فورة دم

  معقل زهور عدي

طيب فورة دم بصراحة أنا ممكن أتفهم مشاعر الناس يلي فقدت أحبابها وتعرضت لأعمال النهب والاذلال , نحن بحماة – مع الفارق بالطبع فيما يتعلق بكون أعمال القتل والابادة والتعذيب والتدمير حصلت بأوامر مباشرة من حافظ ورفعت الأسد وبطريقة منظمة ومنهجية وليس عبر فصائل غير منضبطة أو أعمال ثأرية أهلية متبادلة _ أقول مع الفارق لكنني نزلت لحماة مباشرة أول أن فتح الطريق فشاهدت ما لا يمكن وصفه حيث كانت جميع المحلات مفتوحة ومنهوبة ومحروقة , ولا أحد في الشوارع سوى القطط , وأحياء بكاملها مهدمة على الأرض ومعظم مساجد حماة مدمرة , وجميع الشباب من زقاقنا الضيق جرى سوقهم بثياب النوم وإعدامهم , وابن عمي التاجر المسالم جدا جرى حرقه حيا في المنشرة في شارع أبي الفداء . وإذا أردت أن أفصل بماجرى بحماة من فظاعات لاحتاج ذلك لعشرات الكتب .

أقول : أستطيع مشاركة أهل السويداء مشاعرهم لكوني مررت بتجربة مماثلة بل أشد من تجربتهم , ويحق لهم التظاهر وطلب التحقيق المستقل وطلب إقالة وزير الداخلية مثلا أو حتى وزير الدفاع , لكن فورة الدم لايمكن أن تبرر إهانة علم سورية تحت الأقدام ولا رفع علم العدو عاليا , ولا تحية نتنياهو ولا الدعوة الصريحة بالفم الملآن للانفصال .

هذه ليست فورة دم , هذا تيار سياسي هجري مرتبط باسرائيل قبل الأحداث بأشهر , ناصب الدولة العداء , وعمل جاهدا لقطع كل حوار وإفساد أي محاولة لمد الجسور بين المكون الدرزي والدولة , وكان يتلقى باستمرار تعليماته من نتنياهو عبر موفق طريف , هذا التيار مسؤول عما حدث في السويداء مثلما الفصائل غير المنضبطة وكل من تورط بالأعمال الاجرامية .

وللأسف فهو يقود الآن الرأي العام في السويداء بغياب تام للوطنيين العروبيين وللمثقفين والعقلاء في السويداء .

فإذا كان انفصال السويداء مستحيلا من كل النواحي السياسية والعملية والقانونية , فالقانون الدولي لايجيز طلب 2% من سكان أي بلد الانفصال عنه , وإذا حدث ذلك فيمكن تصور انقسام سورية لخمسين دولة , والغالبية الساحقة من السوريين لاتوافق عليه وسوف تقف ضد تلك الدعوة بكل قوة , والاستقواء بعدو سورية المحتل لأرضها والذي تقوم شعوب العالم كلها اليوم ضد وحشيته وإجرامه يجلب العار لمن يستقوي به ويرفع علمه , ويعني ذلك وضع السويداء بمواجهة 23 مليون سوري ومئات ملايين العرب والمسلمين وكل أحرار العالم الذين يحرقون أعلام اسرائيل اليوم من اسبانيا إلى لندن إلى باريس واستراليا وكندا وحتى الولايات المتحدة وجميع العالم المتمدن .

فانظروا أيها المخدوعون أين تضعون أقدامكم , وما هي العواقب البعيدة المدى .

وقبل كل شيء فأنتم تسيئون لتاريخ السويداء الوطني ولمستقبل أجيالها .

مع ذلك فعلى السوريين التمييز بين تيار الهجري السياسي وبين الدروز كطائفة وكمواطنين سوريين , مهما ظهر الأمر في هذه اللحظة وكأن تيار الهجري قد جرف السويداء كلها .

دعونا نؤمن أنها لحظة عابرة , لكن أيها المثقفون والوطنيون في السويداء كفوا عن تبرير فورة الدم وواجهوا ذلك التيار الانفصالي – الاسرائيلي بشجاعة مع جميع الأحرار السوريين فمصير السويداء بين أيديكم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى