كشف مسؤول سوري سابق لـ”العربي الجديد” أن نظام بشار الأسد “أعاد فتح ملف ثروات رجال الأعمال وهددهم قبل أيام، عبر جهات أمنية وحاكم مصرف سورية المركزي، لدفع إتاوات وإلا سيصار إلى ملاحقتهم بتهم الفساد” لأن خزينة الدولة بحسب المصدر “خاوية” ولا يمكن للنظام أن يجازف ببضع مئات ملايين الدولارات المتبقية كاحتياطي نقدي، بشراء الحبوب أو المشتقات النفطية.
وتوعد الأسد رجال الأعمال في كلمته الأخيرة أمام مجلس الشعب والتي قال فيها “مستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات، ولن يكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون”.
ويقول المسؤول السوري إن مخازن القمح ومخازن الوقود بسورية شبه نافدة، ما دفع النظام لتقديم مناقصتي حبوب، لروسيا وأوروبا، بكمية 400 ألف طن، والسعي لاستيراد النفط من إيران عبر العراق أو من “قسد” عبر شركة القاطرجي” ولكن رجال الأعمال هم سيدفعون الأثمان وسيتم الاتفاق على بعض ما يدفعون لتسجل لهم على الدولة السورية”.
ولكن ذلك، بحسب المصدر، لا يلغي “فرض دفع أموال على رجال أعمال، كانوا محسوبين بالسابق على رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، بعد الخلاف بينهما وبدء اقتسام هؤلاء بعض الأموال التي تأتت جراء انسحابهم من شراكة وشركات رامي”.
وعن أهم الأسماء التي تعرضت لـ”الابتزاز” يقول المصدر المسؤول إن: الأسماء كثيرة بمن فيهم من كان يعمل بأموال آل الأسد، مثل سامر فوز ووسيم قطان ومحمد حمشو وغسان القلاع وسامر الدبس، إضافة إلى رجال أعمال من حمص وحلب، مشيرا إلى أن” الفترة الحالية هي فترة وجوه جديدة بقيادة أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد”.
وبشأن توقيت هذه الخطوة، يقول المسؤول السوري، إن عمليات الابتزاز ودفع الإتاوات مستمرة منذ بداية الحرب وسماح الأسد لرجال أعمال بزيادة ثرواتهم عبر تجارة الحرب، لكنها استفحلت وخرجت للعلن، منذ التقى حاكم مصرف سورية المركزي، حازم قرفول قبل أشهر، رجال أعمال بفندق بدمشق وليس بمكتبه، ونقل لهم الرسالة والوعيد.
ويضيف “هناك أسباب عدة، منها تردي الوضع العام بسورية وعدم قدرة الدولة، حتى على دفع الرواتب التي وعدت مراراً بزيادتها ولم تفعل، كما أن انكشاف وضع لبنان دولياً بعد انفجار مرفأ بيروت، سبب مهم قطع عن نظام الأسد الكثير من التمويل وتحريك الأموال، والأهم برأي المصدر، تلويح واشنطن بحزمة عقوبات جديدة ستطاول ممولي الأسد بالإمارات ولبنان، وهو ما سيجفف أهم منابع تمويل الأسد واستمراره”.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب تحضّر جولة جديدة من العقوبات ضد سورية، ستركز على شبكات الدعم المالي خارج البلاد، مثل الإمارات ولبنان.
وتطرقت الصحيفة إلى ابنة أخت بشار الأسد”أنيسة شوكت” وتحويلات مصرفية بنحو 200 ألف دولار لحسابها من طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي في الإمارات وشقيق محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، إضافة لشخصيات لبنانية من بينها رياض سلامة حاكم البنك المركزي الذي خضع سابقاً، للتدقيق في الولايات المتحدة بسبب مزاعم عن تورطه مالياً مع رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد.
وبواقع استمرار الخلاف على ما يسميه السوريون “أموال الشعب المنهوبة” بين رئيس النظام السوري، بشار الأسد وابن خاله، رامي مخلوف، نقلت وكالة “رويترز” أخيراً عمن قالت أنهم 30 مصدراً من مقربين من الأسد ومخلوف، أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كلف مدير مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك، بملاحقة أموال رامي مخلوف خارج سورية التي تقدر بمليارات الدولارات، موزعة على روسيا وبلغاريا ورومانيا والجزر العذراء بالكاريبي وغيرها.
يقول مصدر من دمشق، وصف نفسه بالمطلع ” كلمة السر بتكليف الأسد لمملوك، هو وليد عثمان سفير سورية في رومانيا” شارحاً أن عثمان “والد زوجة رامي مخلوف” هو السفير الوحيد للنظام السوري بأوروبا، بعد الحرب وفرض العقوبات، لأن الآخرين مثل بسام صباغ أو حسام هالة، هم سفراء أقسام الأمم المتحدة بتلك البلدان.
ورجّح المصدر أن عثمان انقلب على مخلوف لصالح الأسد: “هو الوحيد خارج الأسرة، الذي يعرف أموال وشراكات رامي مخلوف” كاشفاً أن السفير عثمان “يكلفه الأسد بملفات سياسية ومالية وهو من يشرف على العلاقات الأوروبية مع الأسد”.
وحول ملاحقة رجال الأعمال وفرض أموال عليهم، يقول المصدر المطلع، إن ما يتم تداولها من أسماء “هي أسماء استغنى عنها الأسد، بسبب كشفها ولحاقها عقوبات أو استبدالها بأسماء وواجهات جديدة”، مضيفاً “هل سمع أحد باسم همام مسوتي زوج لينا كناية مديرة مكتب أسماء الأسد، وهل سمع أحد باسم مهند الدباغ أو يسار إبراهيم؟ هؤلاء هم رامي مخلوف المرحلة الحالية والمقبلة” هذا إن لم نتحدث عن الشركات التي تؤسس، بسورية أو لبنان، لإتمام صفقة واحدة “ثم تتلاشى وتغيب”.
وأضاف أن” النظام يبتز الجميع اليوم من دون أي رادع، فهو نظام ما بعد الغارق والمنهار وفاقد الفرصة لخلق ديناميكيات بالاقتصاد أو تحريكه”، فهو بحسب المصدر، يأخذ إتاوات ابتداء من مئة دولار للعائدين إلى سورية من لبنان إلى 300 دولار لقاء فحص العائدين لوباء كورونا، وصولاً لإلزام الكبار الذين زادت ثرواتهم خلال الحرب، بدفع لقاء استيراد النفط والحبوب ودفع تكاليف الفحص والعلاج للمصابين بوباء كورونا.
ولم ير المصدر السوري من دمشق “أملاً للشعب السوري بالنفاد من العقوبات الأميركية” لأن الرئيس ترامب حسب قوله، يستخدم الورقة السورية ضمن حملته الانتخابية، مستدلاً بأسماء المسؤولين والعسكريين التي تضمنتها حزمتا عقوبات “قيصر” السابقة” وإن لم يتم الاستفادة، خلال الشهرين المقبلين، من واشنطن وعقوبات قيصر، فيمكن أن ينقلب الموقف الأميركي ويقوى نظام الأسد، بحسب المصدر.
المصدر: العربي الجديد