“اعتز بنفسك يا حيوان” هي عبارة يعرفها معظم السوريين، ليس لأن الضباط يكررونها في سنوات الخدمة الإلزامية عند حديثهم مع المجندين المساكين، بل أيضاً في المدارس التي كانت حتى العام 2003 تحتوي مادة التربية العسكرية. وتعود العبارة إلى الأذهان اليوم، مع سخرية السوريين من وزير التربية الجديد في حكومة النظام، دارم طباع.
وعادة لا تثير التغييرات الحكومية الشكلية أي اهتمام أو ردود فعل لدى السوريين، الذين باتوا معتادين على الأسماء نفسها التي إما تحافظ على مناصبها في الحقائب السيادية كالخارجية والدفاع، أو التي تتبادل المناصب مع أسماء أخرى لا أكثر. إلا أن السيرة الذاتية لوزير التربية الجديد، الحاصل على دكتوراه في الطب البيطري، كانت كافية لإثارة استياء واسع بين الموالين للنظام مع سخرية مضادة من قبل المعارضين.
ورغم أن المناصب الوزارية عادة لا تتعلق بالاختصاص المهني في بلد مثل سوريا، إلا أن المعارضين رأوا في طباع الرجل المناسب في المكان المناسب، لأن سوريا الأسد ليست دولة بل مزرعة في أفضل الأحوال، حيث ينظر النظام إلى مواطنيه على أنهم أغنام يتوجب عليهم الطاعة فقط، كما تتم معاملة المواطنين وكأنهم ليسوا بشراً أصلاً.
يأتي ذلك بعدما أصدر رئيس النظام بشار الأسد مرسوماً يقضي بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسين عرنوس، وهو قرار متوقع منذ تكليفه برئاسة الحكومة في 11 حزيران/يونيو الماضي، خلفاً لعماد خميس الذي أقيل من منصبه بعد اتساع حالة التذمر من الأداء الاقتصادي والخدمي للحكومة.
ونشر عشرات السوريين السيرة الذاتية لطباع نقلاً عن مواقع سورية موالية، فهو حاصل على دكتوراه في الطب البيطري، تخصص أمراض ضرع الأبقار، واستلم منصب معاون وزير التربية نهاية العام 2019، بعد 5 سنوات قضاها في منصب مدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية. كما شغل منصب عميد كلية الطب البيطري بين العامين 2005 و2007، في جامعة حماة، وعمل أستاذاً في الصحة العامة والطب الوقائي في كلية الطب البيطري بحماة، ومارس مهنته في حمص، بين العامين 2001 و2010، وعمل مديراً لـ”مشروع حماية الحيوان في سوريا”، وكان خبيراً في مجال الأمراض المشتركة والصحة العامة في مقر “منظمة الصحة العالمية” بسوريا.
ورأى الموالون للنظام في تعيين الطباع كارثة، ليس لشخصه حيث توحي سيرته بأنه قادر على استلام وزارة أخرى مثل وزارة الزراعة مثلاً، بل لأنه “بعيد عن موضوع تطوير المناهج التربوية”، فيما استغرب آخرون إقالة الوزير السابق عماد العزب، المدعوم من السيدة الأولى أسماء الأسد، والذي كانت الماكينة الإعلامية للنظام تروج له طوال الشهور الماضية كشخصية وطنية، ما أسهم في رفع شعبيته بين الموالين بوصفه “بعيداً عن الفساد الحكومي”.
وللدلالة على ذلك، ذكر المعلقون بأن طباع كان المسؤول عن المنهاج الجديد الذي وضع وكلف “الدولة السورية” الملايين، قبل أن يتم التخلي عنه والرجوع للمنهاج القديم، بسبب الاخطاء الكبيرة والكثيرة فيه، ما يجعله بالتالي غير مؤهل على الإطلاق لاستلام مثل هذا المنصب، ما يطرح أسئلة حول آليات التعيين الوزاري في البلاد، والتي لا تخفى في الواقع على أحد، وتتعلق بالمحسوبيات وروابط الفساد، والتوازنات الطائفية، لا أكثر.
ومع الاستياء الشعبي الواضح، نشرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، وصفحات فايسبوكية يديرها موظفون في وزارة الإعلام السورية، سيرة ذاتية مجتزأة لطباع، مع تقديمه بأنه متخصص في الصحة العامة وحاصل على شهادات من جامعات ألمانية، ما استوجب تعليقات غاضبة اتهمت تلك الأنباء بالتزوير والتضليل واستغباء السوريين.
المصدر: المدن