عن أحزاب المعارضة السورية

إعداد: قسم البحوث والدراسات

لا توجد في الساحة السورية أحزاب معارضة معترف بها لكن ثمة تنظيمات سياسية عملت لمدة في الخفاء وتعرض بعضها للمتابعة والقمع ويوجد بعضها في الخارج. وقبل وفاة الرئيس حافظ الأسد بقليل قرر بعضها العمل العلني وإن لم يحصل على ترخيص رسمي كما هي الحال بالنسبة لأحزاب التجمع الوطني الديمقراطي، إذ خرجت بعض قياداته الحزبية من الخفاء الطويل وعادت لتمارس نشاطها السياسي. ومن أبرز التشكيلات السورية الحزبية المعارضة:

أولا: التجمع الوطني الديمقراطي

يكاد التجمع الوطني الديمقراطي يكون الطرف المقابل والموازي للجبهة الوطنية التقدمية، فما تجده هنالك في الحكومة من أشكال حزبية تجده هنا في المعارضة وبالأسماء نفسها غالبا.

يجمع التجمع الوطني الديمقراطي خمسة أحزاب سياسية يسارية هي: حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي بزعامة حسن عبد العظيم، والحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) بزعامة رياض الترك، وحزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي بزعامة إبراهيم ماخوس، وحزب العمال الثوري العربي بزعامة ياسين الحافظ في البداية ثم خلفه طارق أبو الحسن (حزب ماركسي)، وحركة الاشتراكيين العرب بزعامة عبد الغني عياش (اشتراكي).

1-الاتحاد الاشتراكي العربي
تأسس الاتحاد الاشتراكي العربي -كما مر بنا- عام 1964 حين انصهر عدد من التشكيلات السياسية السورية ذات التوجه الناصري في حزب واحد (حركة القوميين العرب، حركة الوحدويين الاشتراكيين، الجبهة العربية المتحدة، الاتحاد الاشتراكي السوري).
وتميزت مسيرته ببعض المحطات منها:

    • 1964: عقد الحزب مؤتمره الأول في بيروت بتاريخ 18 يوليو/ تموز 1964، وشكل مكتبه السياسي وانتخب السيد نهاد القاسم أميناً عاماً له.
    • 1965: انتخب العقيد جاسم علوان أمينا عاما في الخارج (القاهرة) والدكتور جمال الأتاسي أمينا عاما مساعدا في الداخل.
    • خلال السنتين 1965 و1966 انسحبت حركتا الوحدويين الاشتراكيين والقوميين العرب من الاتحاد الاشتراكي العربي.
    • 1967حدث انقسام داخل الحزب نجم عنه ظهور جناحين، الأول بزعامة جمال الأتاسي والثاني بزعامة اللواء محمد الجراح.
      1968 تكرس الاتحاد الاشتراكي كحزب بقيادة جمال الأتاسي وأخذ صفته الراهنة.
    • انضم الحزب في السنة نفسها إلى جانب الاشتراكيين العرب وحركة القوميين العرب والبعث العراقي (ميشيل عفلق وصلاح البيطار) إلى جبهة معارضة لحكم صلاح جديد فاعتقل أمينه العام جمال الأتاسي وغيره.
    • 1970: انحل الجناح الثاني الذي يقوده اللواء محمد الجراح بعد الحركة التي قادها الرئيس حافظ الأسد، وألغى الحزب العام إستراتيجية العمل الانقلابي، وقدمت قيادة الخارج المدعومة من عبد الناصر استقالتها وبقي تنظيم الداخل.
    • 1972: أعلن الحزب تأييده لحركة حافظ الأسد التصحيحية وساهم في تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية وشارك في الحكومة بوزيرين هما عبد المجيد منجونة وفوزي الكيالي، ومثل الحزب في القيادة المركزية للجبهة جمال الأتاسي وراغب قيطاز وترأس حسن عبد العظيم كتلة الحزب في مجلس الشعب المؤلفة من ثمانية مقاعد من أصل 150 مقعدا.
    • 1973:انسحب الحزب من الجبهة بسبب الخلاف على المادة الثامنة من الدستور السوري الذي تم الاستفتاء عليه في العام ذاته لأنها تنص على أن حزب البعث يقود الدولة والمجتمع والجبهة الوطنية التقدمية. وتعرض الحزب إثر قراره هذا إلى انقسام ظل بموجبه فوزي الكيالي في الجبهة تحت ذات الاسم، ثم ورث مكانه أنور الحمادي فإسماعيل القاضي وآخرون وصولا إلى صفوان القدسي، وتحول جناح جمال الأتاسي إلى حزب معارض.
    • 1980: شكل الحزب تجمعا معارضا باسم التجمع الوطني الديمقراطي ضم إضافة إليه أربعة أحزاب سياسية يسارية كما مر.
    • في الثمانينيات: تعرض التجمع الوطني الديمقراطي وأنصاره للاعتقالات والتصفية باستثناء جمال الأتاسي وذلك بقرار خاص من الرئيس الراحل حافظ الأسد.
    • 1990: بدأت العلنية تطرح داخل صفوف الحزب، فقد تم ضم باقي التنظيمات الناصرية الصغيرة إلى الاتحاد وخصوصا منها التنظيم الشعبي الناصري الذي كان يقوده رجاء الناصر.
    • 2000: صدر قرار إستراتيجي بالانتقال إلى العلنية واعتبار هذه الخطوة لا رجعة عنها وذلك في المؤتمر العام الذي عقده الحزب قبل وفاة الرئيس حافظ الأسد.
    • في فترة الرئيس بشار الأسد: التقى نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام بقيادة الاتحاد الاشتراكي العربي مرة واحدة، كما أعلن عن منتديات ثقافية سياسية في أكثر من محافظة وإن لم يعلن الحزب صراحة تبنيه لها على أساس أنها مؤسسات اجتماعية مدنية مستقلة، وقد استثنت السلطات الرسمية منتدى الأتاسي من حملة الإغلاق التي تعرضت لها باقي المنتديات في سوريا.

2- الحزب الشيوعي السوري/المكتب السياسي
تأسس الحزب الشيوعي السوري عام 1924 وعرف بنشاطه الزائد ونفوذه بسوريا وخاصة عام 1958، كما عرفت عنه معارضته للوحدة مع مصر لذلك تعرض أعضاؤه للسجن والملاحقة إبان عهد الوحدة.

كما تعرض الحزب الشيوعي السوري إلى توتر داخلي عام 1969 ظل ينمو حتى عام 1972 حين انقسم إلى جناحين: جناح بكداش، وجناح رياض الترك المعروف باسم “الحزب الشيوعي/ المكتب السياسي”. ويعتبر المحامي رياض الترك أحد أبرز الوجوه المنادية بالديمقراطية في سوريا. وقد تعرض للسجن مرارا، وكان آخر ذلك اعتقاله في 1 سبتمبر/ أيلول 2001 حتى شاعت بدمشق تسميته بـ”مانديلا” سوريا. وقد أفرج عنه في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002.

3- حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي
تأسس حزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي بتاريخ 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1970، وقد أضاف مؤسسوه كلمة الديمقراطي حتى يتميز عن صنويه الحاكمين في العراق وفي سوريا. والحزب متولد من حزب البعث الحاكم، فقد ظهر في أعقاب حرب 1967 صراع في قيادة حزب البعث بين صلاح جديد والرئيس السابق نور الدين الأتاسي ووزير الخارجية إبراهيم ماخوس في جهة وبين حافظ الأسد وزير الدفاع حينها، وكان جوهر الصراع هو تحديد الأولويات التي ينبغي على سوريا سلوكها بعد الحرب. فكان رأي حافظ الأسد أن على سوريا أن ترص صفوفها الداخلية رصا وتتصالح مع العرب، في حين فضلت القيادة الثلاثية تقسيم العرب إلى تقدميين ورجعيين وضرورة التشدد في دفع الصراع الطبقي داخل سوريا إلى آخر مدى له.

وقد قاد حافظ الأسد حركته التصحيحية في 16 تشرين الثاني 1970 فقضى على الجناح المنافس، وتم حينئذ اعتقال صلاح جديد ونور الدين الأتاسي ويوسف زعين ومحمد عيد عشاوي. أما إبراهيم ماخوس وزير الخارجية فتمكن من الوصول إلى الجزائر حيث عمل طبيبا جراحا في أحد مستشفياتها. وماخوس هو رئيس هذا الحزب في الوقت الراهن.
وقد اختار حزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي النهج الماركسي اللينيني.

4- حركة الاشتراكيين العرب
انقسمت الحركة على نفسها شأنها في ذلك شأن أغلب التشكيلات السياسية السورية فصار جزء منها مع النظام، ويحمل الاسم نفسه، وجزء منها معارض ويرأسه عبد العني عياش. وقد لمع نجم هذه الحركة في الخمسينيات حين ظهر الزعيم السياسي الحموي الكارزمي أكرم الحوراني الذي يذكر عنه أن له ضلعا في جميع الانقلابات التي عرفتها سوريا في الخمسينيات وأنه أثر في الحياة السياسية السورية تأثيرا بالغا. ومن المعروف أن أكرم الحوراني مؤسس حركة الاشتراكيين العرب كان في زمن الوحدة نائبا للرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة.

تعرضت حركة الاشتراكيين العرب لهزات قوية في النصف الثاني من القرن العشرين من أبرزها توقيع زعيمها أكرم الحوراني على وثيقة الانفصال، ومخاصمته لعبد الناصر علنيا. وهذان الموقفان جعلا الحركة تفقد كثيرا من بريقها ويتقلص بذلك أنصارها في الشارع السوري. ثم إن حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم ناصبها العداء وأدرج اسم أكرم الحوراني في عداد اليمين المناور وتم إبعاده عن سوريا إلى أن توفي في أواسط التسعينيات. ونتيجة لهذه المواقف توجهت زعامات الاشتراكيين العرب إلى الإخوان المسلمين ومجموعات إلى رابطة العمل الشيوعي وانعزال الكثير منهم عن العمل السياسي. وتشتتت المجموعات الرئيسية الباقية بخلافاتها إلى مجموعة عبد الغني قنوت التي حالفت السلطة ودخلت في الجبهة التقدمية الوطنية، وبقيت مجموعة عبد الغني عياش خارج السلطة وانضمت إلى التحالف اليساري المعارض “التجمع الوطني الديمقراطي. وهنالك مجموعة الدكتور عبد العزيز عثمان التي تأسست بعد وفاته مع ابنه المهندس غسان عثمان والمنشقة عن مجموعة قنوت.

5- حزب العمال الثوري
وهو تشكيلة سياسية ذات توجه ماركسي يتزعمها طارق أبو الحسن. وقد أصبح حزب العمال الثوري عضوا في التجمع الوطني الديمقراطي منذ تأسيسه عام 1980.

 

ثانيا: جماعة الإخوان المسلمين

جمعية الإخوان المسلمين حزب محظور في سوريا. وقد أسسها الأستاذ مصطفى السباعي عام 1942، ويرأسها الآن علي صدر الدين البيانوني.

تعرضت جماعة الإخوان في سوريا لصدام عنيف مع النظام الحاكم حين قامت في بداية الثمانينيات بنشاطات هجومية وباغتيال شخصيات في النظام وغير ذلك، فقامت السلطات في بداية فبراير/ شباط 1982 بقمع هذه الحركة، وتجسد ذلك فيما عرف بـ”مجزرة حماة”.

غابت حركة الإخوان المسلمين السورية عن الحياة السياسية داخل سوريا نظرا لإصدار السلطات إبان احتدام المواجهة القانون رقم 49 لعام 1980 الذي يعاقب كل من تثبت عضويته للإخوان بعقوبة الإعدام. وقد دعت جماعة الإخوان المسلمين في مؤتمر المعارضة السورية من 23 إلى 25 أغسطس/ آب 2002 بلندن إلى ميثاق شرف لفصائل المعارضة السورية جميعها.

 

ثالثا: أحزاب معارضة أخرى

توجد تشكيلات سياسية سورية معارضة من بينها حزب الوحدة الديموقراطي الكردي “يكتي” وحزب الحداثة والديمقراطية لسوريا وكلاهما حزب كردي معارض غير معترف به. ومن بينها كذلك حزب البعث الموالي للعراق وحزب العمل الشيوعي والتنظيم الشعبي الناصري.
_______________
* الجزيرة نت
المصادر
1 – الحزب الشيوعي السوري
2 – صلاح جديد
3 – التجمع الوطني الديمقراطي
4 – حزب ناصري معارض
5 – المعارضة السورية والعلنية
6 – موقع لجان الفاع عن حقوق الإنسان بسوريا: حوار مع حسن عبد العظيم
7 – موقع جماعة الإخوان المسلمين
8 – موقع حزب الحداثة والديموقراطية الكردي

المصدر: الجزيرة نت/3/10/2004

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى