عام على إسقاط الأسد

نفذ تلفزيون سوريا واحدة من أبرز تغطياته الميدانية خلال معركة “رد العدوان”، حيث واكب لحظة بلحظة التطورات العسكرية والسياسية على الأرض، ونجح في تقديم محتوى خبري وتحليلي جعل منه المصدر الأول للخبر السوري في تلك المرحلة. اعتمد التلفزيون على شبكة مراسلين ميدانيين وفريق تحرير وفنيين تحركوا من منطلق الإيمان بالحدث وقيمته، لا من باب السبق الصحفي فقط. هذه التغطية، التي جاءت في ظل سياق إقليمي معقد وتحديات لوجستية كبيرة، شكلت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الإعلام السوري المستقل على العمل تحت الضغط، وأكدت أن تلفزيون سوريا لم يُنشأ كوسيلة إعلام تقليدية، بل كمنصة تحمل مشروعًا وطنيًا يواكب السوريين في أدق لحظاتهم.
في هذا الحوار، يوضح مدير تلفزيون سوريا، علي حميدي، كواليس القرار التحريري، وأسباب التغطية المكثفة، والدور الذي لعبه فريق العمل في تحويل القناة إلى منصة إعلامية حاضرة في قلب الحدث.
“لم يكن مجرد قرار تحريري”
قال مدير تلفزيون سوريا، علي حميدي، إن القناة لم تتعامل مع قرار تغطية معركة “رد العدوان” على أنه مجرد قرار تحريري، بل التزام نابع من الدور الذي أُنشئ التلفزيون لأجله، وهو مواكبة كل ما يحدث في سوريا.
وأضاف حميدي: “أبارك لتلفزيون سوريا هذا التفوق في التغطية المستمرة منذ العام الماضي، والتي أثبتت أن الإعلام السوري، بطاقاته وإعلامييه، يستمد عطاؤه من روح التحرير ومن انتصارات الشعب. فمبروك للسوريين، ومبروك لكم”.
وأوضح أن التحدي لم يكن في اتخاذ قرار التغطية فحسب، بل في التعامل مع سياق سياسي وأمني لم يكن مطمئنًا في المنطقة، وحتى على مستوى العالم. وأضاف: “عندما اتخذنا القرار، لم يكن قرارًا بالمعنى المهني البحت. لم نجلس ونقرر أن نغطي، بل وجدنا أنفسنا حيث يجب أن نكون، لأننا تلفزيون سوريا. أنشئنا منذ اللحظة الأولى لنكون في قلب الحدث”.
وأشار إلى أن القناة، في عامها السابع، كانت مدعومة بكوادر خبرة، بدأت العمل منذ تأسيس التلفزيون وحتى لحظة التحرير، معتبرًا أن تلك التغطية كانت امتدادًا طبيعيًا لخط سير القناة.
وقال: “نستذكر تلك الأيام، حيث كان مراسلونا على الأرض يواكبون تطورات ميدانية متسارعة. كانت كل يوم تُحرر محافظة جديدة، وتتحقق انتصارات عسكرية، وكنا ندخل في أولى لحظات أي عملية تحرير”.
وتابع: “كل من عمل في تلفزيون سوريا خلال تلك المرحلة يستحق أكثر من الشكر. الجهد كان استثنائيًا، والروح التي عمل بها الفريق كانت فريدة. لم يكن دافعهم مجرد أداء وظيفة، بل المبادرة والإقدام والعمل بدافع المسؤولية”.
ونوّه حميدي إلى أن كل فرق العمل، من التحرير والإدارة والتشغيل والفن والدعم اللوجستي والهندسة، تصرفت كخلايا نحل، تعمل بحب وشجاعة، خاصة الفرق الميدانية، من مراسلين وفنيين ومتعاونين، الذين أبدوا حماسة عالية وشجاعة لافتة.
وأوضح أن “ما كان ينجزه الفريق في الميدان، من تغطيات وصور ومتابعات، فرض علينا مسؤولية الاستمرار وعدم التراجع، وكان سببًا دائمًا في مواصلة العمل دون توقف”.
ووصف تلك المرحلة بأنها “استثنائية”، معتبرًا أن التلفزيون خلالها “تحول إلى المصدر الأساسي والأول للخبر السوري”، في لحظة حساسة من عمر الثورة السورية.
وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كانت التغطية بدافع السبق الصحفي، قال حميدي: “الموضوع كان أكبر من ذلك. نحن نؤمن بأن تلفزيون سوريا وُجد ليغطي هذه اللحظات التاريخية، وليس لمجرد السبق. كنا في نهاية عام 2024، بعد نحو عام ونصف من الزلزال الكبير في شمال سوريا، وتطوّرات سياسية دراماتيكية، معظمها كان مُحبطًا”.
وأضاف: “لم تكن هناك حالة توقّع واضحة، لكن الغليان الذي شهده الشمال السوري في الشهر الأخير أوصل مؤشرات واضحة بأن شيئًا ما يتغير”.
وأكد أن العاملين في تلفزيون سوريا، في إسطنبول أو في الداخل السوري، سوريون أو غير سوريين، يتحركون من منطلق إيمانهم بقضية عادلة. وتابع: “عندما انطلق التلفزيون، لم يكن هناك صوت إعلامي سوري يغطي أو يتابع السوريين، وكان في لحظة يُمكن وصفها بأنها من أقسى لحظات الغياب الإعلامي”.
وختم حميدي حديثه بتوجيه الشكر إلى مؤسسة “فضاءات” المالكة لتلفزيون سوريا، قائلاً: “المؤسسة، برئيسها ومديرها التنفيذي، وفرت الغطاء والدعم الكامل. آمنت بحق السوريين في إعلام وطني مسؤول، يستطيع أن يقدم صوتهم في كل الظروف، رغم أن تلك الظروف كانت من الأسوأ”.
حميدي: تلفزيون سوريا منصة حية تتفاعل مع القضايا السورية
أكد مدير تلفزيون سوريا، علي حميدي، أن القناة واصلت تغطيتها للشأن السوري بعد لحظة التحرير، ولم تكتفِ بنقل الحدث فقط، بل تحوّلت إلى منصة حية تتفاعل مع القضايا السورية المتنوعة، في وقت يتصدر فيه الملف السوري قوائم الاهتمام الإعلامي العالمي، لا سيما في الذكرى الأولى للتحرير.
وأوضح حميدي أن تلفزيون سوريا لم يبدأ عمله الإعلامي في دمشق فقط بعد التحرير، بل واصل وجوده على الأرض، مستفيدا من حضوره السابق في الشمال السوري، وامتداده إلى مناطق مثل السويداء ودرعا وريف دمشق.
وأضاف: “لم نبدأ من الصفر، بل وسعنا قاعدة عملنا واستمررنا. اليوم نغطي كامل الجغرافيا السورية، بالإضافة إلى وجودنا في الإقليم والعالم”.
“الساحة الإعلامية السورية ماتزال فارغة”
وشدد على أن الساحة الإعلامية في سوريا ما تزال فارغة بعد عقود من التهميش الذي مارسه نظام الأسد، والذي لم يترك بنية إعلامية حقيقية. وتابع: “لا أتحدث عن إعلام جيد أو رديء، بل عن غياب البنية والكوادر والمهارات. نحن أمام فرصة كبرى، لأن سوريا باتت في صلب الاهتمام الدولي، ويجب أن يكون الوجود الإعلامي بحجم هذا الاهتمام”.
وقال حميدي إن معظم القنوات الإقليمية والدولية باتت تهتم بالقضية السورية، وهو ما ظهر خلال تغطية الذكرى الأولى للتحرير. وأشار إلى أن تلفزيون سوريا كان حاضراً منذ اللحظة الأولى، وأضاف: “منذ التاسع من كانون الأول بثثنا من ساحة الأمويين، ومنذ العاشر من الشهر نفسه وحتى الآن نحن مستمرون ونتوسع”.
وحول استراتيجية القناة للحفاظ على استمراريتها ووجودها بين السوريين، قال حميدي إن مرحلة التخطيط انتهت، وبدأت مرحلة التنفيذ. وأوضح: “نحن الآن نعمل، وتلفزيون سوريا موجود فعليًا في إسطنبول ودمشق، يبث ساعات الهواء ويُنتج البرامج والنشرات الإخبارية، ولدينا مراسلون وفريق فني متكامل في معظم المحافظات السورية”.
وأضاف أن القناة تعمل منذ حزيران الماضي كمنصة إخبارية وطنية مستقلة على مدار الساعة، وتقدم نشرات إخبارية متواصلة، بالإضافة إلى باقة برامج متنوعة مثل برنامج “الجمهورية الثالثة”، ومحتوى يلبي تطلعات المتابع السوري وكل من يريد معرفة ما يحدث في سوريا.
وأكد حميدي أن القناة تعتمد في عملها على أربعة مسارات رئيسية: البرامج، الأخبار، الإعلام الرقمي، والموقع الإلكتروني، بالإضافة إلى فرق ميدانية منتشرة في عموم البلاد.
وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كان تلفزيون سوريا يخشى التحديات القادمة في سوق إعلامي سوري بدأ يستعيد حيويته، أجاب: “لا نخشى، بل نرحب. سوريا بحاجة إلى إعلام، وتحتاج أكثر من تلفزيون سوريا. نحن نسعى أن نكون روادا، لا أن نكون وحدنا”.
وختم حميدي حديثه بالتأكيد على أن القناة، التي “وُلدت كبيرة ورائدة”، ستبقى تسعى لأن تكون شاشة لكل السوريين، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.

المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى