، أبرزها الشيخ عقيل والطامورة.
وكانت القوات التركية أنشأت نقطة سابقا داخل الفوج 111 بالقرب من مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي.
وأرسلت تركيا تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الأراضي السورية، وقامت بتثبيت نقاط جديدة فيها، لقطع الطريق على تقدم قوات النظام في مناطق سيطرة المعارضة الموالية لها.
في السياق ذاته، أكد رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، أن بلاده لن تتراجع عن الاتفاقيات التي أبرمتها بشأن الملف السوري، ولن تسمح لنظام الأسد بأن يواصل قتل الملايين من المدنيين وتهجيرهم صوب الحدود التركية.
وقال ألطون، الذي رافق إردوغان في زيارته إلى موسكو أمس في تغريدة على «تويتر» أمس، إن نظام الأسد مسؤول عن تهجير ملايين الناس، وارتكاب جرائم الحرب، وشن الهجمات بالأسلحة الكيميائية، والإرهاب والفوضى الإقليمية.
وأضاف أن عدوانية النظام في محافظة إدلب، أظهرت عدم إمكانية الوثوق به وضرورة وقفه وتحميله مسؤولية الأعمال التي ارتكبها.
وأشار إلى انتهاك النظام لجميع الاتفاقيات والقيم الأخلاقية منذ بداية الأزمة السورية، وأنه قام بقتل مواطنيه، وأنه يجب على الأطراف الداعمة لمثل هذا النظام أن تعلم بأنها ستساهم في إحداث المزيد من الفوضى والخطر في المنطقة.
ولفت إلى أن تركيا تسعى لتأمين منطقة خالية من النزاع في إطار الاتفاق الذي توصلت إليه مع روسيا وإيران ضمن مساري أستانة وسوتشي، مضيفا أن نظام الأسد ينتهك مقتضيات هذا الاتفاق، من خلال تنفيذ الهجمات ضد المدنيين والسيطرة على إدلب باستخدام ذرائع واهية.
وتابع: «لن نتراجع عن الاتفاقيات، ولن نسمح لهذا النظام (الدنيء) بأن يواصل قتل ملايين المدنيين أو دفعهم نحو حدودنا».
إلى ذلك، أعرب وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، عن تأييد بلاده فكرة طرحتها تركيا بإقامة منطقة حظر طيران فوق محافظة إدلب، مؤكدا أنه ينوي بحث هذا الموضوع مع نظرائه الأوروبيين.
المصدر: الشرق الاوسط